تتوفر الجزائر على ثاني احتياطي عالمي من غاز الهيليوم بعد الولايات المتحدة لكن استغلاله يبقى ضعيفا. ومع تراجع الاحتياطي في أكبر بلد منتج في العالم، أصبح الخبراء يرون في الاحتياطي الجزائري البديل لتزويد العالم بهذا الغاز الذي يزيد الطلب عليه، خاصة مع تشعب استعمالاته في الميادين التكنولوجية.
ويبلغ الاحتياطي الجزائري من غاز الهيليوم 1800 مليون متر مكعب وفق تقديرات هيئة المراقبة الجيولوجية الأمريكية، ويتركز أساسا في منطقة حاسي الرمل. وتأتي الجزائر في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة التي يبلغ احتياطيها 4000 مليون متر مكعب، وتليها روسيا باحتياطي يصل إلى 1700 مليون متر مكعب، ثم بولونيا بـ33 مليون متر مكعب.
أما الإنتاج الجزائري فيقدر بـ20 مليون متر مكعب سنويا، بعد الولايات المتحدة بـ140 مليون متر مكعب، ثم قطر بـ15 مليون متر مكعب، روسيا 6 ملايين متر مكعب، وبولونيا بـ3 مليون متر مكعب، وفق تقديرات نفس الهيئة الأمريكية المتخصصة. ويستخرج الهيليوم من الغاز الطبيعي أثناء عملية تمييعه، وهو ما يفسر إنتاجه من قبل الدول المنتجة للغاز أساسا والتي تعد الجزائر من أهمها في العالم.
ورغم أن الجزائر من أهم الدول المصدر في العالم، إلا أن احتياطيها من الهيليوم غير مستغل بالشكل الكافي، حيث غالبا ما يضيع هذا الغاز الثمين أثناء عملية التمييع دون استخراجه، خاصة أنه يتطلب تكنولوجيا معقدة، كونه من الغازات شديدة الخطورة. ويحتوي الغاز الطبيعي بمنطقة حاسي الرمل على 0.18% من مادة الهيليوم.
وتمتلك الجزائر شركتين متخصصتين في استغلال الهيليوم: الأولى تدعى ”هيليوس” وأقيمت على أساس شراكة بين سوناطراك التي تمتلك 51% من الأسهم، وشركة ”هيلابس” التي تتكون بدورها من شركتين عالميتين هما ”أير ليكيد” الفرنسية و ”إير برودكت” الأمريكية. وأنشئت ”هيليوس” في 1995 بقدرة إنتاج تصل إلى 16 مليون متر مكعب في السنة، وتنشط في منطقة أرزيو. أما المؤسسة الثانية فتدعى ”هيليسون بروداكش”، وهي شراكة بين ”ليند” الألمانية التي تمتلك 51% وسوناطراك بـ49%، وتنشط بالقاعدة الصناعية الغازية في سكيكدة.
وتصدر الجزائر النسبة الأغلب من إنتاجها إلى بلدان الاتحاد الأوربي وتحديدا فرنسا التي تستهلك لوحدها 58% من غاز الهيليوم الجزائري. ومن بين 5 مزودين عالميين بالهيليوم، هناك 3 شركات زبونة للجزائر: ”إير ليكيد” و ”إير برودكت” من مصنع أرزيو، و ”ليند” من مصنع سكيكدة. وتقول هيئة المراقبة الجيولوجية الأمريكية إن الاستهلاك العالمي بلغ 174 مليون متر مكعب، وتتصدر الولايات المتحدة القائمة بـ39%، ثم آسيا بـ27%، تليها أوروبا بـ21%، وبعض دول أمريكا بـ8%.
وتشهد أسعار الهيليوم زيادة كبيرة، حيث ارتفع المتر المكعب من 75.75 دولار في 2012، إلى 84 دولار سنة 2013. وكانت الأسعار سنة 2000 تقدر بـ50 دولارا، أي أنها ارتفعت خلال الفترتيتن بحوالي 70%، وهي زيادة معتبرة ناتجة عن التضخم العالمي، إلى جانب ارتفاع تكاليف صناعية الهيليوم. ويعتبر سوق الهيليوم مغلقا لا يخضع للمبادلات، حيث يتم التحكم فيه بشكل تام من قبل الحكومات.
وحذرت تقارير من تراجع الاحتياطي الأمريكي من الهيليوم إلى أخفض مستوياته، وهو ما يشكل تهديدا للكثير من الصناعات التي تعتمد عليه بشكل كبير.
وذكرت صحيفة ”وول ستريت جورنال” أن الاحتياطي الأمريكي سينفد في 8 أكتوبر القادم إذا لم يتحرك الكونغرس الأمريكي لاتخاذ تدابير مستعجلة من أجل تجديد احتياطي البلاد من هذه المادة الاستراتيجية. وينتظر أن تتضرر الصناعات الفضائية بشكل حاد، حيث يعتبر الهيليوم عنصرا فعالا في تجارب إطلاق الصواريخ.
وأوضح الباحث ”ريتشارد كلارك” مستشار العمليات والموارد في أكسفورد بإنجلترا، أن أكثر من نصف جزيئات الهيليوم التي تنتجها الجزائر تضيع في أنابيب الغاز عبر إسبانيا وإيطاليا، ونظرا لأهمية الجزائر بالنسبة لأوروبا كبديل للإمدادات من الغاز الروسي، فإن الاتحاد الأوروبي لا بد أن يركز على تطوير سياسته في التعامل مع الهيليوم.
وأشار المحرر المشارك لكتاب ”مستقبل الهيليوم كمورد طبيعي” إلى أن الجزائر التي بدأ بها تشغيل أول محطة غاز طبيعي مسال منتجة للهيليوم عام 1994، وقطر التي لديها مصفاة تكرير عاملة للهيليوم وأخرى بدأت العمل مؤخرا، ستمثل 25% من إنتاج الهيليوم على مستوى العالم بحلول 2014.
http://www.elkhabar.com/ar/economie/351074.html