ذكرى زيارة السادات للقدس
اليوم يكون قد مر على زيارة السادات للقدس ٣١ عامًا، ولنا الآن أن نقيم مبادرته
بعيدًا عن الهوى لنقترب من الحقيقة، ولنصل لذلك لنا أن نسأل سؤالين لماذا
أقدم السادات على هذا العمل؟ وهل كان مخطئًا؟أما عن لماذا فالإجابة
تكون على مستويين: الأول داخلى متدهور منذ مظاهرات ١٨ و١٩ يناير ١٩٧٧
والتى سماها بانتفاضة الحرامية، حين ثار الشعب ضد رفع الدعم، فتراجع
السادات عن قراره، وتراجعت شعبيته إلى حد ما بعدما كان الزعيم الذى حارب
وحرر الأرض، واستمر الضغط الاقتصادى الواقع عليه كما هو بسبب
تراجعه عن رفع الدعم، فأصبح واجبًا على السادات أن يخطو خطوة فى طريق
تحرير الأرض كاملة، لاستعادة مجده الداخلى بين شعبه، كما وجب عليه أن يخطو
تلك الخطوة نحو السلام، لنقل اقتصاد البلد من مرحلة الحرب إلى مرحلة
السلام. أما على المستوى الخارجى فقد ألقى السادات بالقفاز فى وجه
السوفييت حين ألغى معاهدة التعاون والصداقة، كما أشعل الخصومة معهم حين
هاجم ليبيا عسكريًا فى يوليو ١٩٧٧.. فى نفس الوقت كانت أمريكا عاجزة عن
الضغط على إسرائيل، خاصة بعد تولى الإرهابى المتطرف بيجن سدة الحكم بها.. فلم
يكن أمام السادات سوى أن يقفز فوق الزمان والمكان، ويقدم مبادرته بزيارة
القدس ليضع بذكاء غير عادى الإسرائيليين أمام الأمر الواقع، ويبطل حجتهم
بأنهم فى منطقة يكرههم أهلها ويكرهون السلام!! وبذلك ينكشفون على حقيقتهم
أمام العالم أجمع وتوقع السادات أنه بإحراجهم سيستعيد كل ما يريد سريعًا،
مما يؤهله لاستعادة مكانته الداخلية، ويحسن من أوضاع اقتصاده، ولكن ثمار
عمله لم تنضج سريعًا كما خطط، فأخذت منه المفاوضات الكثير من الجهد والوقت
حتى اختتمها بمعاهدة السلام فى ١٤ مارس ١٩٧٩.أما عن السؤال الثانى
وهو: هل أخطأ السادات فيما فعل؟ فأظن أن الأيام الآتية سوف تجيبنا عن
سؤالنا.. فالأرضان الفلسطينية والسورية محتلة حتى الآن، وأظن أن مسؤوليهما
يندمون للآن على كرسييهما اللذين هجروهما أثناء المفاوضات التى أعادت
الأرض لنا.. ولكن هناك أخطاء اقترفهاالسادات أثناء خطواته، أساءت للأسف
لما فعله!! إلا اننا لو نظرنا إلى المحصلة فقد نجح فى تحقيق هدفه والحمد
للّه!!