الجزء الثالث
دبابة القتال الرئيسية في منظور اليوم
تقيَّم القوة المدرعة للجيوش الحديثة في العالم بعدد ما تملكه من
مدرعات والجيل الذي تنتمي إليه مدرعاتها ولا سيما دبابات القتال
الرئيسية فعلى سبيل المثال تملك الدول العربية ما مجموعه
(14242) دبابة قتالية معظمها من الجيل الثالث حيث تملك
دول المواجهة العربية (8788) دبابة منها ودول الخليج العربي
(1751) دبابة، ودول المغرب العربي (2713) دبابة،
واليمن مع السودان (990) دبابة، وتملك إسرائيل ما مجموعه
(3750) دبابة، وتركيا (4203)، وإيران (1565) دبابة
قتالية.
وبالتالي فإن جهود القيادات المختلفة تنصبّ على تجهيز قواتها
المسلحة بأحدث الدبابات والعربات المدرعة المتنوعة، القادرة على
خوض القتال في الظروف التي تفرضها المعركة الحديثة أو المعركة
الجوية - برية، وتتركز دراسات الدول المصنعة للدبابات على تطوير
دبابات القتال وفق آخر مفاهيم الحرب الحديثة، والمواصفات التقنية
التي يطلبها المستثمر لتلك الدبابات ولما كان تصميم دبابة جديدة كلية
يحتاج إلى وقت طويل لا يقل زمانياً عن عشر سنوات تخضع
خلالها نماذج التصميم المتعاقبة لمختلف التجارب والاختبارات
ويتم خلالها إعداد المعدات والتجهيزات الصناعية والكوادر الفنية
(التقنية) للإنتاج فقد احتاج الأمر إلى انقضاء الفترة الفاصلة بين
حرب تشرين عام 1973م أو قبلها بقليل وبداية العقد التاسع الماضي
حتى نشاهد طلائع الدبابات الحديثة التي أخذت تدخل التسليح في
الجيوش المختلفة والتي توقع لها الخبراء أن تبقى في الخدمة حتى نهاية
القرن العشرين.
ولما كان تصنيع مثل هذه الدبابات بمواصفاتها الحديثة يتطلب جهوداً
كبيرة ونفقات باهظة تثقل كاهل الدول المنتجة لها، فقد تلجأ الدول إلى
إيجاد حلول مختلفة تتيح لها الوصول إلى أهدافها مع قليل من
التغاضي عن الشروط المثالية التي تتصورها.
تقدم تطور الدبابات في اتجاه زيادة فعالية استخدامها في الحرب الحديثة
وأصبحت تمتاز بحيوية عالية، وتؤمن حماية مضمونة لطاقمها من تأثير
الأسلحة النووية وتمتلك قوة ضاربة strike powre كبيرة ونيراناً
دقيقة مسددة وقدرة عالية على المناورة وتعتبر الواسطة الرئيسية
لاستثمار نتائج ضربات الأسلحة النووية.
ويتفق المنظّرون العسكريون في العالم على أن قدرة الدبابة على المناورة
واحدة من أهم الميزات القتالية التي يجب أن تتمتع بها إلى جانب تدريعها
وأسلحتها والمناورة تعني حركية الدبابة وقدرتها على الإقلاع وبدء
الحركة والتحرك بسرعة على الطرق والأراضي الصعبة وتنفيذ
الدوران وتبديل الاتجاه واستقرار الجسم في أثناء الحركة، وتخميد
الاهتزازات ومدى العمل... ويبدو أن وجهة نظر المصممين والقادة
العسكريين تهدف إلى زيادة قدرة حركية الدبابة لاحتمال إصابتها
بالطلقة الأولى وتجنب القتل منها، وبذلك تحقق الحماية الأفضل من
الدرع السميك.
تستخدم الدبابات الحديثة محركات قوية جداً ذات استطاعه كبيرة حتى
1500 حصان بخاري، وفي بعض الأحيان أكثر من محرك واحد
وكانت استطاعه محرك دبابة الحرب العالمية الأولى لا تتجاوز
105 أحصنة بخارية، وتسير بسرعة عظمى 4 كم / سا بينما تبلغ
استطاعة محرك الدبابة الحديثة طراز أبرامز المجتمع - 1 مثلاً
1500 حصان بخاري وتسير بسرعة تعادل 70 كم في الساعة تقريباً
وفي بعض الحالات تركب المحركات من الأمام للمحافظة على حياة
الطاقم (القوى البشرية) في حالة التعرض للإصابة الأمامية.
كما تستخدم الدبابات الأكثر تطوراً أجهزة التكبير الضوئي، والأشعة
تحت الحمراء السلبية من أجل تأمين الأعمال القتالية بفعالية أكبر،
بالإضافة إلى تجهيزات تقنية أخرى، مع العلم بأن كلاً من المعسكر
الغربي والشرقي على السواء منذ بداية السبعينيات من القرن المنصرم
وحتى مطلع القرن الحادي والعشرين، قد شهد إنتاج دبابات تحمل
مواصفات جديدة كل الجدة عن سابقاتها (من الجيل الثاني)، حيث تلقت
القوات المدرعة الأمريكية الدفعات الأولى من الدبابة «أبرامز م- 1»
وأعلنت بريطانيا بدء إنتاجها للدبابة «شالنجر» والدبابة «فيكرز فاليانت»
و«شفيتن - 900»، ودخلت الدبابة الروسية «ت - 80» وهي آخر
صرخة سوفيتية في مجال صناعة الدبابات، وشرعت ألمانيا الاتحادية
في إنتاج الدبابة «ليوبارد - 2»، وظهرت الدبابة الإسرائيلية
«ميركافا - 2» وصنعت فرنسا الدبابة «أ.م. إكس - 32» وأعلنت
فيما بعد عن البدء بإنتاج دباباتها الحديثة جداً «أ.م. إكس - 40»، كما
تشارك كل من: سويسرا واليابان وإيطاليا والبرازيل والسويد في صناعة
الدبابات الجديدة.
يقول الجنرال «بولك» قائد سلاح الدبابات الأمريكي الأسبق: «.. لا
توجد في أيامنا هذه منظومة تسليح يمكن مقارنتها بالدبابة من حيث
إمكاناتها وحركيتها العالية وتدريعها الذي يقيها من نيران العدو، مع قدرتها
على العمل في مختلف الظروف والأوقات وفي مختلف أنواع القتال».
يتبع