مساء العشرين من فبراير 1989م لما كان فتحي أحمد علي القائد العام يجلس إلى الصادق المهدي رئيس الجمهورية بعد مذكرة الجيش الشهيرة كان يؤكد للصادق المهدي أنه لا يتجه إلى انقلاب.
قبلها بيوم كان فتحي أحمد علي في منزله فى كافوري يكتب بخط يده الصفحات الأخيرة من خطة وحيثيات الانقلاب.
وفي الصفحة العشرين كان يقول إن
الخراب الآن يضرب كل شيء.. الناس والجيش والدولة و.
كل شيء كان ينهار.. وجون قرنق يقود أربعين ألف مقاتل مدعوماً من المعسكر الشرقي والغربي لاحتلال مدن الشمال ابتداءً من الكرمك وهو يعلم أن الخرطوم مفلسة وجائعة.
والتنظيم الإسلامي الذي يرصد كل شيء كان يجد أن مذبحة داخلية تقترب.. وتصبح تمهيداً مروعاً يهدم قلب السودان ويفتح أبواب السودان بكاملها لقرنق.
أيامها كانت حكومة الصادق المهدي تكشف وتعتقل قادة انقلاب مايو الثانية.
والصادق يعلن أنه سوف يتم إعدامهم.. وأوراق الانقلاب كانت تحرص على إعدام الصادق وآخرين.. والموجة الثانية من مجموعة مايو تعد لانقلاب يائس لإنقاذ المعتقلين من جهة.. وإنقاذ أنفسهم حتى لا يكشفهم التحقيق من جهة أخرى.
وحزب الأمة وجيشه داخل الجيش كلهم يستعد للقتال وحسابات الإسلاميين تجد أن كل شيء يتجه إلى معركة عسكرية داخل الخرطوم تهدم ما بقى من الجيش .. لينهار السودان ويدخله قرنق فوق حصان أبيض.
اللقاء قبل الأخير للاعداد للإنقاذ كان يجد أن السؤال هو
وماذا بعد استلام السلطة.. والدولة ليس بها إلا مائة ألف دولار.. والجوع والخوف في كل مكان؟؟
لم تكن هناك إجابة.. لكن السموات كانت عندها إجابة
وكانت تعدها منذ ثمانية أعوام.
عام 1981 لما كانت القوات السودانية تدعم حسين هبري للاستيلاء على الحكم في تشاد، كان العقيد حسن صالح «اللواء وقائد المهندسين الآن» يدير استخبارات الفاشر العسكرية.
والعقيد يصحب القوة.. وهناك يلتقي بالرجل الثالث في السفارة المصرية بالسودان.
الشربيني.
وصداقة تربط بين الرجلين.. بعدها عام 89وبعد أسبوع من قيام الإنقاذ كان الشربيني وبإيحاء من حسن صالح يجعل حكومته تعتقد أن الانقلاب الجديد هذا هو أحد أذرع القاهرة، وتدعمه بعشرين مليون دولار هى ما جعل الإنقاذ تتنفس.
ومشهد الزبير محمد صالح في قيادة بارزة بالثورة كان شهادة كاسحة.. فالشهيد الزبير محمد صالح كان في أوراق السفارة المصرية من الضباط البعثيين.. خصوصاً أن الزبير كان يومئذٍ معتقلاً في الشجرة بصفته أحد ضباط انقلاب يعني
والإنقاذ تنجح وبخطوات قوية في إبعاد المجاعة والانهيار عن البلاد.. و.. و
لكن الجهات التي تخطط لهدم السودان لا تنسى أبداً أن الانهيار الاقتصادي هو السلاح الذي لا يخيب.. والحرب الجديدة الآن التي يجري التخطيط لها هدفها الوحيد هو صناعة الانهيار الاقتصادي هذا.. وكل ما يشهده السودان الآن هو مشاهد المسرحية هذه.
شغل الخرطوم إذن بالجوع والأسعار والحرب ثم التهام الأقاليم كان هو مخطط قرنق عام 1989.
ويعينه الشيوعيون.