المراجل البخارية تنتظر
المصير تحقيق ـ محمــــد هنـــدي
شركة
المراجل البخارية أحد الأمثلة الصارخة علي فساد الخصخصة.. وكانت أولي
الشركات التي تم تصفيتها.. وقد انتهت ككيان وكصناعة استراتيجية تم تأسيسها في أوائل الستينيات من القرن الماضي كإحدي ركائز الصناعة
الوطنية من برنامج نووي وتقع الشركة علي بعد8 كم مترات من ميدان المنيب
بالجيزة علي طريق مصر الصعيد بمنطقة منيل شيحة علي النيل مباشرة.. وتم
تأسيسها في يوليو1962وكان مشروع اقامة مصنع شركة المراجل البخارية وأوعية
الضغط بمنطقة الجيزة في قرية منيل شيحة.. وكان المشروع علي مساحة33 فدانا
و22 قيراطا.. وكان عدد العاملين بالشركة قبل الخصخصة2000 عامل فني بخلاف
العمالة الموسمية.. ومن انتاجها بعض الصناعات الحربية مثل قواعد مدافع
الهاون لمصنع63 الحربي وأجهزة تطهير للأفراد للحرب الكيماوية مع أوعية
الضغط للقوات البحرية.. وفي صناعة الحديد والصلب تقوم بانتاج صهر الحديد
الصلب لشركة الحديد والصلب وحوائط تبريد أفران لشركة الدلتا والصلب
للصناعات غير الحديدية.. وأيضا في مجال الصناعات البترولية قامت بانتاج
أبراج.
وتعتبر شركة المراجل البخارية من الشركات القومية ولها تأثير علي الأمن القومي المصري. في البداية يقول عادل قرني مدكور ـ مدير عام التصنيع بشركة المراجل
البخارية: الكثير منا لا يعرف مدي أهمية وخطورة ألا توجد شركة للصناعات
الثقيلة معنية بصناعة الغلايات( المراجل) وهي من الصناعات الاستراتيجية..
والمراجل البخارية هي عبارة عن وعاء ضغط مصنع من مواسير حديد وألواح صاج
ويعمل بحرق الوقود لينتج البخار عند ضغط ودرجة عالية, وتستخدم المراجل في
أغلب الصناعات سواء كانت الغذائية والكيميائية والأسمدة والمنسوجات والورق
وتصنيع البترول والبتروكيماويات ومعدات الفنادق والمستشفيات وتستخدم
المراجل كقوي محركة لتسيير السفن بجميع أنواعها.
والمراجل تمثل الجزء الرئيسي من أجزاء المحطات الحرارية لانتاج الكهرباء..
أما الاستخدام غير التقليدي فإنه يتمثل في صناعة مراجل نووية.. بحيث يمكن
أن تصبح في المستقبل جزءا من وحدات مشروع نووي متكامل سواء كان ذلك المشروع
موجها للأغراض السلمية أو لأي غرض آخر.. ولهذا السبب فإن وجود صناعة
للمراجل في أية دولة من دول العالم وهو أحد الأسباب التي تدعو الدولة إلي
الاحساس بالفخر.. ومن هذا المنطلق كان من الضروري في بداية عصر ما بعد ثورة
يوليو1952 أن يصدر القرار الجمهوري رقم2460 لسنة1962 بانشاء مصنع شركة
النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط علي مساحة32 فدانا علي النيل.. وفي
عام1994 تم تكليف محمد عبدالوهاب الحباك ـ رئيس الشركة القابضة والتي كانت
الشركة خاضعة لها بحبك فصولها وتمليك أرض الشركة بالنصب للهيئة حتي يتسني
له بيع الشركة بالأراضي( الأرض كانت منزوعة الملكية للصالح العام).
المشاركة
بدأ الفصل بإعلان طرح الشركة للمشاركة وبالفعل تقدمت9 شركات لهذه المشاركة
وبقدرة قادر ـ تحولت المشاركة إلي بيع تم ترسيته علي من يدفع أكثر من شركة
بابكوك وولكوكس العالمية.. وكانت قضية الرشوة المصروفة التي دخل بها
الحباك السجن.. وبدأت الشركة الأجنبية في إدارة المراجل تحت اسم شركة
بابكوك وولكوكس مصر منذ أواخر عام1994 حتي عام2000 تم خلالها اسناد تصنيع
وتوريد مراحل محطات كهرباء كل من الكريمات وحدتين1300 ميجاوات وسيدي كرير
أربع وحدات1400 ميجاوات وعيون موسي وحدتين750 ميجاوات ولم يسند للشركة أي
مشروع بعد ذلك فأنهت الشركة نشاطها ولم تستمر.
المشتري المصري
قام أحد الشركاء المصريين وهو رجل الأعمال محمد عبدالمحسن شتا بشراء حصة
الشريك الأجنبي وإسماها الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية..
وبدأ سيناريو القضاء علي الشركة والاستيلاء علي الأرض.. فقد انتزع خالد
شتا ـ رئيس مجلس الادارة في نوفمبر11 فدانا من أراضي الشركة.. ودهم ما
عليها من مبان وهي ورش لتصنيع الغليات الصغيرة ومخزن وجامع الشركة ومبني
اداري مكون من طابقين ومركز التدريب الألماني التابع للشركة والذي كان يقوم
بضخ العمالة المدربة للشركة ولسوق العمل.
وهو التصرف الذي فسرته وزارة قطاع الأعمال.. بأنه الاستغلال الأمثل للأصول
في ضوء استخدام تكنولوجيا حديثة للتصنيع والتي لا تحتاج لمساحات شاسعة.
وأكد مسئولو الوزارة أنه تم التنبيه علي المستثمرين بعدم التصرف في أي أرض
تملكها الشركة.. إلا أن الاستغلال الأمثل.. من وجهة نظر بعض المسئولين جاء
في فبراير2005 عندما تم بيع أرض الشركة لحساب شركة للاستثمار العقاري
المملوكة لوالده ثم عادت للمستأجر الأرض من والده لحساب نشاط الشركة
الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية لمدة عامين.. بداية من أول
اكتوبر2005 وحتي نهاية سبتمبر2007 مع امكانية مد العقد لعام إضافي إلي
سبتمبر2008 وعليه لم تقم الشركة بأداء التزاماتها نحو دفع الايجار فأعلن
افلاسها عام.2008
التخلص من كيان الشركة
بعد اعلان افلاس الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية كان من
السهل التصرف فيها بدعوي عدم ايقاف النشاط.. وكان ذلك بالآتي.. تم دمج
الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية مع الشركة الوطنية
للصناعات الحديدية والمملوكة لرجل أعمال ودمج شركة الخلود للاستثمارات
العقارية بعضهم مع بعض ونقلها إلي الشركة الوطنية.. وأيضا أجبر العاملون
بالشركة للعمل في مجال غير مجالهم.. حيث إن الشركة الوطنية تعمل في تصنيع
الهياكل المعدنية التي تقل في تقنيتها عن تصنيع المراجل التجارية.
وفي النهاية يقول عادل قرني مدير عام التصنيع بالشركة سابقا: يوجد علاقات
شديدة مع بعض المسئولين.. وهناك مصالح متبادلة تزيد الوضع عما هو عليه لأن
برجوع الشركة سوف يخسر المستثمر33 فدانا من أجود الأراضي علي النيل
مباشرة.. مقابل المعادي من الناحية غرب النيل.. وأن سعر متر الأرض هناك
حوالي10 آلاف جنيه.. حيث توجد بمنطقة منيل شيحة بعد المنيب كثير من الفيلات
والقصور للعرب, ولكن سوف نعمل حتي تعود الشركة إلي الريادة والقيادة من
جديد.
أول ضحايا الخصخصة
ويقول عبدالغفار مغاوري المحامي وصاحب دعوي استرداد شركة المراجل البخارية
ـ المراجل البخارية هي المكون الرئيسي لمحطات الكهرباء.. وايضا لتحلية
محطات البخار وهي المكون الرئيسي لتوليد الطاقة النووية السلمية وغير
السلمية.. وأول ضحية للخصخصة هي المراجل البخارية بهدف خدمة المشروع
الأمريكي لعدم تقدم الصناعة المصرية.. وقد تم بيعها عام1994 بمبلغ55 مليونا
في حين أن أراضيها35 فدانا بالميناء الخاص بها علي النيل مباشرة في منطقة
منيل شيحة لا يقل ثمنها عن3 مليارات جنيه.. فضلا عن صناعة المراجل التي
توفر العملة الصعبة للبلاد خاصة أنها تقوم بتصدير هذه المراجل إلي الدول
العربية والشرق الأوسط والدول الأفريقية.. والمكون الرئيسي التي تساعد في
توليد الطاقة الكهربائية.. وهذا المصدر من مصادر الدخل القومي المصري لأن
هذه الشركة تعمل علي تكنولوجيا اللحام.. وكان بها مركز تدريب ألماني مصري
مشترك ليس له مثيل في الشرق الأوسط والمنطقة العربية جميعها, ولكن للأسف
الذي اشتراها مصري وشركة بنمية ذات أصول يهودية.. قاموا بعمل مصنع مماثل في
إسرائيل وبدأوا في تدمير الشركة لتحويل الشركة إلي استثمار سياحي وعقاري..
وكان يجب علي الدولة حماية هذه الصناعات والصناعات الأخري ذات الطابع
القومي والاستراتيجي حتي لو في يد القطاع الخاص لأنها من خطط التنمية..
وإنني علي استعداد للقيام بإقامة دعاوي تعويض لصالح الدولة ضد المستثمرين
الذين قاموا بهدم هذه الصناعة.. وكانت العمالة المثبتة الموجودة بالشركة
حوالي الفين عامل غير العمالة غير المنتظمة.. وهناك عمالة تقوم بإمداد شركة
المراجل البخارية بالخامات وغيرها.
وحصلت الشركة علي حكم بالغاء قرار خصخصة شركة المراجل البخارية.. فضلا عن
بطلان كافة العقود والتصرفات التي تمت عليها مع الزام الدولة بإعادة تشغيل
الشركة علي كامل أراضيها بمنيل شيحة مع إعادة جميع العاملين إلي سابق
أوضاعهم.. والتحفظ علي كافة المعدات لحين تنفيذ الحكم والأراضي.. وهنا
الحكم بعودة الصناعة بعمالها.. وهذا الحكم واجب النفاذ منذ21 ستبمبر2011
إلا أن الدولة طعنت عليه أمام المحكمة الادراية العليا.. وحكمت المحكمة
بإجماع الآراء.. ومن المعروف أن الحكم بالاجماع يصدر في أحكام الإعدام..
وهذا الحكم يعتبر حكما لاعدام الخصخصة.. ونريد تنفيذ هذا الحكم لعودة
الشركة للعمل مرة أخري.. ولكن آلية التنفيذ غير موجودة.. ونحن علي استعداد
أن نقوم بالتنفيذ نحن والعمال والمهندسين بالشركة.. مع تأمين من الشرطة..
وطلب بتشكيل لجنة من وزارة الصناعة والكهرباء.. لأن الشركة القابضة إلي
الآن تتقاعس عن تسليم الشركة.. وجميع العاملين الذين كانوا بالشركة في
انتظار العودة.. وهذا حلم فتح بيوت العاملين الذين أغلقت والأهم من هذا كله
هذه كوادر بشرية تعرف طريق التنمية الحقيقية باستخدام أحدث أنواع
تكنولوجيا العصر.
المصلحة العليا للاقتصاد
ويقول الدكتور حمدي عبدالعظيم ـ عميد اكاديمية السادات للعلوم الادارية
سابقا: المراجل البخارية تعتبر من الأنشطة الاقتصادية الهامة التي يجب أن
تحتفظ بملكيتها وادارتها لتحقيق المصلحة العليا للاقتصاد المصري.. حيث إنها
تؤثر علي العديد من الصناعات التكنولوجية المتقدمة وصناعات الطاقة
والاعتماد عليها في تحقيق معدلات نمو اقتصادي عال, وعدم الحاجة إلي
الاستيراد بقدر كبير من منتجات الطاقة, ويأتي هذا الحكم لتقييد حق الدولة
في عودة الشركة إلي القطاع العام وعودة العمالة إلي وظائفهم التي كانوا
عليها قبل البيع خاصة أن قيمة بيع الشركة لا تتناسب مع قيمة الأصول
الموجودة بخلاف قيمة الأرض وبالتالي فإن عملية البيع حرمت الاقتصاد المصرفي
الفترة الماضية من الفائض الذي تحصل عليه من أرباح هذه الشركة, فإن
الأنشطة المتعلقة بالطاقة بالأنواع المختلفة طاقة الكهرباء والرياح
والنووية.. وهي تعتبر من الصناعات الاستراتيجية والهامة مثل صناعات الانتاج
الحربي والمعدات الرأسمالية والقوي المحركة للعديد من المصانع الانتاجية..
وبالتالي يجب علي الدولة أن تكلف شركة ادارة لتتولي مسئولية ادارة الشركة
ادارة عملية عالية الكفاءة والاحتفاظ بالملكية وتطوير المصانع والتكنولوجيا
المستخدمة والقيام بالإحلال والتجديد اللازم لرفع طاقة التشغيل لهذه
الشركة حتي تعود إلي دورها إلي الاقتصاد المصري والمساهمة بقدر كبير في
التنمية والتوسع في تشغيل الأيدي العاملة للمساهمة في علاج مشكلة البطالة.
ويشير المهندس عادل قرني إلي أنه حتي الآن لم يتم تنفيذ حكم المحكمة
بتسليم المراجل البخارية. فتم تكوين لجنة من الشركة القابضة وبها مهندسان
متقاعدان علي المعاش, ودكتور مهندس استشاري ولاعلاقة له بتصنيع المراجل,
وإنني أناشد رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماويية بضمي إلي اللجنة
الخاصة لارجاع تشغيل شركة المراجل مرة أخري حيث إنني ذو خبرة في هذه
الصناعة قاربت علي الـ30 عاما وقمت بانشاء هذه الصناعة في شركات أخري وعملت
بها, واللجنة في اتجاه اصدار قرار قديم ولها تصلح, وإنني ضد هذا, وهناك
فكرة ان اعادة تشغيل الشركة سوف يكلف الدولة أكثر من مليار جنيه, وهذا
الكلام عار من الصحة تماما.. والحقيقة أنها سوف تكلف الدولة53مليون جنيه
فقط, وسوف استعين بالخبرات القديمة مع الخبرات الحديثة في تشغيل الماكينات
التي ليس لها مثيل في منطقة الشرق الأوسط هذا من خلال بعض المهندسين ذات
حرفية عالية.
المصدر
انا قرات الخبر فى جريدة الاهرام المصرية امس الجمعة ---- و اصبت بالخرس اثناء و بعد
القراءة من هول التفريط فيما بين ايدينا من كنوز
اترك لكم الحكم و التعليق على كل ما جاء بالخبر
و لا اجد ما اقول غير ------ رحماك ربى