صبرا و شاتيلا.... هل تنفع الذكرى!!؟
الفئة : مقالات وآراء
قليلة هي المناسبات التي تحمل رزمة معان ،إشارات و دلالات ،كما تحمل ذكرى مرور ستة وعشرين عاما على ارتكاب المجزرة الهمجية بحق العشرات من أبناء شعبنا العربي الفلسطيني- اللبناني فيما كانوا يصارعون الفقر و العوز و بلاء اللجوء في مخيم الصمود و العزة مخيم صبرا و شاتيلا ، ذنبهم الوحيد تمسكهم وإصرارهم على حقهم بالعودة إلى ديارهم عبر محاربتهم المشروع الصهيوني الذي أتى ليقيم دولة على أنقاض بيوت شردوا وطردوا منها خلال اكبر عملية سطو مسلح في القرن العشرين .
السادس عشر من أيلول,يوم مبلل بدماء أطفالنا، نسائنا، شيبنا و شبابنا. تحل الذكرى علينا هذا العام و دماؤنا تسيل شلالات في مواجهة المحتل من العراق مروراً بالصومال ،فلسطين و لبنان .بل إن تزامن الذكرى مع التردي الدائم لحال أمتنا لا يستحضر الى الأذهان وحدة الدم العربي بمواجهة الغزاة فحسب ،بل يؤكد على أن لا سبيل للتحرير و العودة الا المقاومة بكل أنواعها ،الفكرية منها ،الإجتماعية ،السياسية والعسكرية .
ولا تغيب الذاكرة ولا يخلو استحضار الذكرى من عودة شبح الحرب الأهلية ,قادما إلينا من بلاد العم "سام" (سامة جدا هي السياسة الامريكية) ليس فقط على الساحة اللبنانية فحسب ، فها هي الفصائل الفلسطينية تتصارع مجددا على سلطة ظنوا أنها تبنى من المباني و الوزارات الوهمية و القاعات, و نسوا بأن الدم الذاكي روى الأرض لنبني سلطة عمادها الكرامات ،ما بالك بالعراق الجديد حر من عروبته و موقعه الريادي ،تتقاسمه ميليشيات دخلت العراق على ظهر الدبابات الصهيو – أمريكية تحكم بالنار و الحديد، وفي الصومال وجدوا بأنهم بحاجة لمزيد من "الموز" فدخلوها و حكموها بشعب غير شعبها يا صاحب العمر المديد. إن الحديث عن مجزرة صبرا و شاتيلا ليس عودة بالخلق إلى الماضي لا بل دعوة صريحة لاستخلاص العبر من محننا و مصائبنا . حديث لاستحضار الماضي وقراءة الحاضر مما نحياه من أزمات وحروب داخلية وخارجية ,وما هو إلا صرخة مدوية تطالب بالوحدة الوطنية و من ثم القومية ،لنصحح البوصلة ،ولنطلق مراكبنا نحو رفعة أمتنا موجهين إياها نحو التطور .نعم! علينا العمل على مواجهة أعدائنا متسلحين بوحدتنا العربية , سبيلنا الوحيد نحو دولة تعبر عن الشعوب وتحكمها المواطنة الكاملة بكل مفاهيمها .
إذن لا بد من أن نحمي مجتمعاتنا و نحصنها، فإذا كنا نعتز بمقاومتنا و نفخربها فعلينا أن نحصن أنفسنا من مخططات الإستدراج ،فوحدتنا هي السبيل الوحيد للخروج من مستنقعات التجزئة و التفرقة التي نعيشها و تبدأ من احياء اتفاقيات العمل العربي المشترك (أضعف الإيمان) و العمل على تفعيل و تطوير العمل الشعبي عبر الالتفاف حول الأطر القومية المختلفة (على سبيل الذكر وليس الحصر : المؤتمر القومي العربي ,مؤتمر الأحزاب,المؤتمر القومي الإسلامي...) ,وتفعيل مشاركة الشباب و النهوض بدور المرأة . 16 أيلول 1982 "صبرا و شاتيلا" تلخص قصة قضية ،قضية قوم لم و لن ينسوا يوما أرض البرتقال والزيتون .عاهدوا دماء شهدائهم بأنهم عائدون .فالمجد للشهداء و الخزي للأخوة المتخاصمين على قطعة الجبن و قد ابتلعها الثعلب . والعار للصهاينة و من عاونهم من قوى رجعية ،ظلامية و انتهازية - لن أذكرها خوفا ،وليس منها بل على الوحدة الوطنية - ساعدت في اٍرتكاب هذه المجزرة الوحشية.