قبل ان ابدا فى الجزء الثالث اريد ان انوه الى اننا لانقراء احداث الماضى لمجرد السرد فقط وانما لنستطيع ان ننظر الى واقعنا ومستقبلنا نظرة صحييحه مستنده لتجارب الماضى لان الوضاع تقريبا متشابه حتى الخصوم لايختلفون كثيرا عن خصوم اليوم
كما ذكرنا فى السابق ان لما تولى قطز الحكم وجد امامه تحديات سياسيه داخليه وتحديات سياسيه
لكن ماهى التحديات التى تتطلب التعامل معها اولا هل هى التوفيق بين القوى السياسيه المتصارعه فى الداخل ام تحسين العلاقات الدبلوماسيه مع الخارج ام الاهتمام بالجيش اولا لمواجهة الاطماع الخارجيه ام البدء بانقاذ الاقتصاد المتدهور
انظروا معى مالذى بدا به قطز لمواجهة هذه التحديات وكما ذكرت فى السابق ان رئيس قادم لمصر لابد له ان يتخذ نفس السياسات التى اتخذها قطز لكى ينجح فى مهمته
اولاالبحث عن الاستقرار الداخلى
وذلك عن طريق الخطوات الاتيهالخطوةالأولى التوحد فى مواجهة الازمه[/size]
التي حرص عليها قطز -رحمه الله- هي استقرار الوضع السياسى الداخلي في مصر، وقطع
أطماع الآخرين في كرسي الحكم الذي يجلس عليه؛ لأن الطامع في الكرسي لن تهدأ له نفس
أو تستقر له حال حتى يجلس على الكرسي الذي يريد، فكيف تصرف في هذا الموقف رحمه
الله؟!
إنه
لم يقطع أطماعهم عن طريق التهديد والوعيد، فهذا - على العكس - يزيد الفتن
اشتعالاً، ويؤجج نيران الحقد والحسد والغل، ولم يقطعها بتزوير إرادة الشعب وإيهام
الجميع أن الشعب يريده هو بذاته، ولم يقطعها بالخداع والغش والمؤامرات والتحايل،
ولكن قطز رحمه الله ارتفع "بأخلاق" المنافسين إلى درجة لم يتعودوا عليها
في الفترة الأخيرة في مصر..
لقد
جمع قطز -رحمه الله- الأمراء وكبار القادة وكبار العلماء وأصحاب الرأي في مصر، وكل
هؤلاء من المحركين الفعليين لطوائف الشعب المختلفة، وقال لهم في وضوح:
"إني
ما قصدت (أي ما قصدت من السيطرة على الحكم) إلا أن نجتمع على قتال التتر، ولا يتأتى
ذلك بغير ملك، فإذا خرجنا وكسرنا هذا العدو، فالأمر لكم، أقيموا في السلطة من
شئتم"..
فهدأ
معظم الحضور ورضوا بذلك..
لو نظرنا فى واقعنا نحن الان فسنرى ان اى رئيس قادم لا بد له فاول مايبدا به ان يجتمع مع كل الاطراف السياسيه فى مصر من اسلاميين وليبراليين واقباط وايضا العلماء والرموزالدينيه وممثلى الصعيد وسيناء والمحافظات الساحليه وغيرهم وان يتفق معهم على ان لابد ان نسى كل الاختلافات التى بيننا وان نتوحد لننقذ مصر من محنتها ونضعها فى مكانها المنشود
[size=24]الخطوه الثانيه
حكومة تكنو قراط او كفائاتومع
أن قطز رحمه الله قد استخدم الأخلاق العالية، والأهداف النبيلة في تجميع القواد
والعلماء حوله، إلا أنه لم يتخل عن حزمه في الإدارة، وعن أخذه بأسباب السيطرة على
الأمور.. فعزل الوزير "ابن بنت الأعز" المشكوك فى امانته، وولّى بدلاً منه وزيراً آخر يثق في كفائته وامانته وولائه، وهو "زين الدين
يعقوب بن عبد الرفيع"، وفي ذات الوقت فإنه أقرّ قائد الجيش في مكانه وهو
"فارس الدين أقطاي الصغير الصالحي" (مع أنه من المماليك
الصالحية ( إلا أنه وجد فيه كفاءة عسكرية وقدرة قيادية وأمانة وصدق، وهي مؤهلات
ضرورية لأي إمارة.. (وطبعاً "فارس الدين أقطاي الصغير" هذا غير
"فارس الدين أقطاي" زعيم المماليك الصالحيه السابق، والذي قتل في سنة 652هـ
قبل هذه الأحداث بست سنوات..).
الخطوه الثالثه العفو عن الخصوم
، اتخذ قطز -رحمه الله- خطوةجديدة أكثر أهمية في إعداده لمواجهة التتار المرتقبه، وكانت خطوة في منتهى الروعة والحكمة،وأبرزت الأخلاق الرفيعة جداً لقطز رحمه الله..لقدأصدر قراراً بالعفو العام الحقيقي عن كل المماليك الصالحيه!!.. وأقصد بكونه حقيقياًأنه لم يكن خدعة سياسية لأجل معين، .. إنما كان أمراً يهدف فعلاً إلى المصالحة الحقيقية، ويرميبصدق إلى إصلاح الأوضاع، ولَمّ الشمل، ودرء المفاسد..وقصة الفتنه التى حدثت بين المماليك الصالحية وبين المماليك المعزية، كانت منذ ست سنوات وذلك سنة 652 هـ عندما قُتل فارس الدين أقطاي زعيمالمماليك الصالحيه، ثم بدأت الفتنة تتفاقم تدريجياً إلى أن وصلت إلى الذروة بعدمقتل الملك المعز عزّ الدين أيبك ثم شجرة الدرّ، ووصل الأمر إلى أن معظم المماليك الصالحيه -وعلى رأسهم القائد ركن الدين بيبرس-فروا من مصر إلى مختلف إمارات الشام، ومنهم من شجع أمراء الشام على غزو مصر، ووصلالأمر إلى حد خطير.. فلما اعتلى قطز رحمه الله عرش مصر أصدر قراره الحكيم جداًبالعفو عن المماليك الصالحيه وبدعوتهم إلى العودة إلى مصر بلدهم..لقد
كان قراراً في منتهى الروعة!!.. على عكس ما يفعل بعض الزعماء السياسيين الذين لم
يتفقهوا بعد في السياسة, ولا يدركون موازين القوى في بلادهم؛ فيتعاملون تعاملاً
غبيًا مع الأحداث.. فهو إما أن يقصي القوى الفاعلة في المجتمع تمامًا عن كل شيء؛
لأنها على خلاف معه! وأحيانًا يقيد حريتهم.. وأحيانًا يخرجهم من البلاد تمامًا...
إما أن يفعل ذلك وإما أن يتجاهلهم تمامًا وكأنهم لا وجود لهم.. يضع رأسه في
الرمال.. لا يعترف بوجودهم.. يُنكر طاقاتهم.. يهمل كيانهم...
كل
هذا ولا شك لا يصب أبدًا في مصلحة البلد أو مصلحة الشعب..
أما
قطز رحمه اله فكان رجلاً متجردًا لله.. محبًا لوطنه وأمته.. يفعل ما فيه المصلحة
ولو كان خطرًا على كرسيه وسلطته..
لو طبقنا هذا على واقعنا الحالى فاظن انه يمكن العفو عن اعضاء الحزب الوطنى اوكل من ينتمى اليه من جميع انحاء الجمهوريه لكن فقط للذين تبين ان ايديهم نظيفه من اى مفاسد واكررها ثانية فقط للذين يتبين ان ايديهم نظيفه من اى مفاسد بما فيها المفاسد السياسيه
قطز والعفو عن بيبرس
وإذا
كان فعل قطز النبيل مع كل المماليك الصالحيه في كفة، ففعله النبيل مع قائد المماليك الصالحيه ركن الدين بيبرس في كفة أخرى.. فبيبرس هو أخطرهم مطلقاً، ولو كان في نفس
قطز غدر أو خيانة أو مصالح سياسية مجردة من الأخلاق ما استقدم بيبرس إلى مصر
أبداً..
ثانيا السياسات الخارجيه
فبعد
الاستقرار "الداخلي" في مصر حرص قطز على الاستقرار "الخارجي"
مع جيران مصر من المسلمين..
فالعلاقات
ـ كما فصلنا قبل ذلك ـ كانت متوترة جداً جداً مع إمارات الشام الأيوبية، وقد فكروا
أكثر من مرة في غزو مصر، ونقضوا الحلف الذي كان بين مصر والشام أيام الصالح نجم الدين ايوب،
واستقطبوا المماليك الصالحيه عندهم عندما فروا من مصر، وهم يتربصون بمصر الدوائر في
كل يوم، بل إن الناصر يوسف الأيوبي أمير دمشق وحلب كان قد طلب من التتار بعد بعد سقوط بغداد أن
يعاونوه في غزو مصر!!..
مع كل هذه
الخلفيات المعقدة للعلاقة بين مصر والإمارات الأيوبية إلا أن قطز سعى لإذابة
الخلافات التي بينه وبين أمراء الشام، وكان يسعى إلى الوحدة مع الشام، أو على
الأقل تحييد أمراء الشام، فيخلوا بينه وبين التتار دون أن يطعنوه في ظهره كما
اعتادوا أن يفعلوا..
مراسلة صاحب حلب ودمشقووجدقطز رحمه الله أن رأس هؤلاء والمقَدَّم عليهم هو الناصر يوسف الأيوبي صاحب إمارتي
حلب ودمشق، وهو أكبرهم، ويحكم أعظم مدينتين في الشام، وكان قطز يعلم تمام العلم
كراهية الناصر يوسف له، ويعلم بأنه طلب من التتار أن يساعدوه في حربه.. ومع كل هذا
فقد أرسل له قطز رحمه الله رسالة تفيض رقة وعذوبة، وكأنه يخاطب أقرب المقربين
إليه... وأورد هذه الرسالة المقريزى في
السلوك...
وكانت
هذه الرسالة قبل قدوم التتار إلى حلب، واحتمال التعاون بين التتار والناصر يوسف
قائم، فأراد قطز أن يوحد بينه وبين الناصر يوسف ـ على ما به من عيوب وخطايا ـ
بدلاً من أن يضطر قطز إلى مواجهة جيش الشام من المسلمين، ولكن قطز كان يعلم أن
أعظم أهداف الناصر هو البقاء على كرسي الحكم، ولن يضحي به مهما كانت الظروف، لذلك
فإن قطز أرسل له رسالة عجيبة فعلاً!..
(سبحان الله وانا اتكلم عن الخائن الناصر يوسف الايوبى فكانى اتكلم عن بشار الاسد بالضبط)المهم فقد
أرسل له يعرض عليه الوحدة ، على أن يكون الناصر يوسف الأيوبي هو ملك مصر
والشام!!!.. لقد عرض عليه أن يكون هو - أي قطز - تابعاً للناصر يوسف، مع أن موقف
قطز العسكري الآن أفضل بكثير من موقف الناصر يوسف، ومع أن مصر كدولة أقوى بكثير من
مدينتي حلب ودمشق!!..بل ووضع له كل الضمانات التى يريدها من اجل تحقيق ذلك
وقال له قطز رحمه الله في رسالته أنه لا ينازع الملك الناصر في الملك ولا يقاومه،
وأنه ـ أي قطز ـ نائب عن الناصر في ديار مصر، وأن الناصر متى جاء إلى مصر أجلسه
فوراً على كرسي الحكم فيها!!!..
هذه
أمور لا يتخيلها إنسان بموازين السياسة المادية، ولا يمكن أن تُفهم إلا إذا أدخلت
في حساباتك البعد الإيماني الأخلاقي ـ لا السياسي فقط ـ عند قطز..
لكن
الناصر يوسف لم يستجب لهذه النداءات النبيلة من قطز، وآثر التفرق على الوحدة،
فماذا كانت النتيجة؟!
لقد
مرت الأيام، وسقطت حلب، وهُدّدت دمشق، وفرّ الناصر فراره المخزي إلى فلسطين، وعند
فلسطين حدث الذي كان لابد أن يحدث منذ زمن.. لقد خرج جيش الناصر عن طوعه، وآثر
الانضمام إلى جيش مصر حيث القائد المحنك المسلم المخلص "قطز"، وحيث
القضية الواضحة والهدف الثابت، وحيث الجهاد في سبيل الله, لا في سبيل الكرسى
( لكانى اتحدث عن انشقاقات الجيش الحر الان فى سوريا )اما الخائن الناصر يوسف فقد فر الى البدو فى الصحراء وفى نهاية المطاف قبض عليه التتار وقتلوه وهذا جزاء الخائنيين
مراسلة بقية امراء الشام
لم
يكتف قطز رحمه الله بهذه الجهود الدبلوماسية مع الناصر بل راسل بقية أمراء الشام،
فاستجاب له الأمير "المنصور" صاحب حماة، وجاء من حماة ومعه بعض جيشه
للالتحاق بجيش قطز في مصر..
أما
المغيث عمر صاحب الكرك بالأردن فقد آثر أن يقف على الحياد فظل مراقباً للأحداث للالتحاق بعد ذلك بالمعسكر الفائز سواء كانوا من
المسلمين أو من التتار..
وأما
الأشرف الأيوبي صاحب حمص فقد رفض الاستجابة تماماً لقطز، وفضل التعاون المباشر مع
التتار، وبالفعل أعطاه هولاكو إمارة الشام كلها ليحكمها باسم التتار!..
وأما
الأخير وهو الملك السعيد (هذا لقبه!) "حسن بن عبد العزيز" صاحب بانياس
فقد رفض التعاون مع قطز هو الآخر رفضاً قاطعاً، بل انضم بجيشه إلى قوات التتار
يساعدهم في فتح بلاد المسلمين!!..
وهكذا
خرج قطز من علاقاته الدبلوماسية الخارجية بأمور مهمة.. فقد تحالف مع أمير حماة
"المنصور".. وانضم إليه أيضاً جيش الناصر، وحيّد إلى حد كبير المغيث عمر
صاحب الكرك.. وهذه النتائج تعتبر نتائج هامة جداً ومؤثرة للغاية، وحتى الانضمام
السافر للأمير الأشرف الأيوبي والملك السعيد بن عبد العزيز إلى التتار كان مهماً،
حيث إنه كشف أوراقهما بجلاء، وبُنيت خطة قطز على أساس وضوح الرؤية تماماً..
نعود لترتيب الاوراق مع قطزـ
أولاً: الوضع الداخلي مستقر، والحكومة الجديدة تدين بالولاء التام لقطز..
ـ
ثانيا: المهمة الأولى للدولة في تلك الآونة واضحة ومعلنة، وهي إعداد جيش قوي
لمقابلة التتار في معركة فاصلة أي وضوح الهدف..
ـ
ثالثاً: العفو عن المماليك الصالحيه أشاع جواً من الهدوء النفسي والراحة القلبية
عند عموم شعب مصر وليس عند المماليك البحرية فقط، فمن المؤكد أن جو المشاحنات لا يترك
آثاره السلبية ليس على القادة والجيش فقط وإنما على الشعب كله، ولا شك أيضاً أن
الجيش المصري قد ازداد قوة باتحاد طرفيه الكبار المماليك الصالحية والمماليك
المعزية..
ـ
رابعاً: انضم إلى جيش مصر الكثير من الجنود الشاميين.. وهؤلاء هم معظم جيش الناصر
يوسف صاحب دمشق وحلب، وجيش حماة وعلى رأسه المنصور أمير حماة..
كان
هذا هو الوضع السياسي والعسكري لمصر في أوائل سنة 658هـ، وقد سقطت في ذات الوقت
حلب ودمشق وكل فلسطين حتى غزة تحت حكم التتار، والمعروف أن غزة قريبة جداً من
الحدود المصرية (أقل من خمسة وثلاثين كيلومترًا).
اما الان ونحن فى شهر ربيع الاول لعام 658 هجريا بعن بعد تولى قطز الحكم بثلاثة اشهر فقط
اذ تصل رسل التتار الى القاهره
فى الجزء القادم
سنعرف كيف تعامل قطز مع رسل التتار
وكيف تعامل قطز مع الفلول المليارديرات حيتان الاراضى .. اسف اقصد مع الامراء الفاسدين الذين تملكوا الاف الافدنه من اراضى الدوله مستغلين حكم الملك الصغير فى السابق والذين اصبحت خزائنهم مليئه بالذهب اكثر من بيت المال