المعلومات والحقائق عن عبد العزيز الحلو شحيحة ومعظمها يغطي فترة
تاريخية محدودة بالتركيز على فترة الانتخابات التكميلية بجنوب كردفان فالغموض هو الصفة
الغالبة لديه لكن أكثر الأشياء الخادعة لهذا الرجل هي اسمه الحلو وهدوءه المخادع.
من هو الحلو؟
هو عبد العزيز آدم الحلو من أبرز قيادات جبال النوبة بعد يوسف كوة
انضم للحركة الشعبية لتحرير السودان في 1986م أحد مؤسسي تنظيم الكومولو وشارك في
الانقلاب العنصري مع فيليب عباس غبوش وبعد فشل الانقلاب أمره جون قرنق بالخروج
وإعلان انضمامه للحركة الشعبية وعينه قرنق برتبة النقيب في الجيش الشعبي، تولى
قيادة مناطق عسكرية عديدة وعين قائداً للجبهة الشرقية وقائداً لحملة بولاد ثم تولى
أركان حرب يوسف كوة ورئيس قطاع الشمال بعد اتفاقية السلام – وهو أحد المتشددين
لمشروع السودان الجديد، يمتاز بعلاقات واسعة مع الغرب خاصة الولايات المتحدة، وله
نفوذ وسط الحركات المتمردة بدارفور، عضو هيئة القيادة العليا بالحركة الشعبية .. أصوله من قبيلة المساليت بدارفور وعاش
جزء من حياته بشرق السودان بالقضارف ثم جبال النوبة.
الحلو وأبناء النوبة
تعيين الحلو برتبة النقيب في الجيش الشعبي لم يرض طموحه فعمل بالتعاون
مع الخلية الشيوعية في الحركة الشعبية بحياكة المؤامرات ضد أبناء النوبة في الحركة
واستطاع إبعادهم بإرسالهم إلى جبهات القتال حتى أصبح أركان حرب يوسف كوة، أشرف على
نقل سلاح الحركة الشعبية سيراً بالأقدام من أثيوبيا إلى جبال النوبة بواسطة أبناء
النوبة الذين مات العديدون منهم لأن عملية النقل استغرقت ستة أشهر كاملة، خاض بعدها
المعارك الشهيرة في القردود وأم دورين والتي قام فيها بعمليات تطهير واسعة ضد
أبناء القبائل العربية إلى أن تحدثت بعض المنظمات الحقوقية والدولية مع جون قرنق
حول إبادة الحلو لهذه القبائل فنقله قرنق إلى شرق الاستوائية وهناك مارس عمليات
تطهير واسعة ضد المخالفين لسياسات قرنق بمعاونة فيانق دينق مجوك والذي كان آنذاك
مسوؤلاً عن استخبارات الاستوائية وبعد أن تأكد قرنق بأن الحلو قاتل ماهر وشجاع
نقله إلى قيادة الجبهة الشرقية لقيادة عمليات الحركة وفي الشرق خطط لعمليات اقتحام
كسلا واقتحام الشريط الحدودي حتى قرورة والترتيب لدخول همشكوريب وخاض عمليات تجنيد
كبيرة لعمال المشاريع بهذه المناطق.
بعدها تم نقله إلى جبال النوبة وأصبح رئيس الحركة هناك وذلك لفراغ
المنطقة من قايدي حقيقي حسب رؤية قرنق آنذاك، الحلو ومنذ وقت مبكر قام بتحديد
وتقييم أقوى قيادات النوبة التي يمكن أن تخلف يوسف كوة ووصل العدد إلى أحد عشر
قيادي يسبقونه في الترتيب العسكري والانضمام للحركة وهم من أبناء الجبال الحقيقيين
ولكنهم من الرافضين لدخول الشيوعية ورافضين قيادة يوسف كوة التي ساهمت في تمدد
الشيوعية فاستغل الحلو هذا الموقف فدفع هذه المجموعة المسماة مجموعة أبو صدر دفعهم
بواسطة آخرين لكتابة مذكرة لقرنق عن الأوضاع في جبال النوبة ليؤكد لقرنق أنهم ضد
الحركة وأقنع قرنق بإعدامهم وأن يكون ذلك في الجنوب وقد كان وتم تصفية المجموعة وصعد
الحلو في ترتيبه القيادي.
تلفون
كوكو على الخط
بعد تصفية المجموعة القيادية من أبناء النوبة بواسطة رئيس
استخبارات الجيش الشعبي آنذاك والقائد الأول حالياً، لم يبق أمام الحلو للسيطرة
الكاملة على قيادة أبناء جبال النوبة إلا شخص واحد هو تلفون كوكو والذي كان حينها
قائداً لقيادة الريف الجنوبي عام 1993م حيث تصاعدت المعارك وعمليات الجيش الحكومي
وتم حصار الجيش الشعبي وانهزم هزيمة نكراء في ريفي البرام وانسحب تلفون كوكو
فاستغل الحلو ذلك وقال لقيادة الحركة الشعبية أن تلفون كوكو عقد اجتماع واتفق مع
قائد المنطقة العسكرية للجيش السوداني وقرر الانسحاب ليهزم يوسف كوة فأرسل قرنق رسالة
إلى كوة يأمره فيها بالقبض على تلفون وإرساله إلى الجنوب (والرسالة أرسلت إلى يوسف
كوة بواسطة الحلو لأنه كان محاصراً والاتصالات مقطوعة)
وعندما تسلم يوسف كوة الرسالة فرد إلى قرنق عبر الحلو بأن توقع أقصى
عقوبة على تلفون ولكن الحلو عدل في رسالة يوسف كوة وقال يجب إعدام تلفون والضباط المشاركين
معه، وتم اعتقال تلفون وإرساله إلى جوبا بعد إعدام كل رفاقه ولكن سلفاكير قائد
استخبارات الجيش الشعبي آنذاك تباطأ في إعدامه لمعرفة معلومات أكثر منه، إلا أن
عدم إعدام تلفون خلق خلاف كبير بين الحلو وسلفاكير وبعد وفاة يوسف كوة وتسلم الحلو
للقيادة في جبال النوبة كان يلح على قرنق باستمرار على إعدام تلفون وعندها علم
قرنق بنواياه وقال له (تلفون سيكون بالجنوب ولن يأتي إلى الجبال).
تابيتا بطرس .. والنيران الصديقة
بعد تسلم الحلو للقيادة في جبال النوبة بدأ في تصنيف قيادات النوبة
التي يمكن أن تشكل خطر عليه أو تعكر انفراده بالقرار فأبعد القيادات التي انضمت للحركة
الشعبية من السابقين في الجيش السوداني أو الشرطة من مركز القيادة وقرَّب إليه
غيرالمتعلمين لأنهم ينفذوا أوامره بدون تردد .. فتولى منصب نائب الوالي في جنوب
كردفان وامتد نفوذه داخل الحركة الشعبية وجبال النوبة وأصبح صاحب قرار وسطوة وشرع
في تصفية وجود ونفوذ المناوئين له فبدأ بسلسلة لجان تحقيق بلجان مخالفة لدستور
الحركة حيث كانت اللجان تفصل الأعضاء قبل التحقيق معهم، فصل مجموعة عشرين قيادي
وأبعد آخرين في صالح إعادة شعبيته وشرع في فتح بنك جبال النوبة لإعطاء الأمل
للمواطنين.
وفي اجتماع بتاريخ 10/5/2010م
بمنزل الحلو حضره المقربون منه قرر تقديم مذكرة لسلفاكير ميارديت يشير فيها إلى أن
الأحوال في جبال النوبة لم تسير لمصلحة الحركة الشعبية إلا بتحقيق أربعة شروط:
إقالة تابيتا بطرس من وزارة الصحة وتعيين عبد الله تية مكانها، الإبقاء على تلفون
كوكو قيد الاعتقال لحين الانتهاء من إجراء المشورة الشعبية، إبعاد دانيل كودي
وخميس جلاب عن الولاية، وجميع المطالب نفذت حرفياً من قبل سلفاكير .. وقصة توليه
منصب نائب الوالي أيضاً لم تخل من المكائد حيث استخدم أحد أعوانه الذين عملوا مع
خميس جلاب في إعداد ملف متكامل عن جلاب يظهر مساوئه، فقدم التقرير لباقان أموم
وقيادة الحركة والذين بدورهم رفضوا إعادة تعيين جلاب نائباً للوالي.
الهجمة أو النجمة
عبد العزيز الحلو باعتباره قائد الحملة العسكرية لبولاد في 1992م
وأكثر السلاح الموجود بجبال النوبة دخل على يديه من الأراضي الأثيوبية وغيرها وفي
فترة توليه المنصب التنفيذي الثاني الأربع بحكومة جنوب كردفان لم يتخل الحلو عن نزعته
العسكرية ففتح معسكرات التدريب العسكري لفرق الكومولو وتمكن من تجنيد ما يقارب
(18) ألف فرد، وقام باستجلاب سلاح للجيش الشعبي بكميات ضخمة من الجنوب وإعادة
ترتيب القيادة داخل الجيش الشعبي وعين عناصر في الوزارات من الكوادر السرية وعلى
أساس إثني لضمان تأييد قبائل النوبة له ومنذ عودته للحركة الشعبية من أمريكا عمل
على فتح ودعم معسكرات لتدريب قيادات حركات التمرد بدارفور.
هذه الخلفية العسكرية مرتبطة تماماً بالأهداف الإستراتيجية التي يعمل
لها الحلو بجبال النوبة وهي مطابقة لأهداف الإدارة الأمريكية تماماً، وهنا نعود
إلى الخلاف الذي نشب بين الحلو وقيادة الحركة الشعبية التي جعلته يهرب للولايات
المتحدة ويعتزل العمل السياسي ولا يعود إلا بعد زيارة سلفاكير لواشنطن حيث طلب من
الحلو أن يعود ويعمل في صفوف الحركة الشعبية من جديد بترتيب من بعض الدوائر
الأمريكية، فعاد الحلو حسب قرار صادر من سلفاكير في أغسطس 2008م عينه فيه مسؤولاً
عن ملف دارفور لتوحيد حركات التمرد وإعداد رؤية لسلام دارفور ومساعدة الحركات
المتمردة في بناء قدراتها التفاوضية ومن ثم بعد فوزه بمنصب الوالي في انتخابات
جنوب كردفان يصبح هو الراعي الرسمي لحركات دارفور يوفر لها المأوى والسلاح والدعم
والمعسكرات وتكون هذه الحركات شمال حدود 1956م فيرفع الحرج عن دولة جنوب السودان
بإيواء متمردي دارفور وتصبح هذه الحركات هي كرت الضغط الدولي على الخرطوم وبهذا
يتشكل واقع جديد في السودان الشمالي.
إلا أن الانتخابات أفضت إلى واقع مختلف بفوز مولانا أحمد هارون بمنصب
الوالي، فلم يبق للنجمة إلا الهجمة وهي السيناريو البديل للفوز الذي كانت تتوقعه
الحركة الشعبية وحلفاءها الأمريكان – لذلك يتوقع أن يطرح المجتمع الدولي عدة حلول تحد
من سيادة البلاد في حكم جنوب كردفان لصالح مخططات الحركة الشعبية بدعوى الانفلات
الأمني في المنطقة أو ربما التأكد من اكمال بنود اتفاقية السلام الشامل بقيام
المشورة الشعبية.
ملحوظة:
وأحيطكم علماً بأن المرشح غير الفائز بمنصب الوالي بولاية جنوب كردفان
يحمل الجنسية الأمريكية بامتياز ويمتلك منزلاً بولاية تكساس داخل الحدود الأمريكية.