إسرائيـــل 2012: ضبابية وهمومٌ متلبدة
يرى محللون إسرائيليون أن إسرائيل مقبلة على سنة جديدة مجهولة المعالم
مليئة بالتحديات والتحولات الاستراتيجية، تستدعي الاستعداد بشكل مغاير، في
حين دعا مجلس الأمن القومي الإسرائيلي التكيف مع المستجدات في العالم
العربي ومحاولة احتواء الحركات الإسلامية بمساعدة الحليفة الاستراتيجية،
الولايات المتحدة، والتركيز بـ«ذكاء» على خلاف إيران «الشيعية» مع
«الإخوان».
ومن أبرز القراءات الإسرائيلية للواقع الإسرائيلي الراهن والتحديات
الماثلة أمامه، مقالة للمعلّق العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن
يشاي، الذي أشار إلى أنّ «الهزة في العالم العربي أدّت وستؤدي إلى تحوّل
استراتيجي إقليمي وتاريخي؛ فحالياً، من وجهة نظر إسرائيلية، النتيجة الأهم
هي الشك في فترة الانتقال الفاصلة بين الموجة الأولى من الثورات (العربية)،
وبين الوضع الجيوسياسي الجديد الذي سيتكوّن بعد عدة سنوات». وتابع أن
«التحوّلات المحتملة في العالم العربي كثيرة، ولها تأثيرات وتداعيات
متنوعة، وفي الوقت نفسه، فإن أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية عاجزة تقريباً
عن متابعة وفهم المزاج العام والأعمال غير المنتظمة في الشارع العربي».
وأكّد أن «الشك المتواصل حيال الساحات العربية يلقي بظلال صعبة على القادة
في إسرائيل حيال إمكانات تحديد ماهية التهديدات وماهية الفرص، وبالتالي
الترجيح بينهما والاستعداد إزاءهما».
تفاقم نوعي وكمي وكتب بن يشاي أنّ «عام 2011 شهد تفاقماً كمّياً ونوعياً في تهديدات
الصواريخ الموجهة إلى الداخل الأمني والعسكري الإسرائيليين، إذ لا يوجد
حالياً مكان أو منطقة في إسرائيل خارج نطاق ترسانات السلاح الموجود في حوزة
حزب الله والسوريين والمنظمات الإرهابية في غزة». وأشار المحلل الإسرائيلي
إلى أن «المسألة تتعلق بنحو مئة ألف صاروخ، ثلثهم من النوع المتوسط
والثقيل، موجّهة إلى وسط إسرائيل».
وتابع أن «حزب الله والغزّيين حسّنوا كثيراً في العام الماضي من الأنظمة
الدفاعية الموجودة في حوزتهم، واستحصلوا على صواريخ متطورة مضادة للدروع،
ما زاد من قدرتهم على مواجهة إسرائيل برّياً في لبنان وقطاع غزّة».
وحيال إيران، أوضح بن يشاي أنّ «المقلق هو عدم قدرة الغرب على بلورة
وتطبيق استراتيجيا فعالة لوقف، أو على الأقل، لعرقلة برنامج إيران النووي
عبر فرض عقوبات اقتصادية شالّة»، مشيراً إلى أن «احتمال فرض عقوبات غربية
على ايران، أو تنفيذ خيارات عسكرية ضدها، بات بالفعل مقلَّصاً».
تأرجح العالم العربي بدوره، كتب عامير ربابورت في موقع «إسرائيل ديفنس»، ونقلته صحيفة "السفير"
اللبنانية أن «أهم أحداث عام 2011 مرتبطة بالتأكيد بالتأرجح الحاصل في
العالم العربي، وقد يتضح خلال سنوات معدودة أنّ سقوط الأنظمة هو جزء من
عودة العالم العربي إلى مجتمع أكثر قبلية، أي مجتمع معارض لمفهوم الدول
القومية الذي فرضته الدول العظمى (على المنطقة) في نهاية الحرب العالمية
الأولى». ويرى ربابورت أن «ما يمكن رؤيته بوضوح هو أنّ الجمهوريات العربية
مثل مصر تتداعى الواحدة تلو الأخرى، أما الأنظمة الملكية، مثل السعودية
والأردن، فتقاوم بطريقة أفضل بكثير حتى الآن، لكن ما هو أكيد أن الثورات في
الشرق الأوسط تؤثر إلى حد كبير على الوضع الأمني لإسرائيل». ومضى الكاتب
نفسه شارحاً أنه «عشية عام 2011، كانت اتفاقية السلام مع مصر حجر استقرار
في مفهومنا الأمني، وسمحت الاتفاقية بتركيز المؤسسة الأمنية على تهديدات
أخرى، لكن مع انتهاء هذا العام، بات على الجيش الإسرائيلي أن يعدّ نفسه
لليوم الذي تسيطر فيه الأحزاب الإسلامية على النظام في مصر».
ويخلص إلى أنّ «الجيش الإسرائيلي بدأ بتعزيز قواته جنوباً، حتى قبل اليوم
الذي أُرسل فيه مبارك إلى السجن. وعلى طول الحدود الإسرائيلية ـــ المصرية،
تظهر تداعيات تغيير النظام بوضوح: المزيد من الإرهاب والمزيد من قوات
الجيش، والفراغ الأمني يسهّل حالياً من عمليات تهريب السلاح إلى قطاع غزة».
وحيال الساحة الشمالية (الحدود مع لبنان وسوريا)، كتب رابابورت أن «الثورة
التي هي في طور التكوّن في سوريا، قد تلعب لمصلحة إسرائيل على المدى
البعيد. لكن على المدى القصير، فإن الثورة في سوريا هي تهديد أمني واضح؛
فحتى يستقر النظام السوري الجديد، ستتضاعف النشاطات الإرهابية على امتداد
الحدود المستقرة حالياً في هضبة الجولان، وقد تحاول مجموعات في الجيش
السوري إطلاق صواريخ في اليوم الذي يسقط فيه النظام، ومن المتوقع أيضاً أن
يُشارك حزب الله في هذه الفوضى العامة من خلال تقديم صواريخه في المعركة».
أما وضع حزب الله، فيشير الكاتب إلى أنّه «لن يكون مبهراً، إذ عليه أن
يستعد لليوم الذي يسقط فيه نظام الأسد».
رهان إسرائيلي على خلاف بين «الإخوان» وإيران من جانبه قدّم مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الذي يرأسه الجنرال
المتقاعد يعقوب عميدرور، توصية للحكومة ببذل الجهود لدفع الرئيس الأمريكي
باراك أوباما للتعامل بقدر أكبر من الجدية مع ظاهرة صعود الحركات الإسلامية
في العالم العربي، بهدف الحد من عدائهم لإسرائيل والتركيز بذكاء على خلاف
إيران «الشيعية» مع «الإخوان».
وذكرت صحيفة «يسرائيل ه يوم» الثلاثاء، أن مجلس الأمن القومي، المسؤول عن
تقديم تقديرات للحكومة، أجرى خلال الأيام الأخيرة مداولات مكثفة تحت عنوان
«تحدي صعود الإخوان المسلمين وأتباعهم»، مشيرة إلى أن هذه المداولات جرت
على خلفية القلق الإسرائيلي المتنامي من فوز الحركة الإسلامية في
الانتخابات المصرية، وخصوصاً في ضوء رؤيتها السياسية، ومواقفها التي «تعرّض
اتفاق السلام الإسرائيلي المصري للخطر».
وتوصل مجلس الأمن القومي إلى استنتاج بأنه ينبغي التكيف مع وا قع صعود
القوى الإسلامية في الدول العربية، خاصة مصر، والعمل على تقليل الأضرار
الناجمة عن ذلك، معتبرا أن خطوات صائبة من قبل الولايات المتحدة ودول
أوروبية مركزية من شأنها أن تؤثر على توجهات أنظمة الحكم التي تقودها
الحركات الإسلامية.
ومن بين الخطوات التي ينصح بها مجلس الأمن القومي - ممارسة ضغوط سياسية
واقتصادية فعّالة على الحكومات الإسلامية، انطلاقا من أن قيادة دفة الحكم
تتطلب الأخذ بعين الاعتبار المساهمين والمستثمرين الأوروبيين والأميركيين.
وحث مجلس الأمن القومي حكومة نتنياهو على بذل الجهد لدى الإدارة
الأميركية من أجل « إخراج أوباما من حالة الفتور في التعامل مع الإخوان
المسلمين».
وشدد المجلس على أن ثمة مصلحة مشتركة مع مصر، بغض النظر عمن يحكمها، وهي
العمل ضد النظام الإيراني «الشيعي» وبرنامجه النووي الذي يسعى من خلاله
«إلى السيطرة على المنطقة». وبناءً على ذلك، «إذا تصرفت إسرائيل بالذكاء
اللازم، وبلورت قواعد لعبة سليمة، فإن نتيجة ذلك ستكون تحوّل حتى منظمات
عارضت إسرائيل إلى العمل بنحو مختلف».
http://www.arabs48.com/?mod=articles&ID=88231