المدى برس/ بغداد
"نخشى الانتقام ونعد أنفسنا للأسوأ"، "السجناء الهاربون نحن قاتلناهم، ونحن سنكون أهدافهم الأولى"، و"أمريكا تخلت عنا وتركتنا في مهب الريح"، هكذا يرى قادة الصحوة في الأنبار نتائج عملية هروب قادة القاعدة من سجن أبو غريب، وفي حين تعد مصادر استخبارية أميركية العملية بأنها "كابوس استخباري"، تكشف أن الولايات المتحدة تطلق منذ الحادثة "طائرات مسيرة من تركيا" لجمع المعلومات عن العراق، مبدية قلقها من "حدوث المزيد من الكوارث" كون الهاربين سيعيدون "بناء شبكات القاعدة".
وتقول مجلة (ديلي بيست)، المتخصصة بتحليلات الأخبار، في تقرير لها، اطلعت عليه صحيفة (المدى)، إنه "بعد مضي أسبوع على الهجوم الدرامي على سجن وتحرير العشرات من قادة القاعدة الذين القي القبض عليهم خلال استراتيجية الزخم الأميركية بنهاية الولاية الثانية للرئيس جورج دبليو بوش، فأن أقرب حلفاء أميركا في مجال مكافحة التمرد يعدون انفسهم للأسوأ"، وتشير الى أن "تنظيم القاعدة في العراق زعم مسؤوليته عن تهريب 500 من قادته والناشطين فيه يوم الأحد من الأسبوع الماضي".
قادة الصحوة: نحن مهددون في كل لحظة بسبب قتالنا القاعدة
ويقول الشيخ جاسم محمد السويداوي، أحد قادة الصحوة في الأنبار، حسب التقرير، "طبعا أخشى الانتقام فالذين فروا كانوا قد سجنوا بفعل رجال الصحوة الذين قاتلوا القاعدة"، ويوضح أن "أهدافهم الأولى ستكون القادة في الصحوة، مثلي".
ويضيف السويداوي أنه "كان يحاول إيصال رسائل الى السفارة الأميركية ببغداد"، ويستدرك "لكن منذ مغادرة آخر الجنود الأميركيين العراق بنهاية العام 2011 تخلت الولايات المتحدة عن حليفها السابق"، ويبين أنه "ليس لدينا أي اتصال بالحكومة الأميركية منذ سحب قواتها من العراق وتركتنا في مهب الريح."
ويؤكد السويداوي "نحن مهددون في أي لحظة بسبب قتالنا ضد القاعدة عندما كان الأميركيون هنا"، ويلفت الى أن "ميليشيا القاعدة التي تقاتل في سورية كانت وراء الهجوم على السجن"، ويكشف أنه "منذ اقتحام السجن نجري استعدادات لم نفعلها في أي وقت مضى للدفاع عن انفسنا".
مصادر استخبارية أميركية: العدد الكلي للهاربين أربكنا
ومن جانبها، تذكر مصادر استخبارية أميركية رسمية، في تقرير المجلة، أن "عملية الهجوم على سجني ابو غريب والتاجي يوم الاحد الماضي تمثل كابوسا لمكافحة التمرد والاستخبارات"، وتضيف أنه "بهذا العمل فقدنا اثر كل من لم نقتله ممن كانوا في القاعدة اثناء استراتيجية الزخم".
وتبين المصادر، التي طلبت من المجلة عدم الكشف عنها، أن "الولايات المتحدة تطلق الآن طائرات غير مسلحة بلا طيار وأنواع أخرى من الطائرات من تركيا من اجل جمع معلومات استخبارية عن العراق"، وتستدرك "لكن العدد الكلي للذين هربوا في عملية اقتحام السجن اربك المحللين الأميركيين".
وتؤكد المصادر "ليس لدينا محللين أو شبكات مصادر بشرية لتعقب أولئك الأشخاص الفارين"، وتوضح أن "معظم محللي العراق نقلوا الى مناطق أخرى منذ انسحاب الولايات المتحدة بنهاية العام 2011".
مدير مجلس الأمن الوطني السابق: الحال سيكون سيئا
وبدوره، يقول دوغ اوليفنت، نائب رئيس شركة مانتيد العالمية، وهي شركة استشارات عالمية لديها أعمال الآن في العراق، ومدير مجلس الأمن الوطني فرع العراق في نهاية إدارة بوش وبداية ولاية أوباما الرئاسية الأولى، إنه "كلما نظرنا في عملية الفرار من السجن كلما ظهر ان مزيدا من الكوارث سيحدث"، ويوضح أن "هذا الأمر سوف سيعيد بناء شبكات القاعدة في العراق في المستويات الوسطى والعليا".
ويضيف اوليفنت أن "ما يعنيه هذا لكل من عملياتها في سورية ومواصلة حملتها ضد المدنيين العراقيين سوف نراه على مدى السنة القادمة"، ويستدرك "لكن الحال سيكون من المؤكد سيئا".
يشار الى أن عملية اقتحام السجون كانت تتويجا لحملة دامت عام تقريبا عرفت باسم "تحطيم الجدران" بدأت في 21 من تموز من العام 2012، حسب ما أشاعت القاعدة ومعهد دراسة الحرب، المركز البحثي الذي درس عن كثب حملات مكافحة التمرد في العراق وأفغانستان.
وفي أول تصريح صدر عن ابي بكر البغدادي، زعيم تنظيم القاعدة في العراق منذ العام 2010، قال ان "أحد الاهداف الرئيسة من هذه الحملة الجديدة هو سد النقص في صفوف المجاهدين".
وبدأت الصحوة في الأنبار في العام 2005، قبل سنتين تقريبا من قرار الرئيس الاميركي في حينها، جورج دبليو بوش، ارسال قوات اضافية وتخويل الجنرال ديفيد بيتريوس تنفيذ استراتيجية حرب هجومية دمرت القاعدة في العراق وطردتها من معقلها الامن في غرب العراق، وما كان لحملة بيتريوس ان تكون ممكنة لولا وجود شيوخ عشائر مثل جاسم السويداوي، وهو كان واحدا من أوائل شيوخ العشائر الذين انتفضوا على القاعدة في العام 2006، عندما شن هو ومقاتلوه في محافظة الأنبار هجوما عرف باسم "معركة صوفيا"، على الرغم من ان جماعة القاعدة كانت تفوقهم عددا وسلاحا.
وكان عضو في مجلس محافظة الأنبار المنتهية ولايت كشفه، اليوم الاثنين، أن الهاربين من سجني ابو غريب والتاجي متواجدون الان في سوريا بعد انضمامهم لجبهة النصرة"، وأكد أنه تم "تهريبهم من العراق بعد ساعات قليلة" على هروبهم، وفيما حذر من عودة نشاط الخلايا النائمة للعناصر المسلحة باستهداف أمن البلاد مجددا، أتهم باحث في شؤون المجاميع المسلحة جهة حكومية لم يسمها بـ"تهريب السجناء وتجهيز المسلحين بالسلاح".
وكانت مصادر أمنية مطلعة كشفت، امس الأحد،( 28 تموز 2013) عن اقالة "مسؤول استخباري رفيع" برتبة فريق، على خلفية "تهاونه" في التعامل مع معلومات خطيرة سبقت الهجوم الذي تعرض له سجنا ابو غريب والتاجي، واطلعت المصادر صحيفة (المدى) على "معلومات حساسة تعكس حجم الفوضى التي تعم ادارة السجون الكبرى"، وتحيط بأداء وزارتي الدفاع والداخلية.
فيما عدت لجنة الأمن والدفاع النيابية، امس الأحد، أن قرار رئيس الحكومة نوري المالكي، "طرد" المدير العام للسجون وإحالته للقضاء مع آخرين من المسؤولين بمعيته، يشكل "جزءاً بسيطاً" من عملية الإصلاح التي "ينبغي أن تحصل"، وفي حين أكدت على ضرورة استكمال ذلك الإجراء باختيار "البديل المناسب"، ذكرت أنها سبق أن دعت إلى ضرورة "محاسبة المقصرين" في أحداث سجني التاجي وأبو غريب.
وأصدر رئيس الحكومة، نوري المالكي، أمس الأول السبت،(الـ27 من تموز 2013)، أمراً بحجز عدد من الضباط، بينهم قيادات عسكرية رفيعة، بالإضافة إلى المدير العام لدائرة السجون، وتحويلهم إلى القضاء بتهمة "التقصير في أداء الواجب"، على خلفية الهجمات التي تعرض لها سجنا التاجي وأبو غريب مؤخراً، عازياً ذلك لوجود "تراخي" في تنفيذ الأوامر وعدم التعامل مع التحذيرات الاستخبارية بصورة صحيحة.
وكان مصدر في وزارة الداخلية أفاد في،(الـ21 من تموز الحالي)، بأن عدة قذائف هاون سقطت على سجن أبو غريب غربي بغداد، (مساء ذلك اليوم)، أعقبها اندلاع اشتباكات بين قوة خاصة جاءت للسجن بعد سقوط القذائف ومسلحين هاجموها أثناء اقترابها من مبنى السجن، كما سقط عدد من قذائف الهاون قرب سجن التاجي (الحوت) أعقبها انفجار عدة عبوات ناسفة على الطريق المؤدي إلى السجن"، مبينا أن "مسلحين مجهولين هاجموا بعد ذلك عناصر حماية السجن مما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين الطرفين.
وكانت القائمة العراقية اتهمت الأربعاء الماضية،(الـ24 من تموز 2013)، رئيس مجلس الوزراء، نوري المالكي، بـ"الفشل" في إدارة الملف الأمني، وفيما أكدت أن الأجهزة الأمنية "مخترقة من قبل الإرهاب والميليشيات"، بعد أن تحولت إلى "سيف مسلط على رقاب العراقيين"، بينت أن قضائي التاجي وأبو غريب تعرضا إلى "عقاب جماعي" بعد عملية هروب السجناء.
وكان مصدر أمني مطلع كشف، الاثنين الماضي، (الـ22 من تموز الحالي)، أن عدد النزلاء الهاربين من سجن أبو غريب عقب الهجوم عليه بلغ أكثر من 600 هارب، وتوقع المصدر ارتفاع الهجمات المسلحة خلال المدة المقبلة لأن الهاربين "من اخطر الإرهابيين"، لفت إلى أن عددا كبير من الضحايا سقطوا من الجانبين.
وكانت وزارة العدل أعلنت، الاثنين الماضي أيضاً، أن حصيلة ضحايا الهجمات على سجني التاجي وأبو غريب، بلغت 68 قتيلا وجريحا، ولفتت إلى أن نحو تسعة انتحارين وثلاثة سيارات مفخخة استخدمت في الهجمات على السجنين فضلا عن تعرضهما إلى قصف بأكثر من 100 قذيفة هاون، وذكرت أنها شكلت لجان تحقيقه بالهجمات وإجراء إحصاء للتأكد من عدم هروب السجناء.
وكانت مصادر أمنية وصحية في العراق أفادت، اليوم الاثنين، بأن حصيلة التفجيرات السبعة عشر بسيارات مفخخة والتي ضربت العاصمة بغداد وعدد من المحافظات بلغت 51 قتيلا و236 جريحا، في حين قتل عشرة مسلحين وتفجير ثلاثة سيارات مفخخة في صلاح الدين، وقتل نقيب في قوات السوات في الأنبار.
يذكر أن معدلات العنف في بغداد شهدت منذ، مطلع شباط 2013، تصاعداً مطرداً، إذ ذكرت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي)، في الأول من حزيران 2013، أن أيار الماضي، شهد مقتل أو إصابة 3442 عراقياً بعمليات عنف في مناطق متفرقة من البلاد، في حين بينت (يونامي) مطلع تموز الجاري، أن حصيلة أعمال العنف في العراق بلغت خلال حزيران الماضي نحو 2532 شخصاً، وأكدت أن العاصمة بغداد كانت "الأكثر تأثراً" بإعمال العنف.