الشروق اليومي تزور بلاد أشباه الموصلات وناطحات السحاب
قصة بلد اكستب الثروة وطرق أبواب المستقبل بالصناعات الالكترونية
2008.03.19 مبعوث الشروق اليومي إلى سيول (كوريا الجنوبية): عبد الوهاب بوكروح
لا تتوفر كوريا على أي مصدر ريعي للثراء ماعدا شركات الصناعات الإلكترونية والمقاولات الكبرى وشركات الأشغال العمومية وبناء السفن وصناعة السيارات والصيد البحري، حيث تمثل الشركات التي تنتج أشباه الموصلات قوة الدفع الرئيسية للاقتصاد الكوري الذي تمكن في أقل من ربع قرن أن يرتقي إلى مصاف أهم 11 إقتصادات في العالم، بعد أن كانت منتصف ستينات القرن الماضي من أفقر الدول على الإطلاق.
كما أن كوريا الجنوبية لا تمتلك سوى رقعة صغيرة من الأرض مساحتها 98.480 كم2. مقابل عدد سكان بلغ نهاية السنة الفارطة، 49.044.790 نسمة، يعتنق 26% منهم الديانة المسيحية على مذهب "البروتستانت والرومان الكاثوليك" ، والبوذية 23.3%، وعدد من الديانات والمعتقدات الأخرى، وبلغ عدد المسلمين في كوريا الجنوبية 140 ألف مسلم. كما أن 67 % منها جبال وعرة، ولكنها عوضًا عن ذلك تمتلك إرادة بلا حدود، جعلتها تصنع مصيرها بيدها، واستطاعت أن تحقق معجزتين في زمن قياسي: المعجزة الاقتصادية، ثم الديمقراطية.لم يثني البرد الشديد والثلوج التي تتساقط على العاصمة سيول في هذا الفصل الشديد البرودة، الكوريين على الاستمرار في حياتهم بالشكل الذي اعتادوا عليه، فالكوريون على خلافنا نحن العرب سكان المناطق الحارة الكسالى، شعب مضياف حيوي ممتلئ حيوية ونشاط، فلا البرد يثنيه عن الجري ولا الحرارة تعيقه أيضا، فأربعين سنة من الجهد سمحت بالقضاء على الفقر وتحقيق محيط معيشي راق جدا، صنعته أياد شعب لا يجلس للمقاهي أكثر من لحظات، يقدس الوقت والعمل وينبذ الكسل. عندما جاءتني الدعوة من مجموعة "أل،جي،إلكترونيك" لزيارة كوريا الجنوبية الواقعة في أقصى الشرق الآسيوي بالقرب من التنين الصيني، تسارعت إلى ذهني صورة واحدة وهي أن هذه البلاد لا تمتلك مؤهلات غير صناعة الإلكترونيات والسيارات وبناء السفن، خاصة أن الفكرة السائدة، لمن لم يذهب لزيارتها، تشير إلى أن اهتماماتها لا تتعدى صناعة الإلكترونيات ، كما أن تقدمها وتطورها محصور في هذا المجال، ولكن ولأن الإنسان عدو ما جهل، فإن زيارة العاصمة الكورية الجنوبية سيول إلى جانب المدن الكورية الأخرى، يشكل مفاجأة لزائرها سواء أكان للسياحة أو لأغراض أخرى ، ويتأكد بعيني رأسه بأن هذا البلد القابع على أطراف القارة الآسيوية، يستحق عناء الزيارة، ليس بهدف التجارة أو العمل فحسب، بل ليتعلم أهم درس في الحياة وهو تقديس الوقت واحترام الأخر.
عندما حطت بنا الطائرة التابعة للخطوط الجوية الكورية القادمة من باريس الفرنسية على الرحلة رقم " KE 902"، بعد 12 ساعة طيران بمطار إنشون الدولي، كان في دهني شيء واحد، وهو البحث عن جواب لسر هذا التقدم التكنولوجي الذي عم كل المدن الكورية التي تتباهى بمصانع التقنية الحديثة وناطحات السحاب التي تعد من الأعلى في العالم إلى جانب الشوارع الواسعة جدا التي يصر الكوريون على التأكيد أنها علامة على أن مدنهم صممت بامتياز لتكون مدن المستقبل.تقع جزيرة إنتشون في قلب شمال شرق آسيا ، وهي المنطقة التي تتطور بسرعة لتكون واحدة من بين أكبر ثلاث مناطق تجارية في العالم إلى جانب أوروبا وأمريكا الشمالية، ولهذا ، فإنه يقيم على بعد نحو ثلاث ساعات ونصف الساعة بالطائرة من إنتشون مليارا نسمة أو ما يعادل 32% من إجمالي سكان العالم ، ومع افتتاح مطار إنتشون الدولي، تحولت المدينة إلى مركز عالمي حقيقي .وتعتبر إنتشون جزيرة في منطقة ساحلية قريبة من سيول ، وتبلغ مساحة المدينة 986,45 كيلومتر مربع ، وعدد سكانها 2,6 مليون نسمة ، وتعمل فيها أكثر من 7535 شركة ، وهي أول منطقة كورية تنفتح على العالم الخارجي ، ومنذ نهاية عهد أسرة جوسون ، لعبت هذه المنطقة دورا رائدا في تحديث البلاد سياسيا ودبلوماسيا وعسكريا واقتصاديا، وهي حاليا مركزا للتجارة الدولية والتصنيع ، وهي في الوقت نفسه ، مدينة تقوم بتحويل نفسها لتكون في المستقبل مدينة صديقة للبيئة.
عندما نزلنا في مطار إنتشون الدولي تغير مفهوم التطور لدينا، فهو مطار ضخم ، ذكي ومتطور وجميل بكل المقاييس، بالشكل الذي يكشف عن عبقرية خارقة للعادة للرجل الكوري، وبمجرد أن أنهينا إجراءات الجمارك التي لم تدم سوى دقائق نزلنا إلى صالة استلام الأمتعة التي لم ننتظرها لأزيد من دقائق فقط، ثم خرجنا لنجد في انتظارنا عند البوابة شاب ظريف جدا عرفنا بعدما قدم لنا نفسه أن اسمه: هويا يونغ، يحمل في يده لوحة كتب عليها "وفد أل جي الجزائر 2008" وبالقرب منه حافلة كتب عليها نفس الشعار حملتنا إلى العاصمة سيول التي وصلناها بعد 45 دقيقة من السير على طريق سريع مزدوج واسع جدا، لم نجد فيه الزحمة كما تمنينا أن نجد فيه حفرة واحدة ، وعلى حافتي الطريق السريع بدأنا نكتشف ناطحات السحاب التي تعد من بين الأجمل في العالم وعددها 63 في العاصمة سيول وحدها، والتي تعتبر أجملها ناطحة السحاب الذهبية وهذا هو اسمها المستمد من لونها الذهبي بطوابقها الـ63 وتأوي مكاتب أكبر المجموعات المالية في كوريا وجنوب شرق أسيا إلى جانب مكاتب لكبريات الشركات الكورية، وتقع البناية على حافة نهر "هان كانغ" البالغ طوله (514 كم) وهو نهر يلعب دورًا مهمًا كشريان لعاصمة كوريا الحديثة التي تتميز بالكثافة السكانية العالية حيث بلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة، وهو نهر يقسم المدينة إلى قسمين تقعان على ضفتيه المدينة المترامية الأطراف، ويصل بين الضفتين 24 جسرا معلقا، لكل جسر 12 رواق مما يعني على زحمة السير في العاصمة السلام، على الرغم من أن عدد السيارات المسجلة في كوريا بلغ 16 مليون سيارة إلى نهاية فيفري الماضي، إلا أن كوريا لا تعاني شيء اسمه زحمة السير بالشكل الذي نعانيه في الجزائر ، والفضل في ذلك يعود إلى نوعية وكفاءة نظام حركة المرور الكوري ونوعية الطرقات الجيدة جدا، حيث يستحيل أن تجد حفرة واحدة على شبكة الطرق الكورية كلها، وهذا من باب الاحترام لدافع الضرائب الكوري الذي يدفع مقابل استخدام الطريق، كما يستحيل أن تجد بمسارين أو ثلاث مسارات فقط، حيث يتوفر أضيق طريق مزدوج على 4 أروقة من كل جهة، أما داخل المدن الرئيسية مثل سيول أو ديجو، فتصل الطرق إلى 6 أروقة في كل اتجاه، بمعنى 12 رواقا داخل المدينة وهو السر في شساعة المدن التي صممت لتكون فعلا مدنا مستقبلية. وتوجد على نهر هان 9 جسور أخرى قيد الإنشاء، حسب ما أكده مرافقنا هويا يونغ وهو شاب مليء بالحيوية والنشاط، يتحدث إنجليزية ممتازة بلكنة كورية جميلة جدا.
من المهم أيضا، أن نؤكد أن نهر هان كانغ لا تنبعث منه الروائح الكريهة مثل نهر الحراش، بل إن الحكومة أنشأت على ضفافه ملاعب للغولف ومتنزهات وحدائق للعائلات وأروقة لرياضة الدرجات ومرافق لرياضة الصيد. على الرغم من أن العاصمة سيول هي المركز السياسي والاقتصادي الرئيسي لكوريا، إلا أن الكوريون وهم بالمناسبة شعب مضياف جدا وخدوم وبدون كلل أو ملل، اشد حرصا على أن يزور أي أجنبي يزور البلاد أكبر عدد ممكن من متاحفهم وأبراج العاصمة ومراكز تسوقهم ومعالمهم السياحية، كما يحب الكوريون أيضا أن يزور أي أجنبي الأبراج الكثيرة الموجودة في مدنهم لأنها الفرصة الأمثل للإطلاع على مدنهم الرائعة المتقنة البناء والواسعة والنظيفة جدا، ويحرص مضيفوك الكوريون على تناول العشاء في قمة تلك الأبراج لأنها الفرصة الأمثل للاستمتاع بجمال مدنهم، ففي مدينة ديغو استقبلنا رئيس البلدية للعشاء في أعلى قمة برج ديغو الذي يتوسط حديقة التسلية، وهو برج دوار يسحر الناظرين يفوق ارتفاعه 157 م.
لكن الحديث عن الأكل في كوريا الجنوبية ، هو حديث دو شجون، لأن الطعام الكوري يسبب مشكلة للأجنبي، خاصة عندما يكون هذا الأجنبي مسلما ملتزما، فهو سيجد صعوبة في إيجاد شيء يناسبه من طعام، وهذه ليست مبالغة ولكنها حقيقة، فلا يوجد إلا الطعام الكوري فقط، وحتى الطعام الآخر مثل الصيني أو الأميركي وغيره من التخصصات العالمية، إن وجدت على قلتها فإنها تطبخ على الطريقة الكورية، بما في ذلك المطبخ التركي في العاصمة سيول الذي زرناه للعشاء بعد زيارتنا إلى مسجد سيول المركزي وأدائنا لصلاتي المغرب والعشاء جمعا وقصرا في المسجد المتواجد في منطقة إيتايوون الواقعة في يونغ سان غر ب سيول التي تعتبر منطقة ذات نكهة أمريكية لأن القاعدة العسكرية الأمريكية تقع في طرفها الشرقي. لكنها أصبحت الآن منطقة متوازنة بفضل تدفق العمال المهاجرين والتجار من آسيا وأفريقيا. وتأتي إلى مسجد سيول المركزي الجالية المسلمة. لتأدية الصلاة في المسجد وهي جالية مسلمة من باكستان وبنغلادش واندونيسيا وتركيا ونيجيريا وغيرها من البلدان الأخرى على جانب المسلمون الكوريون كل يوم الجمعة يأتون لتأدية الصلاة ، ويوجد في كوريا 140 ألف مسلم و12 مسجدا وهم مسجد العاصمة سيول ومسجد بوسان ومسجد كوانغ جو، مسجد جيون جي، مسجد أني أنغ، مسجد جوجي، مسجد بيبي يونغ، مسجد باجو، مسجد أنصان، مسجد داي جي، مسجد كوانغ جو، مسجد داي جيون ومسجد بوشين.
لقد كانت تجربة تناول وجبة كورية بالنسبة لي على الأقل تجربة بائسة، على الرغم من أنها معلما من معالم زيارة كوريا الجنوبية، وهو ما دفعنا إلى التريث وتغيير الطلبات إلى طلبات تشمل وجبة اسماك، لأن الشعب الكوري من أكثر شعوب العالم التهاما للأسماك، ففي سيول وكل المدن التي زرناها في كوريا يأكل الناس الأسماك بمختلف أنواعها بالقدر الذي يأكل الجزائريون الخبز، وربما أكثر، فلا تستغرب عندما تجد الجمبري في كل الأطباق التي لا تخلو من سيدها وهو الكمتشي الذي يعد بمثابة الأكلة الرئيسية على المائدة الكورية في أيام الفقر والمصاعب كان هو الطعام الأساسي وربما الأوحد، أما الآن فهو طبق مشهيات حار ولاذع، مكون من أوراق الملفوف أو الكرنب المتبل بالفلفل الأحمر وقطع الفجل والثوم والملح. يقول مرافقنا هويا يونغ ، زمان كان أهل كوريا يحضرون (الكمشي) في الشتاء ويحفظونه في أوانٍ كبيرة من الفخار، ثم يدفنونها في الأرض وتبقى فوهاتها ظاهرة، ويتم استهلاك الطعام منها طوال العام، وفي هذه الأيام لا يسأل أحد عن صحة الآخر، أو عن أحوال محصوله، يكتفي فقط بسؤاله: (كيف حال الكمشي هذا العام ؟).
ورغم ثقافتهم الخاصة جدا في الأكل، فهم يجهدون أنفسهم لإرضائك مهما كان الثمن، رغم أنهم لا يتحدثون اللغة الإنجليزية ، وحتى أولئك الذين يتحدثون بها فإنه لا يمكن فهم كل الكلمات التي ينطقونها بسبب صعوبة نطق كافة حروف اللغة الانجليزية مقارنة بحروفهم التي تزيد على 300 حرف، ومع ذلك فهم شعب يستحق أن يطلق عليه اسم "مدرسة الأخلاق والاحترام"، ولو لم يجد زائر كوريا الجنوبية من زيارته إلا الاستمتاع بالطريقة التي يحترم بها الكوريون زوارهم والطريقة التي يخدمونهم بها فيكون قد حقق من خلال ذلك كل حلمه ، فالكوري يبذل أقصى إمكانياته من أجل أن يشعرك أنه يكن لك كل الاحترام، وطريقتهم هذه لا تقتصر على الابتسامة التي لا تنقطع، ولا على الانحناء الذي يستقبلونك ويودعونك به في المصنع والمطعم والحافلة وسيارة الأجرة والمقهى، ولكن الكوريين يحرصون كل الحرص على مساعدة الغرباء بأقصى ما يمكن لهم أن يفعلوه، وليس من سبيل المبالغة أن طريقة الترحيب التي يستخدمها الكوريون ربما تكون فريدة من نوعها في العالم. بعد عودتنا من العشاء في مطعم ماكينو شايا الفخم في قلب العاصمة سيول والخاص بالأسماك، سارعنا إلى الراحة لأن في الغد برنامج عمل مكثف يقودنا إلى مقاطعة بيونغ تاك مقر مصنع "أل،جي" للثلاجات ، وهي مدينة تبعد عن العاصمة بحوالي 400 كم توجهنا إليها بالطائرة من مطار الخطوط الداخلية في العاصمة سيول وهو بالمناسبة لا يقل روعة وجمالا عن مطار إنتشون الدولي. عندما وصلنا إلى المطار اقتطعنا تذاكر إلكترونية، من الشباك، ويمكن أن تقتطع تذكرة بنفسك من الموزع الإلكتروني بمجرد تمرير بطاقة الائتمان وتحديد الوجهة التي تقصدها. من الطائرة يمكن أن ترى مدنا وكأنها رسمت بريشة فنان عالمي موهوب، لا مكان في المدن الكورية التي شاهدناها جميعها لبنايات فوضوية، كما لم نجد في كل المدن التي زرناها بناية غير منتهية الأشغال كما نراه في مدننا، حيث يعد ذلك من سابع المستحيلات مثله في ذلك استحالة أن تجد حفرة في الطريق أو ورقة أو عقب سجارة ملقاة في الشارع. لقد راهنت زميلي فريد من يومية المجاهد أن أعطيه ورقة 100 دولار إن وجد حفرة في الطريق ولسوء حظه والحمد لله كسبت الرهان.
"أل،جي، إليكترونيك" معجزة كورية بكل المقاييس
لا تكاد توجد شركة لصناعة المنتجات الإلكترونية من اليابان إلى الشيلي مرورا بألمانيا إلا وتستخدم أشباه الموصلات الكورية التي تمكنت من أن تصبح من أهم مصادر الدخل لكوريا الجنوبية التي أحتفلت السنة الماضية بعشر تقنيات مستجدة في عالم الصناعة والتكنولوجيا والتي تمثلت في تطوير ناقلة الغاز الطبيعي المسال وجهازا ضوئيا دقيقا من شركة الاتصالات الكورية الجنوبية ونظام تكييف هواء لمحولات التيار الطردي من شركة أل جي إليكترونك، ومن هذه المستجدات، ست تقنيات دخلت مضمار التكنولوجيا في العالم لأول مرة على الإطلاق، وأربع تقنيات من فئة التكنولوجيا الأكثر تقدما، وجميعها ساهم إيجابيا في الاقتصاد الكوري الجنوبي، كما ساهمت في تطوير كافة قطاعات التكنولوجيا في مجال الصناعات الجوية والهندسة البحرية والتكنولوجيا الحيوية والطاقة والبيئة في العالم، إن السر في المعجزة الكورية هو العمل، ثم العمل، ثم العمل.لقد تزامنت زيارتنا إلى المقر الرئيسي لمجموعة "أل،جي" بالعاصمة سيول، والمقر عبارة عن برجين توأمين شاهقين جدا، بمحاذاة مقر البرلمان الكوري، مع حفل تنصيب رئيس الجمهورية الكوري الجدي يوم الاثنين 25 فيفري الماضي بحضور 60000 مدعو يتقدمهم رئيس حكومة اليابان ياسو فوكودا ووزيرة الخارجية الأمريكية رايس، ورغم ذلك الحشد الضخم لم تتوقف حركة المرور وكان يمكن أن لا ننتبه إلى ذلك لولا كثرة الأعلام التي زينت بها الشوارع مما دفعنا لمداعبة مرافقنا بالقول هل سيزور رئيس كوريا هذا البلد اليوم؟ فرد علينا باسما، لا اليوم حفل تنصيب الرئيس الجديد ليي ميونغ باك، الفائز فى الانتخابات بنسبة 48،7 في المائة برفعه شعار "الاقتصاد أولا"، مضيفا أن الصحافة الكورية أبرزت أنه أرتقى من فقير إلى رئيس مجلس إدارة شركة "هيونداى" العملاقة للهندسة والبناء. ووعد هو نفسه بأن يكون "رئيس مجلس إدارة" كوريا الجنوبية، وكان له ذلك.
لقد ساهمت في صناعة هذه المعجزة شركات كورية جنوبية وفي مقدمتها عملاق صناعة الإلكترونيات "أل.جي" الذي يمثل جزء مهم من رئة الاقتصاد الكوري القوي والذي احتفل السنة الماضية بدخول جهاز تلفزيونه 100 بوصة كتاب غينيس للأرقام القياسية، وواحدة من أهم المجموعات التي يفخر بها الشعب الكوري، ففي العاصمة سيول وبقية المدن التي زرناها خلال زيارتنا إلى كوريا، لا تكاد تغيب عن عينيك علامة "أل.جي" من المصاعد إلى أجهزة تكييف الهواء إلى آلات الغسيل ومنها إلى أجهزة التلفاز وشاشات البلازما، مرورا بأجهزة النقال. فليس من الغرابة أن يقول لك أي مواطن كوري أن "أل،جي" هي علامة الشعب الكوري بامتياز، فهي تشغل 82000 موظف في مصانعها حول العالم بحجم مبيعات بلغ 38,5 مليار دولار، بفضل ثلاث قطاعات نشاط رئيسية تتمثل في الأجهزة الرقمية والتجهيزات وأجهزة الاتصالات المختلفة و الأجهزة الكهرومنزلية العالية الجودة ومنها أجهزة الطبخ الغسالات والثلاجات الذكية، حيث تعد "أل،جي" في شركة في العالم تسوق منتجات مطبخ ذكي متكاملة، تتضمن ثلاجة وجهاز ميكروويف وألة غسيل وألة طبخ ومكيف هواء، وكلها يمكن التحكم فيها عن طريق شبكة الانترنت.كما أن شركة "أل،جي" استبقت خطاب الرئيس الجديد الذي نصب يوم 25 فيفري الماضي، والذي تحدث عن نقطتين وهما بعث الاقتصاد الكوري والمضي قدما بموضوع الوحدة مع الجارة الشمالية، حيث قررت الشركة بناء أكبر مصنع للشاشات المسطحة في العالم بالقرب من المنطقة الحدودية المنزوعة السلاح بالشراكة مع مجموعة فليبس، وسيتم إنتاج الشاشات المسطحة من البلور السائل من الجيل السابع والتي تصل مساحتها إلى 4م2، بجودة عالية جدا حيث تصل نسبة التباين إلى أكثر من 6 مليون نقطة و1.1 مليار لون.