من قل ان حرب المياه ستكون مع مصر ودول حوض النيل فقط
لالالالالا انه اكبر من ذلك بكتير انه تقريبااا الشرارره الاوله لنزلق العالم الى حرب النهايه
(حرب البقاء على الخرايطه)
تعاله لنعرف
تقرر أن يعقد في جدة في تشرين الأول (أكتوبر) 2010 المنتدى الدولي
السعودي للمياه والطاقة وتحضره مجموعة كبيرة من العلماء والمهتمين بموارد
المياه والطاقة من كل أنحاء العالم، وسيكون في مقدمتهم المهندس عبد الله
الحصين وزير المياه والكهرباء، ولعله من حسن الصدف أن يعقد هذا المؤتمر في
ظروف يتصاعد فيها الصراع حول موارد المياه في منطقة الشرق الأوسط.
منذ سنوات قليلة خلت كان المراقبون يقولون إن الحرب العالمية المقبلة
ستندلع من منطقة الشرق الأوسط، وستنفجر الحرب بين الدول بسبب النقص الهائل
في المياه، وكنا حينما نسمع هذا الكلام لا نأبه به كثيرا، بل كنا نستبعده
لأن إسرائيل كانت تغرقنا في مشكلاتنا التي لا تنتهي ولن تنتهي.
لكن يبدو الآن أن مزامير الحرب ــ بسبب المياه ــ بدأت تقرع طبولها في أكثر من مكان.
لقد أصبحت إسرائيل تستحوذ بالقوة على النصيب الأكبر من المياه العربية
المتدفقة من نهر الأردن ونهر الليطاني وبحيرة طبرية، لكن العرب بسبب تمسكهم
بسراب خيار السلام صرفوا النظر عن بناء قواتهم المسلحة طوال أكثر من 30
عاماً، وكانت النتيجة أن القوات المسلحة في الدول العربية ضعفت عسكرياً
مقابل استمرار إسرائيل في بناء قواتها المسلحة بكل أشكال وألوان الأسلحة
الفتاكة والمحرمة دوليا.
إزاء هذا التفوق العسكري الإسرائيلي بات العرب يقبلون مرغمين ومذعنين
بالوضع الحالي لأزمة المياه، لكن أزمة المياه بين العرب وإسرائيل ستدخل ــ
عاجلاً أو آجلا ــ مرحلة تستحيل معها الحياة دون ماء، وعندئذ تكون الحرب
بين العرب وإسرائيل على المياه خيارا لا مفر منه.
وبالنسبة لسورية والعراق، فإنهما تتأذيان من مجموعة السدود التي أنشأتها
تركيا للتحكم في تدفق مياه دجلة والفرات، وطبعاً يعد الانخفاض في تدفق
المياه إلى نهري دجلة والفرات تهديداً مباشراً للحياة في سورية والعراق.
لكن الحكومة التركية بزعامة حزب العدالة الإسلامي نجحت في بناء علاقات
ودية حميمة مع كل الأقطار العربية، هذه العلاقات الحميمة مكنت هذه الدول من
التوصل إلى الحد الأدنى من الاتفاق مع تركيا.
أمّا دول الخليج العربية فقد واجهت الحكومات الخليجية شح المياه بتنفيذ
أكبر مشاريع تحلية المياه في العالم، واستطاعت أن تعالج مشكلة النقص في
المياه بالتحلية، لكن تحلية المياه ــ كما يقول الخبير العالمي فاروق الباز
ــ لا تصلح للزراعة، بمعنى أن تحلية مياه البحر روت ظمأ الناس لكنها لم
ترو ظمأ الأرض، وبذلك فشلت خطط الأمن الغذائي في دول الخليج التي كانت ترمي
إلى توفير سلة الغذاء للمجتمع الخليجي في أي وقت وبأقل الأسعار الممكنة.
واليوم بدأت أهم إحدى مشكلات المياه تطل بقفازات من حديد، فقد أعلنت
ثماني دول إفريقية اعتراضها على حصص المياه التي تأخذها مصر والسودان من
نهر النيل، وفشل آخر المؤتمرات الذي عقد في شرم الشيخ في الشهر الماضي في
التوصل إلى اتفاق يسوي الخلافات بين هذه الدول, التي يبدو أنها أخذت
أبعاداً سياسية واقتصادية وقانونية بالغة التعقيد.
وكانت مصر تريد أن تستبق الأحداث فدعت الدول المطلة على نهر النيل
(ثماني دول + مصر والسودان ) إلى اجتماع في شرم الشيخ للتوفيق بين دولتي
الحوض (مصر والسودان) ودول المنبع الثماني.
وكان أهم الأوراق المطروحة للحوار هو اتفاق الإطار الذي نظمته اتفاقية
دولية حبكتها بريطانيا العظمى عام 1929 حينما كانت الدولة العظمى التي كانت
تستعمر عدداً كبيراً من دول إفريقيا.
وكانت الاتفاقية المذكورة قد نظمت العلاقة على أساس ما تملكه كل دولة من
الأراضي الزراعية، ويومذاك حصلت مصر على 55 مليار متر مكعب على أساس
ملكيتها ستة ملايين فدان من الأرض الزراعية، وحصلت السودان على 28 مليار
متر مكعب، وذهبت باقي المياه إلى الدول الثماني الأخرى وفي طليعتها إثيوبيا
التي تتقدم جميع الدول المعارضة لمصر والسودان.
وتراهن الدول المعارضة على ضرورة إعادة النظر في اتفاقية الإطار وإعادة
توزيع الحصص على أساسين, الأول يعتمد على نسبة مساهمة كل دولة في مياه
النيل، والثاني المستوى الذي بلغته الأراضي والموارد والحاجة إلى المياه في
السنوات الـ 50 الأخيرة.
لكن مصر تعترض على هذا الموقف وتراهن على أن اتفاق الإطار الذي وقع من
جميع دول حوض النيل عام 1929 هو بمثابة اتفاقية دولية نافذة وسارية
المفعول، لكن مصر ــ مع ذلك ــ تقبل بالتفاوض والحوار وإجراء بعض التعديلات
بما يراعي المستجدات في الدول الإفريقية ومشاريعها.
إن أهم ما يلفت الانتباه في قضية الخلاف الجديد بين مصر والسودان من
ناحية وثماني دول إفريقية من ناحية أخرى, هو التغيير الكبير في المناخ
السياسي والاقتصادي في القارة السمراء، فمصر في الستينيات أخذت من دول
إفريقيا كل الذي تريده حينما كانت مصر تقود حركة تحرير إفريقيا وكان الرئيس
جمال عبد الناصر يومذاك زعيماً ليس لمصر فقط، وإنما لكل إفريقيا، ولذلك
استطاع أن يبني السد العالي كما استطاع أن يأخذ مع السودان النصيب الذي
يريد من المياه، أمّا اليوم فإن الأوضاع الاقتصادية والسياسية تساعد دول
إفريقيا على التمرد ومراجعة الاتفاقات السابقة كافة، لأن مصر لم تعد مصر
عبد الناصر، وإنما تراجع دورها السياسي ــ مع الأسف الشديد ــ حتى وصل إلى
درجة الغياب التام، وأمام هذا الغياب دخلت إسرائيل التي كانت تتحين فرصة
خروج مصر من القضايا الإفريقية (وأيضاً العربية) وأصبح لإسرائيل حضور قوي
في إفريقيا وبالذات في إثيوبيا التي عقدت معها اتفاقيات لبناء سدود في نهر
النيل، يضاف إلى ذلك أن الوضع الاقتصادي في دول إفريقيا يفرض على هذه الدول
المطالبة بمراجعة الاتفاقات السابقة والحصول على كامل حقوقها المائية في
نهر النيل .
وإذا كان المفاوض المصري يلوح بالعامل الديمغرافي ويقول إن مصر بلغت 82
مليون نسمة، فإن بعض دول إفريقيا تجاوزت 100 مليون نسمة، ولذلك فإن ورقة
العامل الديموغرافي لم تعد ورقة مقنعة في المفاوضات، بل أصبحت ورقة لمصلحة
الدول التي تطالب بإعادة توزيع حصص مياه النيل.
إن المطلوب من مصر أن تسعى إلى الحوار مع هذه الدول, وأن تجعل الحوار
اللغة الوحيدة في عمليات التفاوض حتى الوصول إلى اتفاق ثابت وراسخ حتى لو
اضطرت مصر إلى التنازل عن بعض مواقفها، لأن التهديد بالحرب الذي يلوح به
بعض المصريين لن يحل المشكلة، بل نستطيع الجزم بأن الحروب لم تحل أي مشكلة
في العالم. وإذا كانت مصر قد فرحت من إلغاء حربها مع إسرائيل، فإن تورطها
في حروب مع ثماني دول إفريقية شرسة سيضعها في موقف مؤسف ومؤلم جداً
ولكن الماء هو مهد الحياة الأول، والحياة على هذه الأرض كلها تعيش على ماء المطر، إما مباشرة وإما بما ينشئه من جداول وأنهار على سطح الأرض، ومن ينابيع وعيون وآبار من المياه الجوفية المتسربة في باطن الأرض منه، ومن ماء السماء وماء البحر والنهر إلى ماء النطفة الذي تنشأ منه الحياة البشرية، فمن خلية واحدة ينشأ ذلك الخلق المعقد المركب وهو الإنسان، وما في الماء من حياة تتم بإرادة الخالق لغاية تحققها نواميسه، بحيث لا تطغى مياه المحيطات المالحة لا على الأنهار ولا على اليابسة، حتى في حالات المد والجزر التي تحدث من جاذبية القمر للماء الذي على سطح الأرض .
ومع ذلك بدأ الإنسان غير مكترث بالحفاظ على هذه النعمة وسعى للسيطرة عليها، ففي ظل حرب المياه القادمة والصراعات المقبلة على منابعها، حذر البروفيسور روجر فالكونر مدير مركز البحوث البيئية المائية في جامعة كارديف البريطانية من استيراد الدول المتقدمة للمياه من الدول النامية، وأوضح في تقرير أعده أن ثلثي المياه المستخدمة في بريطانيا تستورد من دول نامية ذات موارد مائية شحيحة، مشيراً إلى عدم استدامة الوضع في ظل شح الموارد العالمية وازدياد السكان والتغير المناخي . ودعا إلى وجوب الأخذ في الاعتبار تأثير استهلاكهم للمياه في بقية الدول الأخرى في العالم، واتخاذ الإجراءات العاجلة للتصدي لشح المياه المتوقع حدوثه في الموارد المائية والغذائية، حيث إن من المرجح أن يتجاوز عدد سكان العالم 8 مليارات نسمة بحلول عام ،2030 وستزداد بالتالي الحاجة للمياه بنسبة 30% .
كذلك أشار تقرير صادر عن الأمم المتحدة تحت عنوان “المياه في عالم متغير” إلى أنه بحلول عام 2030 سيعيش نصف سكان العالم في مناطق شحيحة بالمياه، متضمنين ما بين 75 مليون نسمة إلى 250 مليون نسمة في إفريقيا وحدها، بالإضافة إلى أن شح المياه في المناطق الجافة وشبه الجافة سيؤدي إلى نزوح ما بين 24 مليون نسمة إلى 700 مليون نسمة، وذلك نظراً لتعرض موارد المياه للجفاف والنضوب، ما سيخلق أزمة عالمية لكل إنسان على وجه الأرض، في حين يواجه حالياً ما يقارب مليار فرد، أي سدس سكان العالم، نقصاً شديداً في المياه بشكل يومي، وبالأخص في المناطق الكثيفة سكانياً، إذ ستستهلك كميات كبيرة من المياه، الأمر الذي سيؤدي إلى نضوب الإمدادات في غضون 20 عاماً، أما في الولايات المتحدة فقد كان نهر كولورادو يمد نحو 10 ملايين فرد وملايين الهكتارات، لكن في ظل تعرض الولايات المتحدة للجفاف للسنة العاشرة، فإن نقص موارد وإمدادت المياه إلى النهر قد يجعل أعداداً كبيرة من الأفراد يعانون من شح شديد في المياه . وأوضح تقريرالأمم المتحدة أن ازدياد عدد السكان، والتغير المناخي، وذوبان الأنهار الجليدية، وسوء إدارة واستغلال المياه، وضعف التنسيق والتعاون المشترك في ما يتعلق بالسياسات المائية بين معظم الدول، وتنامي الطلب على الطاقة، قد ضيّق الخناق على موارد المياه في مختلف بقاع العالم . ويتزامن تفشي الفقر مع نضوب موارد المياه، حيث إن الأفراد الذين يعيشون على أقل من 1،25 دولار في اليوم لا يحصلون على مياه صالحة للشرب، وترتبط 80% من الأمراض في الدول النامية بالمياه والتي تؤدي إلى وفاة أربعة ملايين فرد سنوياً .
تعد المياه العذبة عصب الحياة، فمن دونها لا تستطيع الكائنات الحية أن تعيش، وترتكز عليها عجلة التنمية والتطور في المجتمعات كافة، وقد غدت هاجساً كونياً، حيث لا تتجاوز نسبتها إلى المياه المالحة 6،2%، وإمكانية استغلالها بكميات كبيرة محدودة نظراً لأن 99% منها متجمد في المناطق القطبية أو مخزن في جوف الأرض، وجزء منها يوجد في البخار الجوي، وتنفذ كميات كبيرة منها في الاستعمال المنزلي، وري المزروعات، واستهلاك الكائنات الحية، والمتبقي منها يوجد في هيئة أنهار . والبحيرات ذات توزيع غير ملائم لاحتياجات البشرية، حيث يوجد خمس المياه العذبة في العالم في بحيرة بيكال في سيبيريا . كما أن 97% من المياه في العالم هي مياه مالحة وغير صالحة للشرب والري إلا بعد عملية تحليتها التي تتطلب تمويلاً مادياً عالياً وتستهلك كميات كبيرة من الطاقة .
ومما لا شك فيه أن القرن الحادي والعشرين سيشهد نزاعات مقبلة في مناطق عدة من آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط على وجه الخصوص، وستقترن بالخلاف على منابع المياه والأحواض المائية من أجل تأمين احتياجاتها المتزايدة، وستغذيها المشاكل السياسية والنزاعات الحدودية . فالصراع على الموارد الاستراتيجية كان ولا يزال سمة من خصائص السيكولوجية البشرية، واختلفت أشكاله من عصر لآخر . ففي القرن الماضي، تبلورت أوجه تنافس وصراع لم يعهدها العالم لتأمين الموارد الطبيعية ومصادر الطاقة والسيطرة على الأسواق العالمية . ومن المرجح أن الدول ستستخدم المياه المصدر الرئيسي للحياة كأداة وهدف لإشعال الحروب والتي من شأنها أن تؤدي إلى زعزعة الاستقرار والأمن العالميين .
فدول كمصر والسودان وأوغندا وإثيوبيا تشترك في مياه نهر النيل، والعراق وسوريا وتركيا تشترك في مياه نهري دجلة والفرات، وتعاني كل من الأردن ولبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية المحتلة من استغلال “إسرائيل” لمياه نهر الأردن، ونهراليرموك، ونهري الليطاني والوزاني، ونهر الجليل في الجولان المحتل . كما تشترك عدة جمهوريات من آسيا الوسطى متضمنة قرغيزستان وكازاخستان وأوزباكستان وطاجيكستان وتركمنستان في عدد من الأنهار، وتشترك كل من الهند وباكستان وبنجلاديش والنيبال في عدد من الأنهار الصغيرة . وعقب فشل اجتماع وزراء المياه لدول حوض النيل في التوقيع على الاتفاقية الإطارية للتعاون، وقع وزراء خمس دول من حوض النيل على تلك الاتفاقية من دون مصر والسودان، بهدف إعادة توزيع حصص المياه بين دول المصب مصر والسودان ودول المنبع أوغندا وكينيا وإثيوبيا وتنزانيا والكونغو ورواندا وبوروندي . وذلك بسبب الخلافات حول الأمن المائي المتعلق بالحفاظ على الحقوق التاريخية لمصر في حصة مياه النيل وإخطار القاهرة قبل الشروع في أي مشاريع وضرورة الحصول على موافقة بالإجماع أو موافقة الأغلبية التي يجب أن تضم مصر والسودان على تلك المشاريع . وفي المقابل ترفض إثيوبيا وتنزانيا وأوغندا وكينيا وجمهورية الكونغو هذه الاتفاقيات السابقة، وتصرّ على آلية جديدة لتقاسم مياه النهر، بينما تسعى مصر لإنقاذ وحدة السودان، حيث من المتوقع أن يجري استفتاء حول الاستقلال في يناير/ كانون الثاني، وقد يؤثر إقرار استقلال الجنوب في الاستفتاء على نسبة تقاسم مياه النيل بين مصر والسودان وفقاً لاتفاق عام 1959 الذي يمنح مصر 55،5 مليار متر مكعب من المياه في السنة، مقابل 18،5 مليار متر مكعب للسودان، والخوف من انضمام جنوب السودان مستقل إلى مجموعة الدول التي تعارض التقاسم الحالي . وقد عقد وزراء المياه لدول حوض النيل اجتماعاً مؤخراً في أديس أبابا لبحث التعاون المستقبلي واحتواء الأزمة الناجمة عن الاتفاقية الإطارية . لكن في نهاية الاجتماع قررت السودان تجميد عضويتها في مبادرة حوض نهر النيل بعد رفض خمس من دول المنبع التراجع عن الاتفاقية، ووجهت مصر دعوة لاجتماع طارئ في القاهرة لبحث بدائل للتوافق بين مختلف الأطراف .
إن محدودية وندرة وتناقص موارد المياه في معظم الدول العربية والظروف الجغرافية والبيئية وتذبذب سقوط الأمطار، وتنامي احتياجات القطاعين الزراعي والصناعي لكميات هائلة من المياه تستدعي أن تضع الدول العربية استراتيجية شاملة للمياه، وذلك من أجل المحافظة على أمنها المائي مع تضاؤل الكميات المتوفرة، لأنه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأمنها الغذائي، وخططها التنموية ورفاهيتها، واستخدام التقنيات الحديثة، والموارد البديلة كالطاقة الشمسية، والطاقة النووية السلمية في تحلية مياه البحر، وحفر الآبار الارتوازية، وبناء السدود، والاستفادة القصوى من مصادر المياه الجوفية والأمطار وتخزينها لضمان توفر الإمدادات عند الحاجة، ومعالجة وتدوير المياه المستهلكة، وإقامة مراكز أبحاث وتطوير للموارد المائية، وإعداد الكوادر الوطنية والاستفادة من الخبرات العالمية .
بحسب الدراسات التي صدرت حديثاً من منظمات
عالمية تعنى بشؤون المياه في دول العالم، ان هناك ازمة مياه عالمية تلوح
في الافق بسبب التغيرات المناخية التي شهدها العالم مؤخر، كالاحتباس
الحراري والجفاف، واوضحت الدراسات ان هناك العديد من الانهار الرئيسية قد
تجف خلال الخمسين سنة القادمة، ومع تصاعد اعداد البشر ليصلوا
الى تسعة مليارات في النصف قرن القادم، فأن الازمة سوف تتفاقم.
ان
العديد من دول العالم قد تتخوف من بروز ظاهرة الحروب من اجل المياه، وبرغم
ان التأريخ لم يذكر ايه واقعة حربية تتعلق بالمياه (بأستثناء حرب وقعت
مابين النهرين قبل اكثر من اربعة الاف سنة) الا ان الازمة ليست بالحجم
البسيط، خصوصاً وان العديد من الدول قد درجت على لائحة الفقر المائي الذي
قد يهدد حياة الانسان فيها.
وقد دعت الامم المتحدة الدول الى التوحد
وابتكار طرق علمية وحديثة من اجل مكافحة هذا النقص المائي والتقليل من
الهدر في المياه وانشاء اتفاقيات مشتركة للتعاون في تقسيم نسب المياه
بينها.
فقد قال خبراء ان الامم المتحدة يجب ان تعمل على النهوض
"بدبلوماسية المياه" لنزع فتيل أي توتر بشأن المياه في مناطق مثل الشرق
الاوسط وشمال افريقيا حيث يمكن ان يؤدي شح الموارد الى صراعات في المستقبل،
واضافوا انه ينبغي لمجلس الامن الدولي ان يجد سبلا لتعزيز التعاون بشأن
المياه في البحيرات او الانهار المشتركة مثل الميكونج والنيل التي يرجح ان
تتعرض لضغوط بسبب ارتفاع عدد سكان العالم والتغير المناخي، وقالوا ان
منطقتي الشرق الاوسط وشمال افريقيا هما الاكثر عرضة لخطر الصراع بسبب شح
المياه لكن التاريخ يظهر ان "حروب المياه" نادرة للغاية، وقال ظفر عديل
رئيس برنامج المياه بالامم المتحدة قبل اجتماع للخبراء في كندا لمناقشة
قضايا المياه والامن "نحن نعتقد ان المياه ستكون قضية ملائمة لمجلس الامن
الدولي".
وتتوقع دراسات الامم المتحدة ان تعاني 30 دولة من "ندرة
المياه" في 2025 ارتفاعا من 20 في 1990، و18 من هذه الدول في الشرق الاوسط
وشمال افريقيا وأضيفت مصر وليبيا الى القائمة التي أعدت عام 1990 وتعني
ندرة المياه ألا يتاح للفرد سوى 1000 متر مكعب او اقل من المياه سنوي،
وينسق برنامج الامم المتحدة للمياه الانشطة المتعلقة بالمياه التي تقوم بها
جميع وكالات الامم المتحدة، ويوافق يوم 22 مارس اذار من كل عام "يوم
المياه العالمي" في جدول انشطة الامم المتحدة، وأفاد بيان بخصوص المحادثات
التي جرت في تورونتو يومي 21 و23 مارس/اذار الماضي بأن "المنطقة العربية
التي تتألف من الشرق الاوسط وشمال افريقيا على راس المناطق المعرضة لخطر
صراعات المياه"، وقال عديل انه يجب على الامم المتحدة ان تسعى للنهوض
بالتعاون بين المتنافسين على موارد الماء من خلال شكل من اشكال "دبلوماسية
المياه".
وقال "لدينا تاريخ كامل من الحالات التي استخدمت فيها دول في
حالة حرب المياه كعنصر محايد تقريبا"، وتعاونت الهند وباكستان على سبيل
المثال في تقاسم امدادات المياه في نهر اندوس حتى اثناء حربي 1965 و1971،
ويقول خبراء ان الحالة الوحيدة الموثقة لوقوع "حرب مياه" كانت قبل 4500 عام
عندما اندلعت حرب بين مدينتي لكش وامة في منطقة بين النهرين، وقال فابريس
رينو من معهد البيئة والامن البشري في جامعة الامم المتحدة في بيان انه
باستثناء هذا المثال "لم تكن المياه يوما السبب الرئيسي لوقوع حرب بين
دولتين"، وبرغم ذلك قال عديل ان الضغوط على امدادات المياه بسبب الاحتباس
الحراري وزيادة السكان الذين يتوقع ان يصل عددهم الى تسعة مليارات بحلول
2050 ارتفاعا من سبعة مليارات في 2011 قد يشدد خطر اندلاع صراعات مستقبل،
ويعيش 40 في المئة من سكان العالم في أحواض 263 نهرا عالميا منها ما هو
كبير مثل الامازون وما هو صغير مثل نهر الاردن، واعدت محادثات تورونتو
لاجتماع اوسع في مايو ايار يضم 37 زعيما عالميا سابقا في مجموعة تدعى مجلس
العمل المشترك.
من جهتها اعتبرت منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم
المتحدة (فاو) انه من الضروري "اعتماد مقاربات مبتكرة لضمان توفير
الامدادات المناسبة والامنة" للمياه الى سكان المدن في المستقبل، وقال
الكسندر مولر المدير العام المساعد للفاو للموارد الطبيعية "خلال السنوات
العشرين المقبلة سيقيم (60%) من سكان العالم في المدن والجزء الاكبر من
توسع المدن سيحصل في دول نامية"، واشارت الفاو الى ان حاجات سكان المدن
سترتفع الا ان طلبا متزايدا على الاغذية يؤدي ايضا الى ارتفاع في الطلب على
الماء من خلال نمو الزراعة في المدن وضواحيه، واضاف مولر في بيان ان
"مجموعة الضغوط هذه التي تمارس على شبكات المياه في المدن تتطلب سيناريوهات
غير كلاسيكية".
فجمع مياه الامطار في المدن على سبيل المثال يوفر
امكانات واسعة للزراعة في المدن الا ان ذلك يبقى مجالا غير مستغل نسبي،
والكثير من سكان المدن اصحاب الاجور المتدنية يلجأون الى الزراعة في
حدائقهم او الى تربية الدواجن لتأمين لقمة العيش لعائلاتهم، وسلطت ازمات
مياه الري داخل المدن وفي محيطها والاهتمام المتزايد بالزراعة في المدن
الضوء على القدرة في اعادة استخدام المياه في المدن، ويقول خافيير ماتيو
الخبير في الفاو "في الوقت الراهن يتنازع المزارعون والمدن مصادر المياه،
المدن تستخدم المياه قبل ان تعيد رميها ملوثة بذلك البيئة، فمن المنطقي
اكثر معالجة مياه المدن واعادة استخدامها في مجال الزراعة".
ان هذا
يسمح بمعالجة ازمة النقص في المياه وتوفير هذا المورد الثمين لمنتجي المواد
الغذائية في المدن الضواحي، وفي المناطق التي تشهد ازمة مياه كبيرة بدأت
بعض المدن تأخذ هذا الاتجاه، في تونس حيث البنى التحتية لمعالجة المياه
منتشرة فان 30 % الى 43 % من المياه المبتذلة المعالجة تستخدم في ري
الزراعات والمواقع الطبيعية، ويروي مزارعو وادي تولا (المكسيك) 90 الف
هكتار من الاراضي مستخدمين 1،5 مليون متر مكعب من المياه المبتذلة سنوي،
والزراعة في المدن تزيد من توافر الاطعمة السليمة وبكلفة معقولة (فاكهة
طازجة وخضار وبيض ومشتقات الحليب) لمستهلكين اخرين لان فائض الانتاج يباع
الى الجيران.
في سياق متصل يعيش نصف سكان العالم اليوم في المدن، ومن
المتوقع أن تقفز هذه النسبة إلى أكثر من 70 بالمائة بحلول عام 2050. غير أن
مياه الشرب النظيفة تتقلص بصورة مطردة منذ عام 1990 في إفريقيا، التي تشهد
أعلى معدلات التوسع الحضري في العالم، وقال عليون بديان، المدير الإقليمي
لمنطقة إفريقيا والدول العربية في برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية
(الموئل) أن "قدرة الحكومات الإفريقية على تقديم خدمات المياه في المناطق
الحضرية تتراجع، هذا دون ذكر الصرف الصحي"، وكان برنامج الموئل أحد منظمي
مؤتمر اليوم العالمي للمياه الذي أقيم تحت شعار "المياه للمدن، استجابة
للتحدي العمراني"، واختتم أعماله يوم 22 مارس الماضي في مدينة كيب تاون
بجنوب إفريقيا.
وقد رحب مجلس الوزراء الأفارقة المعني بالمياه، وهو
منظم آخر للمؤتمر، بفرصة الجمع بين أكثر من ألف شخص يمثلون الحكومات
والمجتمع المدني والقطاع الخاص، وأخبرت جوليا باكنول من البنك الدولي
المؤتمر أن الإسهال، الذي يعتبر سوء الصرف الصحي أحد أسبابه الرئيسية، قتل
أطفالاً أكثر من الإيدز والملاريا والسل مجتمعة، كما حذرت من أن "هذه
التحديات لن تختفي، بل ستزداد سوءاً"، وركز ممثلو الوفود على ضرورة تحسين
التعاون والتواصل بين القطاعات، لاسيما في البلدان النامية، من أجل تحسين
فرص الحصول على المياه والتصدي للهدر في المناطق الحضرية، خاصة في
المستوطنات غير الرسمية، كما ناقش المؤتمرون الوصول إلى المياه النظيفة
والصرف الصحي بأسعار معقولة كحق من حقوق الإنسان الأساسية والحاجة إلى
مضاعفة الجهود في هذه المجالات.
واقع المياه في العراق
الى ذلك كشف
تقرير لاحدى وكالات الامم المتحدة ان نصف كميات الماء في العراق تضيع هدرا
في حين لا يتمكن ستة ملايين نسمة من الحصول على مياه، واشار صندوق الامم
المتحدة للطفولة (يونيسف) الى "تقرير دولي يثير احتمال جفاف نهري دجلة
والفرات العام 2040 نظرا للتغييرات المناخية وانخفاض كميات المياه
والاستخدام المكثف لاغراض الصناعة والاستهلاك المنزلي"، واضاف ان "العراق
يواجه صعوبات في تحقيق هدفه للتوصل الى تزويد 91 في المئة من المنازل بمياه
الشفة بحلول العام 2015"، وتابع "اذا كان معدل استهلاك الفرد يبلغ 327
ليترا من المياه يوميا يعتبر مرتفعا قياسا للمعايير العالمية، فان نصف
كميات المياه تضيع هدرا بسبب تقادم البنى التحتية والتسريب وسوء التوزيع"،
واكد التقرير ان "عراقيا من اصل خمسة، اي ستة ملايين نسمة، لا يمكنه الحصول
على مياه الشرب وخصوصا في المناطق الريفية".
وافاد ان "نصف مليون طفل
يستخدمون مياه الانهر او الجداول في حين يستخدم حوالى 200 الف غيرهم ابارا
مكشوفة او صهاريج المياه"، والامراض الناجمة عن تلوث المياه منتشرة في
العراق، ففي النصف الاول من العام 2010، تم تسجيل 360 الف حالة من الزحار
الذي يصيب النساء والاطفال، واكدت الامم المتحدة ان هذه الامراض ناجمة عن
تلوث الماء وغياب النظافة، مشيرة الى ان "ما لا يقل عن 250 الف طن من مجاري
الصرف الصحي تصب يوميا في نهر دجلة مما يهدد مصادر المياه غير المحمية
ونظام التوزيع باكمله"، من جهتها تجدد الحكومة العراقية جهودها للتوصل إلى
اتفاقات مع سوريا وتركيا لزيادة منسوب المياه في نهر الفرات الذي يتدفق من
هذين البلدين إلى العراق الذي يعتمد عليه اعتماداً كبيراً في الزراعة
وتوليد الكهرباء، ويقول المسؤولون أن "تركيا وافقت مبدئياً على زيادة منسوب
المياه في النهر للسماح للعراق بإعادة تنشيط محطة حديثة للطاقة
الكهرومائية التي تنتج 400 ميجاوات".
وقال مصعب المدرس، المتحدث باسم
وزارة الكهرباء العراقية، أن الاتفاق (المقرر الانتهاء منه في غضون شهرين)
يمكن أن يكون جزءاً من اتفاقية أكبر مع تركيا لاستيراد 200 ميجاوات من
الكهرباء، وتوجه وفد عراقي إلى سوريا في وقت لاحق في محاولة للتوصل إلى
اتفاق مماثل، وكانت مستويات المياه في نهر الفرات قد انخفضت في السنوات
الأخيرة لأن معدلات سقوط الأمطار كانت أقل من المتوسط وبسبب بناء السدود في
تركيا وسوريا، وينتج العراق حوالي 7،500 ميجاوات يومياًة (أي أقل من نصف
الطلب الحالي) وقد أجبر انخفاض منسوب المياه بنهري دجلة والفرات بعض محطات
الطاقة الكهرومائية على خفض الإنتاج أو الإغلاق، وكان المسؤولون العراقيون
يضغطون لسنوات عديدة على سوريا وتركيا من أجل توقيع اتفاقيات تحدد حصة مياه
ثابتة للعراق من هذين النهرين، لكن لم يتم التوصل إلى أي اتفاق، وذكر علي
العلاق، الأمين العام لمجلس الوزراء أن "العراق قد يواجه المزيد من
المشكلات المرتبطة بالمياه والتعقيدات والتحديات إذا لم يحصل على حصته
العادلة من المياه" مضيفاً أن البلاد "تواجه تحديات كبيرة في الحفاظ على
الأراضي الزراعية والأراضي الرطبة"، الى ذلك اعلن مسؤول في اقليم كردستان
العراق البدء في بناء "عشرات السدود" الصغيرة والمتوسطة لخزن مياه الينابيع
والامطار بغرض استخدامها للزراعة تلافيا للجفاف.
وقال جميل سليمان
وزير الزراعة في حكومة الاقليم "بدأنا انشاء عشرات السدود الصغيرة
والمتوسطة الحجم لتخزين مياه الجداول والامطار لاستخدامها في اغراض
الزراعة"، واضاف ان طاقة التخزين للسدود "تتراوح بين مليون الى عشرة ملايين
متر مكعب من المياه، وهناك حاليا 11 سدا قيد الانشاء، اثنان منها في
محافظة دهوك واربعة في اربيل وخمسة في السليمانية وكرميان"، وتابع ان هناك
"دراسات تصاميم لبناء 28 سدا في الاقليم كما لدينا حاليا 50 سدا من الحجم
الصغير تعتمد على مياه الامطار لخزنها والاستفادة منها للزراعة"، واشار
سليمان الى ان "هذه السدود غرضها تخزين المياه لان العراق تعرض خلال
الاعوام المنصرمة لموجة من الجفاف"، وحول تاثير هذه السدود على الري في
المناطق الاخرى من العراق، اكد ان هذه "السدود ليست على انهر دجلة او
الخابور او الزاب انما تقع على الجداول اما السدود الكبيرة فيجب الاتفاق في
شانها مع الحكومة المركزية في بغداد.
من جهة اخرى جاءت موريتانيا
والكويت والاردن ومصر بين الدول الاقل امانا من حيث امدادات المياه حسب
تصنيف اعدته مجموعة مابلكروفت البريطانية لتحليل المخاطر، وذكرت المجموعة
ان نقص المياه في الشرق الاوسط وشمال افريقيا قد يسبب توترات سياسية
وارتفاع أكبر لاسعار النفط، ونصحت المجموعة الشركات بان تضع توافر امدادات
المياه في الحسبان عند اتخاذ قرارات استثمار نتيجة تزايد الطلب من السكان
والتاثيرات الاخرى للتغيرات المناخية، وافادت أن موريتانيا في غرب افريقيا
صاحبة أقل الامدادات امانا بين 160 دول شملتها الدراسة تليها الكويت
والاردن ومصر واسرائيل والنيجر والعراق وسلطنة عمان والاماراتْ، وقالت
مابلكروفت في بيان "قد تقود المخاطر المفرطة المتعلقة بامدادات المياه في
الشرق الاوسط وشمال افريقيا لزيادة اكبر لاسعار النفط العالمية وتصاعد
التوترات السياسية في المستقبل."
وتواجه الكثير من الدول المنتجة للنفط
الاعضاء في منظمة أوبك (ومن بينها السعودية وتأتي فى المرتبة الثالثة عشر
في التصنيف) ضغطا على الامدادات، وقال توم ستايلز محلل المخاطر في
مابلكروفت انه كثيرا ما تضخ المياه في مكامن النفط من اجل زيادة الضغط
وزيادة الكمية المستخرجة على سبيل المثال، ومع نفاد المياه الجوفية سيقود
نقص المياه أسعار النفط صعود، كما توقع ارتفاع تكلفة الماء المنتج من محطات
التحلية او الذي ينقل من البحر عبر انابيب، وقال التقرير ان موريتانيا
جاءت في المقدمة لان بها نهرا واحدا تجري فيه المياه على مدار العام هو نهر
السنغال "وفيما عدا عدد قليل من الوديان والواحات الغنية بالمياه تعاني
البلاد من جفاف كلي تقريبا"، ويتوقع ان ينمو السكان بنسبة ثلاثة في المئة
سنويا مما يزيد الطلب العالمي على المياه.
وعلى الطرف الاخر تأتي الدول
الاكثر امانا من حيث امدادات المياه وهي السويد وجويانا وكندا وروسي،
ويسعى التصنيف لوضع معيار كمي لعوامل مثل نمو السكان والاعتماد على
الامدادات الخارجية ومدى تأثير المياه الجارية على الاقتصاد، من جهته قال
وزير الكهرباء والماء الكويتي بدر الشريعان ان الوزارة تسعى لزيادة الطاقة
الانتاجية من المياه المحلاة بنسبة 75 في المئة خلال خمس سنوات، ونقل عن
الشريعان قوله ان الكويت تسعى لزيادة طاقة انتاج المياه الى 700 مليون
جالون يوميا في غضون خمس سنوات من 400 مليون جالون حالي، ومصادر المياه
العذبة محدودة في الكويت التي تعتمد بشكل شبه كامل على تحلية المياه من
الخليج، وكان الشريعان قد قال في اكتوبر تشرين الاول ان الكويت ستنفق نحو
21.3 مليار دولار على مشروعات للماء والكهرباء في خطتها للتنمية للاعوام
2010 حتى 2014 وتشمل مشروعات لزيادة انتاج المياه المحلاة الى 600 مليون
جالون يوميا من 400 مليون جالون.
الفلسطينيون وسرقة مياههم
الى ذلك
تتسبب العرقلة الاسرائيلية المستمرة منذ اكثر من عشرة اعوام للمشاريع
المائية الفلسطينية بمشكلة حقيقة عند الفلسطينين وبازمة بين الحكومة
الاسرائيلية والسلطة الفلسطينية التي تتهم الدولة العبرية بسلب الفلسطينيين
مياههم، واكد وزير المياه (رئيس سلطة المياه الفلسطينية) شداد العتيلي ان
"مشاريع المياه عندنا معطلة منذ عام 1999 لان سلطة المياه الاسرائيلية
والادارة المدنية يعيقان مشاريعنا المقدمة منذ اكثر من 12 عاما"، ورفض
العتيلي زيارة الكنيست لبحث موضوع التعاون بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية
في مجال الموارد المائية بحضور عدد من النواب الاوروبين المؤيدين لاسرائيل
والذين شاركوا في مناقشات اللجان داخل الكنيست.
وقال العتيلي "لم
يدعونا بشكل رسمي الى هذا اللقاء"، مضيفا "لماذا علي الذهاب الى الكنيست،
لماذا لا يقوم النواب الاوروربيين بزيارتنا في الاراضي الفلسطينية للاطلاع
على الوضع الحقيقي لازمة المياه على ارض الواقع"، واضاف الوزير "لقد وقعنا
اتفاقية المياه في عام 1995 تنص على اننا نحصل على 118 مليون متر مكعب من
المياه، بينما يسيطرون على مخزون المياه عندنا وعلى حصتنا من مياه نهر
الاردن والاحواض المائية في الضفة الغربية، اي يسيطرون على 2300 مليون متر
مكعب من المياه"، واكد ان "حصة الفلسطيني من المياه في الضفة الغربية نقصت
بسبب تضاعف عدد السكان الفلسطينين منذ عام 1995، وبسبب تغيرات المناخ،
فصارت حصتنا 96 مليون متر مكعب ولقد زاد السكان ولم تزد الحصة"، وشدد على
ان "موضوع المياه كان سيحل في الاتفاقات النهائية في كامب ديفيد الذي فشل".
واوضح
"نحن نشتري مياهنا من شركة المياه الاسرائيلية (ميكروت) بتنا زبائنها
ونشتري منهم في السنة نحو 50 مليون متر مكعب سنويا، سعر المتر 2،6 شاقل اي
ما قيمته سنويا 36 مليون دولار"، واشار الى ان نقص كميات المياه بالضفة
الغربية تصل بالصيف الى "وضع غير معقول"، ما يدفع السكان الى شراء المياه
بالصهاريج التي يصل سعر المتر المكعب الواحد فيها الى حوالى 25 او 30 شاقل
اي ما يعادل 7 الى 8 دولاراتْ، الى ذلك اتهم العتيلي اسرائيل بانها تقوم
بحملة منهجية مكثفة منذ اكثر من ستة اشهر في المنطقة "ج" التي تشكل 60% من
اراضي الضفة وتسيطر عليها اسرائيل، "لتدمير الابار المنزلية وبرك تجميع
مياه الامطار الجارية والمعروفة منذ زمن الرومان بهدف ترحيل هذه التجمعات
عن اراضيهم".
واكد العتيلي "لا يكفي ان اسرائيل لا تقوم بواجباتها تجاه
السكان الذين تحتلهم في توفير المياه واقامة شبكات مياه لهم، فهي ايضا
تحرمهم من الحصول على مياههم، بل تجعل الدول المانحة تدفع تكاليف اي مشروع
يخصهم"، من جهته قال رئيس اللجنة الداخلية في الكنيست الاسرائيلي ديفيد
ازولاي للصحافة "دعونا ممثلين عن السلطة الفلسطينية لحضور النقاش حول
التعاون في مجال المياه بحضور برلمانيين اوروبيين في الجلسة ولكنهم لم
يلبوا الدعوة"، وقال عضو الكنيست دوف حنين من "الجبهة الديموقراطية للسلام
والمساواة"، "لقد طالبت امام البرلمانيين الاوروبيين بتقسيم المياه تقسيما
عادلا ومنطقيا مع الفلسطينيين، لان هناك الكثير من القرى الفلسطينية محرومة
من المياه".
واضاف "قلت ايضا ان المستوطنين الذين يقيمون على ارض
فلسطينية محتلة هم غير شرعيين وحصولهم على المياه الفلسطينية هناك ايضا غير
شرعي".وطبقا لتقديرات الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني، فقد بلغ متوسط
نصيب الفرد الفلسطيني نحو 100 ليتر لكل فرد يوميا لكافة الاستخدامات مقابل
نحو 353 ليترا للفرد في اسرائيل، ونحو 900 لتر للمستوطن الاسرائيلي في
الضفة الغربية، وذلك على الرغم من ان الحد الادنى الذي توصي به منظمة الصحة
العالمية كمتوسط لنصيب الفرد من المياه يبلغ 150 ليترا يوميا.
وكانت
تقارير لمنظمات غير حكومية دولية تدافع عن حقوق الانسان اكدت ان "اسرائيل
تستغل مصادر المياه في غزة والضفة الغربية في اطار ممنهج" حيث قامت بعد حرب
1967 اثر احتلالها هذه الاراضي "بانشاء العديد من المستوطنات الاسرائيلية
على مساحات من اراضي الفلسطينيين والسيطرة على مياهه الجوفية وبالتالي
حرمان السكان من الوصول الى مصادرهم المائية".
تقرير رئيسة سويسرا
على
صعيد متصل عرضت الرئيسة السويسرية ميشلين كالمي راي تقريرا يتضمن لائحة من
عشر توصيات ترمي الى المساهمة في السلام والحد من النزاعات في الشرق
الاوسط بفضل ادارة عبر الحدود للموارد المائية في هذه المنطقة، وفي مؤتمر
صحافي، دعت كالمي راي تركيا والعراق وسوريا ولبنان والاردن والفلسطينيين
واسرائيل الى مزيد من التعاون لادارة الموارد الطبيعية النادرة مثل المياه،
بصورة أفضل، واعلنت الرئيسة السويسرية "ان التقرير توصل الى خلاصة مثيرة
للقلق مفادها ان خمس دول من اصل الدول السبع تشهد شحا بنيويا وتراجعا في
منسوب غالبية الانهر الكبرى من 50 الى 90% منذ الستينات"، واضافت "في
المستقبل، ستكون المياه اهم مورد جيوسياسي في الشرق الاوسط، اضافة الى
النفط".
والتقرير بعنوان "السلام الازرق" الذي تدعمه سويسرا والسويد،
يقيم التحديات الرئيسية المرتبطة بادارة عبر الحدود للموارد المائية التي
تواجه ضغوطا بفعل النمو الديموغرافي والهجرة والتنظيم المدني والتغيرات
المناخية، وقالت وزارة الخارجية السويسرية في بيان ان المياه "التي تشكل
اليوم عامل انقسامات وتوترات، يمكن ان تصبح اداة سلام وتعاون، تلك هي
الاطروحة المركزية للتقرير"، ويتضمن التقرير لائحة من عشر توصيات، وعلى
المدى القصير، يقترح الخبراء انشاء مجلس تعاون للموارد المائية يمكن في
بادىء الامر ان يقتصر على خمس دول، العراق والاردن ولبنان وسوريا وتركيا،
وقد يتم تشكيل هذا المجلس في 2011، بحسب ما يقول الاختصاصيون، وعلى المدى
المتوسط، يمكن للدول المعنية ان تتعاون في وضع برامج مشتركة لادارة الموارد
المائية، واوضحت وزارة الخارجية السويسرية "هكذا يمكن ان ترتسم معالم
عملية ترسيخ سلام ازرق حقيقي".
شكرا وارجوه التقيم
المصدر من اكتر من 5 منتدى وجريده اخبار