تُعتبر إسرائيل واحدة من بين الدول القلائل في العالم التي تفرض الخدمة العسكرية الإلزامية على النساء كما الرجال باعتبارهن جزءا أساسيا للقوة البشرية في الجيش الإسرائيلي.
وتحكم خدمة النساء القاعدة القانونية النابعة أساسا من قانون الخدمة في "قوات الأمن لعام 1949" والتعديلات القانونية لنفس العام الذي فرضت الخدمة العسكرية الإجبارية على جميع "سكان إسرائيل " بما في ذلك النساء الأمر الذي حول الجيش الإسرائيلي في تلك الفترة إلى الجيش الوحيد في العالم الذي يجند النساء إجباريا.
هل تحسن وضع المرأة في الجيش الإسرائيلي أم تراجع ؟وفقا للمصادر التاريخية العسكرية الإسرائيلية شاركت النسوة قبل "إقامة" إسرائيل في مختلف المهام والوظائف العسكرية بما فيها سلاح الجو ونشطت النساء اليهوديات بشكل أساسي في منظمة "الهغناة " حيث خدمن بداية الأمر في وظائف مساعدة ومنظمة "بلماخ" حيث شكلت النساء ثلث القوة البشرية لهذه المنظمة تقريبا وتطوعت بداية الحرب العالمية الثانية 4000 امرأة يهودية ممن استوطن فلسطين ضمن صفوف الجيش البريطاني وعملن في وظائف مساعدة.
مع إقامة إسرائيل والإعلان عن تشكيل الجيش الإسرائيلي, أقام الجيش ما سمي حينها بـ"سلاح النساء " بقيادة ضابطة تخرجت من صفوف الجيش البريطاني.
وجاء في أمر إقامة هذا السلاح "النساء سيشاركن في حماية المدن والقرى والمستوطنات وسيخدمن في وظائف إدارية ومهنية ووظائف مساعدة أخرى لكن ليس بوظائف قتالية ", الأمر الذي رافق خدمة النساء العسكرية حتى سنوات الثمانينيات من القرن الماضي".
كم تخدم النساء في الجيش ؟فترة خدمة النساء في الجيش قصيرة بالنسبة لفترة خدمة الرجال فقد وضع القانون فوارقا بين الرجال والنساء في مجالات نهاية الخدمة الإجبارية وسن البقاء في الخدمة الاحتياطية.
وفقا لقانون الخدمة المعدل لعام 1986 تكون فترة خدمة النساء في الجيش 24 شهرا مقابل 30 شهرا للرجال كما يمكن دعوة النساء للخدمة النظامية حتى سن 26 مقابل سن 29 للرجال وتستمر خدمة النساء ضمن قوات الاحتياط حتى سن 38 عاما مقابل 54 عاما للرجال.
كما يتم إعفاء النسوة من الخدمة النظامية إذا تزوجن مثلا ومن قوات الاحتياط إذا تحولن لأمهات أو كن من الحوامل كما ويسمح القانون بإعفاء النسوة من الخدمة لأسباب دينية أو ضميرية.
الفئات التي استثناها الجيش من التجنيد ؟استثنى القانون من الخدمة العسكرية النسوة من الأقليات حتى وان كان رجال هذه الأقليات مشمولين بنظام الخدمة الإجبارية مثل الدروز والشركس .
التغيرات التي طرات على وضع النساء وطبيعة خدمتهن في الجيش الإسرائيلي ؟بداية سني الثمانينيات بدأت تلوح آفاق التغيير فيما يتعلق بالخدمة العسكرية للنساء حيث شرع الجيش بافتتاح دورات لتأهيل النساء لشغل مهام قتالية مثل مواجهات أو مرشدات في سلاح المشاة والمدرعات والقناصة إضافة إلى فتح الباب امامهن لتولي بعض المهام والمواقع القيادية الوسطى مثل قيادة سرية جنود معدة للعمل ضمن صفوف الجبهة الداخلية ومرشدات للسجناء من الجنود ومهام تقنية أخرى.
لكن التغير الكبير وقع عام 1995 استنادا لقرار المحكمة العليا الاسرائيلية الذي اجبر الجيش على السماح للنساء التطوع ضمن دورات تدريب الطيارين أسوة بالرجال وجرى عام 2000 تضمين الأفكار الأساسية الكامنة في قرار المحكمة لما يسمى بقانون الخدمة الأمنية "قانون التجنيد " واصدر رئيس الأركان الإسرائيلي عام 2004 أمرا يلزم فيه قادة الجيش بإعادة دراسة الأسس التي قامت عليها سياسة تجنيد النساء الأمر الذي فتح امامهن أبواب الفرق والوحدات القتالية مثل ضابطات في سلاح البحرية ومقاتلات في سلاح المشاة وأخريات في سلاح المدفعية والدفاع الجوي وسلاح الهندسة والشرطة العسكرية.
ورغم هذا القرار ما زالت معظم الوظائف أو المهام القتالية في أسلحة المشاة والمدرعات مغلقة أمام النساء اعتمادا على تقارير طبية وفحوصات يجريها سلاح الطب الذي فحص جاهزيتهن للانخراط في هذه الأسلحة التي تتطلب قدرات جسدية ولياقة بدنية كبيرة.
وسجل عام 2007 وجود 1500 امرأة فقط مصنفات كمقاتلات في مختلف الأسلحة وصنوف القوات ما يشير إلى تدني نسبهن في هذه الأسلحة وبقاء مهامهن الأساسية كما وضعت في أمر إقامة سلاح النساء عام 1948.
ولم تقتصر التغيرات التي ادخلها الجيش على السماح للنسوة بالمشاركة في الوحدات القتالية بل ذهب بعيدا حين أعلن عام 1997 عن حل سلاح النساء ونقل صلاحياته لبقية القيادات والقطاعات العسكرية وذلك بهدف إلغاء التمييز في مجالات التدريب والتأهيل بين النساء والرجال وإخضاع الجميع لقواعد تدريبية واحدة ومتشابهة.
هل تحمل النساء رتب عسكرية رفيعة؟حملت ثلاث نساء رتبة عقيد مع بداية عام 2012 كما سجل العام نفسه تولي امرأة منصب الناطق بلسان الجيش وأخرى مسؤولية الرقابة العسكرية وثالثة منصب الضابط الرئيسي لشؤون الجرحى كما تولت أخريات مسؤولية قسم شكاوى الجمهور والنائب العسكري العام فيما تولت نساء قيادة قواعد عسكرية مخصصة لاستقبال المجندين الجدد وهي مهام كانت محصورة لفترة طويلة بالرجال دون غيرهم.
موقف المنظمات النسوية الإسرائيلية من وضع المرآة في الجيش؟سجل تقرير " نساء إسرائيل " الصادر عام 2006 والذي يبحث في أوضاع المرأة الإسرائيلية أن النساء في إسرائيل لا يستطعن الخدمة في 12% من الوظائف العسكرية حتى الان مثل مهام قتالية في سلاح المدرعات والمشاة والهندسة.
ورغم أن 88% من الوظائف العسكرية مفتوحة أمام النساء نظريا, افاد التقرير بان النساء وفي واقع الحال لا يخدمن سوى في 60% من تلك الوظائف على أكثر تقدير رغم أن النساء يشكلن 33% من مجموع قوات الجيش "الإجباري" و 18% من الجيش النظامي و 26% من منظومة القيادة.
وسجل عدد النساء خلال العقد الماضي في مجال الوظائف الإدارية انخفاضا كبيرا حيث كانت نسبتهن 40% فيما تبلغ حاليا اقل من 32% .
هل تشكل خدمة النساء موضوع إجماع داخل المجتمع الإسرائيلي؟لم يكن يوما موضوع خدمة النساء محل إجماع داخل إسرائيل فقد تصدت المؤسسة الدينية بكل الطرق الممكنة لهذا الأمر واعتبرته في كثير من الأحيان محاولة علمانية للسيطرة على المجتمع وصياغته وفقا لشروطها ومواقفها الفكرية واصدر الكثير من حاخامات إسرائيل فتوى تدين خدمة النساء وتعتبرها إساءة للدين اليهودي ومنعت الجنود المتدينين من مصافحتهم أو مجرد الاستماع لهن أثناء الغناء أو إلقاء الكلمات في الاحتفالات الرسمية وطالبوا بفصل الجنود المتدينين عن النساء.
وفي سياق محاربة المؤسسة الدينية لخدمة النساء اقامت الحاخامية الكبرى في إسرائيل عام 2012 لجنة خاصة أنيط بها إجراء مفاوضات مع قيادة الجيش لترتيب أوضاع الجنود المتدينين وعدم إجبارهم على الاستماع لاغاني النساء.
واصدر الحاخام اليهودي " لفنون " عام 2011 فتوى يجبر فيها الجنود المتدينين على استخدام وسائل خاصة لإغلاق أذانهم فور شروع المجندات بالغناء أو الكلام .
ووصلت الأزمة عام 2013 إلى جلسات لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست فقد أيد عضو اللجنة عن حزب شاس " نسيم زئيف" فتوى الحاخام ليفنون مطالبا الجيش بالموافقة على استخدام سدادات الاذن من قبل الجنود الذين لا يرغبون بالاستماع للنساء.
التحرش الجنسي داخل المؤسسة العسكرية ؟يعتبر التحرش الجنسي من أكثر المواضيع التي تثير قلق قيادة الجيش والمجتمع الإسرائيلية فلا تخلو الصحف اليومية من قصة تتعلق بالتحرش الجنسي داخل الجيش أبطالها في العادة جنود وفي كثير من الأحيان ضباط صف وضباط كبار.
ويسجل الجيش الإسرائيلي وفقا للمصادر الإسرائيلية 400 شكوى تتعلق بالتحرش الجنسي سنويا ما يعني أكثر من شكوى يوميا الأمر الذي اجبر الجيش عام 2012 على تدشين حملة واسعة لمحاربة ظاهرة التحرش الجنسي بالمجندات وتضمنت الحملة فيلما توضيحيا تناول الكلمات والإشارات والمعاني التي تشير أو ترمز أو يقصد منها التحرش الجنسي اللفظي بالمجندات وحمل الفيلم عنوان " يبدأ بالكلام وينتهي أمام المحكمة".
وقالت مساعدة رئيس الأركان لشؤون النساء العقيد "طوفيت- فيزل" شهد عام 2012 انخفاضا في عدد التقارير المتعلقة بقضايا التحرش الجنسي رغم أن عدد الشكوى السنوية المتعلقة بهذا الموضوع تصل إلى 400 شكوى سنويا نصفها يتعلق بتحرش جسدي مباشر والنصف الأخر يتعلق بتحرش لفظي.
وأضافت ان ثلث الشكاوي يتعلق بتحرش جسدي خطير " اغتصاب أو محاولة اغتصاب".
المصدر
http://www.maannews.net/arb/ViewDetails.aspx?ID=575437