بدا وضع الجبهة سيئا لقيادة اﻷركان في عمان منذ عصر السادس من يونيو. فقد دمرت القوة الجوية اﻷردنية، و سقطت قلعة اللطرون بسرعة، اللواء اﻷول (لواء اﻷميرة عالية - بقيادة العميد تركي بعرة) مشاة، و المدافع عن قلقيلية و طولكرم، انهار ذلك اليوم بعد مهاجمته من لواء مشاة إسرائيلي. في القدس سقطت المواقع الحصينة في تل الذخيرة، الشيخ جراح، و تل مفتار للدروع و قوات المظلية اﻹسرائيلية بينما سقط القسم الجنوبي مثل أبو طور و جبل صهيون بيدي لواء عتصيون. المدينة القديمة كانت محاصرة ما عدا مرتفع اوغسطا-فكتوريا المؤدي لطريق أريحا. و كانت جنين قد سقطت و كانت القوة الوحيدة الصامدة (حتى ذلك الوقت) هي اللواء 40 عند قباطيا. إضافة لذلك، كان الطيران اﻹسرائيلي يجعل أي دفاع منسق عن الضفة مستحيلا. حيث كانت الطائرات اﻹسرائيلية تحلق فوق وادي اﻷردن باستمرار و تدمر الأرتال العسكرية على جانبي الضفة. حيث احدثت اضطرابا في حركة اللواء 27 مشاة و كذلك اللواء 60 دروع عندما توجه لدعم الدفاع عن القدس. و كذلك ضرب الطيران بقوة اللواء 6 مشاة (لواء القادسية) اثناء حركته نحو القدس. و عليه، رغم بقاء طريق القدس أريحا بيد اﻷردن نظرياً، فإنه كان عمليا بحكم المقطوع بسبب سلاح الجو اﻹسرائيلي.
إضافة لذلك، كانت قيادة اﻷركان في اﻷردن تعتقد أن اﻷمور أسوأ مما هي عليه فعليا في الضفة الغربية بسبب المبالغات و عدم الصدق في التقارير الميدانية. كان هناك ميل عام للقادة الميدانيين في المبالغة بحجم القوات اﻹسرائيلية التي امامهم، و بحجم و عدد الضربات الجوية التي زارتهم، و حجم خسائرهم. و بناءا على هذه التقارير بدأت القيادة العامة تشعر ان الوضع في الضفة أصبح خاسرا منذ مساء الخامس من يونيو، و كانت التقارير الميدانية مقلقة لدرجة ان القيادة العامة استنتجت ان معدل الخسائر بالدبابات هو حوالي دبابة كل 10 دقائق (يذكر مثال ذلك في الحاشية ان قائد اللواء 60 اخبر القيادة العامة انه بقي بحوزته حوالي 6 دبابات يوم 7 يونيو بسبب الغارات الجوية، بينما الحقيقة انه كان لديه على اﻷقل كتيبة دبابات).
و لم تصل المساعدات العربية، حيث وعدت العراق و سوريا و السعودية و مصر بتقديم الإسناد وقت الحرب. و قد أرسل المصريون كتيبتي صاعقة وقت بدء المعارك، و اللتا حاولتا اختراق الحدود و القيام بعمليات تخريب للطرق و المطارات و سكك الحديد، لكن هجماتهم كانت ضعيفة و تمت اسرهم كلهم. و قام العراق بتحريك اللواء 8 مشاة ميكانيكي، كمقدمة لقوة اكبر على اﻷرجح، لكن الطيران اﻹسرائيلي قصفه بشكل مستمر على طريق مفتوح شرق اﻷردن. و الكتيبة السعودية كانت بطيئة الوصول، و لم يأت شيء من سوريا غير كلمات التشجيع.
و كانت القشة التي قسمت ظهر البعير للأردنيين هي إدراكهم عصر 6 يونيو ان الجيش المصري تم تدميره، و عليه لم يكن من المعقول توقع مساعده منهم. اتفق الملك حسين و الجنرال رياض على أمر اﻹنسحاب العام من الضفة لتجميع القوت و تشكيل خط دفاع عن العاصمة عمان. أصدر الملك هذا اﻷمر الساعة 10:00 مساء يوم 6 يونيو. و لكن، و خلال دقائق، صدر قرار من اﻷمم المتحدة يطلب وقف إطلاق النار (ملاحظة: انعدام التنسيق الدبلوماسي هذا يمكن أن يضاف إلى كوارث هذه الحرب). و فكّر الملك أن وقف أطلاق النار بناءً على قرار اﻷمم المتحدة ممكن ان يتم تنفيذه مع بقاء المناطق التي فيها الجيش تحت السيطرة اﻷردنية، و طلب الملك من الفريق رياض إصدار اﻷوامر للقوات بالحفاظ على مواضعها حتى يدخل إطلاق النار حيز التنفيذ. لكن اﻹسرائيليين رفضوا وقف إطلاق النار و هو ما كان المسمار الأخير في نعش القوات اﻷردنية في الضفة الغربية. و بعض الوحدات لم تستلم أوامر الجنرال رياض الثانية أصلا. و بعضها استلمها بعد دفعه إلى شرق نهر اﻷردن. أما بعض الوحدات التي بدأت اﻹنسحاب بناءا على اﻷمر اﻷول و عادت بناءا على اﻷمر الثاني بعد ساعة أو أكثر، فقد وجدت اﻹسرائيليين في مواضعهم السابقة و تم تحقيق إصابات مؤلمة في القوات التي حاولت استعادة مواضعها السابقة بهجوم تعرضي مباشر.
صباح يوم السابع من يوينو، كانت الضفة الغربية في حكم المفقودة. كانت الوحدات اﻷردنية تنفذ انسحابا شاملا نتيجة لهزائمهم أو لأوامر الملك. و كان اﻹستثنناء الوحيد هو الوحدات التي كانت تقاتل في شمال السامرة تحت إمرة الجنرال الجازي التي هزمت و بدأت انسحابها مساء ذلك اليوم، كان اﻹنسحاب فوضويا و كانت القوات اﻹسرائيلية في اعقاب الفلول و معها الطيران اﻹسرائيلي. بعض الوحدات اﻷردنية، مثل بقايا اللواء الثالث في القدس، انسحبت بمهارة. بينما انسحبت وحدات أخرى مثل اللوائين اﻷول و 29 مشاة و الكتيبة 10 دروع بشكل فوضوي و تركوا الكثير من أسلحتهم الثقيلة اثناء هروبهم نحو النهر. و عند الظهر أمر الملك بإنسحاب كامل للقوات شرق النهر. و أخيرا في الثامنة مساء قبل وقف إطلاق نار برعاية اﻷمم المتحدة و قبلت به تل أبيب أيضا.
في الحساب النهائي، كانت خسائر اﻷردنيين ثقيلة، و لكن اﻹسرائيليين لم يعبروا للنصر دون معاناة. كانت خسائر الأردن 6-7 ألاف قتيل و على اﻷرجح حوالي 12-20 ألف جريح. إضافة لذلك، خسرت عمان حوالي 200 دبابة - أكثر من 50 منها تركتها القوات المنسحبة - و 150 قطعة مدفعية على اﻷقل. خسر اﻹسرائيليون 302 قتيل و 1453 جريح. و خسروا حوالي 100 دبابة، و لكن على عكس اﻷردنيين، تمكن اﻹسرائيليون من إصلاح بعضها و إعادتها للخدمة.
يتبع في الحلقة القادمة