لطالما حظيت السيادة على البحار بأهمية قصوى من قبل الدول العظمى لتأمين خطوط التجارة البحرية حول العالم التي ينبغي ان تبقى مفتوحة بين جميع دول العالم وعبر المضائق البحرية الرئيسية مثل: البوسفور والدردنيل وقناة السويس وخليج عدن ومضيق هرمز... وذلك لتأمين حرية التجارة من دون اي عوائق.
عرف السياسيون وأقطاب دول العالم اهمية البحار منذ فجر التاريخ. ومع انكماش المواد الطبيعية على اليابسة من جراء الاستنزاف المكثف، بات استغلال المواد الطبيعية كالغاز الطبيعي والمعادن من قيعان البحار الى جانب الموارد الحية كالاسماك والطحالب والمحاريات امرا لا بد منه، يرتدي اهمية بالغة لمستقبل البشرية.
يحرص العديد من البلدان حاليا على حماية مصالحه الاقتصادية عن طريق توفير المقتنيات الضرورية لذلك من خلال تعزيز بحرياته ونظم المراقبة الجوية البحرية لديه.
اما المخاطر التي تتعرض لها مصالح دول العالم في البحار فيمكن تعدادها على النحو التالي: الارهاب والقرصنة وتهريب المخدرات والصيد والهجرة غير الشرعية.
يعلم الارهابيون تمام المعرفة ان الهجمات الصاعقة على السفن التجارية بموارد عسكرية متواضعة لها تأثيرات عدة وكثيرة على البنى التحتية للاقتصاد العالمي خصوصا اذا ما كان يمر بأمات مالية كما هي حال ايامنا هذه، ولذلك تعمل غالبية دول العالم على الحد من اضرار الارهاب من خلال مكافحته والضرب بيد من حديد على الارهابيين والقراصنة الذين يعمدون على اختطاف السفن بحمولتها واقتيادها الى اوكارهم ولا يفرجون عنها الا مقابل دفع فديات بملايين الدولارات.
منذ فجر التاريخ، استخدمت البحار للهجرة غير الشرعية وهي تعد الطريق المثلى لتهريب المخدرات الى شتى بلدان العالم خصوصا الاوروبية منها في حوض البحر المتوسط ويتم التهريب بواسطة سفن فائقة السرعة تجوب البحار في الاتجاهات كافة لتوصيل حمولتها انطلاقا من سوق المخدرات الزاهرة في منطقة البحر الكريبي. ومن المعلوم ان حوالي ٨٥% من التجارة العالمية تتم من خلال السفن كما يتم تزويد كل الدول الغربية بالمشتقات النفطية الواردة من الخليج العربي بالاضافة الى جزء كبير من البضائع المستهلكة المصنّعة في الصين وآسيا وجنوب غرب آسيا.
في بحر نيجيريا وخليج غينيا، يتم استخراج آلاف براميل النفط يوميا من منصات بحرية في المنطقة كما ان الصيادين الغربيين والآسيويين يلاحقون الاسماك وخصوصا سمك التونة في عرض المياه الصومالية. وازاء هذا النمو الاقتصادي والصناعي الضخم، نشطت منذ سنين عمليات القرصنة البحرية علما انها بدأت منذ فجر التاريخ من خلال الصعود على متون السفن وسلب البحّارة ممتلكاتهم واموالهم على وجه الخصوص لكن هذا النوع من القرصنة تطور في السنوات العشر الاخيرة وبات يهدف الى الاستيلاء حتى على السفن ذاتها وطلب الفدية للافراج عنها او عن حمولاتها. ولهذه الغاية، عمد القراصنة الى استبدال معداتهم الخفيفة بأسلحة ثقيلة نظرا لتبدل نوعية مهام السلب المنوي تنفيذها،
تنبهت دول العالم الى هذا الخطر المتنامي فعمدت الى اتخاذ الاجراءات الكفيلة لردعه او على الاقل للحد منه. وكرّست دول الاتحاد الاوروبي واميركا وحتى الصين واليابان والهند، العديد من وسائلها البحرية لهذه الغاية ومع ذلك، امتدت منطقة عمليات القراصنة لتصل الى جزر المالديف في الغرب وحتى السواحل الكينية في الجنوب. وفي هذا الوقت يبرز السؤال ماذا سيحدث مستقبلا في المياه العميقة قبالة سواحل اميركا اللاتينية حيث تتطور وتنمو بسرعة الصناعة البترولية ومنصات استخراج الغاز والنفط في هذه المنطقة في السنوات القليلة المقبلة.
ان ازدياد اهمية المصالح البحرية وفي مقابلها تطوّر الاخطار والتهديدات الى جانب الحوادث البحرية واعمال القرصنة والارهاب وتهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية... دفع بالعديد من البلدان حول العالم الى اقتناء طرق توفر الامن والسلامة لتجارتها البحرية من خلال مراقبة المياه الساحلية والبنى التحتية للمرافئ والمنشآت الاستغلالية في عرض البحر. ومنذ اشهر نظّمت المراقبة والحماية من خلال نظام VTS لخدمات النقل البحري وهو يتتبع النقل البحري في الموانئ وعلى الخطوط البحرية الرئيسية والمضايق.
تختلف حاجات المراقبة من منطقة الى اخرى ضمن النطاق البحري ففي اوروبا مثلا تهدف المراقبة الى استباق الاحداث البحرية ومواجهة التهريب والتجارة غير المشروعة اما في آسيا، فالمراقبة تهدف بالدرجة الاولى الى كشف القراصنة وفي الشرق الاوسط تهدف الى قمع الارهاب. وعلى سبيل المثال، قامت احدى شركات نظم المراقبة بتزويد احدى منصات تكرير النفط البحرية بجهاز مراقبة فعال وعرضته وسوقته في الاسواق.
يذكر ان شركة Signalis وهي مطورة لنظام المراقبة سالف الذكر تتولى ايضا تحديث ٥٤ رادارا ضمن نطاق برنامج المراقبة البحرية.
اما بالنسبة لكشف التهديدات فقد عمدت الدول الكبرى والمتقدمة صناعيا الى تحسين قدرتها على كشف التهديدات من خلال نظم متطورة كالرادارات للمراقبة الساحلية، والجديد منها يستطيع التفريق بين التهديدات وتصنيفها وتحديد الاكثر خطورة منها. وعلى سبيل المثال طورت شركة Thales سلسلة من الرادارات من الاحجام والقدرات كافة تتناسب مع جميع متطلبات مراقبة السواحل. وهي تستطيع على وجه الخصوص كشف حتى السفن الصغيرة المتحركة بسرعة على سطح الماء حتى في الظروف البحرية الاكثر صعوبة.
اما رادار Coast Watcher فيبلغ مداه ١٠٠ ميل بحري ويغطي مناطق الظل حيث تكثر فيها الخلجان. ويتميز هذا النوع من الرادارات، بخفته نسبيا وفعالية كبيرة. بدأ استخدامه العملي في العام الماضي. ولتوفير مراقبة اكثر فعالية تم دمج نظم الكشف والمراقبة الكهروبصرية مع الرادارات وكانت النتائج مرضية للغاية.
coast watcher radar
واخيرا، فان المراقبة من خلال الاقمار الاصطناعية يتزايد استخدامها للمراقبة والامن البحري وباتت قدرة هذه الاقمار كبيرة جدا لجهة تكوين صور ذات دقة عالية جدا تسمح بمراقبة مناطق الاقمار الصناعية خصوصا في مناطق جزر الكريب حيث تزدهر صناعة وانتاج المخدرات وفي منطقة المحيط الهندي حيث تزداد عمليات القرصنة.
لم تعد الحوادث التي تحصل في عالم البحار واواسط المحيطات بعيدة عن اليابسة نظرا للتقدم التكنولوجي الكبير في نقل الاخبار والاحداث بصورة فورية منذ ان بات العالم في قرية صغيرة حيث تعرف كل الاحداث بشكل شبه فوري.
ومع ذلك، بقيت البحار والمحيطات بيئة معادية للبشر ولعل من اهم الاحداث التي قد تقع في البيئة البرية هي التلوث من خلال تسرّب النفط من البواخر او الحرائق التي تشب في السفن او الهجمات الارهابية التي تتولاها مجموعات الارهاب البحري المنظمة بغية السلب والنهب.
ادى تكرار الحوادث البحرية الى تسريع اجراءات منح تلك الحوادث بقدر الامكان مع استعدادات كبيرة ومكثفة لمعالجة الحوادث عند وقوعها. ولقد باتت عملية استباق الحوادث الشغل الشاغل للمسؤولين عن الامن والعمليات البحرية واهمها النقل التجاري البحري.
انعكست تلك الاولويات على تصميم وبناء السفن وتجهيزها بافضل النظم الخاصة بالاتصالات ومكافحة النيران والتلوث بالمواد الضارة ولعل ابرزها النفط. هذا وقد ادت حادثة الباخرة Erika الى اهتمامات السلطات البحرية المسؤولة عن الامن والسلامة البحرية لجميع انحاء العالم وبالطبع ينبغي ان تساند عملية تأمين الامن البحري واستباق الحوادث الى استخدامات عقلانية وتقنية ضخمة تكفي لمعالجة الاحداث الضخمة عند وقوعها.
السفينه الغارقه erika
اهم بحريات العالم سواء لجهة تأمين السيادة في البحار ام لجهة استباق الحوادث البحرية وسبل معالجتها عند وقوعها. فقد تعتبر البحرية الاميركية الاولى في العالم من حيث قدراتها القتالية وقوة نيرانها ووسائلها الدفاعية سواء كانت جوية ام سطحية وتمتلك اليوم ما مجموعة ١٤،٢ مليون طن من السفن البحرية تجوب كل البحار والمحيطات حول العالم منها عشر حاملات طائرات مع تسع غواصات تحمل صواريخ نووية و٤٢ غواصة تقليدية بالاضافة الى الطرادات ومدمرات وقاذفات صواريخ وسفن لنشر القوات مرورا بسفن القتال الساحلي LCS.
اما البحرية الروسية فهي تستعيد تدريجيا قدراتها القتالية كثاني اقوى اسطول بحري في العالم من خلال ٧٧٠٠٠٠ طن من السفن القتالية منها ٥٨ غواصة مع ثماني غواصات حاملة للصواريخ النووية دخلت الخدمة العام المنصرم. وتملك روسيا سفينتي قيادة ولنشر القوات تحمل طوافات فئة Mistral فرنسية الصنع.
طوافة mistral
تتعزز هذه السفن السطحية بفرقاطات مزدوجة الدور فئة Krivak III
فرقاطة krivak
وسفن حراسة كورفيت فئة Buyan مع سفن لكسر الجليد منها سفينة تندفع بالطاقة النووية.
سفينة حراسة buyan
يعتبر الاسطول الفرنسي الاقوى في اوروبا اليوم مع حوالي ٢١٥٠٠٠ طنا و٨٢ سفينة حربية منها حاملة الطائرات Charles De Gaulle
حاملة الطائرات الفرنسيه شارل ديغول
وفرقاطات الدفاع الجوي من فئة Forbin.
فرقاطة الدفاع الجوي forbin
اما من ناحية الغواصات، فقد دخلت الغواصة الحاملة للصواريخ النووية "Terrible" الى جانب زميلتها Triomphant الخدمة عام ٢٠١٠ مزودة بصواريخ بالستية طراز M51 الجديدة كما تبني فرنسا ثلاث غواصات نووية جديدة فئة Barracuda. واخيرا لدى فرنسا ثلاث سفن قيادة ونشر قوات فئة Mistral والعديد من زوارق انزال الجنود والمعدات الى البر والتي من شأنها تعزيز سفن الدورية.
الغواصه النوويه الفرنسيه terrible
الغواصه النوويه الفرنسيه triomphant
الغواصه لنوويه الفرنسيه barracuda
بريطانيا فلم تعد لاول مرة في تاريخها القوة البحرية الاقوى في اوروبا ولم يعد لديها سوى ٤٧ سفينة جديدة بحمولة لا تتعدى ١٧٣٠٠٠ طن منها ٦ مدمرات فئة ٤٥ دخلت الخدمة العام الماضي تعزز هذه المدمرات حاملة الطائرات الجديدة "Queen Elizabeth" التي سوف تدخل الخدمة بعد سنتين وسوف تحمل على متنها طائرات القتال الاحدث F-35B اما حاملة الطائرات الاخرى فستدخل الخدمة في الاسطول عام ٢٠١٩.
حاملة الطائرات البريطانيه " الملكه اليزابيث "
في ما يتعلق بالغواصات، فسوف تستبدل ١٢ غواصة حاملة صواريخ نووية بسبع غواصات فقط من نوع Astute حيث ادخل في الخدمة منها غواصتان. وبالنسبة الى الفرقاطات فستزود البحرية البريطانية ب ١٣ فرقاطة جديدة من فئة ٢٦ التي كشف عن تصميمها العام الماضي وسوف تدخل الخدمة العام ٢٠٢١.
الغواصه البريطانيه astute
الفرقاطه البريطانيه " فئة - 26 "
المصدر
http://www.arabdefencejournal.com/article.php?categoryID=23&articleID=1227