| |
|
| الطريق الى ميونخ | |
| كاتب الموضوع | رسالة |
---|
الامير الاحمر
رقـــيب أول
الـبلد : العمر : 43 المهنة : تحري المزاج : هاديء قابل للأنفجار في أي لحظه التسجيل : 14/06/2008 عدد المساهمات : 376 معدل النشاط : 224 التقييم : 7 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: الطريق الى ميونخ الخميس 6 نوفمبر 2008 - 18:55 | | |
الطريق الى ميونخ ( التفاصيل الكاملة لعملية ميونخ )
تشرين الثاني 1971 من الواضح أن المقاومة لا تزال تدفع ثمن هزيمة الأردن(1) حيث كانت تواجهنا صعوبات في تلك الفترة أولا : كانت روح انهزامية تسيطر على مواطنينا الواقعين تحت الاحتلال , استغل الإسرائيليون أحداث الأردن ليفككوا بكل هدوء العديد من خلايانا في الضفة الغربية بالإضافة إلى اعتقال الكثيرين من الشبان الذين كنا نعتمد عليهم لتوقيع العرائض ونقل الرسائل وفي غزة بادر الاحتلال إلى زيادة حملات القمع لمواجهة الانتفاضة المستمرة منذ سنتين وكان لحملة القمع اسم هو آرييل شارون(2) الذي عمد إلي فتح جادات بعرض ثمانين مترا داخل مخيمات اللاجئين لتمكين جنوده من التدخل بسرعة اكبر وكانت محصلة الحملة في مخيم جباليا تدمير 1800 منزل وإجلاء 17 ألف عن بيوتهم بالقوة.
في هذه الأثناء كانت حركة الاستيطان مستمرة في الأراضي المحتلة وفي الخليل تم تحويل المسجد الإبراهيمي بصورة جزئية إلى كنيس, وتم إقامة مستعمرة كريات أربع فوق أراضيها المصادرة, وكانت الجرافات جاهزة للبدء ببناء مساكن إضافية من الأراضي التي يتم مصادرتها في مدن القدس وبيت لحم ورام الله وغيرها من المدن الفلسطينية للمهاجرين الجدد. أما على الصعيد الاقتصادي فكان يتم توظيف الرساميل الإسرائيلية في الأراضي المحتلة طمعا في الأيدي العاملة الرخيصة وفي المقابل كانت الشركات العربية تصبح مدينة للصناعة الإسرائيلية كما كان يسمح للآلاف من الفلسطينيين بالانتقال صباحا للعمل في إسرائيل شرط العودة إلى الأراضي المحتلة عند المساء … وسط ذلك كله كانت الصحافة الغربية تدبج المقالات في مدح إسرائيل التي تحول الصحاري إلى جنان.
إن الأوضاع كهذه من شانها دك المعنويات لمواطنينا فساد الإرهاق شيئا فشيئا وقد فضل الآلاف من الفلسطينيين الهجرة إلى كندا وأوستراليا متى استطاعوا . وكان السؤال الذي يتكرر على شفاه هؤلاء؟
-علام الصمود والمخاطرة إذا كانت المعركة خاسرة سلفا وان في المرحلة الآنية؟
كيف نرد نحن مقاتلي الخارج فيما أدى الانهيار في الأردن إلى إبعادنا اكثر عن أرضنا الفلسطينية ؟الواقع إن اكثر من 70 في المائة من هجماتنا كانت تنطلق من شرق الأردن فبعد طردنا لم يعد بمقدورنا العمل على أطول حدود للمواجهة مع العدو. بقي جنوب لبنان الذي تحول بطبيعة الحال إلى جبهتنا الرئيسية. لكن الإحباط تغلغل أيضا في قواعد الفدائيين التي التحق بها الناجون من الهزيمة الأردنية وهم يعانون من الإرهاق والانهيار المعنوي, ولكن بالنسبة إلينا المتأثرين بحرب الفيتنام كانت ارض لبنان مثالية لمضاعفة حرب الغوار ضد إسرائيل فلا حواجز طبيعية يمكن الجيش الإسرائيلي إن يحتمي, فمنطقة العرقوب لا تقدم مجالا سهلا لتحرك الدبابات العدوة كما أنها على اتصال مباشر بسوريا عبر شبكة من الطرق في الجبال ويمكن في غضون ساعات إرسال مئات العناصر من درعا أو من قواعدنا في الشام , أما صوب البحر فيمكن مشاهدة سلسلة من التضاريس الوعرة تطل على الجليل ويسهل الانطلاق منها في عمليات ليلية,وأخيرا وجود جيش احتياطي كبير من اللاجئين(3) في الجوار الذي على الرغم من الهزيمة في الأردن نحتفظ ببعض الهالة والتأييد عندهم . ولكن من أين ينبع إحباط فدائيينا ؟
أولا من الحدود التي فرضتها اتفاقية 1969 بين المقاومة والسلطات اللبنانية وهي تقر فقط لمقاتلينا بحق عبور جنوب لبنان من اجل القيام بعمليات داخل إسرائيل وعدم إقامة قواعد دائمة في المنطقتين الوسطى والساحلية وممنوع إطلاق صواريخ الكاتيوشا من الأراضي اللبنانية وكان الجيش اللبناني يبدي حرصا زائدا الأمر الذي يؤدي إلى صدامات مستمرة ومضايقات وحواجز تفتيش عسكرية مما كان يحد من تحركاتنا وعمليات نقل الأسلحة وتشابك ذلك مع مشاكل عدة داخلية في صفوف المقاومة , فمنذ الصيف كان يندر وجود من لا يعترض صراحة على قيادتنا العسكرية داخل وحداتنا المقاتلة فلم يكن أحد نسي بعد التردد وأخطاء التقدير التي أدت إلى الكارثة النهائية في الأردن وكان اشد المنتقدين هؤلاء الذين كانوا تابعين لقيادة أبو علي اياد(4) ولم يكونوا يجدون العزاء لفقده لكن تمرد الفدائيين لم يكن ينبع فقط من الفشل والمرارة المتراكمين في العام 1971, كان يسود جو جديد إذ كان الكثيرون يطالبون بإعادة نظر جذرية في وسائل النضال ضد إسرائيل بدل القيام بالعمليات التقليدية يجب القيام بعمليات تضرب الإسرائيليين في القلب أو تطاول مصالحهم في العالم,لكن عرفات والضباط الأردنيين الذين التحقوا بحركتنا لم يكونوا يحلمون إلا بمزيد من "العسكرة" لفدائيينا. وكانت هناك مشاكل اكثر جسامة أيضا إذ أن عمليات الثار الإسرائيلية إزاء تزايد عمليات فدائيينا في الجليل الأعلى لم تتأخر فقد اخترق مغاوير الجيش الحدود اللبنانية مرتين في يناير 1972 وقتل عشرون فدائيا وكان العقاب الأكثر قسوة في شباط فاستعمل الإسرائيليون الطيران والمدفعية و المدفعية لقصف منطقة العرقوب واحتلالها لمدة ثلاثة أيام وتكبد فدائييونا نحو مائة قتيل , كذلك حصلت غارة جوية على مخيم النبطية, باختصار بدون أسلحة ثقيلة ومضادات طيران لقي مقاتلونا معاملة اكثر قسوة وكان مستحيل أن يقوم فدائييونا بردود صاعقة متشابهة نظرا للألغام والحاجز الكهربائي لم يكن لدينا للرد على أعدائنا سوى أرجلنا. وكان ضباط من العاصفة يأتون باستمرار شاكين أمرهم لأبواياد(5) فما كانوا يجهلون أن له اليد الطولى في اغتيال وصفي التل اكثر من أبو يوسف وهذا ما اكسبه شهرة اكبر فيما بينهم ,فلم يكن نادرا أن يأتي ضباط شباب من وحداتنا العاملة في الجنوب ليعرضوا عليه خدماتهم في بيروت قائلين"نحن نريد أن نتجند معك أبو اياد لاشك انك تخطط لبعض العمليات ونحن أنفسنا لدينا أفكار نستطيع مثلا اختطاف ضباط إسرائيليين من أي مكان في العالم فإذا أردت إنشاء فرق خاصة من الفدائيين يمكنك الاعتماد علينا .." فيجيبهم : حسنا جهزوا أنفسكم إننا في صدد شيء ما.
نشـوء تنظيم أيلولاسود
كان يخشى إزاء هذه العوامل المجتمعة أن يعمد عدد من فدائيي العاصفة إلى تركنا لتأسيس تنظيم جديد نوع من فتح ثانية كنت أنا وأبو مازن(6) وأبو اياد نتبادل الأحاديث في هذه المسالة وبعد هزيمة تموز التقى أبو اياد بهؤلاء الفدائيين وكان يصغي إليهم ويحاول أن يكون عما لهم, وبما أن هؤلاء من افضل العناصر الذين عملوا تحت إمرة أبو علي اياد فلماذا لا يوجه غضبهم ويستفاد منهم عبر جهاز عملياتي سري يرتبط بمخابراتنا وأجهزة مكافحة التجسس لدينا وكان أبو اياد قد وجد اسم هذا الجهاز :" أيلول اسود"(7).
في تلك الفترة عدنا أنا وأبو اياد وأبو مازن نتساءل كيف نعيد الثقة إلى محاربينا بعد كل تلك المحن التي ألمت بهم بالطبع فكرنا انه ليس باختطاف الطائرات كما تفعل الجبهة الشعبية ولا بالانتقام لضحايانا في الأردن كما فعل علي حسن سلامة ضد النظام الأردني, كما أننا رأينا أن التعرض للشركات الأوربية التي تتعامل مع إسرائيل لن يخلق مشاكل كبيرة لأعدائنا المباشرين ودان أبو اياد هذا التصرف باعتباره سيؤثر على مواطنينا المهاجرين بقلة ثقة الدول فيهم وبالتالي صعوبة إيجاد عمل. أما ما توصلنا إليه هو أننا يجب أن نوسع مسرح عملياتنا مع تحديد صارم للأهداف التي يجب اختيارها, واستنتجنا أن تركيز ضرباتنا على عملاء الموساد في أوروبا هو اكثر الأعمال فاعلية من كل النواحي . كان هذا الأمر ضروريا, في الأسابيع التي تلت مقتل وصفي التل وخصوصا في أعياد نهاية السنة كان عددا كبيرا من الشبان الفلسطينيين الذين يدرسون في أوروبا يأتون إلى لبنان في محاولة للاتصال ب"أيلول اسود" كما كانوا يؤكدون ,وكنا نتعجب لعدم عودة هؤلاء الطلاب لإكمال دراستهم أو زيارة أهاليهم, لم نتأخر في إيجاد السبب وذلك بفضل عاطف بسيسو(8) فقد اجبر الموساد بعضهم على استقاء معلومات حول نشاطاتنا في بيروت وهذا أعطاني فكرة :لم لا نجند هؤلاء الطلاب ونصنع منهم عملاء مزدوجين لنصل إلى الضباط المتعاملين معهم.
لم يوافقني أبو اياد بوابو مازن فحسب بل توصلنا الى المشروع الآتي:ان ننشئ على هامش جهازي الاستخبارات ومقاومة التجسس اللذين يديرهما أبو يوسف مجموعة "لمحاربة الموساد في أوروبا" وقررنا انه من الأفضل ان يعلم بها اقل عدد من القيادة. جولات في أوروبا استقلت من قيادة ميلشياتنا في لبنان حيث أعطاني ابو اياد المال لشراء الأسلحة اللازمة أما أبو مازن فقد ارصد لنا بعض المال كي نتمكن من فتح مخيم صغير للتدريب شمال صيدا. في نهاية حزيران ذهبت الى ألمانيا في طريقي لبلغاريا للتفاوض على شراء مسدسات تحتوي على كاتم صوت من أجل عملياتنا وإيجاد طريقة لتهريبها لخلايانا المنوي إنشاؤها في أوروبا وهناك علمت بالنبأ الفاجعة: استشهاد غسان كنفاني أحد أشهر كتابنا ومعه ابنة أخته الشابة في انفجار محرك سيارته أمام منزله. وفي أواسط شهر تموز 1972 ذهبت الى إيطاليا لمقابلة ابو اياد بناء على طلبه يرافقه فخري العمري ابو محمد(9) وقد قدم ابو اياد عرضا للعمليات التي كنا نخطط لها ضد عملاء الموساد : العملية الأولى متوقعة في بلجيكا لكن كان واضحا انه بالمقارنة مع الاعتداء البشع الذي ذهب ضحيته غسان كنفاني في بيروت قبل بضعة أيام لم تكن مخططاتنا الموجهة ضد الموساد لترضيه فعلا. فاقترح فخري الهجوم على مقر بعثة إسرائيلية في الخارج. أجاب أبو أياد:لا سنثير عداء الدول المضيفة إما تصفية عملاء الاستخبارات فهذا النوع لا يثير مشاكل,ان دول الغرب قد اعتادت بعض الشيء على حروب الظل بين عملاء استخبارات الشرق والغرب تحديدا. لكنني بدوري قلت:لا يمكننا الإصرار على القيام بحرب نظيفة ضد أعدائنا في حين ان الإسرائيليون لا يقيمون فرقا عندنا بين مدني وعسكري!سوف نفقد كل رصيدنا عند جماعتنا . سال عندها ابو اياد: وماذا تقترح؟ -لم يكن هناك من خطة معينة في ذهني لكنني كنت اعرف شيئا:لا يمكننا البقاء حيث نحن . كنت اشعر بشكل غامض ان شعبنا في ذلك الصيف ينتظر منا ان نشن حملة ثار لما يعانيه من الإسرائيليين في ما بلغناه من حالة التصعيد لن يفيدنا ان نقتل هذا او ذاك من العملاء الإسرائيليين ثارا لضحايا الشعب الفلسطيني أنا لا اخذ في الاعتبار يأس مقاتلينا الذين لا حيلة لديهم في الرد على طيران العدو بل المدنيون أيضا إذا لم نتجاوب مع رغبتهم في الثار ستكون نهايتنا في حركة فتح وسيأخذ مكاننا آخرون. - ثق يا أبو داود أننا في قيادة الحركة نعي هذه المشكلة لكن هناك معطيات أخرى في الحسبان فإذا كنا على الصعيد العسكري في اصعب الأوضاع إلا أننا نسجل ديبلوماسيا إنجازات مهمة عرفات مدعو للمرة الأولى من القيادة السوفيتية لزيارة موسكو.,كان متأكدا ان هناك اتفاقا لتزويدنا بمضادات طيران تزيد من إمكاناتنا الدفاعية. توقف النقاش عند هذه النقطة كان على ابو اياد ان يزور وائل زعيتر في روما , وأعطاني فخري العمري التعليمات حول الرشاشات المجهزة بكاتم صوت التي كان يجب ان اطلبها من البلغار
|
| | | الامير الاحمر
رقـــيب أول
الـبلد : العمر : 43 المهنة : تحري المزاج : هاديء قابل للأنفجار في أي لحظه التسجيل : 14/06/2008 عدد المساهمات : 376 معدل النشاط : 224 التقييم : 7 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: الطريق الى ميونخ الخميس 6 نوفمبر 2008 - 19:00 | | |
بداية الطريق لميونخ
التقينا ابو اياد لاحقا على رصيف مقهى في ساحة الروتوندا كنا نطالع الصحف الأجنبية والعربية وقد أغضبنا كثيرا ما قرأناه في إحدى المقالات الصغيرة ,إذ رفضت اللجنة الدولية للألعاب الأولمبية اشتراك فريق من الرياضيين الفلسطينيين في الألعاب الأولمبية التي ستجري في ميونخ(10) . لم يتعجب ابو اياد لقرار هذه الهيئة وقال : لقد بعثت منظمة التحرير برسالتين رسميتين الى اللجنة الأولمبية تطلب فيها إشراك لاعبينا في العاب ميونخ لكنها لم تتنازل وتبعث إلينا بأي رد فنحن غير موجودين بالنسبة إلى هذه المؤسسة المحترمة التي تدعي إنها غير سياسية. فعلق فخري قائلا: -عظيم بما انهم يرفضون مشاركة الفلسطينيين في الألعاب فلماذا لا نحاول الدخول بأساليبنا الخاصة إلى الحرم الأولمبي؟ فأساله ابو اياد: وماذا نفعل هناك؟ رد فخري: نحتجز الرياضيين الإسرائيليين. قال أبو اياد : أنت مجنون ! عندها قلت بدوري: لا فكرة ابو محمد ليست عاطلة بما أن الإسرائيليين لا يحترمون شيئا فنحن سنتصرف كذلك علاوة على ذلك ان كل رياضييهم من العسكر, ان المسؤولين وكوادر الإسرائيليين الرياضية والمدربين ,المعالجين والرياضيين يأتون عمليا من مؤسسة أورد وينغايت ,وتحوي تجهيزات هائلة قرب البحر شمال تل أبيب وبحسب ما يوحي اسمها يقوم بالمهمات الإدارية والتنظيمية فيها قدامى ضباط الاستخبارات أو ضباط فرق المغاوير الخاصة وتدرب فيها كل أنواع الرياضات ولكن يجري فيها بشكل خاص إعداد المصارعين وأبطال الرماية.
كان ابو اياد يلتزم الصمت لكننا شعرنا ان الفكرة التي قدمها فخري أثارت اهتمامه وبعد قليل خرج عن صمته:
بما أننا حرمنا حتى من الهدنة الأولمبية فما من سبب لاحترامها ففي مقابل اكبر عدد من الرياضيين والموفدين الإسرائيليين الذين سنتمكن من احتجازهم سوف نفرض إطلاق العدد الملائم من معتقلينا في إسرائيل في الحقيقة هذا المشروع لا يشكو من شيء !
ثم استدار نحوي وقال:ميونخ تقع على طريقك الى بلغاريا من المفيد ان تقوم باستكشاف أولى … طبعا لا تنبس ببنت شفة لأي كان عن هذا الموضوع هل هذا واضح ؟
قلت:لن يكون هذا صعبا علي لكن لابد ان نكلم ابو مازن من اجل المال اللازم للعملية. بالطبع ان احتجاز الرياضيين والموفدين الإسرائيليين لم تنبت فجأة من رؤوسنا فقط لان اللجنة الأولمبية تعاملت معنا كأننا غير موجودين بل أننا كنا ننوي الاستفادة من حضور وسائل الإعلام الدولية طوال فترة المسابقات كي نعطي قضيتنا صدى عالميا عندها سيطلع كل بيت في العالم على المأساة الفلسطينية .
سلكت الطريق الى بلغاريا وذلك في 17 تموز على الاوتوستراد كنت انطلق مسرعا قدر المستطاع, قلت في نفسي لايزال لدي وقت كاف لامضي نصف النهار على الاقل في ميونخ. وصلت المدينة البافارية وبدأت فورا البحث عن خريطة مفصلة للمدينة واستحوذت على الوثائق المتوافرة وحتى تلك التي تخص الاولمبياد مثل لائحة الفنادق ومخطط وسائل النقل في المدينة وكتيبات عن توقيت الرحلات الجوية كما باشرت بالتعرف على شبكة المواصلات المحلية. لم اجد صعوبة في العثور على المجمع الأولمبي شمال المدينة, بدت ورشة ضخمة لم تنته الأعمال فيها وكانت القرية الأولمبية قائمة في جهتها الشمالية وهي التيس كانت تهمني أكثر كانت تبدو مثل مدينة منامة مؤلفة من ابنية تذكر بالأهرامات وايضا من ابنية اصغر وأقل ارتفاعا تتعرج فيها ممرات من الباطون على مستويات مختلفة ,وشلالات صغيرة وألوف الأشجار في تلك الساعة لم تكن القرية سوى خلية عمل ناشطة في طوابق الأبنية وفي الأقبية وحتى في عرض الممرات كان من المستحيل أن أتصور كيف سيبدو المكان حين تبدأ الألعاب وبالأخص كيف سيتم تأمين الحراسة على محيط القرية فانطلقت في تلك الأمسية الى بلغاريا. تقابلت مرة أخرى مع ابو اياد يرافقه فخري العمري في صوفيا وبالطبع تناقشنا في مواضيع كثيرة كالبلاغ الذي سيسلمه الفدائيون الى السلطات الألمانية بعد ان يكونوا قد احتجزوا أكبر عدد ممكن من الإداريين والرياضيين الأسرائيليين واللائحة الدقيقة التي يجب ان تدونها استخباراتنا بما لا يقلل عن مئتي فلسطيني معتقل في إسرائيل والذين سنفرض إطلاق سراحهم وما يلزم من التدريبات الخاصة التي يجب ان يقوم بها رجالنا الذين سيشاركون في العملية. وبعد انتهاء عمله غادر ابو اياد وفخري الطائرة سوية إلا أنني اتفقت مع فخري على موعد في بداية الأسبوع المقبل أكون عندها في ميونخ ليلحق بي هو و رفيق الآخر.
استطلاع أولى لبنيةالعملية
يوم 7 آب وصل كل من فخري ورفيق آخر يدعى تشي(11) الى ميونخ. كان تشي واسمه يوسف نزال أحد ضباط العاصفة الشبان كانت قاعدته قرب النبطية وكان ممن يقومون بعمليات خلف الحدود مع إسرائيل وقد تدرب على يد أبو علي اياد وكان معه في تلال جرش وعجلون ونجا من الكارثة النهائية وأخيرا كان في عداد القادة الذين رأيتهم في بيروت بعد غارات الطيران الإسرائيلية في شباط 1972 وهم يتوسلون لأبواياد القيام بتنظيم شيء ما في مكان ما ليردوا الصاع صاعين, وهو مدعو لتسلم زمام القيادة العسكرية لفرقة الفدائيين الذين نتوقع إرسالهم الى ميونخ كان هذا الخيار جيدا , بما انه حاذق ومقاتل ممتاز في الوقت نفسه.
أما السلبية الوحيدة فهي ان تشي قصير القامة جدا وهذا عائق أكيد بالنسبة له ولزملائه عندما يضطرون لتسلق السياج الذي يعلو مترين ويحيط بالقرية .
قمت أنا ورفيقاي بزيارة المكان في وقت كانت الأعمال مازالت مستمرة وذهبنا لتفحص الشباك المعدنية عن كثب كنا متأكدين انه بغية الوصول إلى أي مكان داخل القرية لابد من تسلق السياج الحديدي العالي,لم يكن من الصعب تسلق السياج تدخل طرف حذائك في عينيات الشباك وتستند عليها ولكن المشكلة كانت انه بهذه الطريقة وتحت وزن الرجال والحقائب سوف يهتز السياج ويصدر صريرا وهذا غير مرغوب فيه لعملية تتطلب صمتا تاما .
قلت ليوسف: لا أرى سوى حلا واحدا, يجب ان تتدربوا على تسلق رجل بطولي تقريبا مثل أهل السيرك عندما يبنون أهرامات بشرية إذا تعلمتم ذلك يصبح الانتقال الى الجهة المقابلة سهلا بما انه يوجد عشب في الجهة الثانية .
|
| | | الامير الاحمر
رقـــيب أول
الـبلد : العمر : 43 المهنة : تحري المزاج : هاديء قابل للأنفجار في أي لحظه التسجيل : 14/06/2008 عدد المساهمات : 376 معدل النشاط : 224 التقييم : 7 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: الطريق الى ميونخ الخميس 6 نوفمبر 2008 - 19:03 | | |
الخطة العسكرية للعملية
شيئا فشيئا بدأت ترتسم معالم خطة العمل: ساعة تسللهم الى القرية الأولمبية يكون كل الفدائيين بثياب الرياضة وحتى إذا انتبه لهم لسوء حظهم الحراس فسيبدون وكأنهم رياضيون قفزوا فوق السور عائدين الى مقرهم وهذا يلغي تلقائيا مسالة ما اذا كان يجب ان يصل الفدائيون تلك الليلة كل من جهته او في مجموعات من اثنين او ثلاثة الى نقطة تجمع قرب السياج :سوف يتقدمون سويا مثل أي بعثة تعود بعد قضائها السهرة في المدينة كما اتفقنا ان عشرة رجال يكفون لاحتلال شقق الرياضيين الإسرائيليين الذين سيفاجئونهم خلال نومهم ,وسيحمل كل رجل بندقية أ.ك.47 وقنبلة يدوية لم نكن نعلم بالضبط عدد الرياضيين الذين سترسلهم إسرائيل إلى الألعاب لكن حسب المعلومات التي حصل عليها فخري كنا نقدر عددهم بخمسة عشر يجب ان نضيف إليهم عددا مماثلا من المدربين والحكام والمسعفين على اختلافهم ,عشرة رجال لمراقبة ثلاثين محتجزا في عملية كنا نتوقع ان تدوم عدة ساعات كان هذا أمرا معقولا .
على أي حال كان تشي يقول لنا أن ليس في إمكاننا أن نفعل أكثر من هذا اذ علينا لن نحتاط بعدد اضافي من الرجال كي نعوض عن بعض تخلفات اللحظة الأخيرة الدائمة الإحتمال أثناء التدريبات أو في حال منع البعض من الدخول بسبب الجوازات المزورة .
في تلك الفترة لم يكن لدينا أكثر من خمسين متطوعا في مخيمنا في لبنان أكثر من ثلثهم مجندا لهذه العملية وقد كانت هناك مهمات أخرى نخطط لها في الأسابيع المقبلة.
وبالنسبة لتاريخ القيام بالعملية فقد قررنا ان ندع عدة أيام تمر بعد افتتاح الألعاب الرسمي في 26/8/1972 قبل ان نتحرك بذلك نستفيد من هذا الوقت لمراقبة الإجراءات الأمنية التي سيتخذها الألمان والتعرف على شقق لإسرائيليين.
في هذه المرحلة لم نكن نستطيع الذهاب إلى أبعد من ذلك في تقديراتنا, قضينا أنا وفخري وتشي الوقت المتبقي في درس كل أنواع الطرقات التي تؤدي الى القرية الأولمبية وفي تحديد فنادق مختلفة في ميونخ نوزع عليها رجالنا اثنين اثنين ومقاه أو مطاعم في المدينة سيمكث فيها كل منا في الساعات التي تسبق العملية وفي تاريخ 12/8 رحل فخري وتشي إلى ليبيا حيث كان يجب أن يوافيهما إلى أحد مخيماتنا فدائيونا الشبان الذين تم اختيارهم في مخيمنا الرئيسي في لبنان من اجل القيام بتدريبات مكثفة .
رسم الأهداف منالعملية
من ناحيتي أنا عدت إلى بيروت التي غبت عنها شهر ونصف الشهر وقابلت أبو اياد الذي اخذ مني جواز السفر ويحتوي على التأشيرة الألمانية وذلك لفحصه من قبل خبراؤنا ويضعون نسخا منها على كدسه جوازات أردنية مزورة من اجل الفدائيين المختارين للعملية .
من جهتي عرضت عليه مخطط العملية الذي وضعته أنا وتشي ,كان أبو اياد مهتما بالإجراءات التي يجب اتباعها بغية تبادل المحتجزين بأولئك الذين كنا ننوي تحريرهم في إسرائيل اكثر مما كان يهتم بتفاصيل الشق العملياتي من الهجوم على القرية الأولمبية الذي عهد فيه إلينا. كنا نتصور مسبقا عناد غولدا مائير لذا كنا نفكر في صيغة تراجع في حال رفض إنذارنا النهائي, في الواقع سوف يطالب الفدائيون في البداية ان يتمكنوا من السفر مع محتجزيهم الى وجهة يحددونها في حينه كنا نفكر في مصر لكن ما من شيء يمنعنا من إضافة بلدان أخرى سوف يعتقل هناك الرياضيون الذين نكون أسرناهم بصفتهم مواطنين من بلد عدو ويحررون فقط عند قبول السلطات الإسرائيلية القيام بالمبادلة وفي أسوأ الأحوال, وإذا وجدنا انهم شبه عسكريون كي لا نقول انهم عسكريون بصفة كاملة لن يكون عندها مصيرهم مختلفا عن مصير مقاومينا الفلسطينيين المعتقلين في إسرائيل.
بدأ التنفيذ
صباح 4/9 أعطيت الإشارة للاستعداد فاتصلت باكرا بتشي ومحمد في فندقهما أعلمتهما قائلا :نلتقي في المحطة بعد الظهر , وكنت قد اشتريت قبل يومين ثماني حقائب رياضية وبذلات تدريب كما اشتريت الكثير من الجوارب ليستعملوها كغطاء للرأس وعدة امتار من الحبال وسكاكين وأمواس حلاقة وعدة للإسعافات الأولية ومؤنه من المعلبات الغذائية تكفيهم ليومين أو ثلاثة تقريبا ,
والتقيت لاحقا قائدي المجموعة في المحطة وهما كانا قد ذهبا لتناول الغداء مع الرجال الذين وصلوا مساء أمس وأعادوهم بعدها إلى فنادقهم ,توجهنا نحن الثلاثة لأخذ حقائب الأسلحة المخبأة في خزانات الودائع ثم أخذناها إلى فندقي المعتاد "ادن والف" وقمنا بتوضيب الأسلحة في الحقائب الرياضية كل رشاش لكل حقيبة مع مخازن الرصاص وقنبلة او قنبلتين كما أضفنا السندويشات التي قمت بتحضيرها وبقية المؤونة التي اشتريتها في الصباح ومن ثم قمنا بتوزيع الحقائب على الفدائيين كل ثلاثة فدائيين في فندق منفصل عن بقية الفدائيين وبعد ان انتهينا حددت لهما موعدا الساعة التاسعة مساء للحضور مع الرفاق الستة يدفعون ايجار غرفهم ويتأكدون من عدم تركهم فيها أي شيء يثير الشبهات.
وفي الوقت المحدد حضر أفراد المجموعة وكانوا جميعهم قد لبسوا البذلات الملونة التي اشتريتها, فذهبنا مباشرة إلى مطعم المحطة الذي يبقى فاتحا أبوابه طوال الليل.
بإستثناء القائدين لم أكن أعرف أحدا من هؤلاء الفدائيين القادمين جميعهم من مخيمات لاجئينا في لبنان,لكنني لم أكن متأكدا من أحدا منهم لم يرني من قبل أثناء ترأسي "الشعبة 48" أو على رأس ميليشياتنا في لبنان,على أي حال قدمني تشي بأنني برازيلي أساعد الثورة الفلسطينية وحرصت بالتالي ألا أتكلم العربية.
وكما تفرض القاعدة في هذا النوع من العمليات كان هؤلاء الشبان الذين تلقوا تدريبا مكثفا في ليبيا يجهلون كل شيء عن حقيقة المهمة التي تنتظرهم لذا كان العرض الذي قام به قائدهما لهذه المهمة أثناء الأكل طويلا جدا من جهتي تدخلت قليلا مكتفيا بالتحقق عن استيعابهم الكامل للأمور التي تناقشنا فيها أول أمس.
لكنني في النهاية تكلمت موضحا بعض النقاط الأولى وقد شددت عليها قبل يومين: التعليمات تقضي ليس بقتل الأعداء بل بأخذ اسرى وبعمل كل ما يمكنهم لإبقاء الأسرى على قيد الحياة.
كذلك شددت على اعلامهم بأنه على الارجح قد لا يتمكنون من الحصول على إطلاق جميع المعتقلين وقلت لهم ليس العدد هو المهم, المهم أن تقبل إسرائيل بمبدأ المبادلة كما حذرتهم من بعض الافخاخ التي قد تنصب لهم: لاتدعونهم يخدعونكم بالاعتبارات الانسانية ولا تقبلوا بأي وساطة للصليب الأحمر وتابعت قائلا على أنكم لا تستطيعون رفض طلب الألمان للتحقق من وضع أسراكم لكن بإستثناء هذه الحالة التي يجب ألا تكرر وبشرط ان يقوم بها مسؤول رفيع المستوى لن تسمحوا لاحد اطلاقا بالدخول إلى الشقة التي تسيطرون عليها.
انهيت حديثي بلفت إنتباههم إلى وسائل النقل الي ستعرض عليهم لتقلهم إلى الطائرات التي ستوضع في تصرفهم كي يغادروا البلاد:إذا قدموا لكم باصات يستغرق وصولكم الى مطار ميونخ اربعين دقيقة اما اذا قدموا مروحيات فلن يلزمكم سوى مابين خمس إلى عشر دقائق فإذا كانت أوقات الإنتقال أطول مما أشرت اليكم فهذا يعني انهم يأخذوكم الى مكان آخر ان فخا ينصب لكم.
كانت الساعة الثانية والنصف صباحا عندما تركنا المطعم وطلبت من الجميع إعطائي جوازات سفرهم,وألا يبقوا معهم أي شيء يدل من أين أتوا, صعدنا في تاكسيات وإتجهنا الى القرية التي نزلنا على مسافة من المدخل الغربي كنا نريد التأكد ان كل شيء يبدو طبيعيا في المكان حيث كان علي ان أقوم بدور الارتكاز كي يعبر الجميع السياج المعدني الذي يعلو مترين ويحيط بالقرية.
الأسبوع المنصرم أتيت انا وقائدي الفدائيين عدة مرات لاستكشاف المكان وهو على مقربة من المدخل الغربي الذي لا يبقى مفتوحا في العادة إلا حتى منتصف الليل. وعندما حضرت نفسي لأساعد الرجال في العبور رأينا على بعد عشرات الأمتار منا مجموعة من الناس تخرج من المبنى ثم آخرون يغنون ويقهقهون , وصرخ تشي:أمريكيون.
فأسالته:هل أنت متأكد؟قال :بالطبع مع هذه النبرة واللهجة المماثلة لا يمكن أن أخطي.
هاهم يصلون الى مدخل القرية والأبواب مقفلة بعض منهم بدأوا يحاولون تسلق السياج المشبك,كان هؤلاء من الرياضيين العائدين الى شققهم.
قلت لتشي:بسرعة لنلحق بهم ! اخبر الجميع إلا أنني شعرت انه متردد فالسياج عند المدخل أعلى مما حيث كنا.
فاستدركت قائلا:إسمع هذه فرصة ذهبية مع كل الضجة التي يحدثونها من الأفضل ان نندس بين هؤلاء الرياضيين
وفي حال وجود من يراقبنا لن يلاحظنا أحد.
لم نختلط بمجموعة الأمريكيين فحسب بل ساعدناهم أيضا في تسلق شباك المدخل, فشكرونا ظانين أننا فريق من الرياضيين,هكذا قمت أنا واثنين من الفدائيين برفع بعض منهم إلى فوق على أيدينا وأكتافنا والجميع يتابع الضحك والغناء وعند بلوغهم أعلى السياج لم يترددوا في مد يد العون إلى رجالنا وكانوا يصرخون:يا هذا اعطني حقيبتك!
وتشي الذي كان يفهم بالإشارة يجيبهم :أوكي ,أوكي ….
كان المنظر خياليا ان ترى هؤلاء الأمريكيين -الذين بالطبع لا يشكون إطلاقا في انهم يساعدون مجموعة من فدائيي "أيلول اسود" الفلسطينيين في الدخول إلى القرية الأولمبية – يمدون أيديهم يأخذون حقائبنا المليئة بالأسلحة ويضعونها على الجهة الأخرى من السياج.
كانت الساعة قد قاربت الرابعة صباحا, وكنت أميز رجالنا بصعوبة في ظلام الليل لكنني استدللت عليهم بصيحات الأمريكيين , ورأيت فدائيينا ينفصلون عنهم شيئا فشيئا ويتجهون بشكل مفاجئ نحو اليمين. قلت في نفسي جيد بعد بضع دقائق يبدأون أما انا فابتعدت بسرعة.
عدت الى فندق متروبول في الرابعة والنصف حيث لم أتمكن من النوم كنت من وقت لآخر أدير الراديو أحاول ان استمع الى نشرات الأخبار ولكن لم يكن هناك سوى الموسيقى قضيت هكذا ساعة ثم ساعتين وفي أخبار الساعة السابعة لم يكن هناك من أخبار عن عمليتنا, هل يمكن ان يكون فدائيونا قد فشلوا ؟
كنت قد اتفقت مع تشي ومحمد مصالحة على أنني في جميع الحالات سأذهب باكرا في بين الساعة الثامنة والتاسعة الى محطة الباصات مع جوازات سفر الجميع حتى إذا فشلت العملية وتمكنوا من الخروج من القرية ينتظرونني هناك فأحاول عندها إخراجهم من البلاد.
|
| | | الامير الاحمر
رقـــيب أول
الـبلد : العمر : 43 المهنة : تحري المزاج : هاديء قابل للأنفجار في أي لحظه التسجيل : 14/06/2008 عدد المساهمات : 376 معدل النشاط : 224 التقييم : 7 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: الطريق الى ميونخ الخميس 6 نوفمبر 2008 - 19:05 | | |
إلا انه في أخبار الساعة الثامنة ورد الخبر:خمسة رجال مسلحين – من الفلسطينيين كما حدد الخبر – اقتحموا قبل الفجر بقليل شقق البعثة الأولمبية الإسرائيلية وقد قتل إسرائيلي واحتجز ثلاثة عشر آخرون وقد هدد الفدائيون في بلاغ إلى السلطات الألمانية بقتل الرهائن إذا لم يفرج عن عدد من المعتقلين الفلسطينيين في إسرائيل وعن أشخاص آخرين. قلت في نفسي:لقد قضي الأمر, عملية "أكرت وكفار برعم" قد انطلقت.
بعد سماعي مقتطفات الأخبار هذه,أثارت حيرتي ثلاثة عناصر فيها أولا بدا لي أن عدد الإسرائيليين المحتجزين قليلا:ثلاثة عشر وهو اقل من نصف ما كنت أتوقعه, ثم هناك الرجل الذي قتل:لماذا ؟وفي أي ظروف. أخيرا جرى الكلام عن مجموعة من خمسة فلسطينيين وليس ثمانية هل أخطأت الشرطة الالمانية في تقديراتها؟أم وجد ثلاثة من رجالنا في حمى المعركة مفصولين عن بقية الفدائيين؟ أسرعت إلى المحطة لعل الرفاق الثلاثة ينتظرونني هناك إلا أنني لم أرى أحدا وفكرت قائلا: لابد ان الرجال معا والشرطة تجهل قوة مجموعتنا الحقيقية.
كانت الساعة تجاوزت التاسعة لم أكن أشك ان الفدائيين قد اعطوا المهلة الاضافية النتفق عليهاحتى الظهر. عند أخبار الساعة العاشرة استمعت إلى أل"بي بي سي" يبدو ان الأمور كانت تحدث وفق السيناريو الذي تخيلناه فقد مددت المهلة المحددة إلى الظهر وقامت بعثة مؤلفة من وزراء بافاريين ومصري من أعضاء اللجنة الأولمبية وألتقوا أحد مسؤولي الفدائيين وكان الأخير على اتصال دائم مع السلطات الألمانية عبر شرطية مترجمة.
إلا أن عدد الأسرى لم يكن سوى عشرة إذ تمكن اثنان من الفرار وليس ثلاثة عشر كما أذيع في السابق. من جهة أخرى تأكدت وفاة أحد الإسرائيليين وأعطت الإذاعات اسمه عند الساعة الحادية عشرة موشيه وابنبرغ مدرب فريق المصارعة,كنت مقتنعا بأنه لم يقتل عمدا فهو من هؤلاء الرياضيين الذين حتى مجردين من السلاح يستطيعون عرقلة الفدائيين . كنت لا أزال في شارع المحطة جالسا في أحد المقاهي حيث يوجد تلفزيون وشاهدت ما كانت تبثه المحطات الألمانية كانت تبث وتكرر صور المبنى 31 ومحيطه هكذا رأيت رياضيين مزيفين ممدين على سطوح المباني المجاورة أو متنقلين من شرفة لأخرى ببذلات التدريب يحملون بنادق بنظارات مقربة:انهم قناصة الشرطة الألمانية ,كذلك كانت تبث صورا مؤثرة تظهر محمد مصالحة عرفته من قبعة الشاطئ وبذلته السافاري وهو يتكلم مع الشرطية المترجمة أمام مدخل المبنى 31 لاحظت في هذا الشأن ان رجالنا لم يحتاجوا الى كسر باب المدخل الزجاجي لأنه لم يقفل بالمفتاح في الليلة السابقة وقد أجرى أحد الصحافيين حديث مع أحد الإسرائيليين الذين تمكنوا من الفرار من فدائيينا وكان يمني الأصل :لحظة نجاحه في الهرب من بين مجموعة من الأسرى – كلهم رافعي الأثقال أو المصارعين – أثناء قيام رجالنا بنقلهم إلى الشقة عند زاوية المبنى كان موشيه واينبرغ(14) بينهم .بحسب شهادة هذا الإسرائيلي تأكدت انه لا بد ان يكون حصل بعد ذلك حادث خطير بشكل كاف ليجبر فدائيينا لقتل ذلك الأسير.
في هذا الوقت انتهت المهلة الثانية المحددة ظهرا وكانت التقارير التلفزيونية تقول أن محمد الخطيب وهو مصري مدير مكتب الجامعة العربية في بون نقل عرضا إلى الفدائيين بفدية غير محددة ومبادلة الرهائن بشخصيات ألمانية رفيعة المستوى تحل محلهم ولم أتفاجأ حين علمت ان رجالنا قد رفضوا العرض وأشير أيضا ان مجلس الوزراء الإسرائيلي عقد اجتماعا في الصباح ولكن غولدا مائير لم تأت على أي ذكر لإطلاق سراح محتمل للمعتقلين , الوضع كان متأزما ومع هذا أعطى الفدائيون مهلة أخيرة لساعة باديء الأمر ثم حتى الساعة الثالثة بعد الظهر.
قررت عند هذا الذهاب الى الحديقة الأولمبية وكانت الألعاب مستمرة كأن شيئا لم يكن وفي المقابل كانت القرية الأولمبية ومحيطها تحت الحصار وفي أقرب نقطة من المدخل الغربي حيث تم إدخال الفدائيين كان الصحافيون يتسلقون أي شيء بغية تسليط عدساتهم على مؤخر المبنى 31 وتجمعن ايضا جمهرة من المتسكعين على ربوة يمكن منها رؤية المبنى فاندسست بين هؤلاء.
لم تكن الطوافات تكف عن الدوران لكن الجو كان بعيدا عن التوتر وأعلنت الإذاعات أن طعاما أوصل للرهائن وأن المهلة النهائية مددت للساعة الخامسة.
كان هناك انطباع بان تسوية قد تحصل بين السلطات الألمانية والفدائيين على الرغم أننا نسمع من الراديو رفض الحكومة الإسرائيلية رفضا قاطعا الموافقة على أي إطلاق للمعتقلين الا ان هذا الانطباع انعكس فجأة منتصف بعد الظهر إذ تأكد مقتل ضحية ثانية من بين الإسرائيليين المحتجزين واسمه جوزيف رومانو(15) رافع أثقال ,كنا نقترب من المهلة النهائية التي حددها رجالنا , رأيت عند الساعة الرابعة والنصف المصفحات المزودة بالرشاشات تدخل القرية وبعد نحو خمس عشرة دقيقة حصلت حركات سريعة جامحة لرجال شرطة يلبسون السترات الواقية ومن بين الكثيرين المتجمعين حول القرية راجت فكرة بأننا لم نعد سوى على بعد دقائق من خاتمة مأسوية,وإذ تخطى الوقت الساعة الخامسة لم تسمع أي طلقة وأعلنت النشرات الإذاعية ان وزير الداخلية هانس غينشر كان يتفاوض مع الفدائيين وانه تمكن من محادثة ورؤية الرهائن ,في الخامسة والنصف خفت حدة الإجراءات الأمنية واخذ بعض المروحيات يحط بالقرب من القرية وبعد نصف ساعة بدأوا للوهلة الأولى بذكر التحضيرات لرحيل الفدائيين مع رهائنهم على متن طائرة من شركة لوفتها نزا.
في هذا الوقت أعلن عن تأجيل مباراة ألمانيا الاتحادية مع المجر بكرة القدم الى الغد وقد استطعت من حيث اقف مشاهدة عشرات ألوف من المتفرجين وهي تتجه بصمت إلى محطة المترو كان مشهدا مؤثرا وفي القرية انخفض التوتر فقررت عندها التوجه والعودة الى المدينة إذ كان يجب ان احجز على إحدى رحلات اليوم التالي الى تونس عبر روما قبل ان تقفل مكاتب الطيران.
فور عودتي الى الفندق طلبت من البواب تحضير الحساب لأنني انوي السفر في الصباح وقرب مكتب الاستقبال كان بعض الزبائن يشاهدون التلفزيون فبقيت برفقتهم لبعض الوقت .
في اخبار التاسعة مساء:لقد قدم الطعام مجددا بعد الثامنة بقليل إلى المحتجزين مع رجالنا.
من الفندق تمكنت من مشاهدة التلفزيون ,بحسب ما كانت تعرضه المحطات الألمانية كانت التحضيرات من اجل رحيل رجالنا مع رهائنهم تسير على قدم وساق المخططات تظهر المروحيات التي ستنقلهم الى المطار و الباص الذي سينقلهم أولا الى المروحيات وبعض الكاميرات مسلطة على مدخل المبنى 31 وواجهته التي تنيرها اضواء الشرطة الكاشفة وفي إحدى اللحظات رأينا حتى الرهائن التسعة يظهرون على احدى النوافذ ثم يتقدمون الى إحدى الشرفات كانت أيديهم موثقة خلف ظهورهم .
عندما رأيت كل تلك الصور, لم أكن تخيل أبدا ان السلطات الألمانية كانت تتظاهر بلعب ورقة الإقلاع الى مصر بغية تحضير افضل للفخ الذي كانت تنصبه لرجالنا لكن عندما يرى رجال الشرطة الأسرى يخرجون من المبنى وهم مقيدون الواحد تلو الآخر ورفاقنا الثمانية وليس الخمسة كما تعتقد الشرطة ملتصقين بهم مشكلين مجموعة متراصة لم يكن عندي شك انهم سيستنتجون انه بات مستحيل الإيقاع بهم إلا إذا أرادوا قتل الجميع, صعدت الى غرفتي وعدت الى الاستماع لمحطات الإذاعة ولم تكن الساعة قد تجاوزت العاشرة مساء عندما غالبني النعاس إلا أنني بقيت مستيقظا وسمعت نشرة العاشرة تقول أن الفدائيين وأسراهم صعدوا في الباص لكنني لم اسمع الملحق بعد نصف ساعة ينبئ بمغادرتهم القرية على متن المروحيتين ولا ملحقات الساعة الحادية عشرة وما بعدها والتي ذكرت أولى الإشتباكات في مطار فورشتنفلد العسكري حيث كان سيقلع رجالنا وأسراهم بإتجاه القاهرة.
|
| | | الامير الاحمر
رقـــيب أول
الـبلد : العمر : 43 المهنة : تحري المزاج : هاديء قابل للأنفجار في أي لحظه التسجيل : 14/06/2008 عدد المساهمات : 376 معدل النشاط : 224 التقييم : 7 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: الطريق الى ميونخ الخميس 6 نوفمبر 2008 - 19:12 | | |
النهايــة المأساويــة
كانت الساعة الخامسة أو السادسة صباحا عندما استيقظت مذعورا لا اذكر لأي إذاعة كنت استمع لكنهم كانوا يتكلمون والكلام مرعب:كل الرهائن قتلوا كذلك خمسة من رجالنا الثمانية إضافة الى شرطي وقائد مروحية ألمانيين
وهذا مخالف للاتفاق الذي تم التوصل إليه قبل بضع ساعات و تداولته كل الإذاعات فقد كان هناك فخ منصوب في مطار فورستنفلد بروك.
وقد أذاعوا التفاصيل: ما ان هبطت المروحيتان حتى بدا إطلاق النار استمرت المعركة ثلاث ساعات ليس هناك أدنى شك حول من كان المبادر الى فتح النار قناصة الجيش الألماني كما اعترف الدكتور برونو ميرك وزير داخلية مقاطعة بافاريا دون مواربة عندما استصرحه الصحافيون في الصباح الباكر. وذكى كلامه نظيره في الحكومة الاتحادية هانز غينشر قائلا:لم يكن أمامنا خيار آخر" في النهاية ولسوء حظ الرهائن التسعة ورفاقنا الخمسة أذعنت السلطات الألمانية لأوامر غولدا مائير.
لكنه لم يكن لدي وقت للاستماع الى المزيد علي مغادرة الفندق بأسرع وقت ممكن كنت اجهل هوية الناجين الثلاثة من فدائيينا الذين أصيبوا بجراح فإذا كان بينهم تشي ومحمد مصالحة ونجحت الشرطة الألمانية في إجبارهم على الكلام بعد تعذيبهم بشتى الطرق كنت أخشى أن يأتوا ويلقوا القبض علي في أي لحظة.
بعد ساعة كنت في مطار ميونخ-رايم لكنني كنت خائفا إذ احمل في حقيبتي جوازات سفر الفدائيين الثمانية وان يتم تفتيشي حسب الأصول, فهناك الكثير من رجال الشرطة في المطار وتخليت كل الاحتمالات كنت أخشى لحظة تدقيق جواز سفري إذ ان عليه الإسم الذي نزلت به بالفندق في الغرفة 330 سعد الدين والي لكن لم تحدث أي عرقلة عندما وصلت اللحظة المقدرة إلا أنني عندما تخطيت هذا العائق وكنت أنتظر في غرفة المسافرين لم أحاول الاستماع للراديو حتى لا الفت أي انتباه في المطار ماهو شعوري أخيرا عندما صعدت إلى الطائرة؟.
كنت حانقا لخبث الألمان كانوا قد أعطوا كلمتهم ثم نكثوا بها تلك المجزرة على مطار فورشتنفلد بروك ليست ما كنا نريد والبرهان الوافي على ذلك موقف رجالنا الذين كانوا دائما يؤجلون موعد انتهاء المهلة التحذيرية إلى وقت لاحق بهدف المحافظة على حياة رهائنهم .
لكنني في الوقت نفسه كنت اشعر بالاعتزاز فحتى الآن وعلى الرغم من بسالة الفدائيين وروح التضحية عندهم-وهذا ما أظهرته معركة الكرامة ولكن من يتذكرها؟
- لم يكن أحد يعترف للفلسطينيين بشجاعتهم في القتال فقد كان فدائيونا صلبين.
|
| | | محب الله ورسوله
مســـاعد أول
الـبلد : المزاج : رايق في اصعب الاوقات التسجيل : 25/10/2008 عدد المساهمات : 529 معدل النشاط : -2 التقييم : 2 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: الطريق الى ميونخ الأحد 16 نوفمبر 2008 - 18:23 | | | مجهود يستحق الشكر بارك الله فيك |
| | | الامير الاحمر
رقـــيب أول
الـبلد : العمر : 43 المهنة : تحري المزاج : هاديء قابل للأنفجار في أي لحظه التسجيل : 14/06/2008 عدد المساهمات : 376 معدل النشاط : 224 التقييم : 7 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| موضوع: رد: الطريق الى ميونخ الخميس 20 نوفمبر 2008 - 9:15 | | | حياك الله الامير الاحمر |
| | | الامير الاحمر
رقـــيب أول
الـبلد : العمر : 43 المهنة : تحري المزاج : هاديء قابل للأنفجار في أي لحظه التسجيل : 14/06/2008 عدد المساهمات : 376 معدل النشاط : 224 التقييم : 7 الدبـــابة : الطـــائرة : المروحية :
| | | | |
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|