العالم وحاجته لدور روسي جديد
افرزت الاحداث العنيفة التي حصلت بين روسيا وجورجيا في الأسابيع الماضية جملة من النتائج التي لم تتحدد عند النطاق الجغرافي لشكل الاحداث، بل انها اتسعت عند مستويات دولية مهمة لها اكثر من اهتمام واكثر من علاقة في شكل وحجم ونوع الصراعات المختلفة التي يزخر بها مجتمع الدول القلق والمقلق بشكل دائم، الأمر الذي يحمل في طياته اشكالاً متعددة ومختلفة المسارات سوف يشهدها المسرح السياسي الدولي في هذه الساحة او تلك نتيجة تلك الصراعات.
وبقدر ما جرى من حث لجورجيا لاستفزاز الدب الروسي لتسجيل الملاحظات المترتبة لردود فعله وقياس حجم وعمق قوته المعلنة أو الخافية فإنه بنفس القدر ظهر عجز وضعف ردود فعل المعسكر الغربي حينما باتت ردود الفعل الروسية القاسية تجاه جورجيا وعجزه عن تقديم المساعدة المطلوبة لاحتواء قسوة وصلابة ردود الفعل القادمة من موسكو والتي اوضحت مدى الحساسية الروسية تجاه أي فاعل يتورط باللعب على الابواب الداخلية الروسية. لذلك فإن احداث جورجيا الاخيرة مثلما افصحت عن قسوة الرد الروسي تجاه المخاطر التي يتعرض لها الأمن القومي الروسي فإن تلك الاحداث كانت الواقعة التي افصحت عن مدى الصبر الروسي تجاه الاستفزازات الغربية المتمثلة بتوسيع حلف الاطلسي شرقاً او تجيير القوى السوفييتية السابقة لصالحها أو تضييق مدى المناورة المتاحة لموسكومما اضطرها تحت حكم الوقائع اليومية ان تلعب مع المنافس على خطوطه الخارجية المؤثرة والحساسة.
ولذلك فعلينا ان نفهم ان ردع وعقاب جورجيا هو ردع وعقاب للأمريكان اصحاب التحريض والمساندين الدائمين لتبليسي ورئيسها المشاكس، كما أن تواجد القاذفات الاستراتيجية او الغواصات النووية في مياه واجواء فنزويلا أمر له اكثر من دلالة فضلاً عن ان نفوذ روسيا هو من عطل اصدار حزمة من العقوبات ضد ايران من قبل مجلس الأمن الدولي وهو تجسيد للارادة الروسية المتنامية والهادفة لدور روسي يهابه ويخشاه الجميع.
ولذلك فالدور الروسي الجديد والقادر على التعادل مع المهيمن دور يحتاجه المجتمع الدولي في هذا الوقت بعد أن اتسع الخرق الفوضوي بسبب انفراد المهيمن على المسرح السياسي الدولي وماعاناه المجتمع الدولي ازاء ذلك من قتل وتدمير وفوضى بدت وكأنها صناعة امريكية خصوصية ضد الآخرين.