يوسف الكويليت
مع انقسام العرب بين الشرق والغرب، كان كل
سلاح يأتي من الاتحاد السوفيتي للبلدان العربية الصديقة والحليفة له تبالغ
في توصيفه وقدراته التدميرية، وتفوقه على أسلحة الامبريالية الغربية
الممنوحة لإسرائيل، وقد عشنا على هذه الأوهام ليأخذ الغرب وأمريكا هذه
الذرائع بتسليح إسرائيل بأحدث مالديهم، ولم يكتفوا بذلك، بل انشأوا صناعات
عسكرية متقدمة أوصلتها إلى الاكتفاء الذاتي بما فيها بناء مفاعل «ديمونة»
الذي كان بداية إنتاج أكثر من مائتي رأس نووي، لكن الفاجعة جاءت مع هزيمة
١٩٦٧م، وكانت طائرات الميراج الفرنسية لها الدور الأساسي في تلك الهزيمة
المدوية..
بعد السلاح الأوروبي، تولت أمريكا إكمال مهمة دعم إسرائيل مادياً
وعسكرياً، وتعاوناً في المسائل التقنية العالية، لتصبح أحد أهم مصدري
الأسلحة للعديد من الدول بما فيها المتقدمة، ودول قادمة كالصين والهند،
وعندما أنهت إسرائيل التوازن العسكري مع العرب وفرضت عليهم الحياد التام،
واعتبار آخر الحروب ما جرى عام ١٩٧٣م وصارت تهتم فقط بما يجري على الأرض
العربية من مخاطر المنظمات الإسلامية، والتي تعتبر الحرب معها مقدسة، ومع
ذلك نجحت بأن تسخر آلتها الإعلامية بما وفر للرأي العام العالمي «فوبيا»
الإسلام والمسلمين، ساعدها في ذلك ما جرى من أحداث متطرفة في العديد من
الدول الأوروبية، وأمريكا..
صحيح أن إسرائيل تعيش جوار دول تلعب الأحزاب والمنظمات الإسلامية دوراً
فاعلاً لكنها تحت سلطات تلك الدول عدا سوريا التي معركتها محتدمة والنتائج
مجهولة وإن برز تيار أكثر (راديكالية) عندما بايعت جبهة النصرة زعيم
القاعدة مرشداً لها..
إيران كررت خطيئة العرب، فهي تعلن كل يوم عن إنتاج جديد لأسلحة مدمرة،
قد تدفع بها إلى ضرب عمق إسرائيل، وأنها مع حزب الله، تشكلان الطوق العسكري
حولها، وبالفعل استطاعت الحصول على أسلحة متقدمة لم تخرج من الترسانة
الأمريكية إلاّ لها وهذا أضاف لها بعداً عسكرياً قد يدفعها إلى وضع إيران
أمام حقائق قوة عسكرية تفوقها..
مسألة الضربة الإسرائيلية لمفاعلات إيران، حبكة جيدة لمسرحية طويلة
استطاعت خدعة العرب لتكسب إيران بعداً لديهم وبأنها القوة الموازية والتي
تسعى لتحرير فلسطين، وكل يعلم أن الدور السياسي قبل العسكري، بالتفاهم
والتصالح والاجتماعات المتوالية بين الطرفين، تتم في عواصم أوروبية، يجمعها
العداء للعرب، والأهداف التي لا تتعارض مع إعادة التعاون والتنسيق السياسي
والعسكري بينهما في أي ظرف قادم..
التسويات السياسية حول الخلافات بين إسرائيل وإيران، يحكمها البعد الخاص
والتاريخي، أي أنه لم يحدث عداء بين البلدين، بل أن طهران زمن الخميني
كانت تعقد صفقات سلاح، بلا وسيط مع إسرائيل في الحرب العراقية - الإيرانية،
وهما اليوم يفاضلان بين تحالف معلن أو انهاء الخلاف على التسلح النووي وفق
صفقة معدة ومعاهدات يمكن التوقيع عليها بأية لحظة..
المصدر