اصبحت سوريا مصدر صراع عنيف من الداخل و من الخارج .
فمن الداخل يتمثل الصراع فى حرب اهلية بين رئيس اختار ان يقتل شعبه بدلا من ترك السلطة و بين ثوار معارضين يريدون ان يغيروا النظام .
و من الواضح ان الصراع الخارجى يتمثل فى انحياز امريكا للثوار و فى المقابل يراهن و يساعد الجانب الروسى على انتصار بشار الظالم .
و فى الواقع تبحث كلا من امريكا و روسيا على الفوائد و المصالح التى يمكن ان تصب فى صالح كلا منهم و ذلك بأختلاف اهدافهم , فأمريكا تدعم و تساعد على انتصار الثوار و فى المقابل روسيا تدعم و تساعد النظام القائم حتى الاّن فى سوريا .اولا مصلحة الجانب الروسى من انتصار بشار :
1 - الانتصار فى الحرب الباردة على امريكا التى تدعم الثوار , اذ تحاول روسيا ان تثبت لأمريكا ان السلاح الروسى سينتصر على السلاح الامريكى , التى تدعم به امريكا المعارضة السورية .
2 - كذلك تريد روسيا اثبات قوتها و نفوذها للعالم الذى يستطيع ان يحجم من قوة و نفوذ امريكا , فعندما تعلن امريكا انها تناقش فرض خطر طيران على سوريا , و بعدها مباشرا يخرج وزير خارجية روسيا ( سيرجى لافروف ) و يحذر من اقامة منطقة حظر طيران فى سوريا , فهذا يعتبر بمثابة اكبر تهديد و تحدى للجانب الأمريكى مما يترتب عليه اظهار قوة و نفوذ روسيا على امريكا امام العالم .
3 - تساند روسيا بشار بكل ما تملكه من قوة لأثبات اخلاصها و حمايتها لحلفائها , مما يترتب عليه تفكير بعض الدول العربية و بالأخص مصر فى العودة الى روسيا كحليف .
4 - تساند روسيا نظام بشار لأنه لم يعارض بوجود قاعدة عسكرية لها فى سوريا , اذ ان روسيا لا تضمن سياسة اى نظام جديد فى هذا الشأن .
5 - و كما تريد روسيا الحفاظ على القاعدة العسكرية الوحيدة فى الشرق الأوسط و الموجودة فى سوريا , ايضا تريد روسيا ان تحافظ على نظام يتسلح بالسلاح الروسى , اذ انه غير مضمون ان ينتهج نظام جديد , نفس نمط سياسة النظام القديم فى التوجه لشراء السلاح الروسى , فقد يتجه النظام الجديد الى الألتفاف الى الجانب الأمريكى لشراء سلاحه منه .
6 - الترويج لنظام صواريخ S300 الروسية , و اثبات قدرتها على منع الطائرات الأسرائيلية و الأمريكية من دخول المجال الجوى السورى .
ثانيا مصلحة الجانب الأمريكى من انتصار المعارضة السورية ( الثوار ) :
1 - الانتصار على الجانب الروسى نفسيا , و اثبات الهيمنة الأمريكية و استمرارها فى بسط نفوذها و استمرار قيادتها للعالم .
2 - كذلك تريد امريكا تدمير قوة بشار لأنه حليف ايران و مؤخرا حليف لحزب الله اللبنانى الذى يحارب معه ضد الثوار , كذلك تخوف امريكا من حصول حزب الله على اسلحة متطورة و اسلحة كيميائية من سوريا او عقد صفقات مباشرة مع بشار الأسد , مما يهدد الأمن القومى لأسرائيل .
3 - الضغط المتواصل من مصر و السعودية و تركيا على امريكا لتسليح المعارضة السورية .
4 - تريد امريكا ان تقضى على بشار و تنصر المعارضة السورية عليه , مما يكون له اثره الأيجابى لتمسك بلدان عربية كثيرة منها مصر و السعودية بصداقة امريكا و ثقتهم فيها على انها قوة عالمية لا تقهر و يمكن ان يعتمد عليها فى مختلف المشكلات , مما يترتب عليه اهمال الجانب الروسى و استمرارية العلاقة القوية مع الجانب الأمريكى .
5 - تريد امريكا ان تدمر الحليف الوحيد لروسيا فى الشرق الأوسط الذى يسمح لها بوجود قاعدة عسكرية فى بلاده , مما يترتب عليه عدم وجود أى قواعد عسكرية لروسيا فى الشرق الأوسط , و بالتالى الأنتقاص من نفوذ روسيا المتزايد و الذى قد بدأ يشكل خطورة على النفوذ الأمريكى .
6 - حرمان ايران من حليف مهم قد يفيدها و يدعمها فى حالة نشوب حرب بينها و بين اسرائيل .
7 - معاونة الجيش السورى الحر و تمكينه من الأنتصار على بشار الأسد و جيشه النظامى , يجعل النظام الجديد الذى يأتى بعد ذلك حافظا لجميل امريكا عليه , و هو ما يترتب عليه اعتماد النظام الجديد على السلاح الأمريكى كليا فى اعداد ترسانته من جديد .
8 - الأنتقاص من حلفاء روسيا و زيادة حلفاء امريكا .
9 - اثبات ان السلاح الأمريكى اذا دخل فى معركة فأنه يحسمها لصالحه , و هذا له تأثيره الأيجابى على نصيب امريكا من مشتريات السلاح عالميا .
الخلاصة : انها حرب قوية بين الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا , لا تقل فى اهميتها شئ عن الحرب التى يستخدم فيها السلاح , فهل ستظل امريكا امام العالم هى الأقوى , ام ان زمن نفوذها على العالم قد مضى ؟!