جبل الحلال بشمال سيناء .. جعلته الظروف والجغرافيا المنطقة الأخطر فى مصر، ففى باطنه وتحت سفحه يعيش مواطنون منسيون، تحولوا إلى متطرفين ومجرمين هاربين من أحكام قضائية، ويشكلون خطراً على الأمن القومى المصري، وذلك إما اختيارياً عن سبق إصرار أو إجبارياً بسبب تلفيق أمنى.
و جبل الحلال يبعد نحو ٦٠ كم إلى جنوب العريش. سُمّي كذلك لأنّ كلمة الحلال تعني الغنم لدى بدو سيناء، فقد كان أحد أشهر مراعيهم.
و يمتد الجبل لحوالي ٦٠ كم من الشرق إلى الغرب، ويرتفع نحو 1800 متر فوق مستوى سطح البحر. ويقع ضمن المنطقة ج التي وفقا لبنود اتفاقية كامب ديفيد يُمنع فيها تواجد أي قوات للجيش المصري، وبالتحديد يُعتبر وجود الدبابات مُخالفة.
تتكون أجزاء من الجبل من صخور نارية وجيرية ورخام، وهي منطقة غنية بالموارد الطبيعية، ففي وديان تلك الجبال تنمو أشجار الزيتون وأعشاب أخرى مفيدة. ويمتلئ الجبل الذى يشكل امتدادا لكهوف ومدقات أخرى فوق قمم جبل الحسنة وجبل القسيمة وصدر الحيطان والجفجافة وجبل الجدي، بمغارات وكهوف وشقوق يصل عمقها أحيانا إلى ٣٠٠ مترًا. وبه فحم اكتشفه درويش الفار في عهد جمال عبد الناصر.
ويمتلئ الجبل الذى يشكل امتدادا لكهوف ومدقات أخرى فوق قمم جبال الحسنة والقسيمة وصدر الحيطان والجفجافة والجدى، بمغارات وكهوف وشقوق يصل عمقها أحيانا إلى 300 متر. ويضم جبل الحلال منطقة وادي عمرو على الحدود المصرية الإسرائيلية، منطقة القصيمة.
ويقول الدكتور محمد عزب، خبير الجيولوجيا والاستشعار عن بُعد فى جامعة الزقازيق، إن الجبل يزيد ارتفاعه على 1800 متر، بعمق 60 كيلومتراً، وتحيطه مناطق وعرة، مما يجعل مهمة قوات الأمن شبه مستحيلة فى الوصول إلى الهاربين والفارين، ويُضيف: حدث تعاون بين أبناء المنطقة مع قوات من الجيش المصرى التى اتخذت من الجبل ستاراً لتحركاتها خلال تنفيذها بعض العمليات فى حرب الاستنزاف.
وأوضح عزب أن الجبل يمتد من منطقة الفالوجة بالقرب من قناة السويس حتى شمال مدينة العريش، ومن منطقة وسط سيناء حتى عمق صحراء النقب داخل إسرائيل، ومن أهم مميزاته الجيولوجية ارتفاعه، الذى يجعل باقى المناطق منخفضة بجانبه، حتى التصوير الفضائى لا يستطيع أخذ لقطات لهذه المنطقة، مؤكداً أن المنطقة تحولت من منبع ثروات إلى مخبأ للجهاديين، ليتحول الجبل من كابوس للإسرائيليين إلى فزاعة للمصريين.
جبل الحلال .. مأوى الإرهاب في سيناء بدأت شهرة الجبل عام 2004، تحديدًا في شهر أكتوبر، بعد أحداث تفجيرات طابا والتي استهدفت فندق هيلتون طابا ومخيمين سياحيين في منطقة رأس شيطان ومدينة نويبع جنوب سيناء، وبعدها حاصرت قوات الأمن جبل الحلال لاشتباه اختباء المتورطين في الأحداث هناك، ووقعت اشتباكات قوية بين الشرطة وبعض أفراد الجماعات والتنظيمات الجهادية راح ضحيتها "سالم الشنوب؛ المسؤول العسكري لتنظيم التوحيد والجهاد.
بعد أقل من عام، يتكرر المشهد مرة ثانية في "تفجيرات شرم الشيخ 2005"، والتي تعتبر أشد الأعمال الإرهابية التي وقعت في مصر خلال السنوات الأخيرة، حيث استهدفت منطقة السوق القديم "البازار"، فندق الموفينبيك، فندق غزالة جاردنز بخليج نعمة. وبلغ عدد ضحايا الحادث أكثر من 80 قتيلاً وعشرات الجرحى من المصريين والأجانب.
و آخر تلك العمليات للعناصر الجهادية كان فى رمضان الماضى حيث تم اغتيال ستة عشر جنديا مصريا.
وأصبح جبل الحلال مسرحاً للمواجهات بين الشرطة المصرية والمطلوبين فى تفجيرات طابا وشرم الشيخ، حيث شهد الجبل مواجهات دامية وسقوط قتلى وطائرات وتفجير دبابات، كما وقعت مواجهات دامية وعنيفة بين قوات الشرطة وتنظيم التوحيد والجهاد، الذى اتخذ الجبل المنيع حصناً له، لكن المواجهات انتهت بعشرات القتلى من الشرطة، وبتصفية كاملة لأعضاء التنظيم، بعدما فقدت الشرطة المصرية طائرة أسقطها التكفيريون.
ولم يذكر أحد الجبل منذ عامين، إلا فى 2011، بوقوع حادث أعاده للأذهان، عندما نفذت قوات من الجيش والشرطة العملية "نسر" بحجة أنه يؤوى العناصر المطلوبة لدى الأجهزة الأمنية، على خلفية أحداث عنف فى سيناء، لكن المنطقة المحيطة كانت خالية من أى مطلوبين، وأوضح عزب أن الجبل أصبح ملاذاً للخارجين عن القانون لعدة أسباب، أهما أن تكوين الجبل من الحجر الجيرى، ونتيجة لأن منطقة سيناء ممطرة فى الشتاء، فيصنع الجبل كهوفاً ومغارات طبيعية، فيُصبح مأوى للهاربين، فى ظل غياب الأمن والقانون.
القاعدة في جبل الحلال! محاضر التحقيقات التي نظرتها الأجهزة الأمنية المصرية والنيابات والمحاكم خلال السنوات العشر الأخيرة تجد خليطا من الأسماء والتوجهات التي استوطنت المنطقة ج أو اتخذتها مرتكزا لعملياتها المختلفة في شمال سيناء وجنوبها فبعض التنظيمات التكفيرية التي هربت منذ أواخر التسعينات من ملاحقات الأمن في الفيوم وبني سويف جنوب القاهرة جاءت الى هذه المنطقة.
وحين وقعت خلافات داخل تنظيم الجهاد المصري، في أواخر التسعينات فر الأشد تطرفا في التنظيم إلى سيناء أيضا، وكانوا يعرفون في ذلك الوقت باسم التكفير والجهاد ووجد تجار سلاح ومهربو بشر ومخدرات ملاذا آمنا في المنطقة ج لضعف التواجد الأمني فيها.
وتشير أصابع الاتهام في الهجمات الأخيرة على قوات الجيش والشرطة في سيناء إلى جماعة السلفية الجهادية المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي نفذ أنصارها عمليات اطلاق الصواريخ على ايلات في إسرائيل إضافة إلى تفجير خط تصدير الغاز لكل من إسرائيل والأردن المار من سيناء.
ويتعامل أبناء سيناء مع موضوع الإرهاب هناك بحساسية خاصة، قائلين إن أبناءهم لا يمكن أن يكونوا متورطين في مهاجمة جنود الجيش والشرطة.
ولذلك يقول أبناء سيناء إن قصة الأمن تحتاج إلى مصالحة وطنية وإعادة النظر في الواقع الأمني وسد ما فيه من ثغرات.
احد السكان: حالة الفقر لم تتغير منذ 1967 اما عن حالة السكان في الجبل فيقول الحاج موسى إنه يعيش فى الجبل منذ ولادته وهو الآن يبلغ من العمر أكثر من 50 عاماً، وإن حالة الفقر التى يعيش فيها سكان الجبل تشبه حالتهم المعيشية التى كانوا عليها بعد نكسة 1967، ولم يتغير شىء بل زادت حالتهم سوءاً. وأضاف: إن حالتهم تتحسن عند هطول الأمطار فتنمو بعض الأشجار التى يأكلون منها وتعيش عليها أغنامهم، إلا أن تلك الأمطار لم تهطل منذ عامين، قائلاً: آخر مرة نزل فيها المطر كان من سنتين، استطعنا وقتها تجميع المياه فى الخزانات حتى نشرب ونروى الزرع، والأزمة حالياً أن الخزانات جفت وأصبحنا لا نجد مياهاً لنا وللماعز أو لرى الشجر.
يقع أقرب خزان مياه من "عشة" الحاج موسى على بعد كيلو متر تقريباً ويعتمد على مياهه ليشرب هو وأولاده، إلا أن ذلك الخزان جف من المياه بسبب ارتفاع درجات الحرارة هذا العام، فلم يعد أمامه سوى أن يركب حماره ويسير إلى البئر التى تبعد كليومتر آخر عن الخزان وسط الصحراء ليجلب مياه الشرب.
أطفال الجبل لهم نصيب كبير من المعاناة، فلا مدارس قريبة ليحصلوا على حقوقهم فى التعليم، ولا مستشفى أو مستوصف صحى فى المنطقة بأسرها، وأقرب مشفى يمكنهم الذهاب إليه يقع فى مدينة الشيخ زويد، التى تبعد أكثر من 200 كيلومتر، وبالطبع فأبناء من وردت أسماؤهم فى سجلات المطلوبين لا يستطيعون تخطى الكمائن الموجودة على الطريق.
المصدر
http://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2013/08/04/421297.html
تحياتي
بحري من عكا