- العقرب الأسود كتب:
- أخى العزيز رائد قرات رسالتك وأسعدتنى جداً لأنها أشعرتنى أن هناك من هو يفهم ويشعر بمن هم مثلى ، والحقيقه يا عزيزى أنا عشت تسعة عشر سنه من عمرى وأنا متحرج من أبوح بأى شئ أو أخبر الناس عما حدث هناك ، ولا أعرف لماذا أشعر بمثل هذا الشعور ، ولكننى أؤكد لك أننى لست نادما على هذه الفتره من عمرى بل فخور بها لأننا كنا رجاله بجد ، وربما ياتى فيه اليوم لينكشف الأمر ويسمح للناس لكى يعرفوا الحقيقه التى أشترك فى أخفائها الدوله والجنود أنفسهم ، وما دمت قد طلبت منى هذا الطلب ـ وأنا أحبك وأقدرك مع أننى لا أعرفك إلا من كتاباتك ـ فأننى سوف أحكى لكم إحدى المواقف التى عشتها هناك .
كنت مع النقيب هيثم ...... قائد مفرزة الصاعقه المصريه والتى كانت مكونه منه وكذلك منى أنا كملازم أول أحتياط وأربعة عشر جندياً متخصصاً و التى تم إبرارها بطائرات الهليكوبتر الأمريكيه خلف الخطوط الأماميه لقوات الحرس الجمهورى العراقيه فى الساعه الحاديه عشره من مساء يوم 13 /7 /1990 ، وذلك لنقوم بمسح خلفى لدفاعات هذا القطاع ، وتحديد أماكن تواجد القناصة العراقيه التى كانت تشتبك عن بعد مع الخط الأمامى للقوات المصريه وكذلك الممرات داخل حقل الألغام الفاصل بيننا وبينهم و التى تصلح للأستخدام من أفراد الأستطلاع الخاصه بنا ، وكذلك إسكات هؤلاء القناصه تماماً ( التعامل معهم وتصفيتهم ) والعوده قبل أول ضوء لليوم التالى .
وتم ألقائنا من الطائرات الهليكوبتر أثناء طيرانها على أرتفاع منخفض تماماً ، ودون أن تتوقف خوفاً على أصابتها من المدفعيه المضاده العراقيه ـ حيث بحثت قوات التحالف جميعها فيما بينها عن أفراد قوات خاصه يستطيعون أداء مثل هذه المهمه الأنتحاريه والقفذ من الهليكوبتر أثناء تحركها بسرعه كبيره ، ولم تجد إلا قوات الصاعقه المصريه المدربين على مثل هذه المهام .
فى خلال ثلاثون دقيقه من تمام الأبرار بنجاح وهبوط كل الأفراد بسلام ، تم تحديد بدقه تسعة وثلاثون موقع لقناص وثلاثة ممرات تصلح للتحرك ـ وكانت التعليمات ألتزام الصمت التام أثناء العمليه (وهو ما يشكل صعوبه بالغه فى التنفيذ) حيث تم مراعاة ذلك فى معداتنا وأسلحتنا ، وبالفعل تعاملنا معهم وتم إبادتهم بشكل تام وتدمير هذه المواقع بحيث أصبحت لا تصلح للعمل مره أخرى ، ولم نخسر حينها فرد واحد ، مما دفع العراقيين لقصف هذا القطاع بالكامل بالمدفعيه 160 مم وبعنف شديد ونحن فيه ، وأستشهد النقيب هيثم ، والرقيب أول علاء ، والرقيب أول عبد الله ، والرقيب أول فيكتور ، والرقيب أول أسامه ، والرقيب أول محمود ، والرقيب أول إبراهيم ، يرحمهم الله جميعاً ويلحقنى بهم على خير ، ووجدت نفسى وأنا فى هذه السن الصغيره مسؤلاً عن البقيه الباقيه ، وكنا على بعد ستة كيلو خلف خطوطهم ، وأنكشفت مواقعنا فى صباح اليوم التالى وتم الضغط علينا بكل عنف ولم يكن لدينا وسائل أتصال بعد القصف المدفعى العنيف ، وأصدرت أوامرى للرجاله بعمل التمويه اللازم والصمود ، وأستمرينا حتى اليوم الثالث ولم تستطيع قوات الحرس الجمهورى حتى مجرد الأقتراب ، حتى فجر يوم 17/7 /1990 أصدرت الأمر للرجاله بالتحرك لأختراق القوات العراقيه للأمام فى أتجاه القوات المصريه فى محاوله يائسه للعوده ، ونبهت على الرجاله بعدم ترك أى جثمان لأى شهيد لنا لديهم ، وحملت هيثم على كتفى ، وأشتبكنا مع أحدى عشر موقعاً للقناصه ونحن فى طريق العوده وأسكتناهم تماماً ، فأدت الأشتباكات الأخيره إلى تنبيه القياده المصريه وكذلك الأمريكان أننا مازلنا أحياء بعد أربعة ايام ، وعلمنا بعدها أن الأمريكان أصدروا أوامرهم بعودتنا أحياء مهما تكلف الأمر وكنا أصبحنا على بعد أثنين كيلو نصف تقريباً ، وتم رصدنا على القمر الصناعى وعمل حاجز نيرانى ضخم من القوات المصريه والأمريكيه خلفنا لحمايتنا ومنع تقدم أى أحد فى أعقابنا ، وتم ألتقاطنا بطائرات الهليكوبتر الأمريكيه فى صباح يوم 17/7/1990 الساعه السابعه صباحاً ومعنا أجساد شهدائنا جميعاً وكامل تجهيزاتنا ، واثناء تواجدى فى الأباتشى وجدت الدم يندفع من صدرى وظهرى ولم أعرف كيف ومتى حدث ذلك ، ولولا توجه الطائرات للمستشفى الميدانى الأمريكى لكنت أنا الأن مع هيثم الله يرحمه ، ولقد حصلت على أعلى ثلاثة نياشين من بلدى مصر ومن القوات الأمريكيه ومن الكويت .
أرجو ألا أكون قد جرحت مشاعر أحد من الأخوه العراقيين بهذه الحكايه ، ولكن يعلم الله أننى كنت سبباً لأنقاذ حياة الكثير الجنود العراقيين اللذين ما أن عرفوا أن القوات التى أمامهم هى قوات مصريه حتى أعلنوا رغبتهم فى الأستسلام ، وكنت ومن الضباط اللذين خاطروا بشكل كبير لأننى كنت أقبل طلب الأستسلام دون أى شرط أو قيد منى .
وشكراً لكم جميعاً أن أعطيتمونى هذه الفرصه لكى أخرج ما كان بصدرى مدفوناً طوال العشرين عاماً الماضيه حيث أننى أشعر براحه شديده ، وأستأذنكم الأن لتأخر الوقت بالنسبه لى ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حقا لا يسعني القول الا أني أفتخر بكونك تشاركنا نفس المنتدي و كأخ أكبر لنا
وظيفة الجندي هي وظيفة مثلها مثل أي وظيفة لكن
المشكلة الكبري تمكن في الإخلاق والضمير وهما الشق النفسي الذي يتعرض أي
من الجنود في حالة الدخول في أية حرب كحرب العراق كمثال يجبر الجندي
الأميريكي مثل أي جندي في العالم علي إطاعة الأوامر وقتل المدنين والأبرياء
ولكن لا تنسي المؤسسة العسكرية هناك تحاول تبرير الأمر من خلال الدعاية
السلبية والمحاضرات التي تتحدث عن الإرهاب والتي يشترك فيها أحيانا ما
يصفون أنفسهم بــ الأكاديميبن الذين يقدمون محاضرات في الجيش وهي عملية غسل
عقول وجد مثلها في النظام النازي , مما يجعلني أقول أن الأمر مربك خصوصا
أن الجندي يتحول إلي آلة تطيع الأوامر العسكرية وليس سهلا علي أي جندي ترك
عمله بسبب القوانين العسكرية البيروقراطية الصارمة فهو يعرف منذ البداية
أنه معرض لأن يقاتل و يقتل وحينما يصل للمعركة ينتهي كل شئ فهل كان الجنود
راضين تماما حينما أمرهم الرئيس الراحل أنور السادات أن يقوموا بضرب شعبهم
بالرصاص الحي في 19 يناير 1977 فيما عرف بإنتفاضة الخبز حينما خرج الوضع
عن سيطرة رجال الشرطة وهل كان الجنود راضين تماما دينيا أخلاقيا عقلانيا
.......... إلخ عن ما سمي بالحرب المصرية الليبية الحدودية بين ليبيا ومصر
في يوليو 1977 لايهم حتي لا يهم أن كانوا راضين تماما عن التدخل العسكري
المصري في اليمن وغيرها الكثير أنا لا أشوه صورة الجنود الأبطال لكني أقول
أن الشخصية العسكرية في كل مكان تعودت علي إطاعة الأوامر وإلا صار الأمر
خيانة والقوانين لا تجعل ذلك متاحا فلايوجد لهولاء الجنود حق الأختيار ,
Paul Warfield Tibbets الذي ألقي القنبلة الذرية الأولي الفتي الصغير علي
مدينة هيروشيما اليابانية قال أنه كان يطيع الأوامر العسكرية ولو عاد بي
الزمان سأفعلها ثانية أتري علي الرغم من قتله مئات البشر الذين ستظل دمائهم
في رقبته ورقبة مؤسسته العسكرية.
فتحية لك و لشهدائنا الأبرار و شهداء العراق الحبيب