العرب بمساعدة المخابرات الروسية يسعون لاختراق مصادر المعلومات الإسرائيلية
مستوى الأمن وصل إلى درجات متدنية قبل وخلال الحرب
تل أبيب: نظير مجلي
في هذه الحلقة من تقرير لجنة أغرنات للتحقيق في إخفاقات الجيش الاسرائيلي في حرب أكتوبر 1973، اعتراف مثير بأن المخابرات العربية، وبشكل خاص المصرية والسورية، تمكنت من اختراق الجيش الاسرائيلي بمختلف الوسائل، بما في ذلك زرع عملاء في صفوف الجيش الاسرائيلي (!!)، ولكنها لم تفصل أكثر. وتقتبس اللجنة على ألسنة العديد من الضباط بأن حشد الوثائق السرية الاسرائيلية التي توفرت بأيدي العرب بلغت عددا وعدة لدرجة أنهم لم يستطيعوا «هضمه» بالكامل، ولو فعلوا لكانت حلت كارثة بإسرائيل.
واليكم هذه الحلقة من التقرير:
(و) تقديرات رئيسة الحكومة 129. كانت رئيسة الحكومة قلقة أيضا بشكل خاص من الخبر الذي وصل اليها في يوم 25 سبتمبر [من الزعيم العربي الذي أشرنا اليه آنفا غير مرة]، والذي ترك عليها أثرا جديا (صفحة 444). ولكنها كانت تثق كامل الثقة بشعبة الاستخبارات العسكرية، التي أثبتت قدراتها أكثر من مرة في الماضي، وخصوصا بعد تقديراته في ربيع 1973 (شهادتها في صفحة 2/4451). لهذا، فإنها لم تر أساسا للتحفظ من تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية في الايام التي سبقت الحرب. بل انها تقبلت تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية بأن خطة الهجوم السورية المذكورة في الخبر أعلاه كانت معروفة منذ عدة شهور ولا توجد لسورية نوايا هجومية في المستقبل القريب.
129. باختصار، فإن القيادة السياسية أيضا كانت تتأثر من تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية، بدافع المكانة التي تمتعت بها دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية، والتي اكتسبتها من واقع احتكارها للمعلومات الكاملة ولمسؤولية التقديرات الاستخبارية، من الناحية التكتيكية والاستراتيجية والسياسية على السواء. وقد أثرت هذه التقديرات على وزير الدفاع في المستوى التكتيكي حتى اللحظة الأخيرة تقريبا، وتم تعزيزها اثر عدم تحفظ رئيس أركان الجيش من تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية بأن حربا شاملة لن تنشب.
كذلك رئيسة الحكومة، لم تكن لديها وسائل تقدير استخباري خاصة وقد زاد تأثير تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية عليها، في أعقاب امتناع وزير الدفاع ورئيس الأركان عن التحفظ عليها.
الفصل العاشر
* «اعرف العدو» 130. شعبة الاستخبارات العسكرية تجمع من مصادر متعددة الأخبار والمعطيات عن العدو، التي تهتم بالاستخبارات التقنية حول السلاح والتجهيزات عنده وحول أساليب القتال والعبر المستخلصة من الاحتكاك به وغيرها من القضايا، وبضمن تلك المصادر مخابراتنا الميدانية.
هذه المادة تتضمن معلومات عن الوسائل القتالية لدى العدو، وسائل النقل، الرصد الميداني والقنص وإطلاق المدفعية، كيفية التصرف بغياب مدى الرؤية، المدافع والصواريخ المضادة للطائرات، أجهزة ووسائل العبور، المدافع في مواجهة الاستحكامات، الأسلحة الموجهة الى الدبابات، مدى الاستيعاب البنيوي للأسلحة وتنظيم القوى البشرية ومستواها القتالي وتجهيزها. من طبيعة هذه الأخبار، التي تصل بالقطارة، [نقطة نقطة]، انها تحتاج الى ما يربطها سوية ويعيد صياغتها على الورق بشكل منظم، موضوعا موضوعا وكل موضوع مرفق بوثائقه. وقد زاد وزن المخابرات التقنية وحجمها مع تطبيق الطرق العلمية والتكنولوجيا العصرية الحديثة في وسائل القتال. فالحديث يجري هنا عن أخبار ومعطيات تتعلق بقوات العدو وانتشارها وخصائص المحارب والدمج ما بين الوحدات والأذرع والألوية بوصفها قوى تكتيكية واية تصرفات يقوم بها العدو ويمكن اعتبارها علامات دالة على نواياه.
ان الأهمية الخاصة لهذه المواد، التي تدخل في باب «اعرف العدو»، هي انها تستطيع توجيه التدريبات والارشاد والتمارين والتزود بالأسلحة وتطوير الوسائل القتالية في جيش الدفاع الاسرائيلي. كذلك فإن هذه المعلومات تمكن القادة على جميع المستويات، من اعطاء تقدير أكثر صحة ويطور لديهم سبل قتال تكتيكي أكثر تخصصا. ان من شأن هذه المعلومات والافادة منها بشكل صحيح أن تعطي لقواتنا أفضلية مهمة على العدو وتمنعه من مداهمتها بشكل مفاجئ. وقد اتضح لنا انه لم تنقصنا التقارير عن قوات العدو ونظرياته القتالية. لقد أصدرنا [باللغة العبرية] ترجمات حول غالبية هذه المواضيع (أنظر مثلا «دفتر الجيب في الجيش المصري، مبنى الوحدات» من اصدار شعبة الاستخبارات العسكرية – القيادة العامة، ونفس الدفتر أصدرته المخابرات في اللواء الجنوبي – وثيقة البينات رقم 170أ، ونشرات المخابرات التي ضمت تفاصيل كاملة عن الأسلحة السوفياتية المضادة للدبابات من نوع «ساجر» وكيفية تشغيلها في الجيشين المصري والسوري – وثيقة البينات رقم 72). وكانت شعبة الاستخبارات العسسكرية قد وزعت في سنة 1970 منشورات، بواسطة ضباط مخابرات حتى درجة قائد كتيبة، حول الصواريخ المضادة للطائرات من نوع «ساجر» (شهادة الجنرال زعيرا صفحة 41 فصاعدا).
كما ان شعبة الاستخبارات العسكرية أعدت مادة حول سبل العبور والهجوم المصري وحول النظرية السوفياتية لعبور الحواجز المائية، وتفاصيل عن صفقات الاسلحة التي أبرمها العدو وغيرها.. (صفحة 46 ـ 47).
ووجدنا ان هذه المواد الكثيرة لم تستخدم بالشكل اللازم ولم تصبح جزءا من معارف كل جندي في جيش الدفاع الاسرائيلي. وقد ساهم هذا الوضع أيضا في أن يصبح القادة الميدانيون يستخفون بهذا النوع من المواد المخابراتية حول وسائل القتال لدى العدو بشكل عام.
131. من مراجعة لتعليمات القيادة العليا (رقم 2.011004 من يوم 1 أبريل [نيسان]1971 و2.0201 من يوم 1 أغسطس 1966 – وثيقة البينات رقم 74)، ونشرات شعبة الاستخبارات العسكرية حول وظائف رئيس دائرة البحوث (من يناير [كانون الثاني] 1974) وحول دوائر الاستخبارات في الألوية والوحدات، يتضح ان هذا الموضوع ليس من ضمن مسؤوليات الالوية والوحدات في القوات البرية. ويطرح السؤال هنا حول أي جسم داخل شعبة الاستخبارات / القيادة العامة تلقى مسؤولية جمع المعلومات واعطاء التقديرات وتحرير ونشر تلك المعلومات من باب «اعرف العدو»، أي معرفة طرق القتال لدى العدو كقوة تكتيتيكية؟ ومن هو المسؤول عن اعطاء تقديرات مرحلية للاستخبارات التقنية بابعادها التنفيذية ونشر المعلومات تحت اطار "اعرف العدو" وفقا لحاجات كل جهة بمختلف المستويات؟ وهل وظيفة شعبة الاستخبارات العسكرية / القيادة العامة بشكل عام والمخابرات الميدانية بشكل خاص والمخابرات الميدانية على مستوى القطاعات، هي أن تكون مختصة بنشر هذه المعلومات؟
ان على شعبة الاستخبارات العسكرية / القيادة العامة تحل مسؤولية عامة حول نشر المعلومات لعناصر الجيش (تعليمات القيادة العليا رقم 2.0104، البند (1)) وحول تأهيل تشكيلات الجيش في موضوع المخابرات (المصدر نفسه، البند 15ب) – وكل هذا من دون التقليل من مسؤوليتها الموازية للسلطات الأخرى في الجيش، مثل دائرة التوجيه المتخصصة [في هذه المواضيع]. وعلى دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية تقع مسؤولية تزويد جيش الدفاع الاسرائيلي بالمواد الاستخبارية الاستراتيجية من أجل سد احتياجاتها اليومية واحتياجات التخطيط وادارة الحرب، بما في ذلك البحوث حول وسائل القتال لدى العدو (المصدر نفسه، البند 1)، وعلى دائرة التنظيم والتوجيه المجندة مسؤولية قيادية للاستخبارات القتالية في جيش الدفاع الاسرائيلي وتنظيم التوجيه العسكري (المصدر نفسه، البند د 6، كذلك أنظر تحديد المهام المشتركة للضباط في القيادة المهنية التي تضم ضباط الاسلحة المختلفة – تعليمات القيادة العليا رقم 2.0201، البند ب و(3)2، 3، 9 بعنوان" تولي مسؤولية القيادة لمتابعة مستوى التأهيل والجاهزية المهنية لوحدات جيش الدفاع الاسرائيلي في المواضيع ااخاضعة لمجال مسؤولياتهم (هذه المسؤولية لا تقلل من المسؤولية الشاملة للقائد في المواضيع المذكورة أعلاه)". فرئيس شعبة الاستخبارات ينفذ أيضا وظائف ضابط الوحدة الرئيسي (2.0104، البند جـ).
من المحتمل أن يكون مصدر الخلل في التنفيذ العملي لما وفرته المعلومات التي تم تعميمها، يكمن في ان الاستخبارات الميدانية كانت فوق التقسيمات للألوية والاذرع العسكرية، بعكس بقية عناصر سلاح المخابرات وشعبة الاستخبارات العسكرية. وبما ان القيادة العامة هي قيادة عامة للجيش كله وفي الوقت نفسه هي القيادة العليا للقوات البرية، يوجد لديها توجه للانشغال في القضايا ذات العمومية ما فوق التقسيمات الأذرعية، بينما موضوع «اعرف العدو» كجزء من مهمات الاستخبارات الميدانية، التي تعتبر قضية عمومية فوق التقسيمات الفئوية في القوات البرية، فقد بقي يتيما.
132. حسب رأي اللجنة، فإن وظيفة شعبة الاستخبارات العسكرية لا يمكن ان تنتهي بتعميم المعلومات الاستخبارية التقنية والمعلومات التي تدخل في اطار «اعرف العدو»، بل عليها ان تتيقن في فترات متقاربة وعبر القنوات الاستخبارية، الى أي مدى تم استيعاب المواد عند أولئك الذين خصصت لهم. الجنرال زعيرا قال في شهادته أمامنا حول هذا الموضوع (صفحة 43)، ان: «بالامكان جر حصان الى الماء، ولكن لا يمكن اجباره على الشرب». إلا ان من واجب شعبة الاستخبارات العسكرية، وفقا لتعليمات القيادة العليا المذكورة أعلاه، أن تحرص على وصول المواد المعممة الى عناوينها في القيادات الميدانية، بحيث يستوعبوا أهميتها لرجالهم والقيام بمتابعة دائمة لدراستها.