خبير المخطوطات واللغات الشرقية الدكتور نصر الله مبشر الطرازي:
عنقاء الثقافة الإسلامية
تهـاني صـلاح - تصوير محمد مصطفي
وسام منح للدكتور الطرازى بمناسبة استعادة طابا التى ساهم فى اثبات مصريتها
رغم
أنه ترك بلاده تركستان وهو لازال في السابعة من عمره إلا أنه لم ينقطع قط
عن متابعة أخبار ما تبقي من عائلته وأهله الذين نجوا من مذبحة الروس, وكان آخر كتاب ألفه تعليم اللغة الأوزبكية وآخر ما تم طبعه بعد وفاته
كتابتركستان ماضيها وحاضرها وكأنما كانت حياته منذ البداية وحتي النهاية
تدور حول الوطن الحبيب, فهو أحد العلماء الأجلاء الذين أثروا الحياة
الثقافية بكل جديد ومفيد فتركوا وراءهم بصمة واضحة ليس في الإطار المحلي
والاقليمي فحسب بل امتدت آثاره إلي العالمية فامتلأت حياته بالجهاد والكفاح
والإخلاص والتفاني في سبيل رفع راية الإسلام وإعلاء قيمة الحق ونشر العلم
والمعرفة, كان يشبه الثقافة الإسلامية بطائر العنقاء رأسه تمثل الثقافة
العربية, والجناح الأيمن يمثل الثقافة التركية, والأيسر يمثل الثقافة
الفارسية وبذلك يستطيع هذا الطائر أن يطير وينشر العلم في جميع ربوع
العالم, كان مولعا بمعرفة كل جديد عن الشعوب وحضاراتها المختلفة فقام
بزيارة العديد من البلدان مما كان له الأثر الواضح في اثراء معلوماته
وخبراته, وساعده ذلك علي إجادة تسع لغات ومعرفة واسعة بتاريخ الشعوب.
عاش في مصر قرابة الخمسين عاما منحه الرئيس جمال عبد الناصر الجنسية
المصرية بصفة استثنائية عام1964, قام بإثبات أن طابا مدينة مصرية بعد
ترجمته وثيقة تركية عثمانية إلي اللغة العربية وتقديمها إلي المحكمة
الدولية وبعد فحصها بمعرفة الخبراء والمختصين حكمت بعودة طابا إلي الوطن
الأم مصر, كما ترجم وثيقة إنشاء قناة السويس من اللغة التركية العثمانية
القديمة إلي اللغة التركية الحديثة واللغة العربية, وهذه الوثيقة توضح
تفاصيل وظروف إنشاء قناة السويس في عهد الخديو إسماعيل والشركة المنفذة
لهذا المشروع والتي حررت في5 يناير1856 م واشتملت علي22 بندا.
نسبه ومولده
ينتمي د. نصر الله ميشر الطرازي إلي أسرة عريقة شريفة النسب, حيث يمتد
نسبها إلي سيدنا الإمام الحسين رضي الله عنه وأرضاه حفيد الرسول صلي الله
عليه وسلم, والده العلامة مبشر الطرازي الحسيني الداعية الاسلامي والزعيم
الروحي والسياسي لتركستان, وجده فضيلة الشيخ محمد غازي خان الذي كان مرجع
المسلمين في الفقه الاسلامي وشيخا للطريقة النقشبنديه, ويرجع نسبه إلي
العرب الفاتحين الأوائل الذين فتحوا بلاد تركستان وأقاموا بها ونشروا
الدعوة الإسلامية.
الهجرة إلي مصر:
وفي افغانستان أتم نصر الله تعليمه الأساسي والتحق بكلية الطب ثم كلية
العلوم بكابول وبعد انتهاء دراسته الجامعية عين مدرسا للعلوم بمدرسة
الاستقلال الفرنسية, واثر احتجاج الروس المتكرر لحكومة افغانستان علي نشاط
وجهاد العلامة الشيخ مبشر الطرازي أعتقل هو وابنه نصر الله ونفر من
المجاهدين في معتقل سياسي بكابول في الفترة ما بين عامي19481942 لمدة خمس
سنوات, وفي تلك الفترة تعلم نصر الله علي يد والده العلوم العربية
والإسلامية من فقة وحديث وسنة وعقائد بالإضافة إلي إجادته لسبع لغات إلي
جانب اللغة العربية والفرنسية حتي نال من والده إجازة مكتوبة بخط يده في
تلك العلوم واللغات. ونتيجة لتكرار مؤامرات الروس لقتل الشيخ مبشر الطرازي
استأذن الملك محمد ظاهر ملك أفغانستان للخروج منها هو وأسرته, فهاجر إلي
مصر عن طريق باكستان, وأقام بمصر منذ عام1950 وأدخل جميع أولاده الأزهر
الشريف ليتعلموا العلوم الدينية, وقام بتأسيس جمعية اتحاد تركستان.
نفائس المخطوطات
ويوضح لنا أبنه مبارك الطرازي بعض الآثار المهمة التي أكتشفها والده نصر
الله عند تصوير نسخة من بستان السعدي المخطوطة النادرة المحفوظة بدار الكتب
والوثائق وبها المنمنمات الست للفنان الفارسي المشهور كمال الدين بهزاد
اكتشف لأول مرة توقيع الفنان بهزاد علي لوحتين به, وكان التوقيع مطموسا
بماء الذهب الأمر الذي أدي إلي ارتفاع قيمة المخطوط إلي ما يشبه الكنز
الثمين.التراث الإسلامي
كما أهتم الدكتور نصر الله بالتراث الاسلامي الذي ساهم فيه علماء بارزون
من العرب والترك والفرس والأفغان ومسلمي الهند وباكستان, ففي عام1983 تم
اختياره مشرفا علي تنظيم مكتبة مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة
الإسلامية باسطنبول وتم تكليفه بتدريب المفهرسين بالمركز علي فهرسة وتصنيف
وإعداد فهارس بطاقية وببلوجرافيه للمخطوطات الشرقية لمكتبة المركز وعددها19
ألف مخطوط.
مصدر