الكاتب: عقيد طيار/ عبد الغني أحمد
بدأت التجارب الإنسانية
في التفكير مبكراً لصنع آله بإمكانها التحليق في الأجواء مستلهمة في الوقت
ذاته نظرية الطيران من الطيور بأنواعها التي تجوب السماء بأجنحتها المرفرفة
والتي بفضلها أستلهم ( أرشيتاس ) وهو عالم يوناني سنة 400 ق.م صنع حمامه
خشبية تتحرك في الهواء ليقوم الصينيون بعدها بمائة ( 100) عام باكتشاف
طريقة تصنيع الطائرة الورقية كشكل من أشكال الطائرات الشراعية ، وفي نفس
الأوان قام ( أرخميدس ) باكتشاف سبب طفو الأجسام وكيفيته واضعاً قانوناً
يعرف بقانون الطفو ، وبعدها قام (عباس بن فرناس ) سنة 880 م بمحاولة
للطيران بعد أن صنع لنفسه جناحين من الريش وأستدعي الآلاف من سكان قرطبة
ليشهدوا طيرانه من أعلي البرج حيث هوي بعد أن فقد توازنه لعدم وجود الذيل
في اكتشافه .وفي سنة 1290 م قال روجر بيكون الإنجليزي أن الهواء له نفس
خاصية الماء في احتوائه علي جسيمات صلبة بإمكانها رفع الاشياء كالسفن إذا
ما أمكن بناء المركبات المخصصة للوسط الهوائي مستشهداً بأفكار (أرخميدس)
ليأتي بعدها بقرنين الفنان والمبتكر الإيطالي ( ليوناردودافينشي ) سنة
1500م برسمه جهاز (الأورنيثوبتر) وهو عبارة عن طائرة ذات جناحين مرفرفين
خفاقين كأجنحة الطيور ليصرح بعدها العالم الرياضي جيوفاني بوريللي سنة
1680 م بعد عدة أبحاث تصريحا مفاده استحالة طيران الإنسان بجناحين لعدم
قدرة عضلاته القيام بذلك ، ليأتي الروس بعدها بزعم فحواه أن أبا الطيران
هو ضابط بحري اسمه (الكسندر موزايسكي ) الذى قام عام 1883 م ببناء أول آله
طيران تحمل إنساناً غير أنه لايوجد سجل رسمي عن هذه التجربة وقد يعتبر
الألماني ( أتوليلينثال ) أبا الطائرة الشراعية لأنه قام مابين 1891 / حتى
1896 م بقرابة ألفي رحلة مأهولة لطائرة شراعية كما ألف كتاب " رحلة
الطائرة وأساس الطيران " الذي كان ملهماً ( للأخوين رايت ) ، وبحلول
1896 تمكن ( ليلينثال ) من بناء طائرة شراعية تعمل بمحرك صغير وفى نفس
السياق يدعي مهندس كهربائي ومخترع فرنسي " كلمنت آدير " أنه الأب الحقيقي
للطيران حيث بني طائرة أحاديه السطح بجناحين كجناحي خفاش ، وبعد 7 سنوات من
ذلك وتحديدا أكتوبر 1897 قام بتجربة ثالثة لآله طيران أثقل من الهواء
باسم " أفيون " وبحضور عدد من الضباط جرت التجربة في قاعدة عسكرية في
(ساتوري ) وكانت تعمل بمحركين بخاريين بقوة 20 حصان يشغلان مروحتين ذواتي
أربع ريش ضخمة ، كما جاء في وصف آدير للحدث في كتاب نشر عام 1910 م.
وجدت أفيون نفسها تنطلق بحرية مدعومة بجناحيها " وتابع في
فقرة أ خري " انجرفت الطائرة باتجاه جزء من مدرسة ( ما سكيتري ) التي
كانت محاطة بسور حماية من الأعمدة والحواجز " وختم " وفجأة كانت صدمة كبيرة
.. أشياء تتحطم وتتناثر .. ارتجاج شديد : لقد هبطنا " ليقوم بعدها الجيش
الفرنسي بإيقاف تمويله لتجارب آدير الذي توفى عام 1925 م عن عمر 84 سنة
مكنته من متابعة بعض مراحل الطيران حيث أصبح اسم آلته ( افيون ) ( Avion )
اللفظ الفرنسي لكلمة طائرة وبعدها قام العالم الأمريكي "صمويل ب لانجلى "
ببناء نموذج طائرة ذات دفع آلي بخاري باسم " ايرودروم " تمكنت من التحليق
لدقيقة ونصف قاطعة مسافة 800 م وبعدها بني طائرة ذات حجم كبير مكتمل
بمحركات احتراق داخلي حاول أحد الطيارين الإقلاع بها مرتين الأولى في
أكتوبر والثانية في ديسمبر 1903 م من فوق عوامة ترسو على نهر البوتاماك
لكنها ارتطمت وغرقت في المرتين .
وفي نهاية السنة
حسب السجلات وتحديدا في 17 ديسمبر 1903 م تمكن الأمريكيان من عائلة رايت (
أورفيل وويلبر) العاملين في صناعة الدراجات من تصنيع أول طائرة طارت قرب
بلدة كيتي هوك بولاية كارولينا الشمالية مسافة 37 م بزمن 12 ثانية بطائرة
مصنوعة من الأخشاب والأسلاك وقطع القماش لتنطلق بعدها المحاولات حيث تمكن
(تراجان فولا ) المبتكر الروماني من بناء طائرة كبيرة لم تقدر على الطيران ،
وفي سنة 1909 م تمكن الفرنسي ( لويس بليريو) من الطيران عبر القناة
الإنجليزية ، وفي سنة 1913 م تمكن ( ايجور سيكورسكي ) المخترع الروسي من
بناء وقيادة أول طائرة ذات أربع محركات ، وفي سنة 1915 م استطاعت طائرة
ألمانية مصنوعة كليا من المعدن باسم يونكرز ج 1 من الطيران ليتم إجراء
اختبار سنة 1924 م على طائرة بثلاث محركات لتقوم سنة 1927 م طائرة النقل
الشهيرة لوكهيد فيجا ) ذات المحرك الواحد بتنفيذ أول رحلة لها وتبعها
المهندس البريطاني ( فرانك ويتل ) الذي وضع للمسات النهائية لتصميم محرك
نفاث سنة 1930 م لتدخل سنة 1936 م طائرة النقل دوجلاس دي س 3 الخدمة على
الخطوط الجوية الأمريكية أما في ألمانيا فقد تمكنت أول طائرة ذات محرك نفاث
من الطيران بنجاح سنة 1939 م ، وفي سنة 1947 م تمكن الطيار ( تشالز ييجر
بواسطة الطائرة Bell XI )من اختراق حاجز الصوت لأول مرة والذي بفضله ازدادت
علوم الطيران اتساعا حيث تمكنت أول طائرة نفاثة ضخمة من التحليق والدخول
في الخدمة عام ( 1952 ) م وتبعتها سنة 1953 م أول طائرة نقل مروحية (
فيكرز فيسكونت ) الدخول في الخدمة عبر خطوط جوية منظمة وفى سنة 1953 م
اعتبرت ف 100 سوبر ساير أول مقاتلة نفاثة أمريكية كما تمكنت طائرة النقل
بوينج 707 من العمل كطائرة نقل بين أمريكا وأوروبا سنة 1958 م وفي هندسة
الإقلاع العمودي كانت الطائرة البريطانية هوكر ب 1127 أول طائرة ذات محرك
مفرد تقلع وتهبط عمودياً سنة 1960 م وفى هذه الآونة فاجأت مصر المتتبعون
بقرار إيقافها مشروع طائرة القاهرة 300 وهى طائرة مقاتلة تصل حتى ضعفي
سرعة الصوت علما بأنها موجودة حاليا في متحف ببرلين كذلك أحرز الروس أول
اجتياز لسرعة الصوت بطائرة نقل تي يو 144 سنة 1968 م لتدخل الخدمة سنة
1970 م طائرة الجامبو النفاثة 747 .
كما تمكنت
بريطانيا وفرنسا من تخطي سرعة الصوت بطائرة الكونكورد لنقل الركاب سنة 1976
م وفي سنة 1995 م د شنت 777 لخدمة المسافرين كأكبر طائرة نفاثة في العالم
بمحركين .
وعود للسياق فقد سجلت الايرباص تفوقا بعد
نشأتها المتواضعة في 1967ف اثر المبادرة الفرنسية الانجليزية الألمانية
وبدأ سلسلة منتجاتها في الظهور ومباشرة العمل مثل A300 التي دخلت الخدمة في
1974 و A320 في 1981ف وa 340 في 1991ف منافسة لشركة البوينغ الرائدة في
هذه الصناعة بحيث صممت الطائرة A380 لتكون اكبر من الطائرة بوينغ 747و
A320 لتكون اكبر من 737وهكذا بحيث سجل سجلهما التجاري في تسليم الطائرات
تفوقا مميزا لشركة البوينغ من حيث الطلبيات وسجلات التسليم أمتد حتى سنة
2003 ف بعد أن استعادت شركة ايرباص عافيتها مسجلة نموا متزايدا حتى السنة
الحالية .
وفى زاوية أخرى وفى نفس السياق وجراء
التسابق المحموم لامتلاك الأجواء والسيطرة عليها وامتلاك زمام المبادرة
المنطلق منذ مطلع الستينات سجل قطاع الطيران العسكري نموا متزايدا ممثلا في
كل الأصناف ما يتوافق وينسجم مع عديد المتطلبات التي فرضت نفسها سواء في
طيران النقل العسكري الذي تسابق عليه القطبان أبانها وظهرت بالتالي نماذج
عديدة من الانتينوف والليوشن وكذلك C130 وغيرها مرورا بعديد الابتكارات
التي لسننا بصدد ذكرها إلى قطاع الطيران العمودي الذي ازدهر تماشيا مع
الحاجة الماسة إليه بحيث تنوعت منتجاته التي تنوعت بفضل مشاركة الكثير من
دول هذه الصناعة في هذا المجال إلى الطيران المقاتل الذي تشعب بالتالي هو
أيضا إلى العديد من النماذج وانقسم إلى تصنيفات متعددة حسب المهام المناط
بها وغيرها من الأمور والتقنيات البديلة التي فرضت نفسها هي أيضا فئ سوق
الطيران وانطلقت بذلك ما يعرف بأجياله المتعاقبة منذ الحرب العالمية وحتى
اللحظة والتي تعبر مجازا عن الفروق في التقنيات وغيرها من أمور التسليح
والإخفاء لتصل إلى ما يعرف بالجيل الخامس حاليا والذي تتعدد فيه ادوار
الطائرة المقاتلة بفضل إمكانياتها للقيام بأكثر من دور قتالي في آن واحد
بكل جدارة وإتقان .
أما في آفاق هذه الصناعة
ومتطلباتها فإننا نعتقد انه لازال في الأفق الكثير ولازال عمر هذه الصناعة
شبابا متجددا يطالعنا بين الحين والآخر بوقفاته ومحطاته المختلفة تماشيا مع
ايفائة بالمتطلبات والحاجيات المتنوعة التي يفرضها السوق وكذلك الضر وف
والمتغيرات المتشابكة التي قد تذهب بمستقبل هذه الصناعة أو تدفعها إلى
المزيد من المنافسة والثراء .