قال رئيس جهاز أمن إسرائيلي سابق إن التحديات الاستراتيجية التي تواجه إسرائيل خلال عام 2012 تتلخص في التهديد الإيراني، والفوضى التي نشأت بسبب ثورات الربيع العربي التي تجتاح المنطقة وتأتي بالإسلاميين إلى الحكم؛ وهو ما بات يُعرف بـ"الشتاء الإسلامي"، حيث يتوجب على إسرائيل أن تعي حجم وخطر تلك المتغيرات التي تحيط بها، بالإضافة إلى تعثر المسيرة السلمية مع الفلسطينيين، الأمر الذي يستوجب البحث عن أفكار خلاقة لإحيائها من جديد ودفعها قدما.
ورأى المسؤول الأمني ان الازمة الاقتصادية العالمية التي بدأت مؤخرا بالتأثير على أوروبا تشكل تحديا أمنيا يجب على اسرائيل مواجهته والتعامل معه؛ اذ تعتمد اسرائيل بشكل كبير على صادراتها لأوروبا.
وأشار المسؤول السابق إلى أن امتلاك حزب الله وحماس عدد كاف من الصواريخ التي يمكنها استهداف وسط إسرائيل، وبقاءهما على علاقة وثيقة بإيران يشكل خطرا ينبغي على إسرائيل متابعته باستمرار.
وحذر رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي السابق من مغبة السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي، معتبرا "أن العامين القادمين 2012 و2013 يشكلان عامين حاسمين بخصوص هذه المسالة، حيث يسابق الإيرانيون الزمن لامتلاك سلاح نووي يهدد أمن واستقرار إسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط وأوروبا."
ودعى لإثارة هذا التهديد الإقليمي في جميع المحافل، لكنه أبدى معارضته الشديدة لبحث تفاصيل المعلومات الاستخبارية المتوفرة، والقدرات والخيارات وإمكانات الرد عليه وتوقيت وحدود ذلك الرد، والقرارات المتخذة أو الآخذة في التبلور عبر وسائل الإعلام وفي العلن، بل داخل غرف مغلقة.
وعدّد الاستراتيجيات الست المطروحة للتعامل مع التهديد النووي الإيراني وموقف اسرائيل منها، ذاكرا "استراتيجية الدبلوماسية التي اتبعها الاتحاد الأوروبي منذ عام 2003، لكنها لاقت نجاحا ضئيلا؛ فرض عقوبات بالتدريج على إيران والانتقال من العقوبات العادية إلى العقوبات الصعبة، لكن هذه الاستراتيجية لن تنجح في ثني الايرانيين عن استمرار جهودهم للحصول على سلاح نووي؛ عملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية وعدم التسليم بقبول امتلاكها سلاح نووي بأي حال من الأحوال؛ إستخدام قوة عسكرية أكبر والاستمرار في التفاوض معها؛ تغيير النظام الإيراني؛ واحتواء إيران عبر قبولها كدولة نووية في المنطقة".
وعقّب المسؤول الأمني الإسرائيلي الأسبق رفيع المستوى على تلك الاستراتيجيات الست، ورأى أنه "لا يمكن أن ينجح استخدام أي منها لوحده ولا يعتبر كافيا، ولا بد من استخدام أكثر من استراتيجية في الوقت نفسه مجتمعة".
وقال: "إن ايران لا تشكل خطرا على إسرائيل لوحدها، بل على جميع دول المنطقة -والخليجية منها، وحتى أوروبا، حيث تمتلك إيران صورايخ يبلغ مداها 1300 كيلومترا باستطاعتها استهداف دول أوروبية."
وأردف: "لا يعني أن إيران النووية ستطلق غدا صاروخا يحمل رأسا نوويا متفجرا تجاه إسرائيل، بل ما يجب علينا في إسرائيل أخذه بجدية هو قيام قيادة من المستوى المتوسط بمثل تلك الخطوة، وليس بالضرورة أن يكون القرار قد اتخذ على أعلى المستويات؛ كمحاولة القيادة الإيرانية قبل أشهر اغتيال السفير السعودي في واشنطن."
ونبه إلى أن "التسليم بوجود إيران نووية يعني أن لا تقف السعودية مكتوفة الأيدي، حيث ستسعى هي ومصر وتركيا والعراق لامتلاك أسلحة نووية بحيث يصبح الشرق الأوسط جميعه نوويا".
وشدد رئيس الجهاز الاستخباري الإسرائيلي السابق على أنه "على كل من رئيس وزراء إسرائيل ورئيس الولايات المتحدة الأميركية أن يتخذا في عامي 2012 و2013 قرارا صعبا: هل سنقبل بالقنبلة النووية الايرانية أم نضرب إيرانthe bomb or bombing?"
وحول إمكانية رد إيران على قصف مفاعلاتها النووية، قال "إن الإيرانيين يتوقعون الهجوم الإسرائيلي ولن يشكل مفاجأة لهم، إلا أنهم سيردوا بالتأكيد؛ لكن علينا أن نميز بين رد يحفظ كرامتهم ويؤدي إلى مقتل 500 إسرائيلي على أكثر تقدير، وبين اندلاع حرب شاملة، لأن ذلك سيعرض غاز وبترول إيران وبنيتها التحتية للخطر حيث يشكل النفط ما نسبته 60% من دخلها السنوي".
ورأى أنه "لن تنشب حرب إقليمية، لاسما أن سوريا وحزب الله ليسوا في وضع جيد هذه الأيام، وإن كان من الممكن أن يطلق حزب الله 10 صواريخ تجاه تل أبيب، وهو يدرك أن لبنان سيتم تدميره إن شارك بأكثر من ذلك، ولا أعتقد أنه معني الآن بتدمير لبنان، لأنه بات ممثلا في الحكومة، لكني لا أتوقع أن تشارك سوريا في الرد بسبب قصف ايران."
وحول إمكانية مشاركة حماس في الرد على قصف إيران، قال: "حماس تمتعت بأموال وأسلحة إيران، لكنها لن تقدم غزة قربانا لإيران."
وردا على سؤال لموقعنا حول مقدرة سلاح الجو الإسرائيلي على القيام بالمهمة بمفرده، رد المسؤول الأمني الذي خدم 33 عاما كطيار مقاتل في سلاح الجو السرائيلي قبل توليه قيادة جهاز الأمن: "يستطيع سلاح الجو الأميركي القيام بالمهمة بسهولة أكثر مما تتصور، مضيفا "عندما أقول الأميركي عليك أن تفهم ما أقصد، وأن تحسن قراءة واستدراك ما بين الكلمات."
ولفت إلى أن الولايات المتحدة أصرت على إسرائيل أن لا تنفذ ضربة ضد إيران قبل تشرين ثاني/ نوفمبر 2012، معللا التباين بين الموقفين الأميركي والإسرائيلي من إيران بقوله "إن دولة عظمى كالولايات المتحدة -ولديها إمكانيات- تقول لا نريد إيران نووية، لكن المشكلة ليست مشكلتنا؛ بينما تصر إسرائيل على أنها لن تسمح لإيران بأن تصبح دولة نووية."
وقال المسؤول الأمني السابق إنه لا يتوقع أن يقوم الرئيس السوري بشار الأسد بفتح جبهة حرب مع إسرائيل لصرف الأنظار عن الثورة الداخلية ضده والتي تشتد يوما بعد يوم، وأضاف أن إسرائيل تتمنى غيابه عن الأنظار في أقرب فرصة ممكنة، معبرا عن موقفه هذا بالقول "بالنسبة لسوريا أقول إن الشيطان الذي لا تعرفه خير من الشيطان الذي تعرفه."
وبشأن تدهور علاقة إسرائيل بتركيا، قال المسؤول الأمني الإسرائيلي الكبير: "أنصح رئيس وزرائنا بالاعتذار لتركيا، لكني أهمس في أذنه بأن اعتذارك لن يغير شيئا في موقف رجب طيب أردوغان من إسرائيل الذي يستخدم عداءه تجاهنا كمنفذ للولوج إلى دول الشرق الأوسط."
وفي معرض رده على سؤال لموقع الأمن والدفاع العربي SDA حول تراجع مكانة وقوة إسرائيل الاستراتيجية إقليميا وعالميا، بسبب سياسة حكومتها اليمينية التي اغضبت حليفتها الولايات المتحدة وأحرجت الاتحاد الاوروبي قال "عندما يتعلق الامر بأمن اسرائيل فان الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وكندا تقف الى جانبنا؛ لدينا أقوى تعاون استخباري مع الولايات المتحدة، مناورات عسكرية مشتركة كل عام، ونحصل على مساعدات قيمتها 3 مليارات دولار، ومولت الولايات المتحدة مشروع القبة الحديدية، والكونغرس الاميركي يؤيد إسرائيل، وستجد الولايات المتحدة تقف الى جانب اسرائيل ضد أي تحد امني يواجهها، كما حدث عندما توجه الفلسطينيون الى مجلس الامن الدولي للمطالبة بالحصول على دولة" وأضاف "قد لا تكون الولايات المتحدة وعدد من الدول الحليفة لإسرائيل راضية عن سياسة الحكومة، لكن قبل 50 عاما لم يكن لدينا علاقات مع الصين والهند وروسيا مثلما لدينا اليوم، والاتحاد الاوروبي الذي يؤيد مساعي الفلسطينيين السياسية وكندا ملتزمين بأمن اسرائيل."
وتوقع رئيس أحد اقوى أجهزة الامن الاسرائيلية السابق ان لا يقوم الاسلاميون المصريون بعد نجاحهم في البرلمان وتشكيل الحكومة بإلغاء اتفاقية السلام مع اسرائيل حيث يعيش 6 ملايين مصري على عائدات السياحة وعلى الحكومة المصرية ان توفر يوميا 240 مليون وجبة غذاء لإطعام 80 مليون مواطن، ولا يمكن ان تضحي الحكومة المصرية بالمساعدات الاميركية والأجنبية لمصر، كما أنه من المستحيل أن يستبدل المصريون الخبز بالبندقية."
وحول استعداد إسرائيل للتعاون مع حكومة يشكلها الإخوان المسلمون، قال المسؤول الأمني الإسرائيلي السابق: "إسرائيل لا تتدخل في الشؤون الداخلية المصرية، لكن إذا شكل الإخوان المسلمون الحكومة فعلى إسرائيل أن تتحدث معهم".
المصدر : http://www.sdarabia.com/preview_news.php?id=24697&cat=1