أكدت قيادة الجيش اللبناني في بيان لمديرية التوجيه اليوم السبت خبر توقيف
شخصين في منطقة البقاع بتهمة التجسس والإرهاب لمصلحة إسرائيل.
وأورد البيان الآتي : "تمكنت مديرية الاستخبارات في الجيش اللبناني بعد
سلسلة تحريات ومتابعة في منطقة البقاع من توقيف شخصين ينتميان الى
شبكة تجسس وإرهاب متورطة بالتعامل مع العدو الاسرائيلي، وضبطت
بحوزتهما اجهزة اتصال وكاميرات تصوير متطورة، واعترف الموقوفان
بإقدامهما على جمع معلومات حول مراكز حزبية ورصد تحركات مسؤولين
حزبيين لصالح هذا العدو. ولا يزال التحقيق جاريا مع الموقوفين بالتنسيق
مع القضاء المختص لكشف كل تفاصيل الموضوع".
وكانت صحيفة "السفير" البيروتية نشرت الخبر صباح اليوم مع تفاصيل
إضافية وكتبت: "وضع الجيش اللبناني يده على شبكة إسرائيلية خطرة
ومحترفة وذات تاريخ حافل في العمل الأمني لمصلحة "الموساد"
الإسرائيلي منذ عقود طويلة.
وجاء هذا التطور الأمني في سياق الحرب الأمنية المفتوحة بين لبنان
و إسرائيل التي سعت وتسعى إلى تجنيد الشبكات التجسسية للنيل من
رزمة أهداف تندرج كلها في خانة العمل المقاوم.
ويأتي الإمساك بالشبكه في خطوة هي الثانية خلال أكثر من عامين
تقريبا بعد أن تم الإمساك بـ"شبكة محمود رافع" في مطلع حزيران ٢٠٠٦
ليؤكد بالملموس، ثبات الجيش اللبناني على عقيدته القتالية ضد إسرائيل
ولو أن العنوان الإرهابي الأصولي تقدم في السنتين الأخيرتين خصوصا
بعد معركة نهر البارد.
وفي التفاصيل، التي حصلت عليها "السفير" استنادا إلى مصادر قضائية
وأمنية بارزة أنه بعد "حرب تموز" ،٢٠٠٦ تم وضع خريطة بعدد من
الأشخاص المشتبه في تورطهم بالعمل لمصلحة الاستخبارات الإسرائيلية
في جميع المناطق اللبنانية، وقد استرعى انتباه المتابعين للملاحقات
احتمال وجود شبكة إسرائيلية تعمل في نقطة بقاعية دقيقة وحساسة
جدا ولذلك تم إحكام أعمال المراقبة، وصولا إلى توقيف أحد المشتبه
فيهم في الآونة الأخيرة ويدعى (ع. ج.) من إحدى بلدات البقاع
الغربي خاصة أنه يوفر لنفسه غطاء سياسيا وأمنيا عنوانه الانتماء
إلى احد التنظيمات السياسية منذ أكثر من عقدين من الزمن.
وبعد جمع معطيات وأعمال مراقبة لمنزله وتنقلاته داخل لبنان وبين
لبنان وسوريا، تم تحديد ساعة الصفر لإلقاء القبض عليه، بالتزامن مع
بعض التطورات الأمنية التي كان يشهدها البقاع، وهو الأمر الذي
أثار التباسا في حينه لجهة احتمال أن يكون قد وقع ضحية خطف
على حد الحواجز العشوائية، ولكن مع الوقت وبعد مراجعات سياسية
وأمنية تبين أنه موقوف بعهدة استخبارات الجيش اللبناني وأنه قدم
اعترافات حول علاقته بـ"الموساد".
وفيما رفضت المصادر الأمنية والقضائية الخوض في تفاصيل الموضوع
قال مواطنون ينتمون إلى البلدة البقاعية نفسها، إن القوى الأمنية دهمت
منزل (ع. ج.) وتمكنت من حجز سيارته (باجيرو) وتبين أنها مزودة
بكاميرا فائقة الدقة بحيث يمكن أن يوقفها في أي مكان يريد وتكون
كفيلة بالتقاط أدق الصور بما في ذلك أرقام السيارات والوجوه الخ...
وأضاف شهود العيان أنفسهم أن (ع. ج.) وهو رأس الشبكة الإسرائيلية
لا يعمل في وظيفة محددة، وكان يبادر أحيانا إلى توقيف سيارته على
الطريق الدولية بين شتورة والمصنع، وإذا صحت الاستنتاجات التي
تم تعميمها في قريته بأنه متورط بالعمل مع "الموساد"، فهذا يعني
أنه كان مكلفا بأعمال مراقبة.
وقالت مصادر متابعة للتحقيق لـ"السفير" إن التحقيق مع (ع. ج.)
قاد إلى إلقاء القبض على قريبه (ي. ج.) الذي اعترف أيضا بتجنيد
ه في العمل لمصلحة "الموساد" الإسرائيلي، وأنه كان يكلف بمهام
محددة تتعلق بالاستطلاع والمراقبة التي شملت شخصيات ومراكز
ومواكب وأماكن حساسة خاصة في منطقة البقاع الأوسط، فيما أظهر
التحقيق مع (ع. ج.) انه تم تجنيده خلال فترة عمله في الثمانينات
مع أحد التنظيمات الفلسطينية في منطقة البقاع وأنه قام بتجنيد عدد
من الأشخاص وتمت مصادرة وثائق من منزله وسيارته أثبتت بالملموس
تورطه واستخدامه لتقنيات متطورة جدا سواء في أعمال المراقبة أو
الاتصال مع الإسرائيليين.
وتبين أن الشبكة كلفت أكثر من مرة بين الثمانينات والعام ٢٠٠٨ (أكثر
من عشرين سنة) بمسح أكثر من بقعة أمنية، بما فيها بعض النقاط التي
كانت تشمل مراكز للجيش والأمن السوري وكذلك مراكز فلسطينية في
البقاع قبل أن يتركز عملها في السنوات الأخيرة على "حزب الله" وبعض
مراكزه وشخصياته بالإضافة إلى مواكبه.
ويبدو استنادا إلى التحقيقات أن عمل الشبكة لم يقتصر على لبنان بل شمل
الأراضي السورية حيث كلفت الشبكة نفسها بمسح بعض المناطق الأمنية
الحساسة في دمشق، بما في ذلك منطقة كفرسوسة التي استهدف فيها
القيادي عماد مغنية (الحاج رضوان) في الثاني عشر من شباط .٢٠٠٨
ويحاول المحققون إيجاد رابط بين هذه الشبكة وعملية اغتيال مغنية و
شخصيات أخرى سواء في لبنان أو في سوريا (اغتيال الضابط السوري
العميد محمد سليمان)، كما يجري التركيز على الدور الذي لعبته هذه
الشبكة الإسرائيلية خلال "حرب تموز" ٢٠٠٦ سواء بتوفير القاعدة
المعلوماتية أو بتحديد الأهداف وتقديم المعونة اللوجستية للعدو في بعض
الحالات.
وكانت استخبارات الجيش اللبناني قد نفذت عملية أطلق عليها اسم "مفاجأة
الفجر" في حزيران ٢٠٠٦ وأدت إلى إلقاء القبض على محمود رافع الذي
اعترف بالمشاركة في عملية اغتيال الشهيدين الأخوين محمود ونضال
المجذوب في مدينة صيدا في السادس والعشرين من أيار .٢٠٠٦
كما اعترف رافع، أمام المحكمة العسكرية، بمشاركته في عمليات اغتيال
القياديين في "حزب الله" علي ديب في ١٦ آب ١٩٩٩ وعلي صالح
في ٢ آب ٢٠٠٣ وجهاد أحمد جبريل في ٢٠ أيار .٢٠٠٢ أما شريكه
حسين خطاب فقد تمكن من الإفلات من استخبارات الجيش اللبناني
وتردد لاحقا أن "الموساد" الإسرائيلي نجح في سحبه إلى داخل
الأراضي
الفلسطينية المحتلة خلال "حرب تموز".
من جهته، دعا قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي، إلى "المزيد من
التمسك بالقيم العسكرية والأخلاقية والاستمرار في رفع الكفاءات المهنية
والجسدية تحسبا لأي أخطار تتهدد الوطن، أكانت من جهة العدو
الإسرائيلي أو الإرهاب اللذين يشكلان وجهين لعملة واحدة"، كما دعا
خلال جولة شملت قيادات الوحدات العسكرية القتالية الخاصة إلى
"متابعة تعزيز قوى الجيش على امتداد الحدود البرية والبحرية، والى
التواصل الجاري في هذا الشأن مع الجيش العربي السوري الشقيق
لمنع أعمال التهريب على أنواعها ووقف تسلل الأفراد على جانبي الحدود".