تعود العلاقات القوية بين أمريكا وإسرائيل إلى مرحلة متقدمة من الزمن، حيث أعنلت أمريكا إعترافها بدولة إسرائيل منذ اليوم الذي تأسست فيه في عام 1948. وتقدم لها في الوقت الحالي دعما عسكريا سنويا بقيمة 3 مليارات دولار . ورغم أن السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل قد عكست مصالح إستراتيجية مختلفة بإختلاف الظروف التاريخية والأوضاع الدولية، لكن إجمالا يمكن القول أن حجر أساس السياسة الأمريكية هو ضمان بقاء وأمن إسرائيل.
غير أن أصوات الإحتجاج تصاعدت بقوة بعد التوصل إلى إتفاق نووي مع إيران. وقد قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين ناتنياهو في إجتماع وزاري، "ان العالم أصبح أكثر خطر بسبب هذه الإتفاقية، وهذا لأن أخطر دولة في العالم حصلت على تنازل بالغ الأهمية على مستوى إمتلاك أخطر سلاح في العالم".
تعتبر إسرائيل إيران بمثابة "العدو اللدود" بالنسبة لها، في المقابل ترى إيران أن إسرائيل هي الجذر الرئيسي للتوتر القائم بمنطقة الشرق الأوسط. وقد ظلت إيران طويلا تعارض المحادثات العربية الإسرائيلية، ورغم أنها إعرابها عن عدم إتخاذ أي تدخل أو إعاقة لعملية السلام في الشرق الأوسط، لكنها مثلت توازنا غير مباشر مع إسرائيل من خلال دعمها حركة حماس في فلسطين وحزب الله في لبنان. ولهذا ترى إسرائيل إيران على كونها أكبر خطر حقيقي بالنسبة لها.
وبالنسبة لإتفاقية النووي الإيراني، تعتقد الحكومة الأمريكية أنها أول خطوة لتجميد مشروع النووي الإيراني، تمكن من ربح المزيد من الوقت في سبيل فتح طريق المفاوضات من أجل التوصل إلى إتفاقية أكبر. وسواء بالنظر من خلال الوضع الحالي أو على المدى الطويل، فإن هذه الإتفاقية تمتلك معنى إيجابيا على مستوى التخلص من التهديد الإيراني.
في المقابل ترى إسرائيل العكس. فقد صرح ناتنياهو مرارا بأن إتفاقية النووي الإيراني تعد "صفقة كارثية" و أن "هذه الإتفاقية بالغة الخطورة، وربما تكون الخطأ التاريخي".
ورأى تعليق نشر على صحيفة "أورشليم بوست" أن حقيقة إتفافية النووي الإيراني أخطر بكثير من ظاهرها. قائلا أن هذه ذلك يعد في الحقيقة احد التحركات الدبلومسية الفاشلة بالنسبة لأمريكا، كما تعد إعتراف بالقدرات النووية الإيرانية وان الإتفاقية ستجعل إسرائيل تواجهه مخاطر أكبر. ورأى تعليق نشر على صحيفة "هاأرتز" أن هناك هوة كبيرة بين السياسة الأمريكية في معالجة شؤون الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة وبين ادراك حلفائها في المنطقة. وأضاف التعليق أن هذا الأسلوب الدبلوماسي الأمريكي يصيب بالإحباط.
تخشى إسرائيل من جهة أن تحصل إيران في النهاية على السلاح النووي، كما تخشى من جهة ثانية أن تثير التحركات الإيرانية سباق تسلح في الشرق الأوسط. ووفقا للمتطلعين، فإن إسرائيل لكي تقضي على هذين الهاجسين ستقوم بإبتعاث مجموعة عمل خاصة إلى واشنطن لإجراء محادثات مع الجانب الأمريكي حول الصيغة النهائية لإتفاقية النووي الإيراني، كما سيقوم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري خلال الأيام القادمة بزيارة جديدة إلى إسرائيل، لطمأنة الجانب الإسرائيلي وشرح تفاصيل إتفاق النووي الإسرائيلي.
وفي هذا السياق أشار رئيس "منتدى السلام الفلسطيني الإسرائيلي" والمدير السابق لمركز بيريز للسلام الدكتور داك في تصريح صحفي إلى وجود موقفين مختلفين تجاه إتفاقية النووي الإيراني داخل إسرائيل. فهناك فريق يتزعمه ناتنياهو يعتقد بأن إيران لن تلتزم فعليا بوقف تطوير السلاح النووي، وأنها ستواصل تطوير برنامجها النووي بشكل سري، وأن الوسائل الردعية هي الخيار الوحيد الذي يجب أن يتخذه المجتمع الدولي تجاه قضية النووي الإيراني، بمافي ذلك العقوبات الإقتصادية وحتى التدخل العسكري، لإرغام إيران على التنازل.
وهناك فريق آخر يرى بأن التدخل العسكري ليس الطريقة الجذرية لمعالجة قضية النووي الإيراني، حيث يمكن أن يؤدي ذلك في الأغلب إلى تأجيل وليس إجبار إيران على التخلي عن برنامجها النووي. ويرى هذا الفريق بأن جوهر معالجة قضية النووي الإيراني يكمن في قيام المجتمع الدولي بتغيير طريقة تعامله مع إيران. خاصة في ظل ظهور مؤشرات إيجابية عن التغيير في إيران، ولابد للمجتمع الدولي أن يغتنم هذه الفرصة لجعل قوى الإعتدال في إيران أكثر قوة، وتغيير شعور فقدان الامن والعزلة التي يشعر بها المواطن الإيراني، وادراك أن تطوير السلاح النووي ليس فيه مصلحة لبلده، وان التخلي عن البرنامج النووي والإندماج من جديد في الأسرة الدولية العريضة هو الخيار الأفضل. ويشير داك إلى أنه يتفق مع هذه الرؤية.
كما يرى داك أن الإحتكاكات بين أمريكا وإسرائيل لم تتوقف خلال الفترة الأخيرة، حيث يبدى ناتنياهو معارضته لأوباما سواء على مستوى قضية النووي الإيراني أو على مستوى محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية. لكن علاقة التحالف الإستثنائية بين أمريكا وإسرائيل لاتزال صلبة، وهذه العلاقة لن تتغير بمجرد إختلاف المواقف الشخضية لقادة البلدين في فترة ما من الزمن أو حول مسألة ما.
http://arabic.people.com.cn/31663/8472723.html