حتى وقت قريب جداً لم يكن أمر استخدام الطائرات الآلية الموجهة لاسلكياً في عمليات قتالية أو هجمات جوية لقصف أهداف ثابتة أو متحركة يؤخذ بجدية كبيرة إذ أن توجيه طائرة من بعد مئات الكيلومترات لمهاجمة هدف متحرك أو ثابت وإهمال احتمالات تعرضها للاكتشاف رادارياً أو من قبل الدوريات الجوية كان نوعاً من الإفراط في التفاؤل، إلى أن نجحت الولايات المتحدة مؤخراً في تدمير عربة يستقلها (من تزعم الولايات المتحدة أنهم من المطلوبين الخطرين في تنظيم القاعدة) في منطقة صحراوية يمنية بواسطة طائرة موجهة لاسلكياً مسلحة بصواريخ (هيل فاير) الأمر الذي أعاد أخبار هذه الطائرات إلى صدارة الاهتمام والمتابعة على صعيد التقنيات العسكرية الواعدة والتي يتوقع تعميم انتشارها في مسارح القتال في المستقبل القريب خاصة وأن ما نشر من معلومات خلال العامين الماضيين يشير إلى أن أكثر من دولة قد دخلت مرحلة تطوير طائرات الاستطلاع الموجهة رادارياً لتكون طائرات قاصفة بعد تزويدها بالذخائر المناسبة والتي لن تكون بالضرورة صواريخ بل ربما قنابل دقيقة التوجيه من الأجيال المتطورة التي تتلقى توجيهها عبر الأقمار الصناعية. ومن خلال هذا المقال سأحاول إن أتناول أهم المشاريع القائمة حالياً في العالم لإنتاج مثل هذه الطائرات.
1 الولايات المتحدة الأمريكية:
أ برنامج الطائرة (الآلية) بريداتور (Predator) (المفترس):
طائرة صممت للتحليق فترات طويلة تصل إلى أربع وعشرين ساعة على ارتفاعات لا تقل عن خمسة آلاف قدم ولتوفير الوقود فإنها تنطلق من طائرة أخرى أكبر حجماً ثم تتوجه إلى المنطقة المراد رصدها وهي مزودة بمجموعة متنوعة من أجهزة الرصد التلفزيونية والليزرية والاستطلاع بالأشعة تحت الحمراء وبالتالي فهي قادرة على متابعة أهدافها من ارتفاع آمن ليلاً ونهاراً بالانتقال من نظام إلى آخر. وقد جربت ميدانياً في حرب البلقان وأثبتت جدواها. وفي أوائل عام 2001م حاولت الشركة المنتجة إقناع وزارة الدفاع الأمريكية بتمويل برنامج لتسليح هذه الطائرة بصواريخ (هل فاير) لمهاجمة الأهداف الأرضية وصواريخ (ستنجر) لمهاجمة الأهداف الجوية الكبيرة البطيئة مثل طائرات النقل والطائرات العمودية الكبيرة. ولكن هذه المقترحات لم تجد صدى وتجاوباً إلا في سبتمبر من عام 2001م وجرى التعجيل بذلك لتكون جاهزة للمشاركة في القتال في أفغانستان ضد قوات طالبان. وبالفعل استخدمت هذه الطائرة بفاعلية في المراقبة وكذلك في مهاجمة القوافل المتحركة ليلاً بصواريخ (هل فاير).
ب بوينج إكس 45
(Boing X - 45A):
برنامج تجارب تجريه شركة بوينج لإنتاج مقاتلة متعددة المهام آلية تماماً ولا تحمل طيارا وقد دخلت هذه الطائرة مرحلة تجارب الحركة على المدارج في قاعدة إدوارد الجوية الشهر الماضي (أكتوبر 2002م) وكانت الفكرة المبدئية وراء هذا البرنامج هو إنتاج طائرة رخيصة الثمن (في حدود عشرة ملايين دولار) تنقل إلى مسارح العمليات في صناديق بأعداد كبيرة ليتم استخدامها عند الحاجة في مواجهة الأهداف التي قد تنزل بالمقاتلات التقليدية خسائر كبيرة. ونظراً لصغر حجمها وأسلوب بنائها المقاوم للاكتشاف من قبل الرادارات فإنها ستكون طائرة خفية حتى بدون طلائها بالمواد الماصة للأشعة الرادارية وستكون قابلة للتزود بالوقود جواً حتى تصبح قابلة للاستخدام لمهاجمة الأهداف البعيدة. وسيتم إنتاج نموذج خاص من هذه المقاتلات لعمليات إخماد الدفاعات الجوية المعادية الحصينة (SEAD)، ونموذج آخر للطيران في الظروف الجوية المضطربة مسلح بقذائف دقيقة التوجيه لمفاجأة الهدف في الأماكن التي يعتقد أن الطيران فيها غير قادر على التدخل ويطمح الأمريكيون في أن تكون هذه المقاتلة قادرة على اكتشاف أهدافها وتحديدها في مدى 20 كم ومهاجمتها من بعد 12 كم.
ج. مشروع شركة لوكهيد المقترح:
وهو لا يزال قيد الأبحاث والتصاميم والنقاش مع المسئولين في وزارة الدفاع الأمريكية ويتحدث عن طائرة استطلاع مسلحة ضخمة ذات أجنحة قابلة للطي وقابلة أيضاً للإطلاق في الغواصات النووية من نفس أنابيب إطلاق صواريخ (ترايدنت) الموجودة حالياً في تلك الغواصات. أو من طائرات (سي 130) والطائرات المشابهة وستكون طائرات تعتمد تقنيات التخفي لتكون طائرة (شبح) إذ أن حجمها الكبير (طول الجناحين حوالي 40 متراً) وستكون قادرة على حمل نصف طن من أجهزة التجسس والاستطلاع (المتخصصة في تصوير مناطق العمليات بعد القصف الجوي لتوفير المعلومات اللازمة لدراسة فاعلية القصف) أو يمكن أن تحمل بدلاً من الأجهزة مجموعة مختلفة من الذخائر أو القذائف الصاروخية التي لا يتجاوز وزنها ال 500 كغ. وتتحدث شركة لوكهيد عن مدى قتالي يصل إلى حوالي 1000 كم من ارتفاعات تتراوح بين 15000 و 20000 قدم ويتوقع أن يتم اتخاذ قرار بشأن هذا المشروع خلال الثلاثين شهراً القادمة. وتقول مصادر شركة لوكهيد أن سرعة هذه الطائرة سيتم تحديدها حسب طلب الجهة المستخدمة كما أن المدى أيضاً قابل للتفاوض بشأنه خصوصاً إذا كانت ستوجه فضائياً بواسطة الأقمار الصناعية أو من محطات منقولة جواً على طائرات سي 130 ومن مسافات آمنة.