الغارات الجوية علي معسكرات المسلحين مستمرة: ســيناء.. مقبرة الإرهاب
تحقيق: سـيد صالـح
بين إرادة سياسية, كانت تدعم الإرهابيين, وبين قرارات رئاسية صدرت لغل يد القوات المسلحة عن استكمال العملية نسر لتدمير بؤر الإرهاب في سيناء, وغلق الأنفاق لمنع تسرب عناصر حماس من غزة, وأكناف بيت المقدس, والجهاد الإسلامي.. سقطت سيناء في قبضة الإرهابيين والجماعات المسلحة التي جاءت من مختلف الدول, لتهديد الأمن القومي المصري وزعزعة الاستقرار, وتنفيذ حلم المتطرفين في إقامة إمارة إسلامية في سيناء!!
وبعد سقوط نظام الإخوان, قررت القوات المسلحة الباسلة, تصفية بؤر الإرهاب في سيناء, لتحريرها من المتطرفين, والقضاء عليهم, ويبقي السؤال: إلي أين تتجه الأمور في سيناء؟.. وهل تنجح المواجهة العسكرية وحدها كحل دائم لتأمين الحدود من عمليات التسلل التي تمارسها عناصر حركة حماس وغيرهم من الإرهابيين الذين قرروا احتلال سيناء لتنفيذ مخططاتهم؟.. ومتي تبدأ الدولة في تعمير سيناء لقطع الطريق علي الإرهابيين؟
بؤر الارهاب في سيناء سوف تنتهي لا محالة وإن طال الوقت, هكذا قال لنا الفريق حسام خير الله رئيس هيئة التقديرات والمعلومات بالمخابرات العامة سابقا, مشيرا إلي ضرورة إحلال الأمن, ومعاملة أهل سيناء كمواطنين, والتحرك التنموي علي عدة محاور, من خلال التنمية السياحية, والزراعية, وإقامة الصناعات, لخلق فرص عمل لأبناء سيناء, ولابد من التعامل مع سيناء بفكر استراتيجي, بحيث يتم بناء المدن بطريقة تساعد علي تأمينها. وتحلية مياه, لاستخدامها في تنفيذ مشروعات التنمية التي صدر قرار بشأنها قبل رحيل مبارك بسنوات ثم توقف ربما لضغوط خارجية أدت إلي عدم تفعيل قرار تنمية سيناء, بهدف إخلائها من الكتل السكانية لكي يكون الدخول والخروج إليها أمرا سهلا.
محاور المواجهة
وبشكل عام, يوجد في سيناء- والكلام لـ اللواء حسام سويلم الخبير العسكري والاستراتيجي- تحالف رباعي يضم أعضاء من جماعة الإخوان, وأعضاء من تنظيم القاعدة, وتنظيمات إرهابية أخري تشمل مجلس شوري المجاهدين, وأكناف بيت المقدس, وجماعة التوحيد والجهاد, والقوات المسلحة تواجه حاليا هذا التحالف الرباعي, وسوف تتمكن من القضاء عليه خلال الفترة القادمة, مشيرا إلي أن المواجهات ضد الإرهابيين في سيناء تجري وفق خطط مدروسة, وسوف تؤتي ثمارها خاصة بعد أن تم رفع الغطاء السياسي الذي قدمة الرئيس المعزول محمد مرسي لتلك الجمعات المتطرفة, بأن سمح لها بالاستقرار في سيناء, ومنح العديد من أعضائها عفوا رئاسيا عن الجرائم التي ارتكبوها من قبل, وإذا تم القضاء علي الإرهاب في سيناء, وذلك سيحدث لا محالة فسوف تنتهي الجماعات المناصرة للإخوان, والتي يستعينون بها في إرباك المشهد السياسي الحالي, كما استطعنا مواجهة معسكرات الإخوان في منطقتي رابعة والنهضة- ولاشك أن مصر قادرة عليها- سينتهي الإرهاب من سيناء.
نجاحات كبيرة
والحال هذه, فإن الحرب علي الإرهاب في سيناء قد حققت نجاحات كبيرة حتي الآن, ويتمثل ذلك في تدمير80% من الأنفاق, وكذلك تدمير28 مضخة وقود, كما تمكنت القوات المسلحة من القضاء علي بؤر الإرهاب, حيث تقوم المواجهات الحالية للجماعات الإرهابية في سيناء علي منظومة أمنية رباعية, يقوم البعد الأول فيها علي المعلومات من خلال الاستطلاع الجوي, والمخابرات البشرية, ومساعدة عواقل سيناء, وابنائها الوطنيين, إلي جانب اختراق أفراد الأجهزة الأمنية التي لهذه التنظيمات المتطرفة, بالإضافة إلي الحجم المناسب من القوة العسكرية, من قوات الصاعقة, والقوات الجوية, و قوات المدفعية, ونحو50 ألف جندي من الأمن المركزي, والاعتماد في المواجهات العسكرية علي الضربات الاستباقية, من خلال التحرك بطريقة الفعل وليس رد الفعل, وتحقيق نظرية الردع, من خلال تنفيذ الأحكام علي من يتم ضبطهم من أعضاء الجماعات الإرهابية المتمركزة حاليا في سيناء, وتقديمهم للمحاكمة جراء ما ارتكبوه من جرائم, تهدد الأمن القومي المصري.
خط المواجهة
ولاشك ذ والكلام مازال لـ اللواء حسام سويلم الخبير العسكري والاستراتيجي- أن المواجهة مع االجماعات الإرهابية المتطرفة في سيناء ليست سهلة, وتحتاج إلي بعض الوقت, خاصة أن أعضاء هذه لجماعات يقيمون وسط السكان في مناطق داخل وحول مدن رفح, والشيخ زويد, والعريش, مثل الجميعي والمهدية, وجعشبان, والبرق, وغيرها, كما يختبئون في الزراعات والأحراش وأشجار الزيتون, ومن ثم يتم التعامل معهم بحذر شديد حتي لا يصاب السكان المدنيون بأذي, كما أنهم يمارسون أنشطتهم الإرهابية تحت جنح الظلام, ناهيك عن الطبيعة الصحراوية لأرض سيناء, وما تحتويها من بعض الجبال التي تشكل ملاذا لأعضاء هذه التنظيمات الإرهابية المتطرفة, التي قدمت إليها من دول كثيرة, ومن أبرزهذه المناطق الجبلية, جبل الحلال الذي يقع في وسط سيناء وجنوب العريش بحوالي60 كيلو مترا, ويعد ملاذا تحتمي به العناصر الخارجة علي القانون من أعضاء التنظيمات الإرهابية, وتجار المخدرات, والسلاح, حيث إن مداخله ومخارجه ومغاراته الكثيرة, ووعورته, جعلت منه الاختيار الأمثل لأعضاء هذه التنظيمات المتطرفة, والخارجين علي القانون, للهروب من الملاحقات والهجمات العسكرية والأمنية التي تشنها الجيش والشرطة, لتصفية هذه البؤر الإرهابية.
المواجهة المسلحة وحدها لا تكفي
والتنمية- كما يقول اللواء حسام سويلم لن تتحقق إلا في ظل توفير الأمن, وإغلاق الأنفاق نهائيا, لمنع تسرب عناصر حركة حماس, التي تمثل قاعدة عسكرية ولوجستية لجماعة الإخوان, كما أنها تشكل ركيزة إمداد دائمة بالإرهابيين, والأسلحة, والذخائر, والأموال, إلي المنظمات الإرهابية المتواجدة في سيناء, حيث يتم الإمداد بها عبر الأنفاق المتواجدة تحت الأرض( أكثر من1200 نفق) علي الحدود بين مصر وقطاع غزة, مؤكدا أن التنظيمات الإرهابية في سيناء تحظي بتمويل ضخم من قوي خارجية, تخطط لزعزعة الاستقرار والأمن في سيناء, واستهداف الأمن القومي المصري, اعتمادا علي القوي البشرية المسلحة من أفراد هذه الجماعات المسلحة, فضلا عن تهريب الأسلحة عبر الأنفاق والحدود المصرية, والاستفادة من الاتصالات المرتبطة بشبكة زأورانجس التي تغطي اسرائيل وغزه, والإعلام المضاد متمثلا في قناة الجزيرة, ووكالة أنباء الاناضول, وشبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية.. وإلي جانب المواجهات المسلحة مع العناصر الإرهابية المتطرفة في سيناء لابد من العلاج الاساسي بالمواجهة الفكرية لأفكار القيادي الإخواني الراحل سيد قطب صاحب كتاب معالم في الطريق وفي ظلال القرآن, بالإضافة إلي ضرورة إحلال الأمن, من خلال تجفيف منابع الإرهاب في سيناء, فالأمن يمثل الركيزة الأسياسية لأي عملية تنموية يمكن أن تقوم في هذه المنطقة العزيزة علي أهل مصر جميعا.
تطورات الأحداث
وبعد ثورة25 يناير2011- والكلام لـ اللواء طيار أركان حرب متقاعد محمد زكي عكاشة رئيس حركة مقاتلون من أجل مصر- دخلت قوات من حماس عن طريق معبر رفح البري بواسطة سيارات دفع رباعي, وقاموا بالهجوم علي مدينة رفح, استهدافا للشرطة علي اعتبار أن الشعب المصري كان في مواجهة معها في ذلك الوقت, وأعقبه هجوم آخر في يوم29 يناير2011, واستولوا علي المنطقة من خط الحدود وحتي مدينة العريش, حتي منطقة العمق في مدينة طابا.. ونتيجة لحالة الانشغال بالثورة ومتطلباتها, قام المجلس العسكري السابق بتأجيل المواجهة مع الإرهاب في سيناء لحين الانتهاء من المشكلات التي كانت تعانيها مصر في الداخل, ثم قام الرئيس المعزول محمد مرسي باستدعاء وجلب جميع عناصر الإرهاب الموجودة في دول خارجية للاستقرار في سيناء تنفيذا لمخطط أمريكي صهيوني, بإلإضافة لإصداره قرارات رئاسية بالعفو عن المسجونين في جرائم إرهاب سابقة, وكان من الطبيعي أن يتوجه هؤلاء الإرهابيون للاستقرار في سيناء, وهذه الجماعات بطبيعة الحال تعمل بتوجيهات من المخابرات الأمريكية, ومخابرات بعض دول المنطقة, ومن ثم صدرت لهم الأوامر بالاستقرار في سيناء, استغلالا لانشغال الدولة المصرية بمشكلات الداخل, ومنها الاعلان الدستوري, وحل مجلس الشعب, والانفلات الأمني, وحصار المحكمة الدستورية, ومدينة الانتاج الإعلامي و, وغيرها من المعارك الداخلية التي شهدتها مصرخلال فترة تولي الرئيس المعزول محمد مرسي.
وعندما حدثت حادثة قتل الجنود المصريين الـ16 في رفح, في رمضان قبل الماضي, وبدأت القوات المسلحة في المواجهة, قرر الرئيس المعزل غل يد القوات المسلحة عن مواجهة الجماعات الإرهابية المتطرفة في سيناء, وكانت هذه هي بداية الانشقاق والخلاف بين الرئيس المعزول وجماعته والقوات المسلحة, حيث شعرت القوات المسلحة أن الرئيس المعزول وجماعته لا يعملون لصالح مصر, وإنما يسعون فقط لتحقيق أهداف أمريكية صهيونية.
وبعد ثورة الشعب المصري في30 يونيو, وهي غير مسبوقة في التاريخ, وتلاحم القوات المسلحة مع شعبها, كان من الطبيعي ذ كما يقول رئيس حركة مقاتلون من أجل مصر- أن تبدأ القوات المسلحة فورا في مواجهة الإرهاب, وهي المواجهة التي تأخرت3 سنوات, حتي استقوت هذه الجماعات بأسلحة وأفراد وجماعات إرهابية مسلحة ماجورة, جاءت من الشيشان, وألبانيا, واليمن, وأفغانستان, فقويت شوكتها, ومن ثم, فإنني أري أن المواجهة ليست سهلة, غير أن القوات المسلحة بما لديها من كفاءات, وقدرات قتالية, وقيادة وطنية قادرة علي هزيمة هذه الجماعات, لكن الأمر يتطلب بعض الوقت, حتي تتمكن القوات المسلحة من القضاء علي هذه الجماعات الإرهابية, علما بأن المواجهة مع الإرهاب تستلزم تقديم التضحيات البشرية والمادية..
والحقيقة- كما يقول رئيس حركة مقاتلون من أجل مصر- أن الشعب المصري حين خرج يوم30 يونيو وما تلاه, فإنه لم يكن يواجه جماعة الإخوان المسلمين وحدهم, ولكنه- كان ومازال- يواجه الولايات المتحدة الأمريكية بما لديها من مخططات لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي خططت له الولايات المتحدة الأمريكية منذ30 عاما أو يزيد لتقسيم المنطقة إلي دويلات صغيرة, وتفكيك الجيوش العربية, لكي تصبح إسرائيل هي القوة العظمي في المنطقة, الأمر الذي يستلزم دعما شعبيا للقوات المسلحة, وإعطاءها الفرصة كاملة لمواجهة هذه الجماعات المسلحة التي أصبحت تشكل تهديدا خطيرا علي الأمن القومي المصري.
غياب الإرادة السياسية
والمواجهة العسكرية مع هذه الجماعات المتطرفة- والكلام مازال للواء محمد زكي عكاشة- لن تنجح بالحل الأمني والعسكري فقط, وإنما يجب أن تعقبها حرب تنمية وتعمير, فمنذ عام1982, تم الإعلان عن أول مشروع لإعادة تعمير وتنمية سيناء, وأعقبه أكثر من10 قرارات رئاسية ووزارية لتعمير سيناء, وتم وضع العديد من الخطط التنموية, لكن علي أرض الواقع لم تتحقق سوي إنجازات هزيلة علي مدار هذه السنوات, لغياب الإرادة السياسية لتعمير وتنمية سيناء طوال هذه السنوات, الأمر الذي يستلزم البدء بشكل عاجل في تفعيل مخططات التنمية لسيناء, والتي توقفت طوال هذه السنوات.
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/228455.aspx