في إحدى القنوات التلفزيونية العربية، وهي تستضيف الشيخ عبد الرحمن السديس، إمام وليس ككل الأئمة، علم الحرم المكي الشريف، جاءت مكالمة هاتفية من إحدى المتفرجات وطلبت أثناءها منه تفسير رؤية شاهدتها، فحواها أنها تطوف بالكعبة المشرفة، ورأت شخصا يطوف عاريا تماما.. وردّ الشيخ السديس، بأن هذا الشخص عارٍ من الذنوب، وهو من أهل الجنة.. بعدها بلحظات أردفت أن الذي شاهدته هو نفسه الشيخ السديس! في هذه اللحظة انغمرت دموع الشيخ؟!
هي قصة تناقلتها بعد ذلك العديد من وسائل الإعلام. ولأهمية هذا النجم صاحب الصوت الذهبي الذي أبكى في الحرم النبوي وخارج الحرم النبوي، هذا التقي النقي الطاهر العلم!
نجم يختلف عن بقية النجوم..
تتعدد الأسئلة حول نجاح هذه المعجزة، وزاد على ذلك وصول هذا الصوت عبر القنوات الفضائية التي انتشرت منذ مدة إلى العالم الإسلامي قاطبة. قبل كل هذا، كانت هناك علامات نبوغ عند هذا الشخص النفاذة إلى القلوب.
في سنة 1961 وبالقصيم محافظة البكيرية بالرياض، ولد عبد الرحمن السديس. وفي سن مبكرة، حفظ القرآن الكريم وبدأ الصعود بسرعة في الدراسة ثم البحوث. وبكل سهولة حصل على الدكتوراه من كلية الشريعة بامتياز. وشهد له كبار المشايخ بالعبقرية والحس بمسؤولية الدعوة التي تقدم على أساس أسلوب جذاب ومستوى ثقافي متميز. ومن هؤلاء الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله والشيح عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ والدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي.. وهكذا كانت لديه قابلية التثقيف والتكوين وحسن استعمال المعلومات، خاصة إذا تعلق الأمر بعلوم كالشريعة والفقه وأصول الدين، والتي تقوم هي الأخرى على كسب شخصية إيمانية رقيقة وخاشعة. وأضيف إلى ذلك صوت ذهبي صافٍ كحبّات اللؤلؤ.
في هذا اليوم المبارك والسعيد، يوم الأحد من سنة1983 وعند صلاة العصر، دخل الشيخ عبد الرحمن السديس الحرم المكي ليؤمّ المصلين، وهذا لأول مرة في حياته، ومرت الصلاة والتي قرأ فيها الآيات الكريمة سرا، ولكن المفاجأة كانت كبيرة عندما أمّ المصلين في صلوات المغرب والعشاء.. شيء جديد ظهر لم يكن منتظرا.. صوت جديد كسر الاحتكار... شد إليه كل مستمع، هو نوع مزيج بين حنان ولينة ووضوح ونطق سليم، وأضاف إلى هذا كله حفظه التام لكتاب الله، فلم يتعثر يوما وهو يرتل الآيات الكريمة على رواية حفص عن عاصم.. مجال التجويد والترتيل عرف به المصريون على مرّ العصور، ومنهم من درس الموسيقى وتمكّن من معرفة الطبوع والمقامات واشتهر منهم الشيخ رفعت والمنشاوي وعبد الباسط عبد الصمد وغيرهم.. ولعل الأزهر الشريف كان أهم مؤسسة تخرّج منها الكثير من أمثال هؤلاء والذين زاروا الجزائر في كثير من المناسبات.
فكم تمنى كل معتمر أو حاج أن يصلي وراء الشيخ السديس كل الصلوات حتى يستمتع بآيات الذكر الحكيم بصوت صاف كالدمع الذي ينهمر كلما انتشر صداه عبر فضاء الحرم المكي الشريف، وازداد انتشارا عن طريق نقل الصلوات عبر الفضائيات أو كأشرطة موزعة فاقت كل تصور!
العديد من الناس يشاهدون صلوات التراويح في شهر رمضان عبر التلفزيون إلى جانب صلوات التهجد، وهذا انجذابا لصوت عبد الرحمن السديس الذي أصبح ظاهرة يجب أن تدرس، ولاسيما أنه حاز على جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم واختير كشخصية العام الإسلامية.
هي خصوصيات اتسم بها تمثلت في نقاء الصوت ودموع الخشوع الفعلي الذي ينساب بين السامعين بسبب هذا الصوت الناقل لكلام الله المؤثر، وخاصة إن كان بصوت هذا النجم الذي اخترق صوته الآفاق من الحرم المكي إلى مساجد آسيا إلى أسواق الأشرطة في دكاكين إفريقيا وبيوتها الطيبة، إلى فضاءات المسلمين أينما وجدوا؟! هي معجزة صوت شجي باعث لكلام الله.

منقول بتصرف