عمر الدولة العاجزة عن حماية نفسها في الشرق الاوسط قصير جدا
وقف النار في الجنوب هزيمة لاسرائيل
موشيه ارنس
06/06/2008
هل يعقل ان لا يقتصر امر ضيق الوقت علي معالجة المشاكل الامنية العاجلة لاسرائيل علي ايهود اولمرت وحده المنشغل جداً في مشاكله القانونية. الكثيرون من مواطني دولة اسرائيل باستثناء سكانها الجنوبيين طبعاً غارقون جداً في تفاصيل التحقيقات الحالية لدرجة انه لم يتبق لديهم متسع من الوقت للحرص والتفكير بما يتوجب الحرص عليه فعلا: الحرب المتواصلة في الجنوب.
تبقي فقط ان نأمل ان الجيش الاسرائيلي وقائده الفريق جابي اشكنازي يواصلان النظر بجدية الي المسؤولية الهائلة الملقاة علي كاهلهما ـ ضمان امن الشعب الاسرائيلي.
ربما يتوجب ان نذكر رئيس هيئة اركاننا بالامور التي كان قد صرح بها بعد فترة قصيرة من دخوله الي منصبه: في الحرب القادمة لن يكون هناك شك بصدد الطرف المنتصر . هذه العبارات قيلت بعد ان صرح سلفه في المنصب دان حالوتس بعد حرب لبنان الثانية ان الجيش الاسرائيلي قد انتصر بالنقاط في حرب لبنان الثانية عندما كان واضحاً ان الجيش الاسرائيلي قد هزم في الحرب علي يد بضعة الاف من مقاتلي حزب الله.
حالوتس لم يرغب في الاعتراف بالحقيقة الواضحة: عندما يواجه الجيش الاكبر والاقوي في الشرق الاوسط بضعة الاف من المخربين وليس قادراً علي حماية السكان المدنيين منهم وانما يصل معهم الي وضع تعادل يكون المخربون هم الطرف المنتصر في الحرب.
هكذا يري المخربون الوضع وهكذا يري العالم كله ذلك. واليوم اصبحت رؤية الواقع هي الواقع. عدم قدرة حالوتس علي فهم هذه الحقيقة ادت الي الادارة الفاشلة لحرب لبنان الثانية.
بعد ان وافقت اسرائيل علي وقف اطلاق النار مع حزب الله الذي اتاح له الاعلان عن انتصاره والعودة الي التسلح من جديد والتحول الي القوة المهيمنة في لبنان كانت امام الدولة فرصة ثانية لمقارعة الارهاب: حرب في الجنوب ضد حماس والجهاد الاسلامي المدعومتين من ايران مثلما تدعم هذه الاخيرة حزب الله في الشمال.
مرة اخري يتعرض سكان اسرائيل للهجمات الصاروخية. هذه الهجمات تتواصل منذ اشهر كثيرة ومدي النار لدي المهاجمين يزداد طولا. الجيش الاسرائيلي حاول مثلما حدث في حرب لبنان عبثاً ان يوقف الهجمات من خلال سلاح الجو. وتماماً مثل ذلك الحين اتضح ان المهمة يجب ان تنفذ علي يد القوات البرية. وبما ان الحكومة لم تتعلم شيئا من تجربتها، هي ترفض توجيه الاوامر للقوات البرية الإسرائيلية للدخول الي قطاع غزة، والمواطنون في الجنوب يواصلون دفع الثمن.
ان انتهت هذه المجابهة بالتعادل مع موافقة اسرائيلية لوقف اطلاق النار مع المخربين ستكون هذه هزيمة للجيش الاسرائيلي. ليس انتصاراً بالنقاط للجيش الاسرائيلي ولا حتي انتصاراً بالنقاط للمخربين، وانما هزيمة يلحقها المخربون بالجيش الاسرائيلي.
هكذا سينظر كل الضالعين بالامر للقضية. اسرائيل ستظهر كتطرف يعترف بعدم قدرته علي حماية اراضيه والحفاظ علي امن سكانه المدنيين.
هذا وضع لا يتوجب الاستخفاف فيه. الجواب لكل اولئك الذين يتساءلون كيف نجحت اسرائيل في البقاء لسنوات في منطقة معادية كالشرق الاوسط هو: ان اسرائيل قد الحقت الهزيمة بالاعداء الذين قاموا ضدها مرة تلو المرة. اتفاق السلام مع مصر الذي تم التوصل اليه في آخر المطاف كان نتيجة مباشرة لانتصارات الجيش في ارض المعركة. اتفاق السلام مع الاردن ارتكز علي الاعتراف الاردني بعدم امكانية هزيمة اسرائيل في ساحة المعركة. ان ثارت الشكوك بصدد قدرة اسرائيل علي حماية نفسها عند الحاجة ـ لن يقتصر الامر فقط علي اماطة اللسان عن اية احتمالية لتوسيع دائرة السلام، بل وستزداد احتمالات نشوب حرب شاملة اخري.
كل هذا مطروحٌ الان علي كفة الميزان والمجابهة مع المخربين في الجنوب. هم يعرفون وعلينا نحن ان نتعلم من جديد ان نسينا، ان مدي عمر الدولة الشرق اوسطية غير القادرة علي حماية نفسها قصير جداً. هذا هو التحدي الذي يواجهه الجيش الاسرائيلي اليوم وقائده. الانتصار الحاسم في الحرب ضد المخربين في الجنوب هو وحده الذي سيضمن امن اسرائيل. وقف اطلاق النار سيكون انتصاراً لهم وهزيمة للجيش الاسرائيلي.
من الواضح ان الحكومة حتي في وضعها الحالي هي التي ستضطر الي اتخاذ القرار. الا ان رئيس هيئة الاركان هو الملزم بأن يقول للحكومة انه قادر علي احراز النصر وان يترك شكوكاً ما بصدد هوية الطرف المنتصر في هذه الحرب.
"هآرتس الإسرائيلية ": 4/6/2008