رضا مرضي.. طالب مغربي أبهر عمالقة التحليل الاقتصاديعندما قررت جامعة بنسيلفانيا الأمريكية تقديم منحة تنافسية لما بين ثلاثين وأربعين طالبا من مختلف دول العالم، كانت مقتنعة أن منحتها عليها أن تضم فقط المتفوقين، حتى ولو كان قدرهم أن يتواجدوا في بلدان ذات أنظمة تعليمية متخلفة باعتراف أصحابها وباعتراف جميع المنظمات العالمية التي تتكلف بتصنيف مقدار التعلم في كل قطر من أقطار العالم.
ولما كان حظ المغرب من النجباء لم ينضب رغم واقعه التعليمي الغارق في السلبية، فقد قدم العديد من المتفوقين والمتفوقات، كان من بينهم شابا مغربيا استطاع الحصول على هذه المنحة الأمريكية المعروفة بـ"هانتسمان" والتي تجعل الطالب يتخصص في دراسة الاقتصاد بمدرسة وارتون للاقتصاد والأعمال، وهي مدرسة تخرّج منها مجموعة من قياديي العالم كمؤسس غانا نكواني نكروما، ومؤسس جمهورية نيجيريا نامي أزيكيوي، والرئيس الأمريكي الأسبق ويليام هاريسون، والمفكر الشهير ناعوم تشومسكي، إضافة لمحافظي البنوك المركزية في عدة دول عالمية كماليزيا وتركيا والأرجنتين.
الأمر يتعلق برضا مرضي، من مواليد مدينة أكادير سنة 1993، تلقى تعليمه الأولي والإعدادي بإحدى المدارس الخصوصية البسيطة لأصحاب الدخل المتوسط، لينتقل بعد ذلك إلى التعليم العمومي بثانوية عمر الخيام بالدشيرة (ولاية أكادير)، حيث درس سنة واحدة بالجذع المشترك العلمي، ليتم قبوله بالثانوية الملكية الإعدادية للتقنيات الجوية بمراكش، ليتعلم هناك الانضباط والنموذجية في العمل، وبعد سنتين نال خلالها البكالوريا علوم رياضية، قرر أن يضع نصب عينيه الدراسة في بلاد العم سام بتشجيع من أخيه الذي كان أول مغربي ينال منحة مورهيد كاين بجامعة كارولينا الشمالية.
نظام القبول بمدرسة وارتون الأمريكية، يقتضي المرور بإحدى الأكاديميات التي تلعب دور المدارس التحضيرية بالمغرب، لذلك، رحل رضا إلى جنوب إفريقيا حيث يتواجد منذ مطلع الموسم الدراسي الماضي، كطالب في مؤسسة "أكاديمية القيادة الإفريقية" التي تستقطب كل سنة حوالي ثمانين طالبا من كل الدول الإفريقية، مانحة إياهم منحة دراسية شرط أن يعودوا إلى بلدانهم الإفريقية بعد إنهاء دراستهم واكتسابهم للخبرة كي يساهموا في تطوريها وبالتالي تطوير القارة ككل.
"التجربة هنا مكنتني من المشاركة في مؤتمرات عالمية في سن مبكرة، وكذلك من الاحتكاك مع شباب أفارقة لا حدود لطموحاتهم، خاصة وأن مؤسسي الأكاديمية موجودين على قائمة فوربيس الأمريكية لأفضل رجال الأعمال الشباب في إفريقيا" يقول رضا لهسبريس.
خلال تواجده بجنوب إفريقيا، وجد رضا نفسه يميل إلى دراسة العلاقات الدولية والاقتصاد، لذلك ترشح لمنحة "هانتسمان"، تجاوز كل مراحل الاختبار من انتقاء أولي وامتحانات شفوية تقابل خلالها مع شخصيات نافذة في كبريات المؤسسات العالمية كشركة باين كابيتال التي يديرها ميت رومني منافس أوباما السابق، وأظهر الفتى المغربي قدرة كبيرة على التحليل الاقتصادي اكتسبه من جولاته العالمية مع أنشطة الأمم المتحدة، وكذلك من إدارته لمشروع فلاحي صغير بجوهانسبيرغ مكّن الساكنة المحلية من المواد الغذائية الضرورية، وهو التحليل الذي جعل قبوله في المنحة الأمريكية تحصيل حاصل، حيث سيكون من الطلبة العرب القلائل الذين سيجلسون في مقاعد تلك المدرسة الأمريكية.
"نظامنا التعليمي رجعي ومتخلف، وهو سبب الكثير مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية" يقول ابن سوس، ويعزو هذا التخلف إلى كونه مجرد نسخة معربة من التعليم الفرنسي، وبالتالي فهو يشكك التلاميذ والطلبة في قدراتهم بتعقيده للأمور، ويجعل نجاحهم متوقف على نتائج امتحانات، كما أنه لا يقدم سوى خريجين همهم الأول التوظيف والشغل القار حتى ولو كان ضدا على ميولاتهم، لذلك، فرضا يرى أن انفتاح التعليم المغربي على أنظمة تعليمية ناجحة غير الاعتماد الكلي على فرنسا من شأنه تصحيح الكثير من الأخطاء.
طموحات رضا لا حدود لها، فهو يريد أولا تمثيل المغرب بشكل جيد في مدرسة وارتون، وبعد ذلك العمل في مؤسسات عالمية كبرى كالبنك الدولي وغولدمان ساكس وماكينزي وما إلى ذلك، لكي يحصل على الخبرة اللازمة التي تجعله يعود لبلده من أجل المساهمة في أوراش إصلاحه،"مؤهلات بلدي عليها أن تحوله إلى بلد ديمقراطي وإلى قوة اقتصادية حقيقية" يؤكد رضا بابتسامة الواثق من أن ظلمات التخلف المغربية قد تنحسر يوما ما.