على الرغم من أن اليمن من أكثر دول العالم التى تشهد انتشاراً للأسلحة والبنادق، بل والأسلحة الثقيلة فى أيدى المواطنين، كجزء من التراث والتقاليد القبلية فإن الثورة اليمنية التى بدأت منذ نحو 4 أشهر غلب عليها الطابع السلمى، كنظيرتها فى مصر ومن قبلهما تونس، إلا أن الاشتباكات المتواصلة بين قوات الرئيس على عبدالله صالح وأنصار الشيخ صادق الأحمر فى صنعاء، يهدد بتحول الثورة إلى مواجهات مسلحة على نطاق أوسع، وينذر باشتعال فتيل الحرب الأهلية.
وعلى مدى عقود، تحول حمل السلاح فى اليمن من أداة لتزيين الرجال بـ«الجنبية» الشهيرة، إلى وسيلة لاستعراض القوى، وجزء من الرجولة والانتماء القبلى بحمل الرشاش وأحيانا القنابل والأسلحة الثقيلة، فالسلاح قد يوليه البعض أهمية أكبر من الخبز، إذ مع انتشار الفقر الذى يعانى منه أكثر من 40% من إجمالى عدد السكان، تشير الإحصائيات إلى وجود أكثر red]e=29]من60 مليون [/size]قطعة سلاح فى البلاد، بمعدل 3 قطع سلاح لكل مواطن من السكان البالغ عددهم أكثر من 20 مليون نسمة، ويعد انتشار السلاح واحداً من أبرز القضايا والمشكلات أمام الحكومة. وكان السائد فى الماضى، حيازة وحمل البندقية اليدوية العادية، ولكن الآن حلت مكانها البندقية الآلية، وفى بعض المناطق ينظر المجتمع إلى الرجل الذى لا يحمل السلاح بنوع من الازدراء والتحقير، وبات بعض الأطفال يحملون بندقية قد تفوق قامتهم طولا.
ويستخدم اليمنيون السلاح فى المناسبات الاجتماعية، ويطلقون الرصاص فى الهواء ترحيبا بالضيوف، وتعبيرا عن الفرح فى حفلات الزواج، وغالبا ما يتم التحكيم القبلى بتقديم عدد من البنادق للمحكَم تعبيرا عن الخضوع لحكمه، لكن يظل انتشار السلاح سببا أساسيا عن كثرة النزاعات القبلية المسلحة، وجرائم الثأر وخطف الأجانب والاعتداء على الممتلكات العامة والمصالح الغربية.
وينعكس قلق اليمنيين بسبب الإقبال على شراء الأسلحة، التى كانت سوقها شهدت ركوداً فى الفترة الماضية بعدما شنت وزارة الداخلية حملة لسحب السلاح من المواطنين وإعادة تنظيم عملية حمله وحيازته خلال الفترة من 2007 إلى 2009.
وشكلت الحروب الأهلية والداخلية، فرصة للحصول على الأسلحة، وبحسب تقارير محلية، نهبت كميات هائلة من الأسلحة المختلفة بعد كل حرب أو مواجهات عسكرية فى البلاد، ويمثل انتشار السلاح، هاجسا مقلقا لدول الجوار وحتى الدول الكبرى، فالولايات المتحدة، حاولت قبل عدة سنوات معالجة القضية، وقدمت للحكومة اليمنية الأموال لشراء الأسلحة من رجال القبائل بدلا من التصادم معهم لنزع أسلحتهم إلا أن الجهود لاتزال غير كافية للتحكم فى ظاهرة السلاح، الذى بات أحد المحددات الرئيسية لمستقبل اليمن والثورة المطالبة بسقوط الرئيس عبدالله صالح.