أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، اذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بالاطلاع على القوانين بالضغط هنا. كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة المواضيع التي ترغب.
موضوع: رد: قصص جاسوسيه من كل انحاء الوطن العربي موضوع شامل (متجدد) السبت 19 نوفمبر 2011 - 16:40
red1 كتب:
هو خرج من السجن سنة 1997
تم القيض عليه سنه 1972 وقضي 25 عاما في السجن وخرج عام 1997 ولكن انا متأكد انه مازال مسجونا داخل نفسه بما اقترفه في حق وطنه وانتظر القصه القادمه ستكون قصه غريبه الاطوار وشكرا
موضوع: رد: قصص جاسوسيه من كل انحاء الوطن العربي موضوع شامل (متجدد) الأحد 20 نوفمبر 2011 - 20:15
القصه الرابعه القصه دي طويله شويه وهنزلها علي حلقات بسم الله نبتدي لقد أفرزت الحرب الأهلية في لبنان واقعاً أمنياً صعباً ، فكانت المخابرات الإسرائيلية " الموساد" تدفع بعملائها باستمرار للتجسس على الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية. وكانت مهمة المخابرات الفلسطينية صعبة للغاية في ظل هذا الواقع ، حيث استغلت الموساد ظروف لبنان، لتقوم عبر عملائها بمحاولات تخريب العلاقة بين التنظيمات الفلسطينية واللبنانية ،كذلك محاولة استعداء المواطن اللبناني على الثورة الفلسطينية. قصة " الجاسوس المدلل" قصة واقعية، من ملفات المخابرات الفلسطينية ، تعطي صورة حقيقية عن الدور الإسرائيلي في العديد من الأحداث المعروفة والتي في كثير من الأحيان حاول الإعلام الإسرائيلي إلصاق التهم الباطلة بمنظمة التحرير الفلسطينية. تروي هذه القصة تفاصيل مثيرة حول اغتيال زهير محسن الأمين العام لمنظمة الصاعقة في فرنسا ، كذلك لإفشال الموساد لمحاولة اغتيال السادات. هذه الحلقة من حلقات المواجهة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل انقلبت عكسياً لصالح
المخابرات الفلسطينية التي اخترقت الموساد وقامت بتضليله لفترة طويلة. قصة " الجاسوس المدلل" تسجل وقائع الحرب السرية بين المخابرات الفلسطينية والموساد منذ منتصف السبعينات وحتى الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982. الفصل الأول الرذيلة تقود إلى خيانة الوطن كان وسيماً وذكياً ، عيناه سوداوان يحتضنان في خفر حور العذارى ، وجهه أسيل متوج بشعر فاحم مموج ، وكم من مراهقة تمنت لو يكون هو العريس وكان يحلو له مطاردة الصبايا المراهقات ويحلو له أكثر إن يتحدث عن انتصاراته الغرامية معهن أمام أصحابه ومجامليه من المراهقين ، وهي انتصارات بريئة ، لم تكن تتعدى ابتسامة عن بعد أو لمسة و عن قرب أو غمزة في الطريق ، فالأهل محافظون والبيئة كلها محافظة . لكن طارق كان يبني على تلك الإشارات المراهقة والبسمات البعيدة قصصاً تدب الحسد والغيرة في صدر الأتراب الصغار. كان كثير الاهتمام بنفسه ومظهره وقليل الاهتمام بدروسه وواجباته المدرسية، وكان يحلم أن يكون غنياً تتدفق الأموال بين يديه ليتسنى له تسجيل
انتصارات حقيقية في عالم الجمال والنساء، يترجم قصص المراهقة وخيالاتها إلى حقائق ووقائع . لكن المشوار طويل واليد قصيرة فهو ما زال طالباً في المرحلة الإعدادية وأبوه موظف في الجيش اللبناني، معاشه لا يكفي لأكثر من الستر وسد الحاجة ومصاريف البيت والعائلة لكن طارق يتلظى بتطلعات الشباب ومغامراتهم . يود لو أنه يستطيع ترك المدرسة ومزاولة العمل ليتسنى له تحقيق مآربه، يهمل دروسه ويكثر غيابه عن المدرسة ، يطالب أمه دائماً أن تعطيه مصروفاً كغيره من الأولاد الأغنياء، يغادر المدرسة قبل حصوله على الشهادة الثانوية . تقدم من مكتب لشركة سفريات في شارع الحمراء في العاصمة بيروت، حيث يوجد عملاً هناك ، كان يجيد إلى حد ما الحديث باللغة الإنجليزية ، الراتب قليل ولكنه كاف للظهور بمظهر القادر ، والحياة في بيروت وسط جيله من الشبان حياة مظاهر ، لكنه كان يشعر بالندم حين يخلو إلى نفسه ، لتركه المدرسة ، فالحياة العملية بالنسبة لفتى غير متعلم مثله لاتسمن ولا تغني من جوع. ثم أن والده في تلك الفترة أحيل على التقاعد ووجد لنفسه وظيفة في جريدة لبنانية. ذات يوم وهو يجلس أمام (الكاونتر) في شركة السفريات دخل عليه رجل وسيم الشاب شعره طويل ينسدل على كتفيه ، فيه رشاقة وأناقة ظاهرة ، تتسم حركاته بالسرعة والانفعال ، تقدم منه بثقة طالباً تذكرة سفر ذهاب وعودة إلى باريس، ذكر له الاسم فبدا مألوفاً لديه وكان طارق قد أدرك حتى قبل أن ينطق الرجل باسمه أن هذا الأرمني المسافر إلى باريس رسام مشهور يلعب بالمال كما يشاء ، سافر الرسام وعاد وبعد فترة رجع إلى مكتب السفريات واشترى تذكرة أخرى للسفر إلى عاصمة عربية هذه المرة . ومرة أخرى إلى باريس. وهكذا قليلاً قليلاً توطدت المعرفة بينهما ، وذات يوم دعا الرسام طارق للغذاء عنده في منزله، ولم يتردد طارق في قبول الدعوة فذهبا معاً إلى المنزل، كان الرسام كريماً إلى أبعد الحدود حيث مد لطارق مائدة شهية، من الحمص المتبل والمشويات والبسطرما، أكل كثيراً وشرب كثيراً وضحكا لأكثر، ولاحظ الرسام أن النعاس أخذ يدب في عيني ضيفه فقال له"( بين عليك تعبان، قوم... نام هونيك على تخت). في الطريق إلى البيت ، ثار طارق على نفسه ، وندم على العلاقة التي بدأها مع الرسام، إذ كيف يقوم بمثل هذا العمل المشين وهو يعد نفسه شخصاً متكامل الرجولة. بل كيف يندمج في هذا العمل بالرغم من تربيته المحافظة ودينه الذي نشأ عليه يمنعه ويحرمه عليه ، وماذا لو عرف عنه أصدقاءه ذلك ، سيفضحونه بالتأكيد . وسيعلم والده بالأمر وأمه وأخوته ، وتكون فضيحة ما بعدها فضيحة، الموت أهون منها، تحسس الخمسين ليرة التي دسها الرسام في جيبه ، ومضى إلى البيت، اغتسل وخرج يتسكع في الشوارع على غير هدى، ثم ما لبث أن عاد إلى البيت ونام ليذهب في الصباح إلى عمله كالعادة. بعد فترة جاء الرسام إليه قبل نهاية العمل بدقائق انتظره حتى أنهى عمله وخرجا بسيارة الرسام ومرا على أحد مطاعم الروشة . بعد عام كامل في شركة السفريات ترك عمله هناك ليلتحق بإحدى الشركات التي تبيع الموسوعات وتسوقها، تدرب في مكتب الشركة في بيروت مدة ثلاثة أشهر قبل أن ترسله إلى إحدى البلدان العربية لتسويق الموسوعات هناك ، مكث في ذلك البلد فترة طويلة جمع خلالها مبلغاً كبيراً من المال ، عاد به إلى بيروت حيث استأجر مكتباً في بناية الحسن سنتر مقابل اليونسكو على طريق المزرعة لممارسة أعمال الديكور وبيع معداته ومستلزماته من دهان وورق جدران و" موكيت" وما إلى ذلك . في البدء كان العمل صعباً ففشل في المشروع وخسر فيه تحويشة العمر. لكنه خلال تلك الفترة تعرف على عدد كبير من الأغنياء ومتوسطي الحال، كما تعرف على أحد الأثرياء ولنسمه " سعيد" الذي يستأجر *** عام فيلا ضخمة جميلة قرب فندق الريفيرا المطل على الروشة بمبلغ 50 ألف ليرة لبنانية في الشهر. وسعيد لا يأتي إلى بيروت إلا للسهر وانفاق الفلوس على العربدة والتحشيش والسهرات الحمراء، التي ينفق فيها بغير عد أو حساب ، فالرجل سخي مع الأصدقاء ، وكريم مع المعارف والنساء والشباب، يهدي العقود والخواتم المصنوعة من الأحجار الكريمة والذهب التي يسيل لهل اللعاب ، كما لو أنها سجائر وعلب "شوكولا" . وكم دهش طارق حين رأى سعيد يهدي أحدهم سيارة (بي.ام. دبليو) فخمة من الوكالة. ودهش أكثر حين رأى سعيد يلعب بقطعة ضخمة من " الألماس" في يده ، فسأله إن كانت " ألماساً " حقيقياً فضحك سعيد و ألقاها بين يديه قائلا: " ما رأيك أنت ، خذ تفرج عليها وتفحصها جيداً " . تفحصها طارق وعرضها أمام عينيه فرآها تضج بالألوان التي تتقاطع مع بعضها البعض مثل نور على نور، عندئذ قال له سعيد أن ثمنها مليون ونصف المليون دولار، صعق طارق لدى سماعه قيمة الألماسة فأعادها إلى سعيد وهو يرتجف. الرسام الأرمني كان أيضاً هناك عند سعيد ، فقد كان صديقاً له وقد اشترى منه سعيد خمس لوحات بمبلغ كبير . لكن الرسام الأرمني لم يكن يرتاح لمناورات سعيد مع طارق. فقد كان يغار عليه من كل الرجال، خصوصاً سعيد. لم يجد طارق نفسه غريباً عن هذه السهرات الحمراء، وكان يطمح أن يصبح مقرباً من سعيد مهما كلف الأمر ، بالرغم من غيرة صديقه الرسام عليه ولم يكن ليغيب عن سعيد الخبير في هذه الأمور أن يلحظ مدى اهتمام الرسام بالفتى، فاستغل ذهاب الرسام إلى الحمام في إحدى الليالي ليدعو طارق إلى الغذاء عنده في اليوم التالي فرح طارق بالدعوة المنتظرة. وبعد لقاء حافل ناول سعيد طارق 4 آلاف ليرة لبنانية دسها في جيبه وخرج ، ليعود في السهرة كالعادة وكأن شيئاً لم يكن. وصاغر طارق يغار على سعيد ، وكانت غيرته تنصب على شخص واحد يدعى" انطوان" الذي كان محظياً من قبل شخصيات معروفة. صار طارق جزءاً من سهرات سعيد كما صار جزءاً من الليل لحياة الليل. ونظراً لأوضاع بيروت والعنف السائد في بعض مناطقها فقد اشترى طارق مسدساً ، وارد أن يحصل على ترخيص له ، ولما لم يكن منتمياً إلى أي تنظيم حزبي أو سياسي فقد صعب عليه الحصول على الترخيص اللازم . إلى أن كان في أحد الأيام يجلس في أحد المطاعم الصغيرة مقابل جريدة " النهار" حيث يعمل والده، هناك تعرف على سائق سيارة يعمل في الجريدة ، فأخبره بالمسدس وطلب منه أن يساعده في الحصول على رخصة له، فقال السائق (بسيطة) لقد افتتحت منظمة " الصاعقة" مكتباً لها هنا، وأشار بيده إلى موقع المكتب وهو يضيف: مسؤول المكتب ضابط يدعى خليل وهو صديقي ، سأعرفك عليه ولن يردك خائباً . فرح طارق وكان لا يزال غارقاً في الفرح حين دخل خليل بلحمه ودمه إلى المطعم وجلس إلى إحدى الموائد بعد أن سلم على السائق الذي عرفه على طارق فوراً وفاتحه بموضوع المسدس فقال خليل (ولا يهمك بسيطة). بعد يومين أحضر خليل رخصة المسدس معه إلى المطعم وأعطاها لطارق الذي علم من خليل أنه دائم التردد على هذا المطعم لتناول الإفطار فيه وأحياناً الغداء فكثرت لقاءاتهما وصار خليل يصطحب طارق كثير من الأحيان معه إلى مكتبه في الحمراء وهو ( مكتب 13 أمن الصاعقة ) كما كانا يذهبان معا للعب " الفليبر " في أحد المحلات القريبة من المكتب ، حيث يقضيان عدة ساعات أمام الماكينات يلعبان ويقتلان الوقت . مع الأيام ومن خلال الضابط خليل تعرف طارق على معظم المسئولين في منظمة الصاعقة ، خصوصا " نسور الثورة " جناحها العسكري . أصبح من عادة خليل تكليف طارق ببعض المهمات البسيطة في ظل الفوضى التي كانت تسود في بعض التنظيمات ، و بالرغم من عدم انتماء طارق للتنظيم إلا أنه كان سعيد بالمهمات التي يكلفه بها خليل و لتي تمثل في إعداد جوازات السفر لمقاتلين في مهمات خارجية ، و الحصول على التأشيرات اللازمة . و لم يكن يتقاضى مقابل عمله هذا أية أجور . فقد كان يشعر أنه يقوم بعمل مهما ضؤلت قيمته ، إلا أنه يندرج في باب العمل الوطني القومي . خصوصا أن خليل لم يكن من النوع الذي يخفي أسرارا ، فقد كان كثير الحديث عن عمله في المنظمة وعن المسئولين فيها و أحيانا كثيرة كان يدلي له بأخبار عن طبيعة المهام التي سيقوم بها الفدائيون . أحلام ذات يوم من شهر مايو " أيار " 1978 كان طارق يجلس في مقهى ومطعم نصر المطل على الروشة ، كان الجرسون يرفع من أمامه الأطباق الفارغة حين حانت منه التفاتة إلى المائدة المجاورة ، فوجد عليها امرأة في الثلاثينات الأخيرة من العمر على وجهها ملامح عز و جمال وأناقة ومعها طفلان ، اقترب أحدهما منه وكان صغيرا فتعثر الطفل ووقع على الأرض ، فنهض طارق يرفع الصبي و ينفض له ثيابه ويوصله إلى أمه التي شكرته و دعته بكل أدب لمشاركتها فنجان قهوة . فشكرها وجلس بجوارها ، وهو يقول ( أولادك حلوين ) فضحكت وهي تقول ( قصدك يعني مش طالعين لأمهم ) فارتبك وهو يقول معتذرا ( بالعكس يا مدام . أنتي حلوة كتير ) . وهكذا دار الحديث بينهما . حو ل الأولاد و الجمال و الزواج و الروشة و المطعم الذي يجلسان فيه ، إذ فهم منها أنها كثيرا ما تتردد على هذا المطعم لأنه كما تقول مطعم يغسل رجليه في البحر، و الخدم فيه يحبون الأولاد ويلاطفونهم . طلبا فنجانين آخرين من القهوة و طلبت " بوظة " للأولاد ، بعد فترة نظرت إلى ساعتها و نهضت وهي تقول ( نسينا الوقت ، صارت الساعة 11 لازم الأولاد يناموا ) نهض طارق و عرض عليها أن يوصلها إلى البيت بسيارته فوافقت و هي تشكره . وضع الأولاد في المقعد الخلفي من السيارة بينما ركبت هي إلى جواره فانطلق بها إلى بيتها . توقف أمام العمارة . و فتح لها الباب ثم فتح الباب الخلفي ، وحمل الصغير بين يديه ومشى معها إلى مدخل العمارة يوصلها به أمام باب الشقة أخرجت المفتاح و فتحت الباب ودعته ليشرب فنجان قهوة . بعد أن وضعت الأولاد في غرفة نومهم صنعت إبريقا من القهوة و أحضرت فنجانين و جلست تصب و يشربان ، شقة فاخرة ، وأثاثها فاخر و المرأة تبدو غنية ، وحين سألها عن زوجها أخبرته بأنه رجل أعمال كبير في نيجيريا وهي لا تطيق الحياة في الصيف هناك ، لذلك تفضل المجيء إلى بيروت أو أوروبا ، دهش طارق و تململ على كرسيه بشكل ملفت فظهر المسدس تحت حزامه ، فسألته عنه دون أن يبدو عليها الخوف ، فقال لها بأنه يحمله تحسبا وهو مسدس مرخص فردت بسؤال آخر ومن أين حصلت على الترخيص فأجابها ( من منظمة الصاعقة ) فردت بسؤال آخر ( و هل تعمل معهم ) فقال ( لا ، ولكنهم أصحابي ، جميع المسئولين فيها أصحابي ) ، كانت تسأله و إمارات الإعجاب بشخصيته تبدو على قسمات وجهها الجميل ، فانتهز الفرصة و أخذ يحدثها عن الأعمال التي قوم بها مقاتلو الصاعقة و المساعدات القيمة و النصائح لتي يقدمها لهم محاولا جذبها إليه بتلميع صورته وشخصيته التي يعرف في أعماق نفسه أنها شخصية أذلها و سحقها الرسام الأرمني و سعيد و غيرهما . بالمسدس و بهذه المرأة الثلاثينية أحس طارق بأنه يستعيد شيئا من رجولته المهدورة . طال الوقت وجاوزت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل فقالت له أحلام : Ø طارق ، أنا معجبة بك كثيرا وهذا رقم هاتفي ، أرجوك أن تتصل بي في أي وقت تشاء دعنا نلتقي ونتحدث فحديثك شيق وجميل . Ø وأنتي أيضا جميلة يا ست أحلام وتأكدي أنني سأتصل بك . على الباب قبلته و هي تودعه قبلة فيها ألف معنى و ألف إشارة فانتفخت أوداجه واحمر وجهه ، وكان يشهق بطعم الرجولة الذي تدفق فجأة في أعماقه بفضل هذه المرأة . قاد سيارته بجنون ، و هو يفكر في أحلام هذه المرأة التي دخلت حياته هكذا بالصدفة وبلا مقدمات لتعيد له شيئا من وهج الرجولة المفقودة عنده ، و صمم و هو في غمرة هذه الأفكار ألا يتصل بها لا في الغد ولا بعده حتى يشعرها بشخصيته ويجعلها هي تسعى إليه وتتمسك به فهي الحلم الذي ضاع منه على سرير الرسام اللبناني وفيلا سعيد ، و لا أقل من أن يكون هو فارسا لأحلام في غياب الزوج البعيد في نيجيريا . و يوم اتصلت هي به بعد أسبوع شعر بأن خطته نجحت أن الصيد الثمين وقع . عاتبته فاحتج بكثر ة العمل وانشغاله مع الشباب في نسور الثورة لكنه وعدها بالاتصال واللقاء . و بينما هو يتناول العشاء في مطعم صغير في نهاية شارع الحمراء بنزلة أبو طالب جاءه النادل يخبره بأن هناك شخصا على الهاتف يريد أن يتحدث إليه اسمه أحمد ، فنهض فإذا هو صديقه الذي كان يعمل قبل الحرب في مسبح فندق السان جورج و بعد الحرب سافر إلى لندن حيث عمل هناك في عدة مهن بسيطة يوصل الطلبات إلى البيوت وينظفها ، وكان قبل سفره إلى لندن قد التقى بطارق أكثر من مرة عند الرسام الأرمني . فوجئ طارق بعودة أحمد من لندن وفوجئ به كيف حصل على هاتف المطعم فأخبره هذا بأنه اتصل به على البيت فأخبرته أخته أنه في هذا المطعم و هو يريد أن يسهرا معا ، سأله طارق و أين أنت الآن فقال أحمد أنا في بيت إحدى الصديقات و هذا هو العنوان تعال فورا ، وصعق طارق حين ذكر له أحمد العنوان لقد كان عنوان أحلام ، و ليتأكد من ذلك قال لأحمد ( بيت مين ) فرد احمد ( بيت الست أحلام ) . و لم يكمل طارق عشاءه دفع قيمة ما طلب وخرج على الفور و طار إلى بيت أحلام حيث كانت هناك مفاجأة في انتظاره .
محمد علام
مشرف سابق لـــواء
الـبلد : المزاج : كلنا من اجل مصرالتسجيل : 20/02/2010عدد المساهمات : 12007معدل النشاط : 11382التقييم : 867الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
موضوع: رد: قصص جاسوسيه من كل انحاء الوطن العربي موضوع شامل (متجدد) الأحد 20 نوفمبر 2011 - 23:25
موضوع في قمة قمة الروعة ياجولد استمر علي هذا المنوال ، انت مكسب كبير للمنتدي تقييم ايجابي لك والمفاجاة ايضا الموضوع مثبت .
موضوع: رد: قصص جاسوسيه من كل انحاء الوطن العربي موضوع شامل (متجدد) الإثنين 21 نوفمبر 2011 - 12:25
الفصل الثاني المصيدة وصل إلى شقة أحلام ، و ما أن قرع الجرس حتى انشق الباب عنها فقالت مرحبة : " أهلا " . رآه أحمد من بعيد فهرول من الصالون يعانقه و يعرفه على أحلام . وكان طارق قد لمح أنها لا تريد أن يعرف أحمد أنها على معرفة معه . جلس أحمد بجواره ، يحدثه عن مغامراته العاطفية في لندن ، وعن الأثرياء الذين التقاهم هناك وتعرف بهم . كان طارق ممتعضا من حديث احمد ، يسترق النظرات إلى أحلام معجبا بجمالها وقوة شخصيتها إلى أن قال : أحد الأثرياء و اسمه فلان ، قال لي في لندن : إذا جمعتني بطارق سأعطيك 5000 دولار هنا انتبه طارق مستفسرا فاسترد أحمد في ثرثرته موضحا يقول : Ø انه رآك في " ملهى البلواب " . تفاهة أحمد جعلت طارق يتساءل بينه وبين نفسه عن السر الذي جمع بين أحلام وهذا المخلوق الجاهل، كما جعلته يتساءل عن الكيفية التي يتعرف بها أحمد على هذا العدد الكبير من الأثرياء و كأنما ظهرت تساؤلاته على صفحة وجهه . فأدركت أحلام ما يدور في خاطره فقالت : Ø كان أحمد قبل أن يسافر إلى لندن يأتي دائما لتنظيف البيت هنا ، و قضاء حاجاتنا من السوق و قد أصبح جزءا من العائلة فقد لحق بنا إلى نيجيريا حيث عمل في بيتنا هناك وكذلك في بيتنا في لندن . ترى هل هذه هي الحقيقة ؟ أم هناك رابطا ما يجمع هذا ( المشبوه ) بهذه المرأة وبأولئك الأغنياء ؟ تفسير أحلام أدى غرضه ، فبعد أن انفرط عقد السهرة بأسبوع اتصل طارق بأحلام التي دعته إلى العشاء في منزلها فذهب وتعشى ونام ليلته هناك . كان شعوره في تلك الليلة فورا برجولته . فها هو يقفز فوق شذوذه ، و تعجب به أحلام كرجل ، فلا يخبرها عن شذوذه بالطبع و لم يدر في خلد الفتى أن أحلام تعرف عنه كل شيء من أحمد ، صارت أحلام بالنسبة إليه حلما و متنفسا رجوليا له ، يستعيض به عن ماضيه الشاذ مع الرسام والثري سعيد . وذات سهرة في بيت أحلام، وكان هنالك أخوها إبراهيم الذي يعمل مدرسا سأل إبراهيم طارق : Ø إلى أي عائلة تنتمي ؟ Ø ورد طارق: عائلة الحمدان . ضحك إبراهيم وسرح ، فاستغرب طارق ضحكته و شعر بالإهانة فقال له : Ø و ما الذي يضحكك ؟ فقال إبراهيم : Ø لا تغضب ، ولكنني تذكرت أن أحلام اتهمت من قبل بأنها عميلة للمخابرات الإسرائيلية ، كما اتهم معها آنذاك رجل من عائلة الحمدان . دهش طارق إلى أحلام مستوضحا بانفعال شديد ، فهدأت من روعه بقولها : Ø لا تصدقه ، إنه يهذي . فهو ثمل لا يعرف ماذا يقول : لم يقتنع طارق بقولها ، وظل كلام إبراهيم يدور في نفسه إلى أن فاتحها بعد يومين من تلك الأمسية قائلا : Ø أحلام لقد قلت لي أن إبراهيم ثمل ، لكن الثمل غالبا ما يقول الحقيقة . فما قصة المخابرات الإسرائيلية ؟ و ردت أحلام تطمئنه: Ø القصة سخيفة . كنت على علاقة صداقة مع شخص من عائلة الحمدان فعلا ، كان يملك ملهى " الكاسبا " في فندق " الكومودور " في الستينات و تبين أنه عميل للمخابرات الإسرائيلية فسجن وبعد خروجه من السجن غادر لبنان ، ولم أسمع عنه شيئا منذ ذلك الوقت . Ø هل هذا كل شيء ؟ Ø نعم و لماذا أكذب عليك ؟ اكتفى طارق بهذا التفسير ليصدق أحلام فم يكن ليهتم من قريب أو بعيد بالمخابرات الإسرائيلية ، كل ما كان يريده امرأة جميلة و سرير دافئ يكفلان له وضعا مزيفا يعلو به فوق حماة الشذوذ الذي يعاني منه . كان بحاجة إليها ، كما ظن أنها هي الأخرى بحاجة إليه لغياب زوجها الطويل في إفريقيا الذي يفضل السوداوات ويلعب القمار في لندن علما بان هذا هو الزوج الثاني لها وقد سبق وتزوجت هي الأخرى من رجل يعمل في نيجيريا . لكن سعادة طارق بأحلام لم تدم طويلا ،فقد سافرت إلى لندن بعد أن أعطته عنوانها هناك ورقم هاتفها. شعر بالفراغ والألم في غيابها، فصار يقضي وقتاً طويلاً معها على الهاتف. تعذب ، وفقد طعم الحياة ، وتمنى لو أن في مقدوره السفر إلى لندن والحياة معها وبينما كان يحادثها على الهاتف في أحد الأيام يشكو لها حبه وعذابه ، قالت له فجأة وبلا مقدمات. ولا يهمك. غداً سأرسل إليك تذكرة سفر بيروت- لندن- بيروت. وما عليك إلا أن تحصل على تأشيرة دخول من السفارة البريطانية وتأتي ، وأنا سأرتب كل شيء من هنا. كان يطير من الفرح، ولم يصدق، إنها تحبه كما يحبها وأكثر، أخبر الأهل بأنه سيذهب إلى لندن للتجارة والعمل ، وافق الوالدان وجاءت التذاكر وحصل على التأشيرة ، وما هو الآن في مطار بيروت يستعد للركوب في طائرة " الميدل ايست" إلى " عاصمة الضباب". في مطار هيثرو كانت آمال ابنة أحلام تنتظره بابتسامة عريضة دافئة ذكرته بذلك اليوم الذي أمضياه معا في بيروت حين جاءت من نيجيريا إثر خلاف لها مع زوجها ، فقد سكنت مع والدتها في الشقة و تعرفت على طارق هناك وذات ليلة بينما كان يقف أمام مبنى جريدة " النهار" ينتظره والده ، مرت أمال بسيارتها فلمحته ولمحها فتوقفت وصعد معها إلى السيارة بعد أن أخبر والده بأنه قد يتأخر هذه الليلة. كانت آمال ليلتها في حالة نفسية سيئة ، سألها؟ Ø إلى أين أنت ذاهبة في هذه الساعة المتأخرة من الليل ؟ Ø فقالت: لا مكان محدد. أريد فقط أن أتجول في الشوارع هكذا بلا هدف . وليتك ترافقني. تعال نقضي الليلة في فندق " الكومودور" معاً. بلع ريقه وهو يناول موظف الاستقبال مئة ليرة ليخصص لهما غرفة حيث ناما حتى الصباح . وحين أفاق صباح اليوم التالي كان طارق يشعر بأن رجولته قد ردت إليه أو معظمها على الأقل. كان أكثر ما يهمه أن يثبت رجولته لامرأة ،كأنما لثباتها لامرأة يثبتها أمام نفسه وضميره. وطار طارق إلى لندن بعد ذلك وكانت آمال في انتظاره. أوصلته آمال من المطار إلى شقة أحلام وكان كذلك في شهر أكتوبر( تشرين الأول ) 1978 . وعرف من آمال أنها تسكن في شقة أخرى في العمارة نفسها التي تسكن فيها والدتها . أقام في شقة أحلام ثلاث أيام إلى أن وجدت له شقة مناسبة في العمارة نفسها ومقابل شقة أمال بالضبط دفعت أحلام إيجار الشقة وناولته مبلغا من المال لمصاريفه اليومية . أخذته الأم وابنتها إلى أحد الملاهي فصار يقضى وقته بين الملهى والسينما وأحلام وآمال . وقليلا ما يتسكع في شوارع لندن . في الأسبوع الثالث من وصوله . وبينما كان يتمشى في إحدى الشوارع القريبة من العمارة دخل ألي حانة ليتناول بعض الشراب . بعد برهة دخل رجل تدل سحنته على أنه عربي وطلب شرابا مثله وجلس على مقربة منه . ثم ما لبث الرجل أن التفت إلى طارق سائلا بلطف : Ø الأخ عربي ؟ Ø نعم فقال الرجل : Ø من أين ؟ Ø لبناني ودار بينهما حديث عادى حول لندن والطقس والحياة في هذه المدينة الباردة ، استطاع طارق أن يلاحظ شفى لهجة الرجل العربية لكنة أجنبية غير واضحة تماما وعاد الغريب يسأل : Ø هل أنت هنا فى عمل أم سياحة ؟ Ø رد طارق باقتضاب : سياحة . عندئذ قال الرجل : Ø أنا تاجر قماش مقيم هنا في لندن ، دعنا نتقابل بين الحين والحين . فرح طارق بالتعرف على هذا الرجل الدمث وتمنى في قرارة نفسه أن يجد عملا له معه يبقيه في لندن ، خصوصا عندما سأله الرجل إن كان لديه هاتف فقال طارق على الفور "هذا هو اسمي ورقم الهاتف اتصل بي في أي وقت " شكره الرجل وقال له: " أنا اسمي زكى وسوف أتصل بك إن شاء الله " ثم نهض ودفع الحساب وانصرف . بعد عودته إلى الشقة بقليل اتصلت به أحلام وطلبت منه أن يسهر عندها تلك الليلة . ثم سألته بعد العشاء : Ø ماذا تفعل بالنهار ؟ Ø فقال : لا شيء أتسكع في الشوارع على غير هدى ، ان لندن مدينة جميلة . ألم تتعرف على أحد ؟ Ø لا أبدا . لم يذكر لها عن زكى لثقته بأن الأمر لا يستحق أن يذكر إلا أن دعوة أحلام له لقضاء السهرة في تلك الليلة كانت مقصودة لاختبار قدرته على الثرثرة ولم يكن يدرى أنه بإجابته تلك قد سجل نقطة إيجابية لصالحه . بعد يومين اتصل به زكى ودعاه لتناول الغداء في فندق " ذه وست مورلاند فلور " الساعة الواحدة ، فذهب طارق شفى الموعد المحدد تماما ، لكن زكى لم يحضر إلا بعد نصف ساعة معتذرا عن تأخيره بسبب ازدحام السير والمرور شفى تلك الساعة . والواقع أن المرور لم يكن سببا في تأخير زكى بل هو تأخر تمليه الاحتياطات الأمنية التي توعد الرجل باتخاذها بشكل دائم . كذلك كان الاحتياط الأمني هاجسه وهو يجلس بظهره إلى الحائط كاشفا كل شئ أمامه بينما طارق لا يرى غير الحائط وزكى . دار الحديث على الطعام عاديا حول لندن وأوضاع لندن . ويبدو أن جلسة تقييم الثانية كانت إيجابية ، إذ قال زكى لطارق وهو يودعه " سأحاول أن أجد لك عملا هنا " . ثم دفع الحساب وانصرف وهو يقول "سأتصل بك قريبا " ولم يحاول طارق أن يطلب من زكى رقم هاتفه مع أنه فكر في ذلك . فهو يريد أن يستعجل الحصول على الوظيفة . كان التقييم يتم من قبل زكى بسرعة لشخصية طارق ، فهو زكى يركض خلف الشهوات والنزوات ، إذ لاحظ زكى أنه غازل بعينه وابتساماته كانت تجلس إلى طاولة مجاورة بالمطعم قبل أن ينهره زكى . ثم انه شاذ جنسيا وهذه نقطة ضعف مناسبة جدا لاختراقه والضغط عليه ، خصوصا أنه يحمل اعتبارا كبيرا لأهله وعائلته وأصدقائه وستكون مصيبة المصائب في نظره إذا اكتشفت أمر شذوذه ونقطة الضعف الثانية قلة المال بين يديه ، فهو من عائلة متوسطة الحال ومستعد لعمل أي شئ من أجل الحصول على المال . ثم هناك علاقته ببعض الأثرياء . والأهم من ذلك كله علاقته القوية بأحد مسئولي منظمة " الصاعقة " المعادية لإسرائيل ومعرفته لمعظم العاملين والمسئولين فيها . دعوة إلى العشاء بعد أيام ثلاثة هتف له زكى يدعو للعشاء في مطعم " البستان " وقال له أنه سيتأخر قليلاً ويفضل أن يتم الحجز باسمه هو . فقال طارق: Ø اسمي طارق الحمدان . Ø فقال زكى : واسمك الثلاثي . Ø طارق أحمد الحمدان . من الطبيعة أن لا يحتاج زكى لاسم طارق الثلاثي أو الثنائي أو حتى الأول لإجراء الحجز . ولكنه أراد طارق أن يقول له اسمه الثلاثي لغاية شفى نفس يعقوب لم يدركها صاحبنا . خصوصا أن زكى عاود الاتصال بطارق قبل الموعد المحدد ليخبره أنه ألغى حجز" البستان " لأنه جد مشغول . وفى وسعهما بدلاً من ذلك تناول العشاء شفى مطعم فندق " ليونارد " القريب من مكتب زكى . ولما وافق طارق طلب منه زكى أن يتوجه من فوره إلى الفندق المذكور لأنه بعيداً نوعا ما ، امتثل طارق لرغبة زكى واستقل سيارة تاكسي إلى حيث الموعد . كان زكى ينتظره في إحدى زوايا المطعم ، وأثناء العشاء قال زكى : " أنا مضطر للسفر غدا إلى إيطاليا لإحضار بعض الأقمشة والموديلات من هناك ، ولن أغيب أكثر من أسبوع " . ثم تشعب الحديث ليطول الأوضاع في لبنان والطقس في لندن وتجارة الأقمشة والثياب . بعد العشاء نهض زكى ودفع الحساب ثم ودع طارق وخرج . لم يلاحظ زكى أن زكى في كل مرة يخرج قبله، وحين يخرج هو بعده لم يجد له أثراً . ثم أنه لم يفكر مطلقاً في ير هذه الدعوات المتكررة إلى المطاعم ، وان فكر في ذلك اعتقد أن الرجل رأى فيه برغم فارق السن مشروع صديق في هذه الغربة التي يعيشها في لندن . وكونه يدفع الحساب في كل مرة لا يعد أن زكى رجل كريم وتاجر . بينما هو عاطل عن العمل . بعد ثلاثة أيام من عشاء الفندق فوجئ طارق بزكى على الهاتف يخبره بأنه أنهى عمله بسرعة وعاد إلى لندن وهو يدعوه لقضاء السهرة عنده مع عدد آخر من الضيوف . ولمل لم يكن طارق على علم بعنوان زكى قال له هذا الأخير " سأمر لآخذك بالسيارة " . انتظرني في نهاية شارع كرومويل رود الساعة الثامنة والنصف " . في تمام الساعة الثامنة والنصف توقف زكى وصعد طارق بجواره بالسيارة وتوجها إلى أحد العمارات المطلة على هايد بارك . فتح زكى باب العمارة الخارجي بمفتاح معه وصعد السلم أمام طارق وبيده سلسلة مفاتيح حيث فتح باب إحدى الشقق . وجلسا في الصالون يشربان ويتحدثان عن إيطاليا ولندن والأقمشة . بعد حوالي الساعة دق جرس الباب ، فنهض زكى وكبس على زر المايكروفون وتحدث ببضع كلمات بال إنجليزية ثم انتظر قليلاً حتى طرق باب الشقة ففتحه ليدخل رجلان وفتاتان ، أحدهما أشقر الشعر طويل عمره لا يتجاوز 27 عاماً ،أما الآخر في الأربعين من عمره أسمر اللون وشعره خفيف أقرب إلى الصلع وأما الفتاتان فلا يتجاوز كل منهما العشرين سنة ، تتمتعان بجمال وافر ، شقراوان فيهما إغراء وعدم كلفة جلست إحداهما بجواره بعد التعارف ، تبادل معهما الحديث والنكتات واللمسات . مال زكى على أذنه هامساً : Ø طارق ، بإمكانك أن تأخذها إلى غرفة النوم تلك . اعتبر البيت بيتك. فرح بكلام زكى وأقنع الفتاة بالقيام معه . كان رأسه يؤلمه بشكل كبير . وعندما أوقظه زكى في الصباح وجد نفسه وحيداً بالفراش ، إذ يبدو أن الفتاة ذهبت ، أحس برأسه يكاد ينفلق من الصداع لبس ثيابه وطلب له زكى سيارة تاكسي وأوصلته إلى شقته . وبعد أربعة أيام اتصل به زكى مجدداً يسأله : Ø هل استمتعت بالسهرة ؟ Ø كانت جميلة جداً والفتاة كانت أجمل . Ø بسيطة . هل أنت على استعداد لسهرة أخرى مثلها ؟ Ø بالتأكيد. متى ؟ Ø عند جماعة أصحابي . Ø " أوكى لا مانع منى نتقابل؟ Ø سأمر عليك بالثامنة مساء ، انتظرن أمام عمارتك . في ضاحية لندن. في الثامنة مساء نزل طارق ليجد زكى بانتظاره في السيارة حيث توجه به إلى إحدى ضواحي لندن . توقفا في شارع جانبي وتمشيا حتى وصلا إلى عمارة من أربع طوابق . دق زكى الجرس ففتح الباب ودخلا حتى وصلا إحدى الشقق قرع الجرس وما إن فتح باب الشقة حتى رأى طارق ثلاثة رجال وثلاثة نساء ، ليس بينهم أي شخص ممن كان في السهرة السابقة ، الفتيات جميلات والدخان يملأ الغرفة . شرب معهم وانبسطت أساريره وهو لا يصدق وجوده في مثل هذا الجو شعر بالامتنان لزكى وهو يميل عليه قائلاً : Ø أراك معجبا بجانيت خذها إلى تلك الغرفة ستجد فيها سريراً كبيرا واعتبر نفسك كأنك في بيتي فهم أصحابي الخلص . كان يريد مثل هذه الإشارة من زكى فجانيت جاهزة ضحكت وهى تقوم معه إلي الغرفة وفى الساعة الثالثة فجرا كان زكى يوقظه : Ø قم ، هل تريد أن تنام هنا عند الجماعة ؟ نهض بتثاقل شديد ، فالصداع يكاد يمزق رأسه ، انه يشرب باستمرار ولم يحدث له أن شعر بمثل هذا الصداع ، فتح عينيه بصعوبة ليجد الفتاة تغط في النوم بجواره ، حاول أن يلبس ثيابه فلن يستطع ، ساعده زكى وهو يقول ضاحكاً : Ø إذا لم تكن " قد المشروب " فلا تكررها . لم يكن في حاله تلك قادراً على الإجابة ، فسكت مع أنه ود أن يخبره بأنه يشرب عادة أضعاف ما شربه في تلك الليلة ولا يحدث له شئ من هذا القبيل . هذه المرة أوصله زكى بالتاكسي إلى شقته و أدخله إلى سريره قبل أن ينصرف ، كما كاد ينسى أحلام بعد أن فتح له زكي أجواء جديدة ، وبعد أن جاء زوجها إلى لندن ، فكانت تتصل به بين الحين والآخر معاتبة : Ø طارق ، " أوعى تكون صاحبت امرأة غيري " . Ø فيرد عليها قائلا : " وهل هذا معقول يا أحلام " . وكان حين يذهب زوجها إلى الملهى يذهب هو إلى شقتها ساعة أو ساعتين ثم يخرج . مفاجأةصاعقة خفق قلبه بعد أن أخبره زكي بعد أيام أن مندوب شركته في بلجيكا وصل إلى لندن مع زوجته ويجب أن يعرفه عليه ، و كم فرح عندما جاء زكي يصطحبه بسيارته إلى إحدى الشقق المفروشة في لندن ، حيث وجد هناك مندوب الشركة في بلجيكا و زوجته التي تقترب من الأربعين ، رحب المندوب بطارق كما رحبت به الزوجة بحرارة ، بعد برهة دق الجرس و دخل شاب رياضي ، تحادثوا قليلا و تعارفوا قبل النهوض إلى مائدة العشاء فعرف أن الزوجة التي جلست بجواره أسبانية حدثته عن ماضي العرب و أماكنهم في أسبانيا ، بعد عشاء وضعت موسيقى صاخبة و بدا أنها ثملت فقامت ترقص بينما زكي و البلجيكي يتحدثان همسا فانزعجا من صوت الموسيقى فقال لها زوجها : " اخفضي الصوت قليلا " فردت عليه بغضب : " أنا أحب هذه الموسيقى و أريد أن أرقص عليها مع طارق " فقال الزوج " حسنا خذي الموسيقى وطارق و اذهبا إلى إحدى الغرف " . وكان المرأة كانت تنتظر مثل هذه الإجابة فأخذت المسجل و قالت لطارق : Ø هيا بنا . ذهب معها طارق إلى إحدى الغرف و أخذا يرقصان و هما في قمة النشوة بينما زكي وزوجها يتحدثان في الصالون على راحتهما . فتح عينيه في الفجر بصعوبة على زكي وهو يهزه بقوة قائلا : Ø ما هذا يا طارق ؟ الرجل نائم في الصالون و أنت هنا مع زوجته . هيا بنا قم بسرعة نهض برأسه المتعب وجسده الثقيل يجر قدميه جرا حتى كاد زكي يحمله حملا إلى التاكسي . ومرت أيام لم يدعه زكي إلى سهرة جديدة و لا حتى غداء . كان يتصل به باستمرار و يسأله عن نفسه و أحواله و عن الصداع الذي يصيبه ، خصوصاً أن طارق صار يتقيأ بين الحين والآخر والصداع لا يفارقه . بعد أسبوع دعاه زكى على الغداء ، وفى البداية سأله عن حاله . ولما لعن طارق الصداع قال له زكى : Ø " انه المشروب والأفضل أن لا تشرب " . فرد طارق : Ø ليس المشروب ، فأنا معتاد عليه في بيروت . Ø هل تعرف ضباطاً في منظمة التحرير الفلسطينية ؟ دهش طارق وتسارعت دقات قلبه للسؤال الغريب المفاجئ . وبشعور عفو رد قائلاً باقتضاب : Ø لا . فقال زكى : Ø لا بد أنك تعرف بعضهم أو إحداهم على الأقل . تمالك طارق زمام نفسه وهو يسأل : Ø لماذا ؟ فقال زكى بحزم وهو يرمقه بحدة : Ø من الأفضل لك ولنا أن تعرف أحدهم . Ø أنت من ؟ فقال زكى بهدوء : Ø نحن " الموساد " المخابرات الإسرائيلية !
صعق الفتى ولم يعطه زكى وقتاً كافياً ليفيق من صدمته ، إذ أخرج من جيبه مغلفاً كبيراً ألقاه أمام طارق وخرج . ففتح طارق المغلف بسرعة ووجد مفاجأة صاعقة في داخله فمادت الأرض تحت قدميه . ماذا في المغلف وما هي المفاجأة ؟
موضوع: رد: قصص جاسوسيه من كل انحاء الوطن العربي موضوع شامل (متجدد) الأربعاء 23 نوفمبر 2011 - 18:21
[center]الفصل الثالث العملية الأولى في بيروت صعق طارق و صار الدم يجري في عروقه كالعجين ، فهذا زكي الرجل الخمسيني الطيب يتحول فجأة إلى ذئب كاسر ، شعر بان المغلف يحتوي على مصيبة لكنه لم يجد بدا من فتحه ، خصوصا أن زكي قد ذهب وركه وحده يبلع ريقه ومرارته وخوفه ، فقد هزته كلمة الموساد و أصابته بقشعريرة في الجلد والدم . مدي يده وتناول لمظروف وفتحه فإذا هو يحتوي على صور له في أوضاع مخجلة ، ها هو يظهر بوضوح في الصور في مواقف شاذة مع شباب ورجال أجانب ، تذكر لشاب الرياضي في سهرة المندوب البلجيكي ، هذا هو نفسه الذي يقف خلفه في ذلك الوضع الشاذ الذي يعرق له الجبين . أخذ طارق يرتجف بشكل لا إرادي ، خرج من المطعم حاملا المغلف بيده وهو لا يدري كيف حصل ذلك ، كل ما يذكره انه كان يختلي بالنساء في تلك السهرات فكيف يجيئه الرجال من حيث لا يدري و لا يعرف ؟ تذكر وجع الرأس الذي كان يصيبه في السهرات الحمراء تلك ، مشى وحيدا في الشوارع ، تسكع بلا هدف ، رأسه يكاد ينفجر ، فقد خيل إليه في لحظة أنه نسي شذوذه واسترد شيئا من رجولته الضائعة . لا أحد في لندن يستطيع أن يتحدث معه في مثل هذا الموضوع . خطرت أحلام في خاطره ، وظن أنه يستطيع أن يحدثها في ذلك الأمر ، وكيف ضحك عليه وكيف خدع ، لكنه اكتشف ، بعد إمعان في التفكير أن أحلام دهى آتى تقف خلف ما حدث له ، فقد تذكر ما قاله أخوها إبراهيم من أنها اتهمت بالتعامل مع المخابرات الإسرائيلية ، وحاول أن يربط التفاصيل الصغيرة بعضها مع بعض ، فهل انقطع الرجال في لندن لتأتى به من بيروت على حسابها وتسكنه في شقة في عمارتها وتدفع له الإيجار والمصاريف ، ولا تراه إلا نادراً ؟ هل يعقل ذلك ، أم أنها هي التي دبرت كل شئ ، وهى على اتصال بزكى منذ البداية ؟ أحس بأن الأرض تدور به ، ولا بد أنهم وضعوا له مخدراً في الطعام والمشروب . وإلا ما معنى الوجع الحاد شفى الرأس وعدم قدرته على الوقوف ولبس ثيابه لدرجة أنه يحتاج لمساعدة زكى كلى يلبسه البنطلون ؟ وصل طارق إلى شقته ، وألقى بنفسه على السرير بكامل ثيابه حاول أن ينام فلم يستطع . نهض تمشى في الغرفة جيئة وذهاباً . صنع فنجاناً من القهوة وشربه ، لكن رأسه ظل يدور . صب لنفسه كأساً من الشراب وتناوله دفعة واحدة ، واتبعه بثان وثالث وارتمى على السرير يبكى ويبكى . ود لو أنه يستطع أن يقتل نفسه ويرتاح فيريح أهله من الفضيحة والإحراج فماذا لو صلت هذه الصور إلى أهله ؟ ما الذي يفعله أبوه وأخوته ؟ ضرب رأسه بيده وهو يبكى . فكر في أن يصعد إلى شقة أحلام فيخنقها بيديه ، فهي السبب وعاد شريط لقائه بها إلى ذاكرته منذ البداية في مطعم نصر ، ولم يصدق أن ذلك اللقاء كان مرتباً . كيف يعرفون كل ذلك ؟ وسرح تفكيره في الرسام : هل هو أيضاً مخابرات إسرائيلية ؟ وسعيد والآخرون ؟ ولم يصدق ثم فجأة ، رن الهاتف ، فظن أنها أحلام ، ولم يكن في حالة تساعد على الحديث ، فلم ينهض . لكن الهاتف ظل يرن بإصرار فقام متثاقلاً . رفع السماعة قائلاً : Ø هالو . وجاء الصوت قويا حاداً كالمسمار : Ø كيف حالك اليوم ؟ كان زكى على الخط . فوجئ طارق به ولم يدر كيف يرد عليه ، فصمت ولم يجد جواباً . هل يقول له أنه بخير ، أم يشتمه ؟ ولم يتركه زكى فى حيرته طويلاً فاستطرد : Ø اسمع أريدك في مكتبي الآن . فقال طارق بذل : Ø وأين مكتبك ؟ فقال زكى : Ø ستعرفه لو فكرت قليلاً واستعملت عقلك . حاول أن يفكر ، إلا أن رأسه كان مزدحماً بالأفكار المتناقضة و الغضب المكتوم فقال : Ø لا أعرف أين مكتبك . فرد عليه زكى : Ø فكر. ولم يكن بحاجة للتفكير فعلاً . تذكر أنه يكلم زكى ، ضابط المخابرات الإسرائيلية فقال : Ø تقصد سفارتكم ؟ ! فقال زكى ببرود : Ø برافو هل تعرف العنوان ؟ فأجاب بسرعة : Ø لا. فقال زكى : Ø عندك في الشقة دليل التلفون . ابحث عن اسم السفارة فستجد العنوان . خذ تاكسي على الفور ، وقل لهم على الباب أنك تريد مقابلتي وأن اسمك فلان .
في السفارة الإسرائيلية وضع طارق السماعة وتناول دليل التلفون وأخذ يبحث تحت باب " سفارات " عن السفارة الإسرائيلية حتى وجده ، فقام على الفور وأوقف سيارة تاكسي وقال لسائقها : Ø " كنزجتون من فضلك .. بالاس جرين" ! وحين رأى علم السفارة الإسرائيلية قال للسائق : Ø " هنا من فضلك " . دفع الأجرة وأخذ يتطلع حوله نحو الباب الرئيسي ضغط على الجرس قائلاً في" الانترفون " أريد مقابلة زكى ، فوق رأسه رأى كاميرا مثبتة تطلع فيها لحظة فإذا بالباب يفتح أوتوماتيكياً ، دخل الحديقة ومنها عبر إلى حجرة صغيرة يقف في بابها رجل أم نفى يده آلة . فتشه الرجل بيديه وبالآلة تفتيشا دقيقاً ، ثم أخذ منه علبة السجائر ففتحها وأخرج محتوياتها ثم تحسسها قبل أن يعيد إليه السجائر وكذلك فعل بالولاعة : فتحها وتفحصها ثم أعادها إليه وهو يشير إلى رجل أمن آخر يجلس في الغرفة على أحد المقاعد الصغيرة ، وهو الذي قال لطارق : " اتبعني " فتبعه إلى غرفة أخرى قبل أن يصعد إلى أعلى . وأمام أحد الأبواب المغلقة وقف رجل الأمن وخلفه طارق، قرع الباب قبل أن يفتحه ، فإذا زكى يجلس أمام مكتبه . وما إن رأى طارق حتى نهض وهو يبتسم ماداً يده مصافحاً ، في الوقت الذي انصرف فيه رجل الأمن . مد طارق يده بفتور وخجل مذل وصافح الذئب الضاحك ، الذي أجلسه على كرسى أمام مكتبه وهو يقول : Ø كيف حالك ؟ فقال طارق بانكسار : Ø أريد " نيجاتيف " الصور . ضحك زكى الذي كان يشعر بفرح غامر في داخله لطلب طارق ومجيئه إليه في السفارة . قد تيقن أن الفتى قد وقع الآن ، فعدا عن الصور الشاذة أصبحت لديه الآن صور لطارق على مدخل السفارة وفى غرفة رجال الأمن وفى مكتبه أيضاً . فقال لطارق : Ø وماذا تريد من " النيجاتيف " انه محفوظة في أمان . فقال طارق وهو يغالب دموعه : Ø لماذا فعلت معي هذا ؟ فقال زكى وهو يبتسم بلؤم : Ø وما الذي فعلته معك ؟ لقد فعلنا معك ما تريد وما تحب ، ألم تفعل ذلك في بيروت برضاك ؟ أما إذا كان خوفك من الصور و " النيجاتيف " فلا تخف لأنها لم تصل إلى يد أي مخلوق إذا ما تعاونت معنا بإخلاص أما إذا حاولت أن تلعب بذيلك فسوف تصل منها نسخ كثيرة إلى أهلك وكل أصدقائك ومعارفك . Ø وماذا تريد منى ؟ Ø لا أريد الكثير ، ولكنني أريد الحقيقة . وأريدك أن تتعامل نعى بصدق واخلاص . ثم تناول من فوق مكتبه دفتراً كبيرا وقلما وقال لطارق : Ø خذ هذه واكتب الآن كل شئ عن حياتك ، منذ كنت في المدرسة والى أن أتيت إلى لندن . يعنى لا تنسى شيئاً منذ خلقت حتى هذه اللحظة ، كعلاقتك مع الرسام والأثرياء العرب في بيروت والمنظمات الفلسطينية . ذهل طارق لمعرفة زكى بكل هذه الأمور عنه أنه لم يذكر له أي شئ عنها . وتذكر أن أحلام هي الفتاة آتى كانت تتسقط أخباره ، والتي منها يأخذ زكى المعلومات عنه . فقال : Ø إذا كنتم تعرفون كل ذلك عنى فلماذا تريدني أن اكتب لك كل شئ ؟ ما الذي ستستفيده ؟ نهض زكى عن مقعده وهو يقول بحزم : Ø ابتداءً من هذه اللحظة أنت لا تسال ولا تستعمل كلمة " لماذا " أبدا . Ø عليك أن تنفذ فقط ما يقال لك . هاج صدره بالغضب ! وانكب على الورق يكتب كل شئ عن حياته وأهله وعلاقاته ومخازيه بالتفصيل . وما إن انتهى من الكتابة حتى دفع بالأوراق باتجاه زكى الذي رمقه بنظراته النافذة قائلاً : Ø " نريدك أن تذهب إلى بيروت وتعود إلينا بعد شهر ، وإياك أن لا تعود معتقدا أنك هناك في أمان بعيدا عنا . يجب أن تعلم أن يدنا طويلة لو كنت في آخر الأرض أو تحت الأرض ، فاهم ؟ ! " . بداية اللعبة أومأ طارق برأسه وهو يفكر كيف وقع في هذه الورطة . كان ينظر بعينه نحو المستقبل فلا يجد لنفسه خلاصاً . لقد وقع في الفخ . وها هو قد كتب لهم كل معارفه من أثرياء وغير أثرياء . هل سيبتزونهم أيضاً كما ابتزوه ؟ وهل سعيد عميل لهم ؟ وإذا لم يكن ، فمن المؤكد أنهم يسعون إليه ويوقعونه بالفخ كما أوقعوه ، وسيوقعون الكثيرين ، " تبا لهم من شياطين أوغاد " يلبسون لبوس الأصدقاء ويتقنعون بالطيبة ، يتكلمون لغتنا العربية ويتقنعون بالطيبة و يتكلمون لغتنا العربية ويتقنون لهجاتنا المختلفة . يبحثون عن نقاط ضعف فينا . ويضربون ضربتهم . ها أنا قد خسرت الكثير لكن بقى لي أن صورتي لدى أهلي ما زالت نقية ، فلأحافظ على هذه الصورة في عيونهم على الأقل ، " لأن أمي وأبى سيموتان قهراً لو عرفا أنني شاذ وأبى قد يقتل نفسه قبل أن يخرج إلى الشارع ليراه الناس فيتضاحكون عليه وهم يشيرون إليه بقولهم : هذه أبو طارق المسكين ابنه كذا وكذا . وأخوتي ، ماذا سيفعلن وهل سيتركهن الناس في حالهن ؟ سيقولون الكثير وسيقلبون حياتهم إلى جحيم . إلا ليتني خلقت بنتاً قبل هذه الأمر ، فرت الدمعة من عينيه وهو يتذكر أهله فرداً فرداً . ولم يفكر طارق في أهله كيف سيكون حالهم فيما لو عمل مع المخابرات الإسرائيلية واكتشف أمره . ما الذي سيحصل لوالده حين تظهر حقيقته كجاسوس خائن لأمته وأهله وعروبته ووطنه إضافة إلى شذوذه . كان كل همه محصوراً في الحاضر . إذا لم يتعاون فانهم سيرسلون صوره الخليعة إلى أهله وأصدقائه ومعارفه . فأين يضع رأسه بعد ذلك ؟ كان المهم عنده في تلك اللحظة أن يستر الحاضر وواقعه المخجل تاركاً المستقبل للأيام ، والمخابرات الإسرائيلية وقدرتها على كتمان السر والمحافظة على عملائها . أخرجه زكى من تأملاته قائلاً : Ø اسمعني جيداً ، منذ الآن سيكون اسمك جونسون ، واتصالاتنا ستكون سرية فحين تصل إلى لندن ، ابحث عن تلفون السفارة في الدليل . لا تحمل الرقم معك أبداً وعندما ترد عليك عاملة الهاتف في السفارة قل لها أنا جونسون وأريد زكى . وأعطها رقم هاتفك ولا تزد . فاهم ؟ أومأ طارق برأسه وعلامات القرف ترتسم على وجهه لقول زكى " يا شيخ المشايخ " . وهناك قال زكى : Ø لكنك ستعطيها رقم هاتفك بالشيفرة حتى إذا ما سمعه أحد لن يفهم منه شيئاً ، وسوف نعلمك طريقة الشيفرة في الوقت المناسب .وبعد أن تترك هذه الرسالة القصيرة مع عاملة الهاتف لا تفعل شيئاً ولا تحاول الاتصال لأنني سأتصل بك في الوقت المناسب لترتيب موعد للقائنا . ويجب أن تتقيد بكل ما أقوله لك لأنه ضروري لأمنك وحمايتك . بدأ طارق يدخل في اللعبة . فقد استهوته مسألة الشيفرة ، وهذه التعقيدات المخابراتية وظن أنه سيكون جاسوساً من نوع جيمس بوند ، وعاود زكى يقول : حين تذهب إلى بيروت ، أريدك أن تفتح عينيك وأذنيك جيداً ، وتتعرف على الضباط الفلسطينيين في منظمة التحرير الفلسطينية . وأي ضابط تعرفه أو تتعرف عليه ، ادرس أحواله جيداً : كيف يفكر وكيف يعيش وهل هو متزوج أم أعزب وكم عدد أولاده ، وما هي أسماؤهم وأعمارهم ؟ وزوجته كيف تعيش ؟ وأهله وأقرباؤه ؟ وكم يتقاضى راتباً ، وكيف يصرف على نفسه وعمله وعائلته وهواياته ،وأي الصحف يقرأ . وما هي الأخبار التي تهمه ، وإذا قرأ خبراً في صحيفة هل يناقشه أو أنه يأخذه كما هو ثم هل هو متزن أم متهور ؟ وأصدقاؤه ؟ كل ما يمكن أن تجمعه من أخبار يا شيخ المشايخ فهمت : مرة أخرى أومأ طارق برأسه قبل أن يستطرد زكى قائلاً : Ø افعل هذه الأمور البسيطة ، دون أن تلفت إليك الأنظار . ثم فتح زكى درج مكتبه وأخرج منه مظروفاً أصغر متوسط الحجم ألقاه أمام طارق قائلاً : Ø إلى اللقاء بعد شهر يا شيخ المشايخ ، ولا تنس أن اسمك جونسون في الهاتف . إلى بيروت وصل طارق إلى بيروت وهو يفكر طيلة الوقت بالنقيب خليل ، مسؤول أمن "13 " في الحمراء . وحيت توجه إليه صباح اليوم التالي ، أحس برجفة تسرى في بدنه ، وحين عانقه تمنى لو أنه يستطيع إخباره بكل شئ لكنه فكر في شذوذه وفى الصور التي يحتفظ بها زكى ، وفى أهله ، فعدل عن تلك الرغبة التي راودته للحظة . شربا قهوة في المكتب وتحدثا عن لندن ونسائها والحياة فيها ، ثم عن بيروت وأحوالها . وعرجا على الأمور الشخصية فتحدث خليل عن الشئون المادية . وعند الظهر ذهبا إلى المطعم الصغير الكائن شفى جوار مبنى جريدة " النهار " حيث تناولا الغداء وتواعدا على اللقاء في اليوم التالي. تعددت اللقاءات ، وتعددت الخدمات بينهما ، صارا صديقين حميمين يتغذيان معا ويلعبان " الفليبر " معاً . وكان خليل دائماً يبدى استعداداً لحماية طارق من كل مكروه . حدثه عن زوجته القديمة وعن أولاده ، وزوجته الجديدة ، بل إن خليل دعا طارق إلى فنجان قهوة في غرفته التي يستأجرها على السطوح ، حيث تعرف على زوجته اللبنانية الجديدة وأدرك طارق أحوال خليل المادية ليست على ما يرام . حان موعد السفر إلى لندن ، تأمل طارق المعلومات التي سيأخذها معه فوجد أنها تافهة ولا تستحق . فكل ما لديه من معلومات لا يتعدى الشخصية : ضابط في منظمة الصاعقة .. الجنسية متزوج مرتين وله ولد واحد .. مسئول الأمن في مكتب" 13"- منطقة الحمراء ومتهور وقراءته قليلة جداً ولا يناقش الأمور ، وأية أخبار تصله ينقلها كما هي ولا يحلل أخبار الجرائد . ولا يحاول النظر في العمق ولا في ما هو أبعد ، يقضى أكثر من أربع ساعات يومياً في لعب " الفليبر " فهل هذه معلومات تستحق أن تدفع فيها إسرائيل كل هذه المصاريف من تذاكر وسفر وشقق في لندن ومشروب ونساء ودولارات ؟ وللحظة ، أعتقد أن الإسرائيليين أغبياء وان في " الموساد " ضباطاً كل همهم تسجيل مواقف وأعمال تبريراً لما يلهفونه من فلوس . فإذا أعطاه زكى 350 دولارا ، فانه بالتأكيد يكون قد سجل أنه أعطاه 2500 دولار . في مطار هيثرو ركب قطار " الاندرجراوند " إلى نايتسبردج. ومن هناك استقل سيارة تاكسي إلى العمارة التي كان يسكن فيها حيث وجد شقته في انتظاره ، إيجارها مدفوع والبواب يحتفظ له بالمفتاح . تمدد في الشقة قليلاً ثم نهض واغتسل ونزل إلى الشارع يبحث عن هاتف عمومي . اتصل بالسفارة قائلاً : Ø " أنا جونسون وهذا رقم هاتف ... أريد أن أتحدث مع زكى لو سمحت ، ثم أقفل الخط وعاد إلي الشقة ينتظر . حوالة التاسعة مساء قفز من السرير كالملدوغ حين رن جرس الهاتف إذ يبدو أنه كان متعباً فغفا بعض الوقت رفع السماعة فإذا زكى على الخط يقول له : Ø الحمد لله على السلامة يا شيخ المشايخ . ورد طارق : Ø شكراً لقد وصلت اليوم إلى لندن . كم الساعة الآن ؟ فقال زكى : Ø الساعة التاسعة . بإمكانك أن تسهر هذه الليلة . وغداً تأتى إلى مكتبى في كنزنجتون الساعة الخامسة بعد الظهر . قال طارق : Ø " أوكى " . ثم سمع زكى يضع السماعة على الطرف الآخر لتنتهي المخابرة عند هذا الحد .
تجنيد الضابط خليل في اليوم التالي كان طارق يقف أمام السفارة الإسرائيلية في حي كنزنجتون، ويغط على الزر وبعد التحقق من صورته على الشاشة الداخلية، فتح الباب الحديدي الضخم ليدلف منه إلى غرفة التفتيش حيث خضع هنالك لإجراء روتيني قبل إدخاله على زكي الذي كان في انتظاره حسب الموعد المحدد . نهض زكي من خلف مكتبه مرحباً بطارق وهو يبتسم قائلاً : Ø أهلا. أهلاً بشيخ الشباب ، كيف الحال ، وكيف الأهل وكيف بيروت ؟ Ø رد طارق باقتضاب قائلاً : الحمد لله ، كلهم بخير . ترى هل فكر طارق بقوله الحمد لله ، كلهم بخير، أم إنها عبارة تقليدية ، كيف يكونون بخير وكيف لمثله أن يحمد الله وهو يخون الله والوطن والأهل والأصحاب ، يتركهم طعماً لمدافع إسرائيل وقنابلها العنقودية ؟ ظل زكي يسأل طارق عن أخوته وأهله ، وطارق يرد عليه بتلك الإجابات التقليدية . ثم بعد برهة تناول من جيبه ورقة المعلومات الجديدة التي أحضرها معه من بيروت ، تناول زكي الورقة منه وألقاها على المكتب بلا اهتمام ثم نهض ليصافح طارق مودعاً : Ø شكراً ، غداً نلتقي الساعة الحادية عشر صباحاً في الهايد بارك . ، هل تعرف الهايد بارك جيداً ؟ إلى حد ما . Ø هناك كشك على مقربة من ركن الخطباء هل تعرفه ؟ Ø أعرفه Ø حسناً إذن موعدنا هناك . في صباح يوم الموعد ، كان طارق في تمام الحادية عشرة يقف أمام الكشك ويشترى لنفسه " ساندويتش " جبنة ، فهو لم يتناول إفطاره بعد ولم يكن قد أنهى " الساندويتش " حين أطل زكي ، الذي مشى أمامه وتبعه طارق على مقربة ، وظل زكي يمشى ويدلف من شارع إلى شارع حتى دخلا في شارع فرعى باتجاه واحد . وحين وصل زكي إلى المقعد مباشرة دون أن يمر على موظف الاستقبال . في الطابق الثالث توقف المصعد وخرج زكي يحمل في يده مفتاح الغرفة رقم 35 . فتح باب الغرفة ودخلا . ثم انحنى زكي وتناول حقيبة صغيرة بنية اللون من تحت السرير ناولها إلى طارق قائلا : Ø خذ هذه الحقيبة وفتشها جيداً . Ø وتناول طارق الحقيبة وأخذ يبحث عما فيها فلم يجد شيئاً فأعادها بقوله : لا يوجد فيها أي شئ . Ø فقال زكي : تفحصها جيداً . Ø وأعاد الفتى تفحص الحقيبة فلم يجد فيها أي شئ فقال : ماذا تقصد ؟ قلت لك أن الحقيبة فارغة . Ø ألم تلاحظ عليها أي شئ . Ø فأومأ له بالنفي وهو يحاول أن يجد شيئا ما في الحقيبة عندئذ ابتسم زكي وهو يقول : هذا هو التفتيش الطبيعي ، ومن الصعب اكتشاف هذا المخبئ السري فيها في الموانئ والمطارات . هذه هي الحقيبة السرية يا شيخ المشايخ . وحين فتح له المخبأ السري وعلمه طريقة فتحه وإغلاقه ، ناوله ورقة أسئلة جديدة ومبلغ 3000 دولار نقداً . Ø ثم قال له :هذا المبلغ حاول أن تقرض خليل منه شيئاً ثم طالبه بالمبلغ ولا تلح عليه ، فإذا ما عجز عن السداد أعطه ورقة الأسئلة ليجيب عليها في مقابل الفلوس . فإذا سألك عن الجهة التي تريد هذه الإجابات قل أنها مخابرات حلف شمال الأطلسي . Ø حلف شمال الأطلسي ( ردد طارق باستغراب ودهشة ) . Ø فقال زكي : نعم حلف شمال الأطلسي (وناوله تذكرة سفر والحقيبة السرية وهو يقول). لا تحاول أن تهرب بالفلوس أو تتهرب . لأننا نستطيع الوصول اليك أينما كنت، ثم لا تنس أن الصور مسوداتها موجودة لدينا . Ø فرد طارق بصوت منخفض : لا تخف . هكذا كان ضابط الموساد يتعامل مع طارق ويستعمل معه التهديد تارة واللطف تارة .حتى أصبح الفتى مسيطراً عليه تماما، إذ كان خالي الوعي والإدراك مما تفعله يداه من تخريب في أمن الثورة الفلسطينية وأمن بلده . كل ما كان يعنيه في البداية تلك الصور التي التقطوها له في أوضاع مخجلة يندى لها الجبين، وكان كل همه أن لا يندى جبين أبوه ولا جبين أي من أهله وعائلته أمام الناس إذا ما عرفوا حقيقته وبالإضافة إلى الصور كان هناك العامل المادي الذي لعب دوره في عمالة الفتى وتجنيده للعمل مع العدو فالدولارات التي تأتى من إسرائيل بلا تعب . وهذه السفرات إلى أوروبا التي يعلم بها مجايلوه من الشباب، عملت عمل السحر في عقله . خطة تجنيد خليل قضى طارق ثلاثة أيام أخرى في لندن يتسكع في الشوارع والحانات حتى لا يثير الشبهات بعودته السريعة إلى لبنان . وفى اليوم التالي لوصوله إلى بيروت توجه في الصباح إلى شارع الحمراء حيث عرج على مكتب أمن 13 التابع ل " الصاعقة " . استقبله خليل بترحاب كبير ، وبعد فنجانين من القهوة بدأ خليل يشكو من صعوبة الأحوال المادية ، ومصاريف العائلة والأولاد . فقد خيل لضابط الصاعقة أن طارق غنى إذ يتاجر بالملابس ويسافر إلى أوروبا . وقد أدرك طارق أن صديقه خليل مخدوع به فدعاه إلى الغداء في مطعم" اللامب هاوس " ليعمق من هذا الانطباع في نفس الصديق الضابط من طارق وهما على الغداء أن يقرضه ألف ليرة لحاجته الماسة ، فقال طارق : Ø ولو يا خليل ! بسيطة غداً يكون المبلغ معك . ويبدو أن خليل استمرأ عملية الاستدانة من طارق ظاناً أنه ، جبل مالي ، لا تهزه الريح ، فصار شفى كل أسبوع يطلب منه معتذرا عن عدم التسديد – مبالغ إضافية تتراوح من 100 إلى 500 ليرة حتى صار مجموع ما اقترضه قبل نهاية الشهر ينوف على 3000ليرة . وذات يوم كانا يتغديان في " مطعم العجمي "حين قال خليل لطارق: Ø طارق أرجوك أن تعذرني على عدم تسديد المبلغ كله لك ، فأنا لا أستطيع ذلك خصوصاً وأنك تدرك حالتي المادية جيداً . Ø فقال خليل : ولا يهمك ، أنا لا أريد منك أي شئ . وبإمكانك أن تنسى تماماً أن إلى عليك دين . بل أنا مستعد لاعطائك المزيد . دهش خليل لرد صديقه ، ولم يعرف كيف يشكره ، كان طارق يبتسم وهو يرى خليل يبحث عن كلمات الشكر المناسبة . Ø لما سكت خليل عاجله طارق بقوله : أريد منك خدمة صغيرة ؟ Ø فقال خليل : أنت تأمر . مد طارق بيده إلى جيبه وأخرج منها الورقة التي أعطاه ضابط الموساد زكي وناولها إلى خليل قائلاً : Ø اقرأ هذه الأسئلة جيداً ، وانظر إذا كنت تستطيع الإجابة عليها . قرأها خليل بسرعة ونظر في وجه طارق قائلاً : Ø بس هيك ؟ ! Ø فقال طارق : نعم . بس هيك . وإذا أجبت عليها بدقة فستحصل على المزيد من الفلوس. Ø أعطني مهلة يومين فقط وستكون الإجابات جاهزة تماماً . فكر طارق في مهلة اليومين هذه وخشى أن يقوم خليل باطلاع المخابرات الفلسطينية أو مخابرات " الصاعقة " أو مخابرات بلده فأراد أن يجس نبضع فقال بلا اكتراث : Ø بإمكانك اطلاع الجماعة على الأسئلة . Ø فقال خليل بحزم : مستحيل . إذا عرفوا فسيكون أحد الأمرين : إما مصيبة أو أن يأكلوها هم ونخرج نحن من المولد بلا حمص . Ø ضحك طارق إذ أدرك أن خليل مستعد لكل شئ في سبيل الفلوس . وحين سأله خليل متفسراً . Ø لمن هذه الأسئلة ؟ Ø أجاب طارق ببساطة : حلف شمال الأطلسي . كانت الأسئلة عادية وعامة ومعروفة للجميع في لبنان ، مثل : من هو أمين سر " الصاعقة " ؟ وكم عدد الأعضاء فيها ؟ ومن هو مسئول الإعلام ، وعدد القوات والميليشيا ونوعية تسليح كتائبها ومسئول الأمن ؟ فالغرض من الأسئلة اختباري من حيث المبدأ . و" الموساد " لا تحتاج إلى هذه المعلومات ، نهى تعرفها جيدا وملفاتها ملأى بالأسماء والمعلومات عن محل المنظمات الفدائية . بعد يومين كان خليل جاهزا للإجابات المطلوبة التي كتبها بخط يده في سبع صفحات فلوسكاب ، فقد كان يطمع في إرضاء طارق ومن وراءه على أمل زيادة الدفع ، فتوسع في الإجابة وأطنب ، وكان ما ذكر إجابته قوله : الكتائب : توجد كتيبة في الشمال ، وكتيبة ثانية شفى البقاع وثالثة في صيدا ورابعة في بيروت . التسليح : هاونات 60 ملم ، و80ملم ودوشكا ورشاشات 500 . مسؤول الأمن : أبو علي ، نائبه أبو سليم ، مكتب الأمن رقم 13 مسئول عن الأمن في بيروت الغربية ورئيسه النقيب خليل . ثم عدد مسؤولى الأمن الآخرين وذكر أحمد الحلاق وأبو سليم وأبو على وباقي القائمة من فوق إلى تحت . تصفح طارق الإجابات قليلاً ثم ناول خليل مبلغ ألف ليرة ، لكنه طلب منه أن يعطيه ايصالاً بالمبلغ ، ولم يتردد النقيب خليل لحظة واحدة إذ تناول ورقة من على المكتب وكتب فيها " أنا الضابط خليل ، تسلمت مبلغ 4000 ليرة لبنانية فقط لا غير من مخابرات حلف شمال الأطلسي " ثم دون التاريخ واسمه مرة ثانية ووقع الورقة دون أن يرف له جفن أو يفكر في العواقب . ولدى وضع ورقة الإجابات في جيبه ، انتهت مهمة طارق في بيروت ، فأخبر صديقه خليل بأنه مسافر وسوف يعود بعد بضعة أيام .وفى اليوم نفسه الذي وصل طارق فيه إلى لندن اتصل بالسفارة الإسرائيلية حسب الاتفاق وترك خبراً لضباط " الموساد " زكي ، الذي اتصل به في المساء نفسه حيث اتفقا على موعد في الصباح في السفارة . كالعادة رحب زكي بطارق وسأله عن أهله وعائلته وبيروت وزاد بقوله : Ø وكيف وجدت الضابط خليل ؟ Ø رد طارق : " بخير ويسلم عليك ". ثم ناوله ورقة الإجابات والإيصال الذي سبق لخليل أن كتبهما بخط يده، وضع زكي الورقة أمامه على الطاولة وهو يسأل طارق : Ø قل لي ، كيف وجدت مطار بيروت ؟ هل فتشوك ؟ وهل تعرف أحد من العاملين في المطار ؟ فأجابه بأن كل شيء مر بسلام إذا لم يفتشه أحد ، ومعرفته بالعاملين بالمطار معرفة سطحية ومعرفة عمل من بعيد منذ كان يعمل في شركة السفريات . بعد ذلك طلب زكي أن يحدثه بالتفصيل عن لقائه بالنقيب خليل ، فشرح له طارق كل شيء لينهى زكي اللقاء الطويل بقوله : Ø حسناً جداً ، الآن تذهب إلى شقتك وسأتصل بك غداًُ أو بعد غد . خلال هذه الفترة كانت أحلام قد غادرت لندن برفقة زوجها إلى نيجيريا ،فلم يجد طارق ما يفعله غير التسكع في الشوارع والحانات الكثيرة ، إلى أن اتصل به زكي ليعطيه ورقة أسئلة جديدة لخليل بعد أن أوصاه: Ø قل لخليل أن لا يبالغ وان يلتزم الدقة في الإجابات وألا سنقطع تعاملنا معه : نحن نريد الحقيقة فقط لا غير ، ولا داعي لاستغفالنا بقوله أن عدد أفراد ميشيليا " الصاعقة " 50 ألف رجل وعدد القوات 15 ألفاً . Ø نحن نعرف له بحجم الميليشيا . نحن ندفع فقط مقابل الحقيقة. لم يدرك طارق المغزى من دفع المخابرات الإسرائيلية لهذه المصاريف والمبالغ مقابل معلومات
يعرفونها جيداً . لكنه لم يستمر في التفكير طويلاً فقد حسب زكي له حساب مهمته الجديدة ومصاريفها وحساب خليل ودفع مبلغاً آخر من المال ، وقال له :" هذا لخليل وهذا لك . ولا داعي لأن تحضر كل في مرة إلى لندن . بإمكانك أن تذهب إلى أي بلد أوروبي وتتصل بسفارتنا هناك كما تفعل هنا تماماً وسوف أتصل بك كالعادة " . فالدور الذي تلعبه السفارات الإسرائيلية معروف . ومثال طارق الحمدان خير دليل على دقة التنظيم وبمجرد أن يتصل شخص ما بأي سفارة إسرائيلية قائلاً : " أنا اسمي جونسون وأريد أن أتحدث مع السيد زكي ... أرجو أن تعطوه رقم هاتفي هذا ليتصل بي " . هذا الخبر الصغير يوصل فوراً إلي إسرائيل ، حيث يحول إلى الدائرة المختصة بشئون المخابرات الخارجية فتحلل الرسالة ويصار إلى إبلاغ الضابط المختص فوراً فيعرف واجبه تماماً . مكث طارق في لندن عدة أيام أخرى دربه خلالها على اتخاذ الاحتياطات الأمنية شفى اتصالاته
وتحركاته، وكيفية المحافظة على أمنه الشخصي ، فإذا كنت على موعد مثلا ، عليك أن تذهب إلي الموعد قبل ساعة على الأقل ... تراقب المكان والناس وتتمشى في كل الطرق المؤدية إليه ، فإذا ما تأكدت من أن أحد لا يراقبك اذهب في موعدك بسلام . أما إذا لاحظت وجود شئ غريب أو أحد يراقبك فلا تذهب إلى الموعد ذلك اليوم . وبالنسبة إلى مواعيدنا نحن ، إي موعد لا تستطيع أن تكون فيه في الوقت المتفق عليه يعنى أنه تأجل إلى اليوم التالي في الساعة نفسها . هذا إذا لم نتصل بك ونحدد مكاناً وزماناً آخرين " . فأفضل ألف مرة إلغاء عدة مواعيد من حصول كارثة . كذلك الحال حين تخرج من لقاء معنا . فلا تذهب إلى البيت قبل تأكدك من أن أحد يتبعك أو يراقبك " . رأى طارق في هذه الأمور وغيرها تعقيدات لا مبرر لها ، لكنه بدأ يلتزم بها بحذافيرها حتى تعودها وصار ينفذها بشكل طبيعي حتى أصبحت جزءاً من سلوكه . الوقوع في المصيدة بعد وصوله إلى بيروت بيوم واحد ذهب إلى مكتب صديقه خليل الذي بادره بذراعين مفتوحين محتضناً ومرحباً ، ليسأله بعد دقائق : Ø ها ... هل رأيت الجماعة ؟ Ø نعم . وهم يسلمون عليك ، وقد أرسلوا لك 700 دولار معي . Ø فقال خليل : هل هناك أسئلة جديدة ؟ Ø ورد طارق : نعم . لكنهم يعرفون كل شئ فلا تبالغ . لقد فضحتنا معهم . Ø فقال خليل : المعلومات التي كتبتها لهم نقلتها من الملفات الرسمية ل" الصاعقة " على أية حال ولا يهمك ، سأعطيك هذه المرة المعلومات بكل البراهين والدقة الممكنة.. هات الفلوس ! Ø ورد طارق : غداً سأحضرها لك بالليرة اللبنانية . خشي الفتى من تهور النقيب خليل . فهو مظهري ولا يهمه شئ وقد ينكشف الأمر إذا ما رأى أحدهم معه عملة أجنبية ، لذلك قام في اليوم التالي بتحويل الدولارات من أحد الصرافين الكثر شفى شارع الحمراء ، والذي أعطاه 2200 ليرة لبنانية في مقابلها ، سلمها مع ورقة الأسئلة إلى خليل ، والورقة هذه المرة زرقاء أيضاً كالمرة السابقة مكتوب في رأسها( الأخ خليل )وموقعه باسم جورج . لكن الأسئلة كانت تفصيلية ودقيقة تتطلب إجابات مفصلة ودقيقة وبالتالي مثل : من هو زهير محسن . ولادته وزوجته وأولاده وأهله وعائلته ودراسته وهواياته ؟ وكيف يداوم وكيف يدبر الأمور ؟ ومن هم المقربون منه من داخل " الصاعقة " ومن خارجها ؟ ... الخ ، ثم من هو أبو على ومن وأبو سليم ومن هو أحمد الحلاق ؟ وما