برج القاهرة..المعني والرمز
وجدي رياض
في حفل اسطوري ارتبط بثورة الجيش.. وفي حشد اسطوري ارتبط بثورة البعث الشعبية في ميدان التحرير يطل برج القاهرة المعني والرمز.. الزهرة والبعث.. زهرة اللوتس أشهر معالم القاهرة الحديثة علي شباب الميدان منذ62 عاما تم افتتاح برج القاهرة أشهر معالم العاصمة, تم تشييده وفي حفل اسطوري تم افتتاحه مرتبطا بثورة الجيش, وجاء بناء البرج في صورة معمارية ساحرة مرتفعا يعانق السحاب ويطل علي كل معالم القاهرة الكبري( من القناطر الخيرية وحتي أهرامات الجيزة) وقد احتل مكانه العبقري مساحة رحبة في أرض الجزيرة التي أنجبها نهر النيل, وافترشت أرض الجيزة معالم مهمة ضمت حي الزمالك ونادي الجزيرة والنادي الأهلي واتحاد الكرة والأوبرا الحديثة.
برج الجزيرة الذي جاء شاهدا علي أنفاس الجموع المحتشدة بالملايين في ميدان التحرير وهم معتصمون لاسترداد الثورة الشبابية المسروقة في اصرار وعزيمة, استجاب لها الجيش فجاء برج القاهرة ليسجل المعني والرمز زهرة اللوتس, المطلة علي ورود وزهور الميدان.. أو قل الزهرة والبعث.
لم يخطر علي بال المهندس العبقري نعيم شبيب أن هذا المبني الذي استوحي فكرته من نقوش القدماء المصريين فوق جدران المعابد وهي زهرة اللوتس إنها بعد60 عاما سوف يطل عليها شباب ميدان التحرير في ثورتهم الأولي25 يناير2011, ولا في ثورتهم الثانية30 يونيو2013 لاسترداد ثورتهم التي سرقت منهم.. واستجاب الجيش لهتاف الشباب ولافتتاتهم وأعلامهم ووطنيتهم فجاء برج القاهرة المعني والرمز وجاءت ثورة الشباب الحياة والبعث.
وبرج القاهرة الرشيق في قوامه, والجميل في طلعته, والعالي في رؤيته, والمتفتح في زهرته, والمضئ في مبناه, أصبح الآن يتبادل التاريخ ويغازله, فمن عجب أن يتم بناء البرج في11 فبراير منذ60 عاما وهو تاريخ تنحي الرئيس السابق عن الحكم.
تقول الاسطورة مرددة أوراق التاريخ إن زهرة اللوتس ـ التي تغني بها المصري القديم علي ضفاف النيل والتي إرتوت من مائة العذب ـ جاءت هذه الزهرة ـ كما يقول عالم النبات د.لطفي بولس ـ من أواسط إفريقيا سابحة مع فيضان النيل, واستوطنت الأرض المصرية, ويصفها علماء النبات بأنها زهرة برية, وتحكي الاسطورة بأنها كانت تتفتح بالنهار مثل أغلب الكائنات وتنام ليلا راقدة تحت سطح الماء مرتديه الثوب الأبيض تارة والأزرق تارة أخري, وكانت بمثابة قربانا ينثر علي رفاة الآلهة في رحلة الموت لكي يعيش رحلة البعث والحياة في العالم الآخر.
استلهم مصمم البرج هذا الرمز الجميل ليطل علي النهر وفرعه الذي يحاصر الجزيرة فجاء تحفة فنية معمارية رائعة لا ينافسه فيها سوي برج إيفل في وسط العاصمة باريس والمطل علي نهر السين.. وأصبح برج القاهرة مزارا فريدا من نوعه ويطل من ارتفاع187 مترا لا ينافسه في علوه سوي أهرامات الجيزة, ويتصدر دائرة ارتفاعه تليسكوبات مكبرة مزروعة في أركان شرفته المستديرة علي القلعة شرقا وأكتوبر غربا, والقناطر شمالا, والأهرامات جنوبا, وحتي أهرامات دهشور إنه يطل علي النيل وكباري النيل والأوبرا وجامعة الدول العربية وسلاسل الفنادق العالمية ووزارة الخارجية والتليفزيون وميدان التحرير والنوادي, وحدائق قصر الجزيرة التي كلف فيها الخديوي إسماعيل المهندس الفرنسي دي شامب لتنسيق حديقة القصر الذي بناه خصيصا للامبراطورة أوجيني( مكان فندق الماريوت الآن) بمناسبة قدومها لمصر لافتتاح قناة السويس.. وكانت ـ يقول د.يحيي الزيني الأستاذ بكلية الفنون الجميلة ـ هذه الحدائق ممتدة مكان الماريوت وحتي كوبري قصر النيل لمسافة تمتد لكيلو مترين.
يعتبر برج القاهرة من أهم معالم العاصمة بعد القاهرة الفاطمية والخديوية, وقد شيد علي قاعدة من الجرانيت الأسواني الوردي الجميل, وهو نفس الجرانيت الذي شيد به القدماء مسلاتهم الشامخة في ميادين روما ولندن وواشنطن واستانبول عدا مسلات مصر( عدد المسلات المصرية52 مسلة نسبة منهما مدفون في الأرض الإيطالية).
وإذا كان إنشاء البرج يعني رمز زهرة اللوتس ـ فإنه من وجهة نظر رجال السياسة في هذا الوقت أنه يعني شوكة لمن يتطاول علي مصر, وهذا التعبير جاء علي لسان المؤرخ العسكري لثورة يوليو جمال حماد بأن عبدالناصر كان يرمز للبرج بأنه هكذا وفي قول آخر بأنه يعني رفضا للفكر الاستعماري, بينما آخرن يرون أن البرج تم استثماره لالتقاط موجات اللاسلكي.
قام ببناء البرج500 مهندس وفني وعامل واستغرق تشييده60 شهرا, وحملت علي واجهة البرج قطعة الرخام التي ترمز إلي حجر الأساس باسم جمال عبدالناصر, وهناك قطعة أخري من الرخام حملت اسم الرئيس السابق حسني مبارك لعملية تجديد البرج, وفي آخر تجديد للبرج كانت التكنولوجيا حاضرة وبقوة, فلم يكن مقبولا أن يقف هذا الصرح الشامخ في عظمته, والمتحدي في معماره, والبعث في رمزه, أن يقف في ظلمة الليل بالجزيرة بلا إضاءة تعلن عن مكانه, ومكانته, كمعلم سياحي معروف ومزار سياحي ممتع للناظرين والزائرين.
وقد تم أخيرا تزويده ببواعث للضوء بنظامLED مطلقا ألوان الطيف السبع في صور بقع مضئية وكأنها تحاكي نجوم العاصمة التي ترصع سماءها ليلا, وقد تجسدت علي قامته لتميزه من بعيد وتري من مرتفعات أكتوبر.
وتحرس البرج أعمدة من الخرسانة المسلحة تساند مبناه الخرساني الصامت, وقد زود البرج بمصعد كهربائي ينطلق بك صوب القمة بارتفاع60 طابقا, في زمن لا يتجاوز60 ثانية, ويساير في أدائه مصعد برج إيفل الفرنسي الذي يخطف القلوب في سرعته وتري من فتحاته معالم العاصمة.
وبعد بلوغ قمته تترجل صاعدا درجات سلم دائري لتبلغ القمة الدائرية المزودة بالتلسكوبات التي تكشف المعالم المهمة في القاهرة.
ويعلق خبراء التنسيق الحضاري أن معالم القاهرة ـ بعض منها اختفي أمام الأبراج التي احتلت شاطئ النهر الشرقي والغربي علي مدي البصر, واشتري البعض ضفاف النهر حيث الفنادق ذوات النجوم الخمس, وناطحات السحاب ـ في ظروف استثنائية ـ فحجبت الرؤية, وحجبت أيضا نسيم النهر من أن يتسلل داخل شوارع العاصمة, في الوقت الذي تضاعف عدد السيارات وعدد رحلات السيارات داخل العاصمة وعددها مليون سيارة تحقق23 مليون رحلة يوميا, وتحرق أكثر من17 مليون طن بنزين وسولار وغاز طبيعي, تلوث سماء المدينة بالعوادم الكربونية, والكبريتية, والأزوتية, والرصاص, وضاقت الطرق الدائرية وبالمحاور بأعداد السيارات التي لوثت جدران المباني المطلة علي الشوارع المكدسة بالسيارات والتي ينبعث منها الغازات.
في البرج منطقة للمطاعم المطلة علي مؤسسات ضخمة متراصة ذات بعد إعلامي وسياسي وسياحي وثقافي مثل التليفزيون ووزارة الخارجية وسلاسل الفنادق والأوبرا.
مشهد خلاب قلما تجده في عواصم كثيرة تملك رصيد هائل من القوة الناعمة وتاريخ ضارب في القدم حقق حضارات عبرت7000 سنة من الإغريق والرومان والقدماء المصريين, واليهودية, والمسيحية, والإسلام, والفاطميين, والبابليين, والقاهرة الخديوية, والملكية والمعاصرة, حتي بلغت ثورة البعث ثورة الشباب وتبادل البرج النظرات مع ثورة الشباب في التحرير في معني رائع.. يؤكد قوة الجيش وعظمة الشعب.
http://www.ahram.org.eg/News/899/99/224258/%D9%85%D9%86-%D8%A8%D8%B1-%D9%85%D8%B5%D8%B1/%D8%A8%D8%B1%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9%E2%80%8F%E2%80%8F%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%86%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%85%D8%B2.aspx