“صباح الخامس من يونيو 1967، أقلعت اسراب الطائرات الإسرائيلية من قواعدها في اسرائيل واقتربت من الاتجاه الشرقي والشمال الشرقي والجنوب الشرقي لتصل فجأة وفي وقت واحد فوق القواعد الجوية المصرية، كانت الطائرات الإسرائيلية تحلق على ارتفاعات منخفضة لم تزد عن 50 متر، وكانت محطات الرادار المصرية والسوفيتية الصنع من طراز (B-8) و(B-20) و(B-12) و(B-13) كلها تعمل لتبحث عن أي عدو يتسلل الى مجالنا الجوي. جميع العمال الفنيين امام شاشات الرادار لكن هذه الشاشات لم تظهر عليها طائرة واحدة لأن محطات الرادار لم تكن لديها القدرة على التقاط اى اهداف او طائرات تحلق على ارتفاع اقل من 500 متر !!. اقتربت الطائرات الإسرائيلية دون ان يراها احد، وفجأة وفي وقت واحد وصلت الطائرات الإسرائيلية في مفاجئة عنيفة فوق جميع القواعد الجوية المصرية في سيناء والدلتا وفي الجنوب، وبدأت فورا في قصف القواعد وضرب الطائرات المصرية الرابضة فوق الأرض بلا دشم أو ملاجئ تحميها، وبدأت الإنفجارات تتوالى وربضت الطائرات المصرية الى الأبد بينما كانت طائرات إسرائيلية آخرى تهاجم الممرات لتدمرها نهائيا وتمنع الطيارين من الإقلاع. وبدأ الطيارون والميكانيكيون يهرعون هنا وهناك بحثا عن حل، لكن وصول الطائرات الإسرائيلية الى القواعد الجوية المصرية بهذة المباغتة كان من الناحية الفنية تدمير القوات الجوية المصرية تماما.لكن الصورة لم تكن قاتمة الى هذا الحد، وكون مصر استسلمت مع بداية الهجوم هو أمر خاطئ، فقد كان هناك عدد كبير من الطيارين المصرين الذين رفضوا الاستسلام للأمر الواقع وانطلقوا بطائراتهم رغم ان المطارات تعتبر فنيا (مطارات مغلقة) لا تصلح للإقلاع أو الهبوط. لقد حطم هؤلاء المستحيل وأنجزوا أعمالا فاقت التصور. ففي مطار أبو صير: يخرج الطيار نقيب عبد المنعم مرسي بطائرته برغم أن أطول مسافة سليمة في الممر لم تتجاوز 500 متر في حين أنه يحتاج الى ممر بضعف هذا الطول ليتمكن من الإقلاع بالطائرة، لكنه لجأ الى حيلة انتحارية بأن شغل ماكينة الطائرة على أقصى سرعة في الوقت الذى كان فيه ممسكا بفرامل الطائرة ثم تركها دفعة واحدة لتنطلق الطائرة كالصاروخ ثم جذب عصا القيادة الى اعلى لينطلق في الجو قبل ان يتجاوز الـ 500 متر السليمة من الممر. ويدخل بطائرته في معركة مريرة غير متكافئة لكنه يتمكن من إسقاط طائرتين الى ان وصل وقود طائرته الى الحد الحرج وكان لابد له في هذه الحالة ان يقفز بالمظلة ويترك الطائرة لكنه أدرك أن مصر في هذه الحالة في أمس الحاجة الى أي طائرة سليمة فحاول المستحيل ليهبط بالطائرة التى يكاد وقودها ينفذ فوق مطار مدمر وبين يدي العدو الذى امتلك السماء. وفي اثناء الهبوط تسقط الطائرة داخل حفرة كبيرة ويلقى الشاب العظيم ربه شهيدا داخل طائرته بملابسه العسكرية. وفي مطار فايد. ينطلق الطيار رائد مدحت المليجي بطائرته السوخوي متجها الى مطار “رامات ديفيد” الإسرائيلي حيث كانت المعلومات تشير الى وجود عدد كبير من طائرات العدو الا انه حينما وصل هناك لم يجد غير مجموعة من طائرات الهليكوبتر فقام بتدميرها ودار عائدا الى مصر ليجد جميع المطارات مدمرة وغير صالحة للهبوط وكان لابد له ان يقفز بالمظلة لكنه آثر المحافظة على الطائرة سليمة فاتجه الى احد الطرق البرية في منطقة القناة وبدأ في استجماع كل كفاءته للهبوط على هذا الطريق. وما أن بدأ فعليا في الهبوط حتى شهد سيارة ملاكي قادمة فى الاتجاه المعاكس فجنح بطائرته لينقذ السيارة وتحطمت طائرته واشتعلت ولقى البطل ربه.”
Read more about شهداء يوم النكسة on:
http://www.almoarekh.com/2006/01/%d8%b4%d9%87%d8%af%d8%a7%d8%a1-%d9%8a%d9%88%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%83%d8%b3%d8%a9/?utm_source=INK&utm_medium=copy&utm_campaign=share&