رأى مراقبون أنه بمجرد إعلان السودان عن مقتل زعيم حركة العدل والمساواة
المتمردة في دارفور خليل إيراهيم، بدت فرص إحلال السلام في الإقليم أقرب
للتحقيق من أي وقت مضى.
وفي تقرير لها ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"
الأمريكية أن مقتل الزعيم المتمرد خليل إبراهيم يمثل ضربة قوية لحركة العدل
والمساواة التي أسسها قبل عدة سنوات وتحالفت مع جماعات متمردة أخرى في
دارفور ضد حكومة الخرطوم.
وقالت الصحيفة: إن خليل إبراهيم سعى في الآونة
الأخيرة للتواصل مع زعماء دولة جنوب السودان الحديثة التكوين طلبًا
للمساعدة في قتاله مع الخرطوم.
ورغم أن الحركة كانت تعول على دعم بديل
من جنوب السودان و"إسرائيل"، إلا أن مقتل زعيمها جاء ليشكل ضربة قاصمة لها
وحلفائها خاصة في تل أبيب، بل وقد يدفع جوبا للتفكير مرارًا قبل الإقدام
على أي خطوة استفزازية جديدة قد تدخلها في حرب جديدة مع الشمال، وفق
الصحيفة.
ورأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم الطيب زين العابدين
أن مقتل خليل إبراهيم يشكل إضعافًا لحركة العدل والمساواة، مشيرًا إلى عدم
وجود قيادة حقيقية لخلافته.
ولم يستبعد زين العابدين إمكانية انقسام
الحركة أو لحاقها بوثيقة الدوحة لسلام دارفور، متوقعًا قيام مجموعات من
الحركة بعمليات جزئية جريئة ضد الحكومة كرد فعل غاضب على مقتل قائدها.
وأكد
أستاذ العلوم السياسية على ضرورة اجتهاد الحكومة في إلحاق الحركة بوثيقة
الدوحة، من خلال فتح حوار جاد مع قادتها الجدد، لأن عدم التوافق الحقيقي
بينها وبين متمردي جنوب كردفان والنيل الأزرق يقربها كثيرًا من الحكومة.
وتابع
زين العابدين أنه لا يوجد مستقبل سياسي للجبهة الثورية السودانية التي تضم
الحركة الشعبية وحركة تحرير السودان بجناحيها وحركة العدل والمساواة، ما
يوجب على الحكومة الإسراع باتجاه فتح باب الحوار مع القادة الجدد للعدل
والمساواة، بعيدًا عن الاحتفاء بمقتل خليل وما تتوقعه من انهيار في حركته
عبر الزمن
.................................................................................
لم تكد تمر أيام على زيارة رئيس جنوب السودان سيلفا كير لإسرائيل، إلا
وفوجئ نتنياهو بضربة موجعة عندما أكد العقيد الصوارمي خالد سعد الناطق باسم
الجيش السوداني مقتل خليل إبراهيم رئيس حركة "العدل والمساواة" المتمردة
في إقليم دارفور في اشتباكات بولاية كردفان.
وقال الصوارني :"إن القوات
المسلحة السودانية قتلت المتمرد خليل إبراهيم والمجموعة التى كانت تحيط به
بعد فرض حصار قوي ومحكم عليهم بعد أن أدلى مواطنون في تلك المناطق بمعلومات
للقوات المسلحة بشأن تحركاته، ما سهل القضاء عليه" ، مشيرا إلى أن هذه
المجموعة كانت تسعى للذهاب إلى جنوب السودان لشن هجمات جديدة ضد الخرطوم .
ورغم
أن حركة العدل والمساواة المتمردة لم تعلق على مقتل زعيمها، إلا أنها أكدت
في وقت سابق على لسان المتحدث باسمها جبريل بلال أنها كانت في طريقها
لمهاجمة العاصمة الخرطوم على غرار ما قامت به في مايو 2008.
وتابع بلال
أن قوات الحركة توجهت شرقا من دارفور ووصلت إلى منطقة النهود في شمال
كردفان، موضحا أن مقاتليه كانوا يستهدفون الخرطوم كما فعلوا في 2008.
ولعل
التطورات التي سبقت الإعلان عن مقتل إبراهيم تؤكد أهمية توقيت الإنجاز
الذي حققه الجيش السوداني، حيث كشف الصوارمي أن الجيش قام بتمشيط منطقة
شمال كردفان شمال دارفور بعدما هاجمت حركة العدل والمساواة "مدنيين"
واستهدفت قادة محليين خلال الأيام الماضية.
وتابع أن مجموعة متمردة
تابعة للمتمرد خليل إبراهيم قامت في 22 ديسمبر بمهاجمة المواطنين في مناطق
أم قوزين وقوز أبيض وأرمل التابعة لولاية شمال كردفان بالقرب من الحدود مع
ولاية شمال دارفور.
بل وذكر مراسل قناة "الجزيرة" في الخرطوم المسلمي
الكباشي أن حركة العدل والمساواة أثارت غضب القبائل في تلك المناطق بعد
استيلائها على وقود ومؤن وقيامها بتجنيد قسرى للشباب.
ويبدو أن إلقاء
نظرة على تاريخ الحركة المتمردة ومواقفها من مفاوضات السلام في دارفور يؤكد
أيضا أن إسرائيل لم تهنأ كثيرا بحصد ثمار زيارة رئيس جنوب السودان سيلفا
كير إلى تل أبيب ، حيث كانت تعول كثيرا على تحالف خليل إبراهيم مع جوبا
لتهديد السودان ومصر.
فمعروف أن خليل إبراهيم الذي ينحدر من قبيلة
الزغاوة كبرى القبائل في دارفوركان أسس حركة العدل والمساواة عام 2003 وحمل
متمردون أغلبهم من غير العرب السلاح ضد الخرطوم ، قائلين إن الحكومة
المركزية أهملت تلك المنطقة النائية وتحابي القبائل المحلية العربية.
وبدأت
الحركة هجماتها بعملية استهدفت مطار مدينة الفاشر، دمرت خلالها كثيرا من
الطائرات والمنشآت، وقتلت فيها عددا من رجال الشرطة والجيش والمدنيين.
ورغم
أن إبراهيم دخل في مفاوضات عديدة مع الحكومة السودانية لإنهاء أزمة
دارفور، لكنها سرعان ما انهارت كلها ، حيث رفض إبراهيم التوقيع على اتفاق
أبوجا الذي وقعته الخرطوم مطلع مايو 2004 مع بعض أطراف أزمة دارفور، وعقب
ذلك انخرطت العدل والمساواة في مفاوضات السلام بشأن إقليم دارفور التي
ترعاها قطر، ووقعت تفاهمين مع الحكومة السودانية، لكنها سرعان ما جمدت
مشاركتها في تلك المفاوضات.
وفي منتصف مايو/ أيار 2010 ، فقد إبراهيم
الدعم الذي كان يوفره له نظام إدريس ديبي في تشاد بعد طرده من إنجمينا
منتصف مايو 2010 عقب تهديدات سودانية بدعم متمردي تشاد، فلجأ إلى ليبيا
وحظي بدعم واسع من العقيد الليبي الراحل معمر القذاقي، ما سبب توترا شديدا
في العلاقات بين السودان وليبيا.
وخلال ثورة 17 فبراير في ليبيا، طالبت
العدل والمساواة المجتمع الدولي بإنقاذ زعيمها ، ثم عاد إلى دارفور في
سبتمبر 2011 ، محاولا نقل مقر عملياته إلى جوبا التي دعمته بقوة لمساومة
الشمال فيما يتعلق بالقضايا الخلافية وعلى رأسها أبيي.
ولعل زيارة
إبراهيم السرية إلى إسرائيل في يونيو 2009 تؤكد أيضا حجم الخطر الذي كان
ينتظر السودان ، حيث كشفت وسائل الإعلام السودانية حينها أن إبراهيم دخل
إلى إسرائيل بجواز سفر دبلوماسي تشادي باسم مستعار بصفة مستشار بالرئاسة
التشادية وأن السلطات الإسرائيلية العسكرية والسياسية زودته حينها بكل
الوسائل الممكنة بهدف إنهاء النظام القائم بالسودان،موضحة أن التزام
إسرائيل بدعم خليل إبراهيم يعتبر أكبر دليل على تورطها في التآمر على
السودان عبر دول الجوار
المصدر / http://www.almokhtsar.com/node/28955