أحمد منصور: أي شخص لا يفهم في العسكرية، شخص بسيط جدا حيجيب الخريطة ويبص يلاقي إيران الدولة الضخمة الكبيرة المتسعة ذات الستين مليون ويبص للعراق اللي هي كانت أقل من ثلاثين مليون، إزاي دولة زي دي حتحتل دولة زي دي؟! إيه اللي كان عايزه صدام حسين من وراء ذلك؟
" كانت هناك مراهنة على التفوق العسكري العراقي فكان عدد العسكريين يقدر بمليون جندي، وسلاح الجيش متطور سوفياتي وبالنسبة للقوة الجوية فكانت قد جهزت بطائرات فرنسية متطورة " |
حامد الجبوري: كان مراهنة، كان مراهنة على التفوق العسكري العراقي، كان العراق عنده ما أتذكر عدد الفرق بس أكثر من مليون عسكري موجودين، كان عنده سلاح متطور سوفياتي بشكل أساسي، بعدئذ صار بالنسبة للقوة الجوية جهزت بطائرات فرنسية متطورة وإكزوزيت وإلى آخره وبالمقابل إيران في هذا الوضع كما صورت في حينها وهو الواقع صحيح يعني الجيش الإيراني انضرب ضربات قوية بعد..أحمد منصور (مقاطعا): لكنه كسر الجيش العراقي بعد ذلك أكثر من مرة.
حامد الجبوري: نعم؟
أحمد منصور: كسر الجيش العراقي أكثر من مرة.
حامد الجبوري: شوف، اللي اتبع بعدين، الأسلوب اللي اتبع في الحرب في الصفحة الوسطى من الحرب هو العقيدة العسكرية لكوريا الشمالية وهي الاعتماد على الموجات البشرية، يعني كانوا يروون مثلا، أنا سامع بأذني هذا الموضوع، العسكريون يجون من الجبهة من يسلم منهم من المصير..
أحمد منصور: العسكريون العراقيون؟
حامد الجبوري: العراقيون طبعا، مثلا موجود موقع عسكري عراقي، تجيه موجات بشرية من الشباب الصغار، أولا المنطقة الملغمة عادة لحماية الموقع، تجي موجات بشرية من هذول الصغار الشباب مخلين هذه الشعارات على جبينهم وعلى أساس مفاتيح الجنة بجيبهم فيجي يفتح حقول الألغام بالبشر وتروح مئات من الناس إلى أن يفتحوا طريقا آمنا..
أحمد منصور: يدخل الجيش.
حامد الجبوري: نحو الموقع العسكري المعين. بعدين تيجي موجات أخرى وتبقى تهاجم وهذا متحصل في موقع. والله يقولوا لي بعض العسكريين يقولون نرمي وأمامنا الجثث تتساقط والموجات مستمرة والموجات مستمرة إلى أن يصلوا إلى الموقع وينتهي العتاد عند الموقع العسكري وحينئذ يبتدئ الاشتباك بالسلاح الأبيض، يعني شيء رهيب.
أحمد منصور: يعني كانوا استطاعوا أنهم من الناحية النفسية ينتصروا على العراقيين.
حامد الجبوري: بالضبط، بالضبط يعني هم تدري شعب سبعين مليون أو أكثر من سبعين مليون بعدين العقيدة اللي عندهم يعني تخليهم يندفعون نحو الموت بدون اهتمام إطلاقا.
أحمد منصور: صدام كان واضحا في ذهنه أن الحرب ستدوم ثماني سنوات؟
حامد الجبوري: أنا سمعت من أكبر واحد بعد صدام حسين..
أحمد منصور: اللي هو مين ده أكبر واحد بعد صدام، هو في حد كبير بعده؟
حامد الجبوري: عزت إبراهيم..
أحمد منصور: عزت إبراهيم؟ هم دول كانوا كبار دول؟
حامد الجبوري: دعنا من هذا الكلام.. يعني الشخص الثاني..
أحمد منصور: لا، أنا أسألك، أنا لا أقلل من قيمة الناس ولكن أنا أسألك أن صدام لم يكن يترك أحدا كبيرا خلفه.
حامد الجبوري: ما يخالف، أستاذ أحمد، من الموقع الرسمي الشخص الثاني في الدولة العراقية بصرف النظر عن التعليقات الأخرى..
أحمد منصور: ماشي، أنت بتقول إن جيبه اليمين ما يعرفش جيبه الشمال، حيبقى عزت إبراهيم عارف؟
حامد الجبوري: أنت ما تخليني أتكلم.
أحمد منصور: أنا بأسألك يا أفندم، أسألك.
حامد الجبوري: ما يخالف بس تجيب لي أسئلة.. يعني في موقع ثاني، رسميا كان موجود موقع ثاني في الدولة.
أحمد منصور: Ok ، تفضل.
حامد الجبوري: طيب.
أحمد منصور: سمعت منه قال إيه؟
حامد الجبوري: والله شوشت أفكاري يا أحمد.
أحمد منصور: أنت ما سمعتش من صدام حسين نفسه؟
حامد الجبوري (مقاطعا): رحنا طلعنا إلى استقبال ضياء الحق، الرئيس الباكستاني في حينها ضياء الحق اللي كان هو أول شخص يكلف من قبل منظمة المؤتمر الإسلامي..
أحمد منصور: للوساطة في الحرب.
حامد الجبوري: بذل مساعي حميدة للوساطة لحل النزاع في بداياته، فطبعا الطيران ممنوع في ذلك الوقت لأنه أجواء مغلقة العراقية، فرحنا بالسيارات إلى خان باري اللي هو قريب على يعني بعد بغداد باتجاه الرمادي وهناك قعدنا في مقهى شعبية صغيرة ننتظر موكب الرئيس يجي من عمان بالسيارات إلى بغداد..
أحمد منصور: سنة كام ده تفتكر؟
حامد الجبوري: في البدايات في بداية الحرب بالضبط، إيه، فنتحدث أنا كنت مع عزت، فعزت يقول لي والله أستاذ حامد يعني حتى لو تستمر الحرب ستة أشهر إحنا..
أحمد منصور: ستة أشهر؟
حامد الجبوري: إي نعم.
أحمد منصور: يعني كانوا متخيلين أنها مش حتدوم أكثر من كده!
حامد الجبوري: أعتقد المعلومات المضللة اللي كانت تصل أن الجيش منهار والقوة الجوية منهارة وكذا..
أحمد منصور: في إيران.
حامد الجبوري: ما كان يحسب حساب الموجات البشرية اللي صارت، ما كان يحسب حساب أي بلد يحتل من قبل جيش معادي المشاعر الوطنية تلتهب بصرف النظر عن النظام القائم والشعب مستعد يضحي إلى أقصى الحدود في سبيل رد العدوان، فكل هذه الحسابات كان يجب أن تؤخذ بنظر الاعتبار الحقيقة.
أحمد منصور: هل أنت سمعت من صدام شيئا بالنسبة للحرب؟
حامد الجبوري: لا أبدا.
أحمد منصور: على الإطلاق؟ لم يكن يتحدث في مجلس الوزراء عن الحرب؟
حامد الجبوري: لا أبدا، حتى رئيس الأركان يعني ما كان يتحدث الرجل عن الحرب.
أحمد منصور: أمال اجتماعات مجلس الوزراء كنتم بتتكلموا عن إيه أثناء الحرب نفسها؟
حامد الجبوري: جدول أعمال العادي..
أحمد منصور: اللي بيتحدث في الشؤون الداخلية؟
حامد الجبوري: وتطرح قضايا خارجية لكن ليس هناك نقاش حول حرب محتملة على إيران.
أحمد منصور: لا، أنا ما بتكلمش على الحرب المحتملة، الآن بعدما قامت الحرب.
حامد الجبوري: آه بعدما قامت الحرب، لا طبعا، إيجاز عن تطور المجابهات العسكرية في جبهات القتال، إيجاز يجي بعض الضباط الكبار من قبل رئاسة الأركان أو رئيس الأركان أو وزير الدفاع بعض الأحيان، ولو وزير الدفاع نادرا ما كان يحضر لأنه مشغول بالجبهات وكذا فيصير إيجاز ويصير نقاش وسؤال وجواب.
أحمد منصور: كثير من المراقبين يقولون إن هذه الحرب كانت بين رجلين هما صدام حسين وآية الله الخميني وليس بين بلدين، بمعنى أن عناد الرجلين دفع إلى أن تستمر هذه الحرب التي وصفت أنها أطول حرب نظامية في القرن العشرين.
حامد الجبوري: إلى حد كبير هذا صحيح حسب اعتقادي لأنه ليس من مصلحة البلدين أن يكون تصل العلاقة بينهم إلى حد الاصطدام المسلح.
أحمد منصور: الأميركان بدؤوا يزودوا صدام حسين بالمعلومات عبر طائرات الأواكس في 1981، السعوديون بدؤوا يمولوا صدام بالأسلحة والعتاد برعاية أميركية، دونالد رامسفيلد جاء موفدا خاصا من الرئيس الأميركي والتقى صدام حسين مرتين في ديسمبر 1983 ومارس 1984. كوزير دولة لشؤون الخارجية ووزير خارجية بالإنابة هل كان لديك علم بهذه التفصيلات؟
حامد الجبوري: أنا أولا ما حضرتها وما أعرف أي شيء عنها ما جرى فيها إلا بعدئذ عبر ما تسرب من معلومات.
أحمد منصور: هل كان عندك أي معلومات عن العلاقات السرية بين الولايات المتحدة والعراق في تلك المرحلة؟
" الولايات المتحدة كانت تقدم معلومات في غاية الحساسية للقيادة العراقية عن طريق الأقمار الصناعية، وتأتي خرائط وتفصيلات لوزارة الخارجية وتعطى إلى الرئاسة للاستفادة منها " |
حامد الجبوري: والله أنا أتحدث بالشيء اللي عايشته، كانت الولايات المتحدة تقدم معلومات في غاية الحساسية للقيادة العراقية يعني عن طريق الأقمار الصناعية، طائرات الأواكس وتأتي خرائط وتفصيلات أنا لا أفهم فيها لكن تأتي إلى وزارة الخارجية ونعطيها إلى الرئاسة حتى يستفيدوا منها.أحمد منصور: بعد ذلك أعلن عن عودة العلاقات بين الولايات المتحدة والعراق في نوفمبر عام 1984، هل كان هذا تتويجا لأربع سنوات من التعاون بين البلدين في الحرب على إيران؟
حامد الجبوري: والله أنا كنت أربي أسماك في هذه الفترة.
أحمد منصور: هل كان لديك أي علم أو اطلاع عن الترتيبات المسبقة أثناء الفترة الأخيرة لك في وزارة الخارجية لإعادة العلاقات بين البلدين؟
حامد الجبوري: كان يجري حديث بس ما تفاصيل الحقيقة.
أحمد منصور: متى أدرك صدام حسين أنه بدأ يخسر الحرب؟
حامد الجبوري: اسمح لي بس أكمل هذا الموضوع الأول قبل هذا السؤال إذا تسمح لي.
أحمد منصور: تفضل.
حامد الجبوري: كان يعني الذريعة أن طالما إحنا عضو في حركة عدم الانحياز وطالما عندنا علاقات مع الاتحاد السوفياتي يعني مبدأ عدم الانحياز يقتضي أن تكون علاقات متوازنة بين القوتين الأعظم فطالما عندنا علاقات مع الاتحاد السوفياتي، هذه الحجة اللي كانت تقال أكثر من مرة، يجب أن يكون عندنا نوع من العلاقات مع الولايات المتحدة. آسف أنا السؤال ما أعرف.
أحمد منصور: متى بدأت الآثار الاقتصادية للحرب تنعكس على العراق؟
حامد الجبوري: والله منذ البداية لكن حقيقة المساعدات الضخمة اللي هو الرئيس كان يؤكد في كل اجتماعات مجلس الوزراء ولقاءاتنا في مكتب الإعلام وغيرها وغيرها.. لا آسف مكتب الإعلام أنا كنت خرجت من مكتب الإعلام في هذه الفترة كنت وزير شؤون..
أحمد منصور: خارجية.
حامد الجبوري: نعم، نعم. يؤكد على أن الهدف من الحرب هو إيقاف عملية التنمية في داخل العراق فحتى..
أحمد منصور (مقاطعا): طيب ما هو اللي شن الحرب.
حامد الجبوري: أنا أذكر لك الشيء اللي سمعته، أنا ما أناقش..
أحمد منصور: طيب أنتم ما حدش فيكم يرد عليه؟
حامد الجبوري: يا ريتك كنت موجود ترد عليه والله.
أحمد منصور: إلى هذه الدرجة لم يكن أحد..
حامد الجبوري (مقاطعا): على كل حال أستاذ أحمد، المهم.
أحمد منصور: طيب كمل لي.
حامد الجبوري: فكان حريصا على أنه مو فقط عملية التنمية وإنما توفير المواد الغذائية للمواطنين و، و، لنوع من الرفاهية حتى صارت يعني في الفترة الأولى، لكن بعد اشتداد المعارك في الجبهات صار حقيقة يعني ابتدأت تؤثر على الحياة المعاشية للمواطنين.
أحمد منصور: أميركا التي شجعت العراق على حربها على إيران، دعمتها، قدمت لإسرائيل الخرائط والدعم اللوجستي أيضا لتدمير مفاعل ديمونة الذري الذي دمر في سبعة يونيو 1981، قبل تدمير مفاعل التويثة (تموز)، في شهر أبريل 1979 نسف عملاء الموساد أيضا سفينة كانت تحمل أجزاء مهمة من المفاعل في ميناء كولون الفرنسي، وفي 14 يونيو 1980 قتل عالم الذرة المصري الذي كان يعمل في ذلك المفاعل يحيى المشد أيضا على يد الموساد في باريس.
حامد الجبوري: وقبل هذا..
أحمد منصور: وقبل هذا؟
حامد الجبوري: وقبل هذا الإسرائيليون استطاعوا اختراق الأجواء العراقية في الجهة الغربية يعني اتجاه الأردن ونزلوا بإنزال من كوماندو إسرائيليين لعقدة اتصالات الكايبل الرئيسي اللي كل الاتصالات السرية وغير السرية تمر بهذه العقدة وأن يشيلوا كل هذا مركز الاتصالات ويأخذوه معهم بطائرات هيلكوبتر.
أحمد منصور: الخاص بالدولة؟
حامد الجبوري: نعم؟
أحمد منصور: الخاص بدولة العراق؟
حامد الجبوري: نعم، نعم، من أخطر العمليات اللي قامت بها إسرائيل في ذلك الوقت.
أحمد منصور: وماذا كان رد فعلكم على هذا؟
حامد الجبوري: يعني هي صارت الحادثة وعلى أساس يعني مثل ما صار قصف المفاعل، وأنا والله بعيني شفت الطائرات عند، طيران منخفض جدا إجا، حتى لا تكشفه الرادارات وشيء من هذا القبيل بس حتى الإنسان يشوفها يعني من الحدود إلى أن وصلت وقصفت وطلعت، على أساس منشغلين في الجبهة الشرقية وإلى آخره ومخلين الجبهة الغربية.