#يقين | أقلام وآراء | الدولرة بين الأزمة والمؤامرة
أ . مصطفى الاشقر - مدير الاستثمار بشركة رابح انفستمنت
الجمعه 11 /1/2013
تتعرض مصر الان لموجة اخرى من موجات الصراع على الشرعية ولعلم المتآمرون
من اذناب الدولة العميقة وخبرتهم على اهمية الثقة في الاقتصاد لتحقيق
التوازن السياسي بعد أن فشلوا في الموجات الاولى للصراع من انتخاب الرئيس
واقرار الدستور ووضوح ارادة الجماهيرجلية في الوصول الى الاستقرار لدولة مابعد 25 يناير .
ورغم توقعنا المسبق والمبين للكثير ممن يحيطون بنا ويقومون باستشارتنا في الوضع الاقتصادي ومشاهدتنا لذلك ، فاننا نرى ان عجلة الانتاج في المصانع العاملة الان قد قل فيها الانتاج بنسبة 20 % على الاقل
فضلا عن المصانع العاطلة عن العمل بسبب احداث 25 يناير وما بعدها وان قدرةالسوق الداخلي على الشراء اصبحت غير فاعلة نظرا لانخفاض مرتبات واجور المصريين البسطاء المتمسكين باعمالهم وتسريح الكثير من ابناء القوة البشرية العاملة الى مستنقع البطالة الجبرية مما ادخل الاقتصاد الوطني في بعض
القطاعات الى مرحلة الكساد والبعض الاخر اقل ضررا الى الركود فقط وارتفاع
الاسعار بشكل غريب فيما يسمى في الامراض الاقتصادية بالركود التضخمي .
*** سيناريو انخفاض الجنيه وأسباب ذلك :
• اولا :الرسم البياني للتحليل الفني وأثره على السعر " التاريخ يعود نفسه " :
- بدأ انخفاض الجنيه المصري في يوم 28 يناير 2011 جمعة الغضب الى رقم
هستيري لم يدركه الا القليل ممن كانوا يتابعون وسائل الاعلام العالميه
والمتخصصه في القطاع المالي والاقتصادي حيث اعلنت قناة بلومبيرج الاقتصادية
يوم 28 يناير ان الجنيه المصري قد انخفض بنسبة 36% من قيمته واخبرني بعض
المقربين انه استبدل الريال السعودي بخمسة جنيهات مصريه وكان سعر الدولار
يتداول في السوق السوداء بارقام غير اعتيادية ، بدون مبالغه فمن يتذكر
احداث المشهد السياسي والامني ،واثارها على الشعب المصري الذي اعتاد على
سماع الكذب ببرنامج الاصلاح الاقتصادي يدرك حجم الفاجعه وبحساب بلومبيرج
يكون سعر الجنيه الى الدولار يومها يساوي 36% * 5.83 = 1.99+5.83 = 7.92
ليكون هذا الرقم هو المتوقع قرآ ته في خرائط التحليل الفني جنيه دولار خلال
الايام القليلة القادمه ثم يستطيع الجنيه ان يرتفع ليصل الى القيمة
العادلة التي يستحقها عند مستوى ال 7.20 مقابل الدولار والله اعلم .
• ثانيا : العوامل النقدية المؤثرة بطريق مباشر :
- انخفاض تحويلات المصريين بالخارج من العملات الاجنبية عما كانت عليه في السابق .
- انخفاض الاستثمارات الاجنبية المباشرة بشكل كبير من مؤسسات الاستثمار المباشر وصناديق الاستثمار العالمية بعد الثورة .
- انخفاض الصادرات المصرية بعد الثورةالتي أدت بشكل كبير الى انحفاض مصدر
اساسي من مصادر الدولار للميزان التجاري والاحتياطي النقدي .
- كما أن ايرادات السياحة الخارجية كانت مصدر رئيسي للعملات الاجنبية وخاصة الدولار باعتباره عملة اجنبية .
- ولا يخفى علينا حجم الاموال المهربة من اركان النظام السابق خلال
العامين المنصرمين على مرئى ومسمع من الجميع بعد تحويلها الى دولارات من
التي دعمها البنك المركزي للحفاظ على سعر الصرف .
- تخارج العديد من
المؤسسات الاستثمارية الدولية التي كانت تهتم بسوق المال المصري وعدم
اقبالها على اذون الخزانة المصرية رغم ارتفاع العائد على الاستثمار فيها
لآجال مختلفة .
• ثالثا : عجز الميزان التجاري ......
*** "
الميزان التجاري " : هو مؤشر يقيس الفرق بين صادرات انتاج الدوله من السلع
والخدمات مقارنة بوارداتها من السلع والخدمات ويعطي مؤشر على توازن قيمة
عملة الدوله "
التغير في ميزان التجارة بين الدول يؤثرمباشرة على
الاحتياط النقدي لإنه في كل سنة هناك مقاصة تحدث بين التحويلات اللي
تحولها اليابان كمثال وأمريكا بحيث الفارق لنقل إنه 30 مليار دولار لصالح
اليابان تقوم أمريكا بشراء ما يوازيها بالين وبيع دولارات لتغطية العملية
(نقل ين لحساب البنك المركزي الياباني) يعني يزيد الطلب على الين ويزيد
العرض من الدولارات وهكذا..
** " مثال " : وكذلك بين مصر والسعوديه
فمصر تستورد من السعودية البيتومين والسولار مثلا وتصدر لها خضروات وفاكهة
فصافي مقاصة المعاملات خلال فترة معينة " عام " هي 3.5 مليار دولار لصالح
السعودية مع ثبات عملة التبادل باعتبارها عملة دولية يعتمد عليها الطرفين
هي الدولار يلزم مصر في هذه الحاله أن تصدر لجهة اخرى ما يوازي هذا الرقم
من الدولارات حتى يتم توازن الميزان التجاري او اللجوء الى الاحتياطي
النقدي من الدولار مما يخفض عامل الامان على هذا الاحتياطي .
فالتحويلات بين الدول هي سوق العملات الرئيسي وهي تعتمد على ميزان التجارة بين تلك الدول وهو ميزان متذبذب.
• رابعا: المضاربة على العملة المحلية بالمراهنة على انخفاضها بيعا :
- حيث يقرأ المضاربون السوق ويتآمر اصحاب رؤوس الاموال مسبقا على
المضاربة على العملة المراد صعودها او انخفاضها ثم يقوموا بشراء العملة
التي يتوقعون زيادة الطلب عليها ويبيعون العملة التي يقل الطلب عليها
وبالتالي يحدث التذبذب في الأسعار ، ويتم استخدام الآلة الاعلامية بصورة
كبيرة في هذا الامر ولو كلفهم ذلك الكثير من الرشوة في سبيل تحقيق اهدافهم .
*لماذا ارتفع اخيرا وبهذه السرعه .....؟
في منتصف ديسمبر
الماضي بعثت برسالة من موبايلي الى احد رجال الاعمال من اصحاب كبرى الشركات
الغذائية المشهورة قابلته عدة مرات منذ سنوات كان يريد ان يدرج شركته في
سوق المال المصري ويعتبر من الصف الاول لرجال الاعمال ..... ، وكانت هذه
الرساله لتحديد ميعاد معه بغرض عرض بيع حصة لمستثمر مصري يريد توظيف بعض
سيولته الكبيرة في قطاع الاغذية ، فكان رده ربنا يزيد عليك الخير خليه
يشتري دولار افضل له ...... ! ففهمت ان فقاعة المضاربة على الدولار قادمة
بسرعه وان المضاربين اتخذوا الدولرة سبيلا للربح السريع وتنفيذا لمخطط
افساد الاصلاح الوطني ولارباك حسابات مؤسسة الرئاسه ...
*** السؤال هنا لماذا تأخر انخفاض الجنيه وليس ارتفاع الدولار كما يقول العامه ؟
وللاجابة على هذا السؤال نحتاج نظرة خاصة على فاروق العقده ونظرة عامه على سياساته بعد الثورة .
اولا : ان السياسة التي كان يتبعها فاروق العقده محافظ البنك المركزي هو
الاقتصاد الكلاسيكي الذي يعتمد على الروتين والبيروقراطية وعدم المخاطرة في
اسواق المال العالمية وهذا مما اعطاه حصانة شعبية في اروقة النوادي
السياسية والاقتصادية لشخصه كعبقرية روتينيه حصنته من الوقوع في بلايا
وشراك الاقتصاد العالمي وخاصة ازمة الرهون العقارية 2007 و2008 ولا يعتبر
بذلك من جباهزة الاقتصاد كما يصوره بعض الصحفيين المنتفعين ، رغم ان هذه
السياسات حصنت ودائع المدخرين في البنوك من مضاربة البنوك بها في اسواق
المال العالمية .
ثانيا : ان سياسة تجفيف الينابيع التي اتخذها المجلس
العسكري بعد الثورة بغرض تركيع الثورة وعدم صرف مستحقات المقاولين واصحاب
الاعمال ودفع عجلة الاقتصاد الى التوقف والسماح بتداول الدولار بانسيابية
تامه ومساعدة اركان النظام السابق في الهروب بالدولارات من مصر على مرأى
منهم رغم ان هذه الدولارات كانت تضخ من البنك المركزي بغرض الحفاظ على
استقرار العملة المصرية تحت مستوى ال 6.24 وكان الاجدر من محافظ البنك
المركزي ترك العملة تصل الى قيمتها الحقيقية نسبة الى الناتج القومي وعدم
التهاون في المخزون النقدي ليتآكل في ظروف صعب تعويض هذا الاحتياطي النقدي .
و كان من الممكن ايضا ان تقوم السلطة المالية متمثلة في البنك المركزي
بتخفيض قيمة العملة كاسلوب استباقي ووقائي من الاستدراج الى تآكل الاحتياطي
النقدي ولكننا اذا احتكمنا الى نظرية المؤامرة من افراد الدولة العميقة
ولجنة سياسات مبارك وبعد ان تخلصوا من رؤوس اموالهم بتصديرها الى دبي ولندن
فاننا نؤمن بانهم لن يسلموها الا خربة وهنا يظهر عنصر السذاجة فيمن تأملوا
فيهم خيرا من " الاحزاب الاسلامية ".
*كيف نتجاوز الازمة ونستفيد منها ...؟
لابد من تشكيل لجنة ازمات اقتصاديه وسياسيه ومخابراتيه بمسئوليات وقرارات سياديه
ومن خلال ايماننا ان المضاربة على المال لها اصول سيكولوجية في التعامل لا
تقل عن مستوى الحرب النفسية في المواقف والاحداث فما يجب على الدولة هو
امر غريب حقا ولكنني سأكتبه لايماني بفائدته .
يجب على الدوله ان تعمل
على مراقبة المضاربين في العملة من خلال اجهزتها الامنية و تحديد اهدافها
في ذلك ثم معرفة اتجاه المضاربين ومستهدفاتهم في ارتفاع سعر الدولار والى
اي مستوى يتجهون بتخفي تام و بسرعه كبيرة وعندما تضعف مؤشراتهم وتنتهي
سيولتهم الدافعة الى ارتفاع الدولار تتدخل الدوله وتضخ كميه كبيره جدا عن
حجم الطلب في هذا التوقيت ب 3 اضعاف وتقوم مع ذلك بتكميم الاعلام الفاسد
الذي يروج لسيناريو الافلاس .
الاستحواذات والاستثمارات
لم نرى
حتى الان اية استثمارات او اثارها على ارض الواقع بسبب ازمة عدم الثقة و ما
تبعه من تخبط اداري وسياسي في الفترة الاخيرة ولكنلازالت الفرصه سانحه
الان لاخواننا العرب في الاستحواذ على شركات كبيرة باسعاروقيم منخفضة عن
مثيلتها في الوطن العربي مع محافظة الدولة على مصالحها الإسترتيجية و
السيادية لأراضيها و ممتلكات شعبها ، و ليس هرولة غير محسوبة ، يستفيد منها
المستثمرين و تخسر الدولة ، وذلك بسبب عوامل كثيرة منها
- انخفاض قيمة العملة المصرية امام العملات الاخرى.
- ورغبة الكثير من رجال الاعمال المستفيدين من النظام السابق في مغادرة
مصر خوفا على ما جنته ايديهم من اموال على حساب محسوبيات لجنة سياسات جمال
مبارك .
- كثافة حجم السوق المصري كقوة شرائية عن مثيلاتها في منطقة
الشرق الاوسط فبرغم تدني دخول المصريين الا ان اقبالهم على الكماليات
والاكسسوارات المعيشية عالي جدا نسبة الى متوسط دخل الفرد في الاقتصاد
القومي .
- معدل دوران الاقتصاد الخلفي والموازي الغير منظم والغير
محدد الكم والقيمة اكبرمما تستطيع أجهزة الدوله حسابه وهو ما اتاح فرصة
العيش للناس البسطاء خلال الخمسة اعوام الماضية منذ عام 2008 وحلول ازمنة
الرهون العقارية العالمية ونتائجها السلبية على العالم ومدى تأثر مصر بها .
تستطيع ان تستفيد الدوله من مزايا تخفيض قيمة العملة المحلية من خلال التوسع في
1- زيادة الصادرات محلية الانتاج بالكامل للاستفادة من انخفاض أسعار المنتجات المحلية .
2- التشجيع على ترشيد الاستهلاك والاعتماد على المنتجات المحلية
للمستوردة نتيجة رخص أسعار بالمقارنة بالسلع المستوردة مما ينشط الانتاج
المحلي .
3- تقليل الواردات يتبعه ارتفاع أسعارها وتقليل نسبة المواد الخام المستوردة الداخلة فى إنتاج أو استعمال البدائل المحلية .
4- تشجيع السياحة الوافدة لمصر نتيجة رخص الأسعار المحلية والحد من السياحة الخارجية نتيجة ارتفاع تكلفتها.
5- التشجيع زيادة تدفق رؤوس الأموال الأجنبية الاستثمار المباشر .
6- دراسة تجارب الدول و تطبيقها لجعل مصر قبلة للمستثمرين من حيث الخدمات
و الضرائب و التسهيلات ( جنة ضرائب) ، مثال دبى فى بداياتها و ماليزيا و
الصين و سنغافورة و هونج كونج و تايلاند .
7- دعوة ألمانيا و أمريكا
للتنقيب عن الغاز و البترول فى منطقة العلمين ، لإزالة حقول الألغام التي
زرعها الألمان فى الحرب العالمية الثانية و التي بسببها فقدت مصر القدرة
على تنمية هذا الجزء الذى بالتأكيد يحتوى على موارد طبيعية هائلة ، إذ لا
يعقل أن تعوم ليبيا على البترول ، و لا يوجد فى مصر – التى تشاركها نفس
الطبقة و الحوض الجيولوجى – هذا القدر من الموارد البترولية.
شكر خاص ...
للسيد / حاتم حمد ....... لتوجيهاته ونصائحه
مدير الخزانة والاستثمار ببنك قطر للتنمية