جوبا تهدد بالتوقف عن استخدام أنابيب بترول الشمال.
والخرطوم تنظر صامتة لأنها هى من دفن الفكي تحت القبة وهى من صنع البترول.. فالخرطوم تعرف ما تستطيعه جوبا.. وما لا تستطيع.. لهذا.. الخرطوم تسكت..
ومسز كلينتون طوال الأسبوع الماضي تتهم الخرطوم بالإبادة والمقابر الجماعية.
ومندوب السودان يقول بهدوء للمجلس
هلم معاً .. نبحث عن المقابر هذه!!..
والخرطوم التي تعرف أن الحقيقة هى آخر ما يهم أمريكا تجيب بصوت خافت لأنها تعرف ما تستطيعه مسز كلنتون..
وتعرف أكثر ما لا تستطيعه المرأة هذه.
وعقار والى ولاية النيل الازرق يعلن لمن يحاضرهم أن العرب وافدون على السودان ويجب أن يخرجوا منه.
والخرطوم.. وكأنها تحدث نفسها تقول بصوت خافت إن
الضيف الذي استأذن عقار ودخل بعد الإذن هو وحده من يخرج.. أما نحن.. فمش طالعين..!!
وعرمان الامين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال يزور إسرائيل ويحصل على أسلحة للتمرد الدارفوري.. والخرطوم.. وبصوت خافت تقول للمواطن السوداني
مهمتي كدولة إصدار الأوامر التي تمنع أي مواطن من أخذ القانون بيده والاعتداء على عرمان.. ومهمتك أنت أن تتجاهل هذه الأوامر وأن تفعل الصواب..!!
والشعور السوداني الدقيق يفهم دون أن يحدث أحد.
وعرمان نقسم صادقين لن يعود إلى الخرطوم قط.. لأنه يعرف.
الخرطوم عندنا لها مذاق الملف المكتبي.
والجنوب والموت ومدينة أم دوم والحزن أشياء عرفتها وأنا طفل.
وامرأة جالسة مع الأسرة تحدث عن الجنوب ومذبحة توريت وقتلى أم دوم.
وما كنا نعرف معنى كلمة جنوب ولا مذبحة.. لكني شرعت أبكي.. وبعنف جعل الحديث ينقطع.
وأم دوم تحتفل في الثامن عشر من الشهر هذا بشهدائها في الجنوب.
لا تحتفل بالبكاء.. فالعادة العربية هي أن الاحتفال بذكرى القتيل يتم بعد الثأر.
وأم دوم التي تحتفظ بالمواجع مشتعلة خمسين سنة تعيد الذكرى لتحتفظ بنيران الغضب .. والألم.. وتقف فوق قتلاها كما وقف النبي صلى الله عليه وسلم على جثمان حمزة.
ومدينة توريت تبقى هي سماء الغدر التي تقطر نذالة.. سماء لا تطوى حتى تطوى السماء.
وأم دوم تبقى هي سماء الثأر.. الذي لا ينطفئ أبداً.
ويوم نحكي حكايات ناس أم دوم في الجنوب.. واحداً واحداً فإن عالماً كاملاً من النبل والألم والخسة والرجولة.. والنذالة تفرد أوراقه.
وتوريت .. الثامن عشر من أغسطس.. عالم ينهض.
وأم دوم الثامن عشر من أغسطس 2011م عالم ينهض
وتحية لشهداء أم دوم الله اكبر الله اكبر الله اكبر ارمى قدام.