يوم حزين جدا بوفاة اسد المملكة الله يرحمه نايف بن عبد العزيز.. من "مدرسة الأمراء" إلى ولاية العهدرحم الله رجل الأمن الأول، الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير
الداخلية, وأسكنه فسيح جناته، وبرحيل سموه فقد المسلمون في شتى بقاع الأرض رمزاً من أكبر رموز الأمة، وقائداً
نذر نفسه وجل حياته لرفعة هذا الدين وخدمة وطنه وأمته، كان جواداً معطاء محباً للخير، باذلاً لدينه وعقيدته، جواداً
كريماً، تفانى في خدمة وطنه في جميع المناصب التي تولاها، حتى لقي ربه راضياً مرضياً.
ولد الأمير نايف بن عبد العزيز في مدينة الطائف عام 1353هـ الموافق 1934م، وتلقى تعليمه في مدرسة الأمراء
ثم درس على أيدي كبار العلماء والمشايخ وواصل اطلاعه في الشئون السياسية والدبلوماسية والأمنية.
المناصب التي تقلدها سموه:
وكيـلاً لإمارة منطقـة الرياض بموجب الأمـر الملكي رقـم 1264 وتـاريخ 17/ 6/ 1371هـ
أميراً لمنطقة الرياض بموجب المرسوم الملكي المؤرخ في 3/ 4/ 1372هـ وحتى 25/ 8/ 1374هـ
صدر الأمر الملكي الكريم رقم أ/ 45 وتاريخ 29/ 3/ 1390هـ الموافق 3/ 6/ 1970م بتعيينه نائباً لوزير
الداخلية
صدر الأمر الملكي الكريم رقم أ/ 165 وتاريخ 17/ 9/ 1394هـ بتعيينه نائباً لوزير الداخلية بمرتبة وزير
اعتباراً من تاريخ 16/ 9/ 1394هـ
صدر الأمر الملكي الكريم رقم أ/ 45 وتاريخ 17/ 3/ 1395هـ بتعيين سموه بمنصب وزير دولة للشئون
الداخلية
صدر الأمر الملكي الكريم رقم أ/ 236 وتاريخ 8/ 10/ 1395هـ بتعيينه وزيراً للداخلية اعتباراً من تاريخه
ولا يزال
المهام الأخرى التي يتولاها سموه:
رئيس المجلس الأعلى للإعلام
رئيس الهيئة العليا للأمن الصناعي
رئيس لجنة الحج العليا
رئيس المجلس الأعلى للدفاع المدني
رئيس مجلس إدارة أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية
الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب
رئيس مجلس القوى العاملة
رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية البشرية
ترأس اللجنة التي وضعت النظام الأساسي للحكم ونظام مجلس الشورى ونظام المناطق
نائب رئيس الهيئة الوطنية لحماية البيئة وإنمائها
عضو في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية
الأوسمة والجوائز الحاصل عليها سموه:
حصل على عدد من الأوسمة والنياشين ومظاهر التكريم، كان من أبرزها:
يحمل سموه وشاح الملك عبدالعزيز الطبقة الأولى والذي يعتبر أعلى وسام في المملكة العربية السعودية
الدكتوراه الفخريـة في القـانون من جامعة شنغ تشن فـي الصـين الوطنية فـي 17/ 8/ 1399هـ
درجة الدكتوراه الفخرية في القانون من كوريا الجنوبية
درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة أم القرى في السياسة الشرعية
وشاح من درجة السحاب من جمهورية الصين عام 1397هـ الموافق 1977م
وسام جوقة الشرف من جمهورية فرنسا عام 1397هـ
وسام الكوكب من المملكة الأردنية الهاشمية عام 1397هـ
وسام المحرر الأكبر من جمهورية فنزويلا عام 1397هـ
وسام الأمن القومي من جمهورية كوريا الجنوبية عام 1400هـ
وسام الأرز من الجمهورية اللبنانية
الهوايات:
تعتبر رياضة الصيد بالصقور هوايته الخاصة والرياضة المفضلة لسموه
ركوب الخيل ويحتفظ سموه بعدد من الخيل العربية الأصيلة
القراء وخاصة في مجالات السياسة العربية والتاريخ والأدب
جهود سموه على الصعيد العربي والدولي:
يعتبر صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية
العرب، وبفضل جهوده البارزة عرف مجلس وزراء الداخلية العرب أنه من أنجح المجالس الوزارية العربية، كما
تم إقرار مشروع الاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية وتم إقرار
الاستراتيجية الأمنية العربية في الدورة الثانية لمجلس وزراء الداخلية العرب المنعقدة في بغداد في ربيع الأول
1404هـ وكذا إقرار خطة عربية أمنية وقائية في الدورة الثالثة للمجلس المنعقد في تونس خلال الفترة
من 9 ـ 11 ربيع الأول 1405هـ، كما تم في الدورة الرابعة للمجلس إقرار الخطة الأمنية العربية، وتتواصل
جهود سموه في الاجتماعات الدورية لمجلس وزراء الداخلية العرب، وفي الدورة العاشرة التي عقدت في شهر رجب
1413هـ اتخذ المجلس عدة قرارات هامة منها إقرار التقرير الخاص بتنفيذ الخطة المرحلية للاستراتيجية
العربية لمكافحة المخدرات وإعداد خطة مرحلية ثانية للسنوات الخمس التالية لعرضها على المجلس في
الدورة التالية وتتوالى الجهود
ففي الدورة الحادية عشرة أكد سموه على أهمية تحقيق مستوى أفضل للتعاون العربي في مجال الأمن يساهم في
خلق مناخ يساعد الحكومات والشعوب العربية على بلوغ طموحاتها في التطور الذي أصبح شرطاً حتمياً في
العالم يتسم بالصراعات والتكتلات وهذا مكنه من اللقاء بجميع القادة العرب خلال هذه المدة وإنشاء علاقات
خاصة معهم
عمل سموه على إنجاز الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الموقعة من قبل وزراء الداخلية والعدل العرب
بذل الجهود ليجعل وزراء الداخلية أكثر التصاقاً بالمواطن وتحسس مشاكله والعمل على حلها
واصل سموه تطوير ورفع أداء رجال الأمن من خلال التدريب والتعليم المستمر
قام سموه بالعمل الدؤوب على استئصال الجريمة ووقاية المجتمع من كل ما يهدد أمنه وسلامته حيث أصبحت
المملكة نموذجاً يحتذي به على مستوى العالم بفضل تطبيق الشريعة الإسلامية السمحاء.
بذل سموه جهداً كبيراً ومتواصلاً في مكافحة مهربي وتجار المخدرات
ححرص دائماً على تأكيد الموضوعية في المعالجة الإعلامية ويشجع تبادل الآراء وطرح المقترحات والبعد عن
المهاترات والانفعال في إطار القيم الإسلامية والتقاليد العربية الأصلية
عمل على تطوير أداء الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله وكانت جهود سموه موضع إشادة من قبل الدول العربية
والإسلامية والصديقة وحجاج بيت الله الحرام.
مصاب جلل وفقد عظيم بوفاة ولي العهد وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- الذي كان
شخصية متفردة رائدة في التفكير وصاحب منهج واضح في التعاطي مع الأمور، فهو دائماً ينحاز لمصلحة
المواطن في كل الأمور، وله دور مهم ومحوري في التنمية المتوازنة وتحقيق الرفاه الاجتماعي لأبناء الوطن كافة، إلى
جانب إيمانه العميق والدائم بأهمية العلم والبحوث والدراسات في كل عمل أو قرار يتم اتخاذه.
وعن فقيد الوطن قال الأمير فيصل بن خالد أمير عسير في تصريح سابق نقلته "عكاظ "بعد اختياره -رحمه الله-
ولياً للعهد: "المتابع للقرارات والتوجيهات التي أصدرها ولي العهد كوزير للداخلية يلمس حرصه الشديد على
مصالح العباد وراحتهم وطمأنينتهم واستقرار أمورهم المعيشية، فهو يعلي من دور المواطن في جميع مجالات
الحياة اليومية".
وزاد: "أمضى الأمير نايف سنوات طويلة يخدم الوطن والمواطن، والجميع يدرك بعد نظرته وحكمته، وحنكته
السياسية والأمنية والإدارية والتواضع، فهو واسع الاطلاع، ويتمتع بشخصية قوية حازمة صارمة في كل
ما يعكر أمن الوطن والمواطن والمقيم، إلى جانب ما يحظى به من احترام الجميع".
واستطرد: "الأمير نايف نشأ في كنف المؤسس الملك عبدالعزيز وتربى على يده، وسار على نهجه في الرؤية
الصحيحة للمملكة وتطبيقها للإسلام، ورؤيتها الإسلامية في التعاون العربي والإسلامي والعالمي، وعاصر
ملوك المملكة وكافح معهم في تنميتها وأداء رسالتها، ونال العديد من الأوسمة والجوائز من عدد من الجامعات
والهيئات الدولية بسبب جهوده وأعماله".
وأضاف: "الأمير نايف قريب من إخوانه وأبنائه المواطنين يشاركهم أفراحهم ويشاطرهم أحزانهم ويساعد الفقراء
والمحتاجين، وله العديد من الإسهامات الخيرية التي تأتي في إطار العمل الإنساني الذي يحرص عليه ابتغاء
مرضاة الرب، يحرص على قضاء حوائج العباد والبلاد، إلى جانب الرعاية الكريمة التي يحظى بها أبناء شهداء
الواجب في كل شبر من وطن الخير".
وخلص أمير منطقة عسير إلى القول: "لقد نهض ولي العهد بأمن البلاد في مواقف عصيبة، وسلك مسار
الحكمة، واستعان بالله فكان عوناً حتى تحقق ولله الحمد للأمن في بلادنا نجاح كبير شهد به القاصي والداني، كما
كان للأمير نايف اليد البارزة في مواسم الحج والحفاظ على أمن الحجاج وسلامتهم والسهر على رعايتهم وتيسير
السبل لهم واتبعتم ذلك بخدمة السنة النبوية، فضلا عن مواقف الأمير النايف الكبيرة في التصدي لأصحاب
الأفكار الضالة والمنحرفة الذين يريدون زحزحة هذه البلاد عن أمنها وعقيدتها الصافية".
يصعب على المتابع لتاريخ الأمير الراحل، صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- حصر
مواقفه الإنسانية سواء ما ظهر منها للإعلام أو ما لم يظهر.
الأمير الراحل له من المواقف الإنسانية ما يصعب عده، ويدلل على ذلك، الموقف الإنساني الكبير، بعدما وجهّ رحمه
الله قبل أيام قليلة من رحيله بعلاج طفل تبوك الكفيف، الذي عُرض تقرير عن حالته عبر القناة الإخبارية السعودية.
حيث وجّه رحمه الله بعلاج الطفل الكفيف خالد بعد مضي عشر دقائق فقط من بث تقرير يبرز حالته الإنسانية
على قناة الإخبارية السعودية.
وأوضح الزميل عبدالرحمن الحسين مقدم البرنامج في تصريحات صحفية أنه قبل الحلقة الاي عرضت قبل
أيام قليلة كان الأمل يحدو الجميع لمثل هذه المبادرة بعلاج الطفل خالد، مشيراً إلى أن المبادرة من سمو ولي
العهد ليست بمستغربة عليه، فهو رغم انشغاله الكبير وسفره خارج المملكة، إلا أنه أولى أبناءه في الوطن حبه
وحنانه، وتابع الحلقة وهو في غمرة انشغاله، ووجه بمتابعة ومعالجة الحالة فورًا، وأكد الحسين قائلاً: كنت أستكمل
حواري مع ضيف الحلقة إلا أن صوت المخرج جمال رشيد عندما همس بأذني عبر جهاز "الهدسيت" أن ولي
العهد تكفل بعلاج الطفل خالد، كانت بمثابة البشرى التي حولت أجواء الأستديو والبرنامج من الحزن إلى
الفرحة الكبرى، بإعلاننا ذلك على الهواء مباشرة.
تميز فقيد الأمة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير
الداخلية -رحمه الله- بصفات من النادر أن تجتمع في وزير داخلية أو مسؤول عن الأمن في أي بلد، حيث يرتبط
دائماً هذا المنصب الحساس بالصرامة والحزم والانشغال بالملفات الأمنية الساخنة عن الجوانب الإنسانية
والاجتماعية والأعمال الخيرية المختلفة وباقي الأدوار ذات العلاقة بالتواصل مع المواطنين والاستماع
لشئونهم، وهو ما يندر اجتماعه في شخصية أمنية تقف على هرم المسؤولية في وزارة كوزارة الداخلية في
أي بلد بالعالم.
ويدرك القريبون من الأمير نايف ومن يتعاملون معه من مسؤولي وزارة الداخلية ومن خارجها، وكذلك المواطنون
خلال لقاءاته الأسبوعية بهم، أن سموه ليس شخصية أمنية "منغلقة" بل إن خصوصية سموه في مرونة الأداء
الأمني ورفع الهدف السامي وحماية العقيدة والوطن والمواطن فوق كل اعتبار جعلت من سموه رحمه الله
(أنموذجاً أمنياً) للاستقرار المبني على (أمن الشخصية) والوقوف في وجه اغتيالها على المستوى المعنوي
بالدرجة الأولى.
وبرزت جوانب أكثر في ملامح شخصية سموه عند الحديث عما يخصصه من وقت لمقابلة المواطنين وحل
مشاكلهم فرغم انشغال سموه بالمسؤوليات الامنية الدقيقة إلا أنه يخصص جزءاً من وقته لتلمس حاجات
مواطنيه فكل مواطن يحظى بالرعاية والاهتمام حيث يقرأ قضيته بدقة رغم الإطالة في بعضها ويناقش كل
ما يعرض له، وهنا يؤكد القريبون من سموه أنه -رحمه الله- يتسم بالهدوء والاتزان والرزانة وحسن الإصغاء
بكل اهتمام ثم يعقب بما يراه، كما أن لديه -رحمه الله- القدرة على الاستيعاب وفهم الآخر وقراءة ملامحه
وبراعته في الحوار بهدوء وبصوت منخفض، وعندما تعرض عليه المعاملات يحيلها إلى مستشاريه التنفيذيين لديه
طالباً منهم أن يضع كل واحد منهم رأيه بصراحة وتجرد، ويدرس ما يدونه الآخرون، ولا يكتفي بقراءة الخلاصة
العليا المعدة عادة على المعاملة ولا يعتبرها كافية لاستيعابها ثم يُبدي رأيه بعد ذلك.
ويتصف أسلوب ولي العهد الجديد الأمير نايف في معالجة القضايا الأمنية وغيرها من القضايا التي تعرض له
خلال عمله بالأسلوب والمنهج الإسلامي الذي اتضح من خلال خطبه وكلماته وتصريحاته ومشاركاته
في المؤتمرات والندوات واللقاءات الرسمية وغير الرسمية.
وفي إحدى كلمات الأمير نايف لرجال الأمن يقول: "يجب أن يتحلى رجل الأمن بالأخلاق العالية في التعامل مع
الآخرين وأن يكون حازماً في عمله" وسموه هنا يؤكد أهمية رجل الأمن وواجباته ومسؤولياته ويحثهم على
العمل بكل طاقاتهم للحفاظ على الأمن ولتحقيق أمن المواطن الذي ينعكس على أمن الوطن ثم يؤكد سموه
على الإخلاص في العمل موضحاً ثقته في مواطني هذا البلد المعطاء وأن على رجال الأمن أن يعززوا ثقتهم
بقيادتهم التي تهتم بهم وترعى مصالحهم، ثم يؤكد أمير الأمن أن الأمن بيد رجال أمن أكفاء يخافون الله.
ويضع فقيد الأمة وهو العين الساهرة على أمن الوطن والمواطن رغم دقة وخطورة وحساسية وضخامة هذه
المسؤوليات آلية للعمل في هذا الجانب ينبغي مراعاتها حيث وضع هذا الهاجس شغله الشاغل، لتبرز هنا منهجية
سموه الإسلامية في عرض وتشخيص كثير من القضايا الأمنية والاجتماعية التي عالجها فنجده دائما يركز
على المبادئ الأساسية للحكم في هذه البلاد وهي تحيكم كتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم.
ويتحدث كثير من العاملين مع سموه عن دقته في المواعيد وشدة ملاحظته للأمور والاستفسار عن كل جوانب
ما يعرض عليه أو يطلع عليه، بل يناقش مع المسؤولين كل صغيرة وكبيرة، رحمه الله رحمة واسعة
منذ أكثر من 37 عاماً، وفقيد الأمة الأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير
الداخلية، يذود عن أمن الوطن، من خلال تسلمه لزمام أمور واحدة من أهم وزارات الدولة "وزارة الداخلية"، حيث
تصدى خلال هذه السنوات لعدد من الأحداث الإرهابية والأزمات التي شهدتها المملكة وتجاوزتها، حتى أصبح
تعامل الداخلية السعودية مع الإرهاب مضرباً للأمثال من قبل دول العالم؛ وهو ما حدا بقيادات وساسة وأمنيين
غربيين إلى الدعوة إلى الاستفادة من تجربة الأمن السعودي بقيادة سمو الأمير نايف.
وهذه الرؤية حول شخصية سموه ليست بالجديدة علينا نحن السعوديين، بل هي التي تربينا عليها، حيث بات اسم
نايف بن عبدالعزيز مرتبطاً في الوجدان السعودي بالأمن لأن الجانب الأمني والتاريخ الأمني الذي يمثله الأمير
نايف في حياة السعوديين، هو العلامة الأولى على موقعه في الحياة السعودية، فمنذ عام 1395هـ، والأمير
نايف شغل منصب وزير الداخلية، الوزارة التي واجهت وتواجه الملفات الأخطر والأكثر تعقيداً ف
ي التجربة السعودية.
ذلك التاريخ هو الذي فتح الباب لتشكيل العلاقة بين الأمير نايف، وبين المواطنين عبر صورة واحدة، وهي أنه
رجل الأمن والمواجهة التي لا تعرف الحلول الوسط؛ وهو ما جعل لسموه صورة تتصف بالحزم والقدرة على
المواجهة وإنهاء كل ما يمكن أن يشكل تهديداً للأمن الوطني.
الأمن في أي كيان وطني، هو المسألة التي لا مجال فيها للحياد ولا لأنصاف الحلول، فلا توجد تفصيلات في
الأمن ولا مستويات، فإما أن تكون آمناً أو لا تكون، وكل الذين أداروا ملفات ووزارات وأجهزة أمنية في كل
العالم، كانت أبرز صفاتهم أنهم الأكثر سعياً للحزم والمواجهة والقبض على زمام الأمور.
إحدى الأزمات المبكرة التي أدارها وواجهها الأمير نايف رحمه الله كانت عملية محاولة اقتحام الحرم المكي
الشريف، التي جاءت بعد خمس سنوات من توليه وزارة الداخلية، ويتذكر العالم وبشكل واضح كيف كان موقف
سموه إشارة واضحة إلى أن الوزير السعودي يستطيع أن يوازن بين متطلبات الأمن ومتطلبات المواجهة، ويستطيع
الفصل بين رؤية التدين الحقيقي والمعتدل وبين التدين المتطرف والمتشدد، وكانت الحالة التي انتهت فيها تلك
المواجهة فاتحة لاستراتيجية جديدة في باب المواجهات الأمنية فكرياً وثقافياً، بالإضافة إلى
مواجهتها عسكرياً.
مثلت المواجهة الفكرية، وارتباطها بالمواجهة الأمنية واحدة من أبرز الحالات الإدارية لسمو الأمير نايف، بل باتت
من أكثر النماذج العالمية والعربية شهرة في هذا المجال، وتم توسيع التجربة حين دخل السعوديون مرحلة جديدة
من المواجهة مع الإرهاب والتطرف والتشدد خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر بعامين.
الصور التي يتذكرها السعوديون لسموه وهو في مواقع الأحداث، وفي تفقد بعض الأماكن التي شهدت أعمالاً إجرامية
إرهابية، كانت ثمة رسائل صامتة ومتبادلة بينه وبين الناس، فلقد كان وقوفه في أكثر من مشهد يبعث كثيراً
على الارتياح والشعور بالأمن، وصمته ونظراته التي يتفقد بها المواقع تملأ الناس بطمأنينة، فيما يملؤهم كذلك
انطباع واسع بأننا ندرك أنك لن تترك مجرماً ينجو من العقاب.
وفي واحد من أبرز تصريحاته قال: "تم إفشال عدد من العمليات لو نجح منها 10 % لكنا في كارثة؛ لأنها
مخطط خطير". واستطرد قائلاً: "بالإضافة إلى القدرات الأمنية المتكاملة نحتاج للعلماء والمشايخ ولأهل
الفكر والرأي للتحرك في مجابهة هذا الفكر، وأن تقوم وسائل الإعلام بدورها".
وفي قراءة متأنية للمواقف الثقافية والفكرية نرى أن سموه استطاع أن يقف في منطقة الوسط باقتدار، في حالة
لا يستوعبها إلا الذين ينطلقون من رؤية المشترك الديني والوطني الواعي، فلقد استلزمت المواجهة بين التطرف
والاعتدال على الأرض مواجهة فكرية بين مختلف الأصوات في هذه الجهة أو تلك، وكان بعضهم يتجه كثيراً لأخذ
جانب من تصريح لسموه ويقدمه للناس على أنه دعم لموقف أو لتيار معين.
ينطلق الأمير نايف في مختلف مواقفه من الثقافة السعودية بقيمها التي يمثل التدين وتمثل مختلف الجوانب
الاجتماعية محاور أساسية في بنائها وتشكيلها، وهو في كل ذلك ينطلق مما يمثل المصلحة الفعلية
والعليا للوطن، ويتحيز الأمير نايف باستمرار لكل ما يحمي وطنه وأرضه وثقافته السعودية.
سعى رحمه الله جاهداً ليقف بحياد واعتدال بين مختلف الشرائح والتوجهات الفكرية، فإذا كانت مصلحة الوطن
والمواطنين تستلزم أمراً فلا يمكن تركها أو تأجيلها، ومواقف سموه مما كان يحدث من استغلال سلبي
لعمل الخير في السعودية، وتوجيه بعض أموال الصدقات لتمويل الإرهاب والتطرف ووقف كل نشاط يمكن
أن يغذي تلك الجريمة، هو مصلحة للدين والوطن والمواطنين، وما حدث بعد ذلك من ضبط للعمل الخيري
هو أكبر خدمة للعمل الخيري، وفي ذات الوقت أكبر خدمة للاستقرار والأمن السعودي.
ولم يثنه حديث المرجفين الذين أخذوا ينعون العمل الخيري في السعودية، بل أوجد له أبواباً وضوابط جعلت منه
عمل خير حقيقياً.
مثّل صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية
-رحمه الله- الذي وافته المنية اليوم في جنيف، أحد الشخصيات المحورية في التاريخ الحديث للمملكة
العربية السعودية، ومحوراً مهماً من محاور تاريخها التنموي الحافل حيث كان ارتباطه وثيق بأحداثها وشخصياتها
ومراحلها واستقرارها.
والأمير نايف أحد رجالات الحكم البارزين الذين امتزجت رؤاهم السياسية والحضارية والأمنية بمواقفهم
الوطنية، واجتهدوا في سبيل تحقيق الغايات والأهداف التي التقت عليها إرادة الشعب السعودي
والقيادة الحكيمة.
لقد كان سمو الأمير نايف بن عبد العزيز طوال فترة عمله الرسمي والسياسي الممتدة في القطاع الأمني كوزير
للداخلية، يعمل في تناغم وتوافق مع إخوته ملوك المملكة العربية السعودية تجمعهم روح الأسرة الواحدة، وحب
الوطن، والعمل على تحقيق رخاء الشعب واستقراره وتعزيز أركان الدولة الحديثة.
وعلى امتداد السنوات الطوال التي قضاها سمو الأمير نايف بن عبد العزيز مشاركاً القيادة الحكيمة من خلال
المناصب العديدة والمهمة التي تولاها باقتدار، كان شغله الشاغل حماية أمن الوطن واستقراره ما ساهم في
حماية النقلة الحضارية والتنموية التي تعيشها المملكة حالياً.
ومع عناية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير
الداخلية -رحمه الله- بالأمن الداخلي، التي كرّس لها فترة طويلة من حياته ساهم بدور بارز في اجتثاث
بؤرة الارهاب، والقضاء على حملة الفكر الضال بحزم وقوة لا تلين في الحق.. ما أرسى دعائم أمنية
أساسية ساعدت المجتمع السعودي على المحافظة على استقراره وازدهاره.
وستبقى أفعال الأمير نايف بن عبد العزيز ماثلة لأجيال قادمة، ونموذجاً مشرفاً لرجل الدولة الذي أجاد قراءة
الحاضر بعمق مستفيداً من دروس الماضي متطلعاً نحو مستقبل زاهر للمملكة العربية السعودية
تضم الجامعات السعودية العديد من الكراسي العلمية التي تحمل اسم ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير
الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، رحمه الله. تعكس حرصه على العناية بالتعليم
العالي والمساهمة في تشجيع الباحثين من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات السعودية وطلاب الدراسات العليا
ومعالجة القضايا الاجتماعية التي تمس مصالح الأفراد.
وقد أنشئ كرسي الأمير نايف لدراسات الوحدة الوطنية في جامعة الإمام، بهدف تحقيق البيئة الملائمة للبحث
والتطوير، ما يدعم التنمية المستدامة في المملكة وتعزيز فرص نمو الاقتصاد القائم على المعرفة، وربط مخرجات
البحث العلمي في الجامعة بحاجات المجتمع من خلال إيجاد بيئة تقوم على الشراكة بين الجامعة
والجهات الحكومية والأهلية وغير الربحية المحلية والدولية، ودعم المعرفة المتخصصة في المجالات
العلمية المتنوعة، وتسديد الممارسات التطبيقية في المجالات نفسها، وتحقيق التكامل في مجال البحث العلمي
بين الجامعة بوحداتها المختلفة، والمؤسسات البحثية داخل الجامعة وخارجها، وتوفير المصادر المالية اللازمة
لدعم البحث العلمي في الجامعة واستدامتها، وتوفير السبل الداعمة لاستقطاب وتدريب العقول المبدعة، والكفاءات
المتميزة في مختلف مجالات البحث العلمي محلياً ودولياً، وإثراء المكانة العلمية والبحثية للمملكة على المستوى
العالمي، وتشجيع العلماء والباحثين السعوديين على الإسهام في الحضارة الإنسانية.
ويهدف كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري في جامعة الملك سعود إلى الإسهام في تنمية الاهتمام بالأمن
الفكري على كافة الأصعدة، وإنجاز دراسات علمية حول الظواهر والممارسات المنافية لمفهوم الأمن الفكري، وتقديم
حلول عملية قابلة للتطبيق لمعالجة الأفكار المنحرفة، وتقويم الدراسات والمشاريع والبرامج المتصلة بالأمن
الفكري، وتنمية وتطوير قدرات الباحثين وطلاب الدراسات العليا في المجال نفسه.
ويعد كرسي الأمير نايف لدراسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي تحتضنه الجامعة الإسلامية في
المدينة المنورة أحد الكراسي العلمية البارزة في خارطة التعليم العالي التي تحمل اسم سموه، إذ يهدف إلى
تنمية البحث العلمي في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتشجيع الكفاءات العلمية في إعداد
الدراسات العلمية والنظرية والتطبيقية في مجاله، والإسهام في إيجاد حلول علمية وعملية وابتكار الوسائل والأساليب
الجديدة لمعالجة الأفكار المنحرفة والسلوكيات السيئة التي تؤرق المجتمع، إضافة إلى تدريب الكوادر المعنية
بإقامة الشعيرة وتطوير قدراتهم، وتأسيس تجمع بحثي للمهتمين بهذه الشعيرة وتنمية جيل من الباحثين وطلاب
الدراسات العليا في هذا المجال، وتوفير مرجعية بحثية علمية وتقديم الاستشارات العلمية في مجال الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر للجهات التي تطلبها داخل المملكة أو خارجها.
ويضم معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج في جامعة أم القرى كرسي الأمير نايف لدراسة إسكان
الحجاج بمكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، ويهتم الكرسي ببحث ودراسة آليات تطوير إسكان
الحجاج، كونها أبرز القضايا المعاصرة في الحج، وتشتمل بحوثه على مرتكزين أساسيين، الأول: إسكان
الحجاج في مكة المكرمة والمدينة المنورة، والثاني: إسكان الحجاج في المشاعر المقدسة. ويوظف الكرسي
البحث العلمي لتحليل ومناقشة القضايا، ووضع التوصيات لتطويرها، وأساليب معالجتها وفق رؤية علمية
مدروسة تحدد مكامن الخلل وتضع حلولاً جذرية.
واحتضنت أيضاً جامعة المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود كرسي الأمير نايف للقيم الأخلاقية.
وتضم جامعة الإمام أيضاً كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز للوقاية من المخدرات، فيما تضم جامعة الأمير
محمد بن فهد في المنطقة الشرقية كرسي الأمير نايف لتنمية الشباب، إضافة إلى مركز الأمير نايف بن
عبدالعزيز العالمي للثقافة والعلوم في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في المنطقة الشرقية، إلى جانب قسم
الأمير نايف بن عبد العزيز للدراسات الإسلامية واللغة العربية في جامعة موسكو بجمهورية روسيا الاتحادية.
تجسد جائزة مسابقة الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- لحفظ الحديث النبوي، إحدى صور اهتماماته
التي ظلت تتدفق حتى يومنا الحاضر في أكثر من ميدان وصعيد، ويرمي من خلالها إلى ربط الناشئة والشبـاب
من طلاب وطالبات مراحل التعليم العام بحـديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حفظاً وفهماً وعناية وتطبيقاً، ما
حقق للمسابقة منزلة ريادية ومكانة عالمية تحققت لها في وقت وجيز.
وكان الأمر السامي قد صدر في 29/ 5/ 1423هـ، بالموافقة على تبني صاحب السمو الملكي الأمير
نايف بن عبد العزيز آل سعود جائزة عالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة بناءً على رغبة سموه، الذي
اختار المدينة المنورة مقراً للجائزة، حيث حققت الأمانة العامة للجائزة إنجازات متتالية في ظل عناية راعي
الجائزة وتوجيهاته بأن تكون الجائزة - التي ترمي إلى إحياء الضمائر والتمثل بالأخلاق الفاضلة والاقتداء
بالشخصية الإسلامية الحقة التي يمثلها الرسول صلى الله عليه وسلم، وتنادي بالتعامل الحسن والمنهج
العصري الذي يساعد الأمة الإسلامية على خوض معترك الحياة، والمحافظة على الهوية الإسلامية
المعتدلة والفكر الوسطي في ظل ما يواجهها من تحديات، مركزاً دعوياً عالمياً ينطلق من عاصمة
الإسلام الأولى.
وتشهد المسابقة عاماً بعد آخر تسابق وتزايد المشاركين والمشاركات فيها وذلك ما كان يصبو إليه راعيها
منذ ولادة فكرتها، ولها هيئة عليا يرأسها الأمير نايف راعي الجائزة أو من ينيبه, وتضم في عضويتها كل من
الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز نائباً للرئيس ومشرفاً عاماً على الجائزة، والأمير محمد بن نايف بن
عبدالعزيز، والأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز، والأمير نواف بن نايف بن عبدالعزيز، والأمير
فهد بن نايف بن عبدالعزيز، والأمير محمد بن سعود بن نايف، والدكتور عبدالله بن صالح العبيد، ورئيس
المجلس الأعلى للقضاء الدكتور صالح بن حميد، ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بالسودان سابقاً الدكتور
عصام البشير، وعضو هيئة كبار العلماء الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان، ومدير جامعة الأزهر سابقاً الدكتور
أحمد عمر هاشم، ومدير الجامعة الإسلامية بماليزيا الدكتور محمد كمال حسن، وجاسم بن محمد المطوع، والدكتور
ساعد العرابي الحارثي أميناً عاماً للهيئة العليا للجائزة، والدكتور عبدالعزيز بن صقر الغامدي، والشيخ محمد
بن عمر العقيل.
وبعد أن كانت جائزة واحدة أصبحت ثلاث جوائز تضم: جائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية
للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة, وجائزة الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود التقديرية لخدمة
السنة النبوية، ومسابقة الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود لحفظ الحديث النبوي، كما أقرت الأمانة العامة
النشاط العلمي والثقافي الذي أدرج تحته الكثير من الفعاليات التي حققت الفائدة على المستوى الداخلي
والخارجي