أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.
موضوع: رد: تاريخ الدولة المملوكية الثلاثاء 7 يونيو 2011 - 16:52
قيام دولة المماليك الجراكسة:
جلب المماليك الجراكسة :
أكثر السلطان المنصور قلاوون من جلب المماليك الجراكسة .. فقد أراد أن يكون طائفة جديدة من المماليك تختصه بولائها وترتبط به دون غيره من الأمراء المنافسين ... لماذا من عنصر الجركس ؟ ربما يرجع ذلك إلى توفرهم في أسواق الرقيق بعد أن شردهم المغول من بلادهم ، وربما بسبب ما اشتهروا به من شجاعة وقوة ، وقد يكون السبب أنهم من مناطق شمالي بحر قزوين وشرقي البحر الأسود وبالتالي اختارهم قلاوون بحيث لا تربطهم روابط القربى والعصبية بغيرهم من طوائف المماليك السابقة .
أياً كان السبب فقد بدأ قلاوون في الإكثار من شرائهم سنة 1281م حتى بلغ عددهم 3000 مملوك ، واسكنهم بجواره في أبراج القلعة ومن ثم لصقت بهم في التاريخ تسمية " المماليك البرجية " . وقد حرص على الفصل بينهم وبين غيرهم من طوائف المماليك الأتراك ، واشرف بنفسه على تدريبهم ، كما حباهم بعطفه وأغدق عليهم المال ، فضلاً عن أنه – هو وأبناءه من بعده – أختصهم بالترقية إلى بعض الوظائف الكبرى في البلاط ... وما لبث أن زاد نفوذ المماليك البرجية في عصر أبناء الناصر وأحفاده حتى تمكنوا من السطو على منصب السلطنة ليبدأ بذلك عهد جديد من عصر السلطنة المملوكية هو عصر المماليك الجراكسة .
موضوع: رد: تاريخ الدولة المملوكية الثلاثاء 7 يونيو 2011 - 16:53
السلطان الظاهر برقوق ( 1382-1399)
نبذة عن المؤسس:
يعتبر الأمير برقوق هو المؤسس الحقيقي لدولة المماليك الجراكسة فقد تزعم المؤامرة التي عصفت بالسلطان الأشرف شعبان .. وبذلك فقد مهد للجركس الوصول إلى الحكم ، لأن برقوق نفسه كان جركسيا ...
وصول برقوق إلى السلطنة:
توالت الأحداث بوفاة السلطان المنصور علي ، ويبدوا أن برقوق رأى أنه ليس من الحكمة أن يتعجل إعلان نفسه سلطاناً قبل أن يكسر شوكة المماليك الترك ( البحرية ) فأقام في السلطنة الأمير حاجي أخو المنصور علي ، وكان عمره 11 سنة ، وتولى برقوق منصب أتابكا له .وبذلك أصبح برقوق المتصرف الفعلي في شؤون إدارة البلاد ....أنتهز برقوق هذا المنصب لصالحه ليضع اللمسات الأخيرة الممهدة لوصوله إلى السلطنة ففعل الآتي :
1- أسند الوظائف الكبرى إلى أتباعه ومماليكه ، وعمل على عزل كبار المماليك البحرية. 2- أخذ يتقرب إلى عامة الناس ، ويؤلف قلوبهم عن طريق إلغاء بعض الضرائب وتحسين النقد . 3- عندما أغار التركمان على حلب سنة 1381م تمكن برقوق من صدهم وطرد هم . الأمر الذي أظهره في صورة القائد القادر على الدفاع عن الدولة وحمايتها في وقت حكم البلاد فيه مجموعة من السلاطين الأطفال الأشبه بالدمى
موضوع: رد: تاريخ الدولة المملوكية الثلاثاء 7 يونيو 2011 - 16:53
سياسته مع الترك :
اعتلى برقوق سلطنة دولة المماليك الجراكسة فكان أول سلاطينها ، ولم يبدأ عهده باضطهاد المماليك الترك ، ولكنه حرص على استرضائهم وعين الأمير سودون الفخري التركي الأصل نائب للسلطنة في مصر ... وبعد أن استقرت أمور برقوق في الحكم بدأ يختص الجراكسة بالإقطاعات والوظائف الكبيرة على حساب المماليك الترك . أدت هذه السياسة إلى نشوب العديد من الثورات .. وأهمها
1- ثورة ألطون بغا السلطاني : ولكن تلك الثورة باءت بالفشل . 2- ثورة الألبغاوية والأشرفية : اندلعت نيرانها سنة 1388م . وتزعمها منطاش – زعيم الأشرفية – ويلبغا الناصري – زعيم اليلبغاوية – كما خرجت مدن الشام عن طاعته وانضمت للثائرين .. تزامنت هذه الثورة مع انتشار الطاعون في القاهرة مما أدى إلى حالة من الفوضى وأخيراً يئس برقوق .. فأنفجر باكيا وسط جنوده .. ثم اختفى
انتهاء الفترة الأولى من حكم برقوق وسيطرة يلبغا الناصري على الحكم :
باختفاء برقوق تنتهي فترة حكمه الأولى وسيطر الجنود على القلعة . وكان من المنتظر أن يعلن يلبغا نفسه سلطاناً بوصفه صاحب الدور اللأعظم في عزل برقوق ، ولكنه خشي معارضة الأشرفية الترك ، فرشح الأمير حاجي بن الأشرف شعبان ، في الوقت الذي كان يلبغا هو المسيطر الفعلى على الدولة ... ولم تلبث الأيام أن أثبتت فساد حكم يلبغا ، في الوقت الذي بدأ الشقاق فيه بين يلبغا وحليفه منطاش يلعب دوره في سير الأحداث التالية.
انتهز برقوق فرصة الصراع بين يلبغا ومنطاش ، فبايعه أهل الكرك بالسلطنة سنة 1389م ، وتمكن من استعادة حكمه بمعاونة جراكسة مصر والشام .. واستمرت سلطنته الثانية من 1390- 1399 بذل فيها برقوق جهوداً كبيرة لتثبيت حكمه عن طريق القضاء على المماليك الترك .. حتى أستتب له الأمن ، وأستقرت أحوال البلاد في يده . فأنصرف برقوق إلى التعمير .
"وبينما هو منشغل ببناء البلاد وإقامة المشروعات أصيب بهبوط في القلب ومات في يوم الجمعة 15 شوال من سنة 801هـ/ 1399م .
اعتلي فرج السلطة وعمرة 10 سنوات ، فانتهز المماليك صغر سنة وبدأت المنافسات والمنازعات بينهم علي السلطة ، الأمر الذي أخاف السلطان منهم فهرب من القلعة سنة 1405 ، واختفي في أحد البيوت . لتنتهي بذلك فترة حكمة الأولى . وعندئذ بايع الأمراء اخاة عبد العزيز بالسلطة .
أهم الأحداث خلال سلطنة فرج بن برقوق الأولى :
لم تتخلل فترة حكم فرج الأولى أي أحداث هامة ... باستثناء ما حدث من عودة تيمورلنك من الهند ، ففر أحمد بن أويس من بغداد وأحتمى بحلب ، في حين واصل تيمور لنك غزواته فأستولى على سيواس ومرغش وعنتاب وبذلك وصلت قواته إلى أطراف الشام .
ولم يستجب المماليك للإنذار الذي وجهه تيمورلنك بضرورة تسليم حلب . فتجمعت الجيوش من نيابات الشام استعداداً للمقاومة ، ولكن تيمورلنك أنزل الهزيمة بقوات المماليك .. وأقتحمت جيوشه حلب سنة 1400 لتعمل فيها قتلاً وسلباً ونهباً .. وفد أهتزت مصر لأنباء تلك الهزيمة .
وخرج السلطان فرج بن برقوق – الطفل – على رأس جيش ومعه الخليفة والقضاة ، ولكن تيمرلنك أنزل الهزيمة مرة أخرى بالمماليك قرب دمشق أواخر سنة1400 .. وبعد ذلك عاد فرج بن برقوق إلى القاهرة ليستعد للقيام بمحاولة أخرى ضد تيمورلنك ، في حين تمكن الأخير عن طريق الحيلة من دخول دمشق حيث أقام بها قرابة الثلاثة أشهر جمع فيها كثيراً من أموالها فضلاً عن أولى الخبرة من أصحاب الحرف والصناعات الذين بعث بهم إلى سمرقند .
وتم الصلح بين تيمورلنك والسلطان فرج سنة 1401 .. وبعد ذلك خرج تيمورلنك من الشام لينزل الهزيمة بالسلطان بايزيد العثماني في موقعة أنقرة سنة 1402 .. ثم توفي تيمورلنك بعد ذلك سنة 1405 في سمرقند ، وتعرضت دولته الواسعة بعد وفاته إلى التمزيق بسبب النزاع بين ورثته ، وبذلك خفت حدة خطر التتار على الدولة المملوكية في مصر والشام .
2- الفترة الثانية من حكم فرج بن برقوق ( 1405 – 1412 ) :
كما سبق أن ذكرت فقد تولى عرش مصر بعد نزول فرج عن السلطة أخوه عبد العزيز ، ولكن عندما أحس بعض الأمراء بأن الأمير بيبرس الأتابك علت مكانته بحكم وصايته على المنصور عبد العزيز ، سعوا لعودة فرج إلى العرش ، وهكذا عاد فرج إلى السلطة بعد شهرين من إختفائه .
واستمر فرج هذه المرة في الحكم 7 سنوات .. اتسمت بالاضطراب والفوضى وسوء تدبير الحكم ، ذلك أن برقوق عرف بالقسوة والوحشية فأستهل حكمه بقتل أخويه .. ولم تكن هناك شخصية قوية تظهر على المسرح السياسي وتستطيع انتزاع السلطة .
ثار على فرج بالشام جكم – نائب حلب – ثم ما لبث أن قتل بعد أن أعلن نفسه سلطاناً . . فتحالف نوروز نائب الشام و الأمير شيخ نائب طرابلس .. وأعلنا الثورة على فرج ..
فأضطربت أحوال فرج لا سيما عندما غادره ثلث جيشه وانضم للثآئرين بسبب سوء معاملته .. فخرج فرج لقمع الثائرين بالشام وأصطحب معه الخليفة المستعين والقضاه سنة 1408 . وعندما خرج فرج إلى الشام لقمع الثائرين حلت به الهزيمة قرب دمشق سنة 1412 ..
في حين أدى التنازع بين الأميرين نيروز و شيخ إلى اختيار الخليفة المستعين العباسي سلطاناً سنة 1412 .. واجتمعوا بالخليفة وكتبوا محضراً بأفعال فرج السيئة ، وشرحوا فيه إدمانه على الخمور ، وكثرة سفكه للدماء ، ثم خلعوه وقتل على يد جماعة من الفداوية .. وظلت جثته ملقاه بالمزابل خارج دمشق 3 أيام .
موضوع: رد: تاريخ الدولة المملوكية الثلاثاء 7 يونيو 2011 - 16:57
السلطان المؤيد شيخ المحمودي : ( 1412 – 1421 م )
عرف السلطان المؤيد شيخ بالمحمودي نسبة إلى التاجر الخواجا محمود شاه الذي باعه السلطان برقوق وكان عمره عند بيعه 22 سنة .. وكان إختيار المستعين للسلطنة إجراء مؤقت حتى تستقر الأحوال بين الأميرين نيروز وشيخ . ولم يكن الأمير شيخ يطمئن على سلامة موقفه حتى عزل الخليفة بعد 5 أشهر من السلطنة ، وأحتل هو دست السلطنة بعد أن تلقب بالمؤيد
المشاكل التي واجهت المؤيد شيخ :
• التغلب على نفوذ نيروز : كان من الطبيعي أن تكون هذه هي المشكلة الأولى التي واجهت شيخ ، غير أنه خرج إلى الشام وحارب نيروز وتمكن من قتله ، فلم يعد له منافس. • ثورة الإمارات التركمانية : إذ حاولت الإمارات التركمانية الواقعة على أطراف الدولة المملوكية الشمالية .. فخرج المؤيد شيخ إخضاعهم مرتين سنة 1415- 1417م . ولما تمردوا مرة أخرى بعد عودته إلى مصر .. فأرسل المؤيد شيخ إبنه إبراهيم سنة 1419 لإخضاع دلغادر .فأوغل إبراهيم حتى قونية وضرب السكة بأسم أبيه ، وولى قيصرية حاكما مواليا للمؤيد شيخ . وقد أستقبل إبراهيم إستقبالاً حافلا في القاهرة ، ولكنه ما لبث أن مات في العام التالي ، وقيل أن أباه حقد عليه لما ناله من شهرة ومجد فدس له السم .
وفاة المؤيد شيخ :
مات المؤيد شيخ سنة 1421م . فخلفة ابنه أحمد تحت وصاية الأمير ططر .. الذي لم يبق في السلطة سوى 94 يوماً .. وتبع ذلك فترة من الإضطراب ، أطلق عليها المؤرخون ( فترة حكم الأوصياء ) ..واستمرت هذه الفترة حتى عام 1422م عندما تمكن برسباي من إنتزاع السلطة لنفسه .
موضوع: رد: تاريخ الدولة المملوكية الثلاثاء 7 يونيو 2011 - 16:58
الأشرف سيف الدين برسباي ( - ذي الحجة 841 هـ = مايو 1437م) ثامن سلاطين دولة المماليك الجركسية.
ولاية برسباي
بدأ "برسباي" حياته مثل آلاف المماليك الذين يُجلبون إلى مصر، ويتلقون تعليما شرعيا وتربية خاصة في فنون الحرب والقتال، ثم يلتحقون بخدمة السلاطين، وكبار الأمراء، وترتقي ببعضهم مواهبهم وملكاتهم إلى المناصب القيادية في الدولة، وقد تسعدهم الأقدار فيصعدون إلى سدة الحكم والسلطنة، فيصبحون ملء الأسماع والأبصار، وتتطلع إليهم الأفئدة والقلوب، بعد أن كانوا مجهولي النسب، مغموري الأصل، ولكن رفعتهم همتهم أو ذكاؤهم وحيلتهم.
كان برسباي مملوكا للأمير "دقماق المحمدي" نائب "ملطية"، الذي اشتراه من أحد تجار الرقيق، ومكث في خدمته زمنا، ولقب بالدقماق نسبة إليه، فأصبح يعرف ببرسباي الدقماقي، ثم أهداه سيده إلى السلطان الظاهر "برقوق" سلطان مصر، فأعتقه، وجعله من جملة مماليكه وأمرائه، وبعد وفاة السلطان برقوق تقلّب في مناصب متعددة في عهد من خلفه من السلاطين، حتى نجح في اعتلاء عرش السلطنة في (8 ربيع الآخر 825هـ = 1 إبريل 1422م)، وهو السلطان الثامن في ترتيب سلاطين دولة المماليك الجركسية، والثاني والثلاثون في الترتيب العام لسلاطين دولة المماليك.
وقد نجح السلطان برسباي في الفترة التي قضاها في الحكم -وهي نحو سبعة عشر عاما- في إشاعة الأمن والاستقرار، والقضاء على الثورات والفتن، التي شبت في البلاد، والضرب على أيدي الخارجين على النظام، كما فعل مع ثورة طائفة المماليك الأجلاب، وهم الذين جاءوا إلى مصر كبارًا، وكانوا قد عاثوا في الأرض فسادًا لتأخر رواتبهم في عامي (835هـ = 1431م)، (838هـ = 1434م)، وقد مكّنه ذلك الاستقرار الذي نعمت به البلاد من القيام بغزو جزيرة قبرص.
موضوع: رد: تاريخ الدولة المملوكية الثلاثاء 7 يونيو 2011 - 16:58
فتح قبرص
اتخذ القبارصة من جزيرتهم مركزًا للوثوب على الموانئ الإسلامية في شرق البحر المتوسط وتهديد تجارة المسلمين، فقام "بطرس الأول لوزينيان" ملك قبرص بحملته الصليبية على الإسكندرية في سنة (767هـ = 1365م)، وأحرق الحوانيت والخانات والفنادق، ودنس المساجد وعلق القبارصة عليها الصلبان، واغتصبوا النساء، وقتلوا الأطفال والشيوخ، ومكثوا بالمدينة ثلاثة أيام يعيثون فيها فسادا، ثم غادروها إلى جزيرتهم، وتكررت مثل هذه الحملة على طرابلس الشام في سنة (796هـ = 1393م).
وظلت غارات القبارصة لا تنقطع على الموانئ الإسلامية، ولم تفلح محاولات سلاطين المماليك في دفع هذا الخطر والقضاء عليه، وبلغ استهانة القبارصة بهيبة دولة المماليك واغترارهم بقوتهم أن اعتدى بعض قراصنتهم على سفينة مصرية سنة (826هـ = 1423م)، وأسروا من فيها، ولم تفلح محاولات السلطان برسباي في عقد معاهدة مع "جانوس" ملك قبرص، تَضْمن عدم التعدي على تجار المسلمين.
وتمادى القبارصة في غرورهم، فاستولوا على سفينتين تجاريتين، قرب ميناء دمياط، وأسروا من فيهما، وكانوا يزيدون على مائة رجل، ثم تجاوزوا ذلك فاستولوا على سفينة محملة بالهدايا كان قد أرسلها السلطان برسباي إلى السلطان العثماني "مراد الثاني"، عند ذلك لم يكن أمام برسباي سوى التحرك لدفع هذا الخطر، والرد على هذه الإهانات التي يواظب القبارصة على توجيهها لدولة المماليك، واشتعلت في نفسه نوازع الجهاد، والشعور بالمسئولية، فأعد ثلاث حملات لغزو قبرص، وذلك في ثلاث سنوات متتالية.
موضوع: رد: تاريخ الدولة المملوكية الثلاثاء 7 يونيو 2011 - 16:59
الحملات الثلاث
خرجت الحملة الأولى في سنة (827هـ = 1424م)، وكانت حملة صغيرة نزلت قبرص، وهاجمت ميناء "ليماسول"، وأحرقت ثلاث سفن قبرصية كانت تستعد للقرصنة، وغنموا غنائم كثيرة، ثم عادت الحملة إلى القاهرة.
شجع هذا الظفر أن يبادر برسباي بإعداد حملة أعظم قوة من سابقتها لغزو قبرص، فخرجت الحملة الثانية في رجب (828 هـ = مايو 1425م) مكونة من أربعين سفينة، واتجهت إلى الشام، ومنها إلى قبرص، حيث نجحت في تدمير قلعة ليماسول، وقُتل نحو خمسة آلاف قبرصي، وعادت إلى القاهرة تحمل بين يديها ألف أسير، فضلاً عن الغنائم التي حُملت على الجمال والبغال.
وفي الحملة الثالثة استهدف برسباي فتح الجزيرة وإخضاعها لسلطانه، فأعد حملة أعظم من سابقتيها وأكثر عددا وعُدة، فأبحرت مائة وثمانون سفينة من رشيد في (829 هـ = 1426م)، واتجهت إلى ليماسول، فلم تلبث أن استسلمت للقوات المصرية في (26 من شعبان 829هـ = 2من يوليو 1426م)، وتحركت الحملة شمالا في جزيرة قبرص، وحاول ملك الجزيرة أن يدفع القوات المصرية، لكنه فشل وسقط أسيرا، واستولت القوات المصرية على العاصمة "نيقوسيا"، وبذا دخلت الجزيرة في طاعة دولة المماليك.
واحتفلت القاهرة برجوع الحملة الظافرة التي تحمل أكاليل النصر، وشقّت الحملة شوارع القاهرة التي احتشد أهلها لاستقبال الأبطال في (8 من شوال 829هـ = 14 أغسطس 1426م)، وكانت جموع الأسرى البالغة 3700 أسير تسير خلف الموكب، وكان من بينها الملك جانوس وأمراؤه.
استقبل برسباي بالقلعة ملك قبرص، وكان بحضرته وفود من أماكن مختلفة، مثل: شريف مكة، ورسل من آل عثمان، وملك تونس، وبعض أمراء التركمان، فقبّل جانوس الأرض بين يدي برسباي، واستعطفه في أن يطلق سراحه، فوافق السلطان على أن يدفع مائتي ألف دينار فدية، مع التعهد بأن تظل قبرص تابعة لسلطان المماليك، وأن يكون هو نائبا عنه في حكمها، وأن يدفع جزية سنوية، واستمرت جزيرة قبرص منذ ذلك الوقت تابعة لمصر، حتى سنة (923هـ = 1517م) التي سقطت فيها دولة المماليك على يد السلطان العثماني "سليم الأول".
موضوع: رد: تاريخ الدولة المملوكية الثلاثاء 7 يونيو 2011 - 17:00
العلاقات مع الدول المجاورة
ارتبطت مصر في عهد برسباي بعلاقات ودية مع الدولة العثمانية، وتبادل التهنئة، فأرسل مراد الثاني بعثة في سنة (827 هـ = 1423م) إلى القاهرة لتهنئة برسباي بالسلطنة، كما بعث إليه ببعثة مماثلة حين حقق برسباي انتصاره التاريخي على القبارصة، وقضى على خطرهم، وقد شهدت هذه البعثة الاحتفالات التي أقيمت في القاهرة ابتهاجا بعودة الجيش الظافر، وحضرت مقابلة السلطان برسباي في القلعة لجانوس وهو في أغلاله بعد هزيمته المنكرة وسقوط جزيرته.
وفي عهد السلطان برسباي تأزمت العلاقات بينه وبين الدولة التيمورية في فارس، وكان "شاه رخ" قد بعث إلى السلطان المملوكي يطلب منه إرسال بعض المؤلفات لعلماء مصر البارزين، مثل: فتح الباري لابن حجر، وتاريخ المقريزي، وأن يسمح له بكسوة الكعبة المعظمة، غير أن السلطان رفض، بل ولم يرسل له الكتب التي طلبها، ولم ييئس الشاه من الرفض فعاود الطلب والرجاء، وكان برسباي يرى أن كسوة الكعبة حق لسلاطين مصر لا يشاركهم في هذا الشرف أحد.
وكان من شأن هذا التوتر أن ساءت العلاقات بين السلطانين، واستعد كل منهما للآخر، وهنا يُذكر لعلماء مصر موقفهم الشجاع من برسباي حين أراد فرض ضرائب على الناس للإعداد للحملة الحربية؛ إذ رفضوا تصرفه، وانتقدوا إسرافه، وقالوا له: لا يجوز للسلطان أن يفرض الأموال على المسلمين، وزوجته تلبس في يوم ختان ابنها ثوبا يساوي ثلاثين ألف دينار.
موضوع: رد: تاريخ الدولة المملوكية الثلاثاء 7 يونيو 2011 - 17:00
الحياة الاقتصادية
اعتمدت الحياة الاقتصادية في العصر المملوكي على التجارة والصناعة والزراعة، غير أن التجارة استأثرت بالنصيب الأكبر في الاقتصاد المملوكي؛ حيث كانت التجارة العالمية تمر عبر حدود الدولة المملوكية، وقصد التجار الأوروبيون موانئها للشراء والبيع، الأمر الذي عاد على الدولة بالخير الوفير.
واتخذ السلطان برسباي عدة إجراءات لتنشيط حركة التجارة وترغيب التجار بشتى الطرق للنزول في الموانئ التابعة لدولته، فخفض الرسوم المفروضة على التجار في بعض الموانئ كميناء جدة، وأسبغ حمايته على التجار، وأمّن بضاعتهم من السلب والنهب، ودعّم علاقاته مع دول أوروبا ومدنها، فعقد معهم الاتفاقيات التجارية التي أسهمت في انتعاش حركة التجارة معهم.
وضرب السلطان الدينار الأشرفي ليكون أساس التعامل التجاري، وأبطل التعامل بالنقد البندقي والفلورنسي، وشجع الناس على استعمال نقوده التي سكّها بأن رفع سعرها ليكون لها قوة شرائية كبيرة تدفع إلى التعامل بها.
غير أن السلطان احتكر تجارة بعض السلع: كالسكر، والفلفل، والأقمشة الواردة من الموصل وبعلبك، وهو ما أدى إلى ارتفاع سعرها ومعاناة الناس في شرائها.
وامتدت همة السلطان برسباي إلى العناية بالزراعة، فأمر بحفر الخليج الناصري بعد أن كاد يطمر، وعُني ببناء الجسور، وإقامة القناطر، وإصلاح ما تهدم منها، ونظرا لهذه الرعاية، فلم تتعرض المحاصيل للهلاك بسبب نقصان المياه طوال المدة التي قضاها في الحكم.
موضوع: رد: تاريخ الدولة المملوكية الثلاثاء 7 يونيو 2011 - 17:01
النواحي الحضارية
لم يتلقَّ السلطان تعليما منظما مثل كثير من المماليك في القلعة، وإنما كان تعليمه محدودا، لكنه استكمل هذا النقص بأن اتخذ العالم الفقيه المؤرخ "بدر الدين العيني" مُعلما ومربيا، فكان يسامره ليقرأ له التاريخ، ثم يفسره له بالتركية، وكان الشيخ ضليعا فيها، كما كان يعلمه أمور الدين، حتى إن السلطان كان يقول: لولا العيني لكان في إسلامنا شيء.
وعُني السلطان ببناء ثلاث مدارس إحداها بالخانكة التابعة لمحافظة القليوبية، وقد بالغ في بنائها وزخرفتها، والثانية بالقاهرة بشارع "المعز لدين الله"، وهي المعروفة بالأشرفية نسبة إلى لقب صاحبها، وتمت عمارتها سنة (829 هـ = 1425م)، وهي السنة التي فتح فيها قبرص، والثالثة بالصحراء خارج القاهرة، وهي التي دُفن فيها، كما عُني بشئون الحجاج، فأمر بحفر الآبار على طول الطريق من مصر إلى الحجاز.
لم يكتف السلطان بما شيد من مبانٍ ومنشآت، فشملت عنايته المدارس والخانقاوات التي بنيت قبله بعد أن أهملها مباشروها ونُظّار أوقافها، فشكل مجلسا من القضاة يتولون النظر في أوقاف هذه المدارس ومراجعة شروطها للتحقق من التزام النظار بهذه الشروط، وأسند رئاسة هذه المدارس إلى شيخ الإسلام "ابن حجر العسقلاني".
وكان من شأن هذه المدارس أن نشّطت الحركة العلمية، وازدهرت العلوم والفنون، وحسبك أن يكون من أعلام عصر السلطان برسباي الحافظ "ابن حجر العسقلاني" صاحب "فتح الباري" و"الدر الكامنة في أعيان المائة الثامنة"، و"الإصابة"، والحافظ "بدر الدين العيني" صاحب "عمدة القاري شرح صحيح البخاري"، و"عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان"، والمؤرخ العظيم المقريزي صاحب كتاب "السلوك لمعرفة دول الملوك" و"اتعاظ الحنفا"، و"الخطط المقريزية".
وفاة السلطان
وبعد أن قضى السلطان برسباي في الحكم نحو سبعة عشر عاما، تُوفي في (ذي الحجة 841 هـ = مايو 1437م)، بعد أن ارتبط اسمه بالجهاد ضد الصليبيين، وأضاف إلى دولته جزيرة قبرص، وهو ما أضفى على سلطنته رونقًا
موضوع: رد: تاريخ الدولة المملوكية الثلاثاء 7 يونيو 2011 - 17:02
السلطان الظاهر جقمق : ( 1438 – 1453 م )
أستطاع الأمير جقمق الإستيلاء على العرش من العزيز يوسف بن الأشرف برسباي ( 1437 – 1438 م ) ، وكان جقمق معتدلا في حكمة إذا قيس بسلفه برسباي ، كما عرف عن جقمق تدينه وورعه فحرم المعاصي وشرب الخمر .
فتح جزيرة رودس :
من أهم الأسباب التي دفعت جقمق لفتح رودس ما يلي :
1- كانت جزيرة رودس مركزاً هاماً للصليبين في شرق البحر المتوسط .
2- تحريض السلطان مراد الثاني العثماني لجقمق على غزو رودس ؛ ليشغل فرسان الإسبتاريه برودس عن الإنضمام للحلف المسيحي الكبير الذي هدف لشن حملة صليبية جديدة ضد العثمانيين .
3- رغبة جقمق في أن يحذو حذو برسباي من ناحية ، وحتي يصرف أنظار المماليك عن النزاعات الداخلية ، ويوجه طاقتهم نحو الغزو الخارجي من ناحية ثانية .
حملات جقمق على رودس :
الحملة الأولى سنة 1440م : كانت صغيرة ولم تؤتي نتائجها ، وكانت إستطلاعية بالدرجة الأولى .
الحملة الثانية سنة 1443 م : كانت بقيادة الأمير إنيال العلائي ، وحققت بعض النجاحات بضم بعضاً من قلاع رودس ، إلا أن عواصف الشتاء إضطرتها للعودة أدراجها .
الحملة الثالثة سنة 1444 م : وكانت هي أكبر الحملات وأوفرها عدة وعتاد ، وقد واجهتها بعض الصعاب متمثلة في : شدة مقاومة الإسبيتارية ، فضلا عن مساعدات الغرب المسيحي للجنود في رودس ، وهكذا رأى قائدا الحملة الأمير إنال العلائي وتماباي إنهائها بالصلح ، بعد أن تعهد الإسبتاريه بعدم التعرض للمسلمين أوالإضرار بتجارتهم .
وفاة السلطان جقمق :
مات جقمق سنة 1453 م ، بعد أن بلغ الثمانين عاماً ، وكان أثناء مرضه قد عهد بالحكم من بعده لإبنه عثمان ، وأعقب وفاة جقمق تولى العهد مجموعة من السلاطين الضعاف
موضوع: رد: تاريخ الدولة المملوكية الثلاثاء 7 يونيو 2011 - 17:02
تولى الحكم بعد السلطان الظاهر جقمق مجموعة من السلاطين الضعاف وهم :
1- أبنه المنصور عثمان : والذي لم يتمكن من البقاء في الحكم أكثر من شهر ونصف ، حيث خلعه الجيش لأنه وزع عليهم النفقة بنقود مغشوشة من نقوده المعروفة بالمناصرة، نسبة إلى إسمه ، وهي دنانير ذهبية ناقصة القيمة .
2- الأشرف إينال : ولعل أوضح ظاهرة أتصف بها عهد إينال هو إضطراب الأمور الداخلية ، وكثرة الثورات حيث ثار الجلبان أو الأجلاب 7 مرات في عهده الذي لم يتجاوز الـ 8 سنوات .
3- أحمد ابن إينال : لم يدم حكمه سوى أربعة أشهر .
4- الظاهر خشقدم : أمتاز عهده بالهدوء ، ولم يعكر صفو حكمه سوى المحاولة التي قام بها جانم بك نائب الشام لإنتزاع العرش ، وأنتهى الأمر بالقبض عليه وقتله .
5- يلباي المجنون : اختاره الأمراء ليخلف خشقدم بعد وفاته سنة 1467 م ، ثم الظاهر تمر بغل في العام نفسه .
6- الظاهر تمر بغا : لم يتمكن السلطان تمربغا من إرضاء أطماع المماليك الخشقدمية وزعيمهم خير بك ، الذي نازع تمربغا الأمر حتى تمكن من أغتصاب الحكم لنفسه
7- الظاهر خيربك : صعد إلى دست السلطنة ليلا وتلقب بالظاهر تشبها بأستاذه خشقدم ، ولكن الأتابك قايتباي أسرع إلى القلعة في نفس الليلة ليتولى السلطنة ، بعد أن تمكن من عزل خير بك ، والذي أطلق عليع المؤرخون لقب ( سلطان ليلة ) .