مكافحة الإرهاب
بعد تفاعل الولايات المتحدة مع مختلف الأزمات الإنسانية وأوضاع سياسية خطيرة (الصومال، ليبريا، سيراليون، السودان)، قررت تبني إجراءاتٍ وقائية وسياسة غير نشطة سواءٌ في شمالي إفريقيا أو في إفريقيا الغربية والقرن الإفريقي، حيث يمكن لكل الأقطار أن تستخدم كملاذاتٍ مختارة لـ«المجرمين والإرهابيين القادمين من أفغانستان والشرق الأوسط». منذ العام 2004، أكّد خبراء أمريكيون بأنّ إفريقيا، بـ«مناطقها الرمادية»، تتحول إلى قاعدة خلفية للإرهاب. في إطار مبادرة بلدان الساحل (التي تغير اسمها إلى برنامج مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل أو TSCTI، بميزانيةٍ بلغت 500 مليون دولار لخمس سنوات)، تقدّم واشنطن التدريب والتجهيزات لبلدانٍ كان عددها أربعة في البداية (مالي، موريتانيا، تشاد والنيجر)، ثمّ وسّعت هذا الترتيب ليشمل بلدان المغرب العربي الثلاثة، مشجعةً على التعاون المشترك فيما بينها مثلما في مناورة فليعنت لوك 2005.
وفي ما وراء الساحل، تقاربت الولايات المتحدة مع أكبر منتجي النفط في إفريقيا الغربية وخليج غينيا، وهما العملاقان النيجر وأنغولا، وكذلك ساو توميه وبرنسيب (STP).
بعد تاريخ الحادي عشر من أيلول المفصلي، أولت واشنطن أهميةً استراتيجية للقرن الإفريقي (HOA)، الواقع على الطرف الغربي لـ«قوس عدم الاستقرار» الذي يضم الموارد الاستراتيجية التي تتنافس عليها الولايات المتحدة مع الـ(BRIC البرازيل، روسيا، الهند والصين). إنّ قيام القيادة المقاتلة الموحدة السادسة الجديدة مكرس بالكامل لـ«الحرب الطويلة على الإرهاب العالمي (GWAT)» التي ربما تدوم جيلاً كاملاً، لا بل أكثر من ذلك، إن لم يكن إلى الأبد، وفق جون ماكين، المرشح للبيت الأبيض. ويفسر الجنرال جونز قائلاً: «عبر مساهمتنا الحثيثة في إيقاف تدهور وضع هذه القارة الذي لا تني أهميته تتزايد، تنقص إمكانية أن تصبح إفريقيا الجبهة القادمة للحرب على الإرهاب». لقد أصبحت إفريقيا تتمتع بالأولوية في الحرب العالمية على الإرهاب.
ستصبح إفريقيا «ساحة المعركة التالية ضد الإرهاب». تنوي أمريكا إشاعة النظام في «المناطق الخضراء»، تلك «المناطق التي تفلت إلى هذا الحد أو ذاك من سيطرة الدولة». من وجهة نظر واشنطن، يعتبر الساحل والقرن الإفريقي «ساحة المعركة الجديدة»، حيث أدت إجراءات مكافحة الإرهاب التي جرى تطبيقها بمبادرةٍ من واشنطن منذ العام 2000 إلى تطورٍ في الوضع، تجلى في إضعافٍ واضح للخطر السلفي. يقدّر الخبراء الأمريكيون أنّ «ساحة المعركة» الجديدة هذه تمثّل مرتعاً للمبشرين الإسلاميين المتطرفين وللمجموعات الإرهابية الجديدة: الطالبان السود في نيجريا، وجماعة تبليغي في إفريقيا الغربية، المتمركزة بصورةٍ خاصة في البلدان المنتجة للنفط.
يعتبر بعض الأخصائيين الأمريكيين أنّ 25 بالمئة من «المقاتلين الأجانب» الذين تجندهم القاعدة لمحاربة القوات الأمريكية في العراق يأتون من إفريقيا، ويعودون إليها لقيادة الجهاد. استناداً إلى شهادة ج. بيتر بام أمام مجلس النواب، لجنة الشؤون الخارجية، اللجنة الفرعية الخاصة بإفريقيا والصحة العالمية، استشهد إيزاك كفير (من هرتزليا، إسرائيل) بأقوال أبي عزام الأنصاري: «ما من شكٍ في أنّ القاعدة والمحاربين يقدّرون حق قدرها أهمية المناطق الإفريقية للقيام بحملات عسكرية ضد الصليبيين. عديدون هم من يشعرون بأنّ هذه القارة لم تجد بعد دورها الخاص وبأنّ مراحل النزاع الجدبدة ستجعل من إفريقيا ساحة معركتها... إفريقيا أرضٌ خصبة للترويج للجهاد وللقضية الجهادية».