في بداية شهر آب/أغسطس من عام 1914 قامت الكتيبة التاسعة للسكك الحديدية في مدينة تارنوبول المتمركزة في الجبهة الجنوبية الغربية ببناء أول قطار مصفح روسي مؤلف من قاطرة نمساوية-مجرية الصنع وثلاث مقطورات اثنتين مخصصتين للأسلحة الرشاشة وأخرى لمدافع الهاون. وبالتحديد فقد تضمن السلاح الموجود في هذا القطار من مدفع ميداني نمساوي عيار 80 ملم ورشاشات نمساوية من طراز "شواردز لوز" من عيار 108 ملم مع العلم أن القطار مزود أيضاً ببرج خاص لمراقبة ساحة المعركة مثبت على سطح إحدى المقطورات المزودة بالرشاشات. أما فيما يتعلق بمادة التصفيح فهي من الفولاذ العادي بالإضافة إلى طبقات من ألواح الرمل
وقتئذ تم تعيين الملازم بيلوف قائداً للقطار ضمن قوات الجيش الثامن على اتجاه مدينة الفوف. وفي 22 من شهر آب/أغسطس من عام 1914 وعند الهجوم على مدينة ستانيسلاف، تمكن القطار المصفح من الاستيلاء بشكل مفاجئ على الجسر الإستراتيجي مما مهد للاستيلاء بشكل سريع على المدينة. وعلى الرغم من الطبيعة البدائية لتصميم هذا القطار إلا أنه استخدم بنجاح خلال معركة جرت في غاليسيا.
يشار إلى أن القطار جرى تحديثه في وقت لاحق حيث تم إضافة مقطورة مزودة بمدافع من عيار 80 ملم كما تم تعزيز حماية الرشاشات والمدفعية. وفي بداية عام 1916 حصل القطار على قاطرة مصفحة جديدة روسية الصنع بدلاً من القاطرة النمساوية، مع الإشارة إلى أن السرية الرابعة من كتيبة زامورسك الأولى بقيادة النقيب كيرجي فوبلوتسكي هي التي قامت بتصفيح القاطرة الجديدة.
جدير بالذكر أن طاقم القيادة كان مؤلفاً من المقدم الفوف والنقيب كونديرين حتى شهر آب/أغسطس من عام 1917. وعلى الرغم من استقرار الجبهة بشكل نسبي إلا أن قطار الكتيبة التاسعة المصفح قدم دعماً كبيراً لقواته، إليكم بعض الأمثلة.
الصورة: قطار الكتيبة الخامسة للسكك الحديدية في سيبريا المصفح في أوست-دفينسك. 1916.
في 29 من شهر حزيران/يونيو من عام 1916 قام طاقم القطار المدرع ببناء خط للسكك الحديدية سراً بالقرب من قرية خوداتشكوفا وتمكن من القيام بهجوم مفاجئ مكّن فوج قوات المشاة من الاستيلاء على المواقع النمساوية.
وبفضل الهجمات الجريئة والنيران المكثفة في 3 و17-20 و22 من شهر أيلول/سبتمبر لعام 1916 ساهم القطار وقدم المساعدة للمشاة الروس من أجل الاستيلاء على التحصين رقم 348 وغابة ليسونسكي عند الهجوم على بجيزان.
وفي صيف عام 1917 اعتمدت قيادة القطار المدرع قراراً لضم وإدراج القطار في قائمة العمليات الانتحارية. وفي 23 من شهر حزيران/يونيو لعام 1917 تحرك القطار المصفح التابع آنذاك للفيلق الثاني عشر في الساعة الواحدة بعد الظهر نحو جسر بيسترجيتسك وفتح نيران مدفعيته نحو مواقع العدو، وفي غضون 45 دقيقة قام القطار بإطلاق 114 قذيفة دون أن يتعرض لضرر جسيم على الرغم من حقيقة أن العدو فتح نيرانه القوية نحو القطار.
وفي المعارك التي جرت بالقرب من محطة غوسياتين-روسكي في 17-19 من شهر تموز/يوليو 1917 منع القطار المدرع العدو الألماني بدون الحصول على أي دعم من المشاة، من شن هجوم على الضفة اليسارية من نهر زبروتش. وقد ذكر التقرير الذي قدم عن المعركة في 18 من شهر تموز/يوليو 1917 أنه تم ترميم ما تعرض له القطار من تدمير من قبل العدو في ليلة السابع عشر من شهر تموز/يوليو على الرغم من الصعوبة التقنية الكبيرة آنذاك.
وفي الثامن عشر من شهر تموز/يوليو اقترب القطار سراً من الخطوط المتقدمة، وبعد أن أوعز قائد الفرقة تقدم القطار بسرعة إلى ما بعد الخنادق الأمامية لمحطة غوسياتين وفتح مدفعيته المكثفة باتجاه قرية أولخوفتشيك في الواقعة في الضفة المقابلة لنهر زبروتش. وبطبيعة الحال كان العدو مرتبكاً وبدأ بإطلاق الصواريخ الحمراء والخضراء في اتجاه القطار وفتح مدفعيته الثقيلة ونيرانه مما أحدث ضرراً في مناطق عديدة من درع القطار.
وبعد أن بقي القطار نحو 25 دقيقة في خط النار تراجع خوفاً من أن يلحق بالسكة الحديدية ضرراً. وبعد مرور أربع ساعات أعاد القطار الكرة بناء على أوامر من قائد الفرقة بعد أن حذر قوات المشاة الموالية من الهجوم الذي كان يهدف إلى إجبار العدو التقهقر إلى ما وراء نهر زبروتش .
يمكن أن نعزي نجاح هجمات القطار إلى أن العدو كان واثقاً من تدمير درع القطار أثناء الهجمة السابقة وبالتالي لم يراقب حركته مع العلم أن أداء القطار المدرع كان ذو أهمية كبيرة بالنسبة لرفع معنويات القوات الصديقة وإدخال الذعر إلى قوات العدو.
بعد إنهاء القتال بالقرب من روسين تم إرسال القطار المدرع التابع للكتيبة التاسعة إلى كييف وذلك لإخضاعه لعمليات تصليح وترميم، ولكن سرعان ما شارك في القتال أثناء اندلاع معركة على الجبهة في شهر آب/أغسطس.
وبحلول ذلك الوقت كانت حالة القطار تتطلب إصلاحات هامة وكبيرة ولهذا طلبت قيادة الكتيبة الحصول على إذن لإجراء هذه الإصلاحات، وبالفعل تم ذلك إلا أنه لم يتم مكان الإصلاح. وفي 20 من شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 1917 أعلن قائد الكتيبة التاسعة للسكك الحديدية في مقر قيادة الجبهة قائلاً: "نظراً إلى ضرورة إجراء إصلاح عاجل لكامل القطار المدرع غادرنا إلى منطقة لارغو ونحن الآن بانتظار إشعار آخر".
وقد ذكرت آخر وثيقة كتبت عن القطار في شهر كانون الأول /ديسمبر من عام 1917 ما يلي: "لا يمكننا إرسال القطار المدرع للإصلاح إلى كييف أو أوديسا لعدم وجود مراكز وورش عمل رئيسية تقوم بهذه المهمة، ولهذا ومن أجل كسب الوقت الرجاء إرسال القطار المدرع إلى محطة موغيليف- بودولسكي".
تجدر الإشارة إلى أن كاتب هذه المقالة لم يتمكن من العثور على وثائق خاصة بهذا القطار المدرع في النصف الأول من عام 1918 وكذلك وثائق تخص العديد من القطارات الأخرى التابعة للجيش الروسي في ذلك الوقت. ولكن على الأغلب فإن قيادة هذا القطار انتقلت وأصبحت من أنصار السلطات السوفيتية وقاتلت ضد الألمان والقوات الأوكرانية المعادية.
وبأمر من إدارة تسنترأوبرون، وهي هيئة تعني بشؤون الآليات المدرعة والقطارات المدرعة التابعة للجيش الأحمر، رقم 19 تاريخ 21 تشرين الأول/أكتوبر عام 1918 تم الإعلان عن قائمة قيادة قطار الكتيبة التاسعة المدرع والمؤلفة من 80 شخص بينهم من كان يخدم في سنوات الحرب العالمية الأولى مثل فلاديمير تادوليفيتش الذي خدم في القطار في 10 من شهر آذار/مارس 1915 وقائد الفصيلة استيبان خارمانينكو الذي خدم في هذا القطار منذ 15 تشرين الثاني/نوفمبر لعام 1918.
وفي وقت لاحق وبعد الحصول على درع جديد من مصنع بريانسك تابع القطار التاسع المدرع قتاله على الجبهة الجنوبية حتى فقدانه في شهر أيلول/سبتمبر لعام 1919.
http://arabic.ruvr.ru/2013_10_10/122672930/