أعلنت
الحكومة أن عبد العزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية بجنوب كردفان أصبح مطلوباً
للمحاكمة في قضايا تتعلق بالقتل والخيانة والخروج على القانون، فيما لم يستبعد
المؤتمر الوطني تعليق بروتكول جنوب كردفان وتعيين حاكم عسكري للولاية إلى حين
استتباب الأمن، بعد أن أعلن الحلو تمرده رسمياً، ودعا للعمل لإسقاط النظام، في
الوقت الذي وصفت فيه واشنطن ما يجري بأنه خطير إلا أنها قالت ليس ميؤوساً منه. وميدانياً قامت الحركة الشعبية
بكادوقلي أمس بتصفية العقيد تاو كنجلا أحد قيادات الجيش الشعبي ووزير الموارد
المائية بالولاية لمواقفه المحايدة والوطنية إبّان توليه منصب وكيل لجنة
الانتخابات بالولاية. فيما استولى الجيش على دبابة وعربة (رينو) محملة بالذخائر
والأسلحة في مدخل كادوقلي.وفي السياق تصدّت القوات المسلحة بكادقلي أمس لهجوم قاده
الجيش الشعبي لدخول المدينة باتجاهين بقوة تقدر بـ «3» آلاف فرد وكبّدتهم عدداً من
القتلى والجرحى وأسرت عدداً منهم واستولت على أسلحة مختلفة من بينها أسلحة أمريكية
متطوِّرة منها الرشاش المسمى (بالكلب الأمريكي).من جهة أخرى تصدّى الجيش لهجوم آخر
للجيش الشعبي في منطقة البرام وكشفت الوثائق التي وجدت بمنزل الحلو عن مخطط الحركة
الكامل بالخرط للمناطق المستهدفة وتشكيل حكومة برئاسة الحلو ونائباً له وزير
المالية بالولاية حسن رمضان الذي قتل، كما أكدت الوثائق تآمر بعض السياسيين
من الأحزاب المختلفة والتنظيمات الأخرى.
واتهم
مولانا أحمد هارون والي جنوب كردفان ياسر عرمان القيادي بالحركة بتفجير
الأوضاع بالولاية وتوعده بالمحاكمة وقال: «كل الخيارات مطروحة أمامنا» ضد
عرمان ومجموعته ولن يمرَّ ذلك دون حساب وحساب حاسم وعسير، حسب قوله، فيما
أكد هارون بأن الحلو تمرد على الحاكم وخرج عن القانون ومطلوب للعدالة.وحمّل
هارون في برنامج مؤتمر إذاعي أمس، عرمان وعدداً من القيادات اليسارية
المسؤولية الكاملة لما يجري من أحداث في الولاية، وأشار إلى أن عرمان حرّض
الحلو بتنفيذ مخطط ضرب منزل الوالي وبعض السكنات العسكرية للجيش والشرطة
والقوات المشتركة وبعض المواقع الإستراتيجية بالولاية، وأضاف هارون: « حصلنا
على خرط ووثائق في منزل عبد العزيز الحلو برسوم وألوان حمراء تشير للمواقع
المذكورة لضربها ووصف هارون الحركة بأنها أصبحت خشم بيوت وانقسمت إلى ثلاثة
تيارات، الأول ووصفه بالأم يريد أن يتمتع بالانفصال، وتيار أبيي الذي دمغه
بصاحب الأجندة الحربية المتمردة، فضلاً عن تيار اليسار المتطرف الذي يسعى
لزعزعة الأمن والاستقرار، وأكد هارون بأن ما يحدث نتاج لموقف اتخذته القيادة
المحلية للحركة بالولاية برئاسة الحلو ثأرًا من الهزيمة التي تلقاها في
الانتخابات الأخيرة، وأضاف: عبد العزيز الحلو تمرد وأصبح مطلوباً للعدلة
للتسبب بقتل المواطنين والأفراد العسكريين وتدمير المنشآت العامة والحنث
والخيانة للقسم الدستوري الذي أداه نائباً للوالي ووزيرًا للحكم المحلي،
وأضاف أن سقوطه
في الانتخابات لايعفيه من المساءلة، وزاد: هو مطلوب وسينال جزاءه الرادع وأن
القوات المسلحة ستبذل جهداً كبيراً وحثيثاً لتطاله.وقال هارون إن الوضع الآن
تجاوز الأعمال العدائية وانتقل لعمل منظم وأخذ طابع العمليات القتالية ضد القوات
المسلحة والمدنيين. وأضاف أنه وبفضل كفاءة القوات المسلحة تمت السيطرة واحتواء
ووقف كل العمليات القتالية، وأوضح هارون «لا أرى ما يبشِّر بفرص للحوار» وزاد
«نتحاور في ماذا»، وقال هارون إن الحلو أطلق «طلقة» قاتلة على الشراكة بين
المؤتمر الوطني والحركة الشعبية بالولاية. وأشار هارون إلى أن جوهر المسألة هو قلق
عناصر قوات الحركة بالولاية من مصيرهم بعد التاسع من يوليو لأنهم سيصبحون قوات
بمرتبات داخل دولة أجنبية ويسميهم القانون الدولي بـ «المرتزقة»، وأشاد هارون
بمالك عقار والي النيل الأزرق ورئيس الحركة بالولاية الذي قال إنه مع عودة الهدوء للمنطقة
ووقف العدائيات وقال: اتصالاتنا قطعت شوطاً كبيرًا معهم للدور الحاسم الذي يلعبونه
لوقف الشرّ الذي يقوده عبد العزيز الحلو وزمرته وسنكون ملتزمين تجاههم بما اتفقنا
عليه معهم. وأكد هارون حرصهم على الانتهاء من احتواء الأزمة والعمل العدائي في
أسرع فرصة وإعادة الأوضاع لطبيعتها، لافتاً إلى أن قوات الأمم المتحدة موجودة
بكادوقلي إلا أنها علّقت نشاطها الذي تأثر بالعمليات القتالية، وتوجد قوات الحركة
في مناطق «دلامي وهيبات وكاودا وسلارا وأم دورين» وأكد حرصهم على استعادتها لتعود
الحياة لطبيعتها، وقال إن محاولة الحركة لإشاعة الفوضى مستمرة ولكن خطط التصدي
والدفاع واحتواء الموقف مستمرة، وأوضح هارون إن «80%» من قطاع الولاية لم يتأثر بالعمليات
القتالية وأكد هارون حرصه على احتواء التمرد بأسرع وقت ممكن ومد جسور التواصل مع
القوى المحبه للسلام في الحركة. إلى ذلك قال الحلو إن الحركة الشعبية في
جنوب كردفان معركتها ضد القوات المسلحة، من أجل إسقاط النظام لإفساح المجال لبناء
السودان الجديد.ونفى الحلو، لـ«الشرق الأوسط» الصادرة أمس إصابته في الاشتباكات
الجارية منذ أربعة أيام، وقال إنه يقود بنفسه المعارك، وزاد إنه يوجه نداءً للشعب
السوداني تحت شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» لإزالة كل أشكال التهميش في السودان
في مختلف صوره؛ سواء كان سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً، دينياً أو ثقافياً.
وقال إن البشير قد أعلن، خلال الحملة الانتخابية للوالي أحمد هارون في أبريل
الماضي، أنه لا يريد أن يرى الجيش الشعبي في جنوب كردفان، وأضاف: «أرسل رئيس هيئة
الأركان المشتركة للقوات المسلحة الحكومية، الفريق أول عصمت عبد الرحمن، خطاباً
إلى رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي، جيمس هوث، أبلغه أن الحادي والثلاثين من مايو
الماضي هو آخر يوم للجيش الشعبي في شمال السودان»، وقال إن رئيس هيئة الأركان في
جيش الخرطوم، أكد أن قواته ستقوم بتجريد الجيش الشعبي بتاريخ الأول من يونيو
الحالي، مشيرًا إلى أن الخطوة لا تستند إلى مرجعية ؛ سواء اتفاقية السلام الخاصة
بالمنطقة، أوالترتيبات الأمنية أو الدستور»، وقال إن القوات المشتركة، وفق
الاتفاقية، ستظل موجودة حتى أبريل من عام 2012، وقال: «الخرطوم تحاول التهرُّب من
دفع استحقاق المشورة الشعبية، وزاد: لكننا لن نتخلى عنها حتى لو أدى ذلك إلى عشرين عاماً أخرى من
الحرب. وفي السياق قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور جون
كيري أمس إن الوضع في السودان وخصوصاً في جنوب كردفان «خطير ولكن غير ميؤوس منه». وأضاف
كيري في بيان أن «دخول أبيي من قبل قوات الحكومة ونزوح عشرات آلاف من السكان يشكل
خطرًا على الانتقال السلمي لانفصال الجنوب الشهر المقبل الذي يأمل الجميع أن يتم
بسلاسة». وأشار كيري إلى أنه يتوجب على الطرفين إيجاد حل لمنطقة أبيي ولمصادر
التوتر الأخرى بينهما بمساعدة الأسرة الدولية. وأوصى كيري بوجود أكبر للأمم
المتحدة في أبيي وإجراء محادثات مباشرة بين قادة الطرفين وتسريع المساعدات
الإنسانية. من جانبه، حمَّل أمين التعبئة السياسية بحزب المؤتمر الوطني حاج ماجد
سوار الحركة الشعبية مسؤولية الأحداث التي شهدتها جنوب كردفان. وقال في حديث مع
{راديو سوا}: «إن الحركة
دفعت بقوات مسلحة بأعداد كبيرة اعتدت على المواطنين داخل مدينة كادوقلي ونفذت
اغتيالات، وشردت عددًا من الأسر، وهذا يمثل خرقاً كبيرًا جدًا لاتفاقية السلام
ونقضاً لها». وطالب سوار المجتمع الدولي بإقناع الحركة الشعبية الكف عن
القيام بأي أعمال في هذه الولاية، موضحاً «أن تلتزم بإكمال ما تبقى من اتفاقية
السلام في هذه الولاية». وشدد سوار على أنه لا يمكن حلّ قضية أبيي بفرض الأمر
الواقع من قبل الحركة الشعبية، مضيفا «أن هذه القضية يجب أن تحل في إطار التفاوض
بين أهل المنطقة من المسيرية والدينكا نوك، فهم أدرى بمصالحهم وأدرى بحقيقة
الحدود». ولم يستبعد المؤتمر الوطني أن تقوم الحكومة بتجميد العمل ببرتكول جنوب
كردفان وتعيين حاكم عسكري للولاية في حال تفاقم الوضع الأمني إلى حين عودة الوضع
إلى طبيعته. وأكد رئيس
القطاع السياسي بالوطني د. قطبي المهدي لـ «الإنتباهة» أن القوات المسلحة استطاعت
في السابق أن تحرِّر كل مناطق جنوب كردفان عدا «5%» فقط منها لافتاً إلى أن
الحكومة صبرت كثيراً على تجاوزات الحركة لجهة حرصها على إتمام اتفاقية السلام،
واعتبر عناصر الجيش الشعبي في الشمال متمردين تخلّت وتبرّأت عنهم الحركة الشعبية،
ونوَّه بأن المجموعة الموجودة في الشمال لا علاقة لها بالجيش الشعبي في الجنوب،
وقطع المهدي بأن أي شخص في السودان يحمل السلاح بعد اتفاقية سلام نيفاشا واتفاقية
الدوحة سيتم التعامل معه على أنه إرهابي ومتمرِّد، وأشار إلى أن من يحملون السلاح
بجنوب كردفان هم متمردون وخارجون على الاتفاقية والدستور.وقال إن الجيش الشعبي
استهدف في هجومه على جنوب كردفان اغتيال الوالي أحمد هارون مشيراً إلى أن تصفية قيادات
الوطني تؤكد ذلك، وقال إن الاستهداف يبيِّن أن الحركة تعمل على تصفية السلطة
بالولاية والاستيلاء عليها بالكامل. وأقر قطبي بأن الأحداث المتصاعدة في جنوب
كردفان تُعيق اعتراف الشمال بدولة الجنوب، وقال: لا يمكن لدولة تناصبك العداء بهذه
الطريقة أن تعترف بها.