المغاربة مشكوك في سلوكاتهم في الولايات المتحدة الأمريكية وباتوا يشكلون خطرا على الأمن القومي الأمريكي فقد كشفت تقارير صحفية مؤكدة خرجت للوجود قبل أيام أن شرطة نيويورك أطلقت حملة مراقبة خاصة ودقيقة لتحركات المواطنين من أصل مغربي وفق برنامج أطلق عليه اسم " المبادرة المغربية " يجري به العمل منذ سنوات توجسا من أي عمليات إرهابية يمكن أن يكون مغاربة طرفا فيها.
وذكرت التقارير الصحفية التي أوردتها عدد من وكالات الأنباء العالمية والصحف الأمريكية أن شرطة نيويورك خصصت إجراءات مشددة لمتابعة تحركات مواطنين بناء على تدينهم بالإسلام تنفيذا لبرنامج سري رغم أن السلطات الأمريكية نفت صحة هذه التقارير وقالت أنها تراقب فقط من يشتبه في تمويلهم لمنظمات إرهابية أو من يرتبطون بعلاقات بها ، وبالعودة إلى قانون ولاية نيويورك فإنه يحظر على الشرطة استعمال العرق أو الدين أو الإثنية كعامل تمييز وتبرير لسلوك استثنائي للشرطة .
وبحسب ذات التقارير فإن العملية قد بدأت بالتجسس على المغاربة حيث التقط عملاء متخفيون صورا للمطاعم التي يتردد عليها مغاربة والفنادق التي ينزلون فيها والمحلات التجارية التي يتسوقون منها والأماكن التي يقيمون فيها صلواتهم وقد أطلق على هاته العملية اسم " المبادرة المغربية " شملت عددا من الأحياء التي يقطنها مهاجرون مغاربة .
هذه البرامج تلقت دعما من وكالة الاستخبارات الأمريكية السي آي آي في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الذي شهدت ولايته قبل أن يزكي استمرارها الرئيس الديمقراطي باراك أوباما وليس معلوما إلى غاية اللحظة زمن انطلاق العملية بشكل دقيق رغم أن مصادرا رسمية أكدت للأسوشيد بريس أنها انطلقت عقب تفجيرات الدار البيضاء سنة 2003 وتفجيرات قطارات مدريد سنة 2005 والتي تورط فيها مغاربة بحسب الرواية الاسبانية .
رغم أن شرطة نيويورك في عدد من اجتماعاتها أكدت أنه لا وجود لأي خطر محتمل على نيويورك من المغاربة غير أنهم قاموا مأخوذين بهاجس الخوف بجمع معلومات عن الجالية المغربية ، عدد من الوثائق التي حصلت عليها الأسوشيد بريس والتي تظهر جانبا من أشكال هذه المراقبة كانت موجهة إلى مكتب راي كيلي مفتش الشرطة لكن لم يتم التأكد إن تم الاطلاع على هذه التقارير أم لا بحسب ما ذكره بعض من اشتغلوا في البرنامج ، كما أظهر جزء من هاته التقارير السرية عددا من المعلومات عن ما أطلق عليه " المواقع المغربية " أو أماكن تجمع مغاربة معززة بمجموعة من الصور لمحلات تجارية مرفوقة ببعض الملاحظات لرجال شرطة بلباس مدني يتولون مراقبة هاته الأحياء والتجسس على محادثات السكان.
" أغلب الأماكن المراقبة كانت بريئة ولا تثير أية شبهة " قال أحد المسؤولين الرسميين ، المعلومات التي يتم تجميعها تكون مفصلة جدا فعلى سبيل المثال يذكر تقرير معين أن إحدى محلات وجبات الأكلات السريعة قريبة من المسجد وأن هذا المحل يغلق في وقت صلاة الجمعة و تفاصيل أخرى من قبيل كون المحل لا يقدم سوى لحوما حلالا وأن زبائنه من المسلمين فقط ، حي أستوريا كوينز كان له نصيب الأسد من حملة المتابعة والتقاط الصور حيث فوجىء بعض سكان الحي وهم يتابعون صورهم ، يقول أحمد درحباش وهو مواطن أمريكي ملتحي يعمل حلاقا مقابل 12 دولارا لكل زبون ويرسل جزءا مما يجنيه كل شهر لعائلته المقيمة في المغرب " لماذا تأتي الشرطة إلينا ؟ كل ما نقوم به هو قص الشعر كل يوم " .
المعلومات عن المحلات والمتاجر المغربية تكلفت بجمعها وحدة الديموغرافيين والتي تنفي الشرطة أصلا وجود وحدة تنضوي تحت اسمها بهذا المسمى ، وقال تقرير أن هذه الوحدة تتولى رصد أي منشأة أو مبنى جديد في ملكية مغاربة بصدد الإنشاء أو الافتتاح أو أية شركة تشغل عمال مغاربة أو حتى الأحياء التي تشهد تجمعا كبيرا للمغاربة عند قدومهم إلى نيويورك كحي بروكلين ، فقد تم على سبيل المثال رصد شركة سيارات أجرة تشغل سائقين مغاربة و فندق في ملكية سائح من أصل مغربي ..
توجس سلطات نيويورك من أن يتحول المغاربة إلى قنابل موقوتة دفعهم إلى محاولة التحكم حتى في مسار حياتهم منذ وصولهم إلى نيويورك حتى أصبحت أبسط وأتفه تفاصيل عيشهم اليومية تنقل على حواسيب وأوراق أجهزة تابعة للشرطة والاستخبارات ، كانوا يحاولون مخاطبة السكان المغاربة في الأحياء والتقرب منهم استقصاء لأكبر عدد من المعلومات .. طبعا لم يكن في استطاعتهم إجبار أحد على التحدث إليهم لذلك كانوا في أغلب الحالات يختلقون قصصا للتغطية كوقوع جريمة في الحي أو اختطاف طفل وفي هذا الوقت يحاول الشرطي التقاط وتدوين أكبر قدر ممكن من التفاصيل والحيثيات عن حياة السكان التي قد تصل حد الاستفسار عما يشاهدونه عبر التلفزيون .
هكذا تحولت شرطة نيويورك من جهاز لحفظ الأمن ومكافحة الجريمة إلى جهاز استخبارات عكس بقية الولايات الأمريكية التي لا توجد فيها برامج مشابهة رغم وجود جالية مسلمة وعربية مهمة يتقدمها المغاربة لكن لم يتم تصنيفهم كمشاريع إرهابيين محتملين .
وعبر عدد من مغاربة الولايات المتحدة الأمريكية عن استيائهم من هذه التقارير المسربة ومن التمييز العنصري الذي تمارسه شرطة نيويورك من خلال تبنيها لبرنامج مشابه ، حيث قال طالب مغربي مقيم بحي أستوريا : " جاليتنا تعلم عن وجود مثل هذه البرامج فبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أصبح جميع المسلمون مشتبهين وبتنا متعودين على أن تتم مراقبتنا بين الفينة والأخرى " .
المدونة الأمريكية المغربية سامية بين الشرقاوي عبرت بدورها في حديث لهيسبريس عن اندهاشها من التقارير التي كشفت عنها الأسوشيد بريس ومن أن تكون الجالية المغربية محط أنظار الاستخبارات والتحقيقات " لقد صدمتني هذه التقارير فكمواطنة أمريكية من أصل مغربي لا يمكن أن أتصور أن جاليتي يمكن أن تثير الشبهات لاحتمال ارتباطاتها الإرهابية لقد واجهت كمغربية أحداث الحادي عشر من سبتمبر وأحداث الدار البيضاء في سنة 2003 وأخيرا في مراكش وهي أحداث ذهبت بأرواح العديد من الأبرياء وإنه لمحبط أن نرى هذه المؤسسات الأمريكية تعاملنا كأهداف إرهابية محتملة للأسف فهم لا يزالون ينظرون إلينا على أن لدينا خلفيات عنيفة وهذا أمر خاطىء فالناس متساوون ".