ماهي العمليات الخاصة؟ العمليات الخاصة هي العمليات العسكرية التي تنفذها قوات عسكرية ذات نوعية متميزة من الأسلحة ومستوى عال من التدريب ضد أهداف حصينة باللجوء إلى أساليب مبتكرة بعيدة عن أنماط التنفيذ المعتاد، ويعتمد نجاحها على تحقيق المفاجأة التامة وإحداث الصدمة لدى الموقع المستهدف بشكل ينزل به شللاً مؤقتاً تتمكن خلاله القوات المهاجمة من تحقيق أهدافها بشكل سريع وخاطف وسبق أن تم الإعداد له والتدريب عليه بشكل مكثف يضمن النجاح واستغلال المفاجأة. وفي إطار ذلك يمكننا اعتبار قوات المظليين أحد أبسط أشكال القوات الخاصة فهي تفاجيء العدو في عمق أراضيه بالانقضاض عليه من الجو دون سابق إنذار.
أما القوات الخاصة العصرية فهي أكثر تعقيداً من ذلك بكثير، إذ تتميز اليوم بنوعية تدريباتها الجسدية الشاقة وإخضاع أفرادها لبرامج إعداد نفسية لتحمل الضغوط والعمل بمعزل عن الآخرين لفترات طويلة وكذلك إتقان البقاء لفترات طويلة بلا إمداد أو اتصال وتدبر تأمين الاحتياجات الضرورية من البيئة التي يتواجدون فيها (صيد الحيوانات، أكل الأفاعي والحشرات، تكثيف الماء من الندى المنتشر في ساعات الفجر الأولى..إلخ). وبعد ذلك يتم تلقينهم لغات المناطق المتوقع أن يتدخلوا فيها إضافة إلى تزويدهم بنوعيات متفرقة من الأسلحة الهجومية الغالية الثمن التي يستحيل توفيرها بأعداد كبيرة لباقي أفراد القوات المسلحة، ومنها العربات الخفيفة والسترات المضادة للرصاص والرشاشات والمدافع الخفيفة الوزن الكثيفة النيران وذات العيارات الكبيرة وكذلك ذخائر لتلك الأسلحة من نوعيات خاصة كالرصاص الخارق للدروع والمشعل للنيران والمتفجر داخل الهدف بعد إصابته...
ولذلك فإن وحدات القوات الخاصة بذلك الإعداد البدني والنفسي وذلك التسليح والتدريب المكثف الذي لا يتوقف على مدار العام والذي يتم تحديثه دوريا وفقا للأحداث الإقليمية والدولية، تكون بالفعل أقدر عناصر القوات المسلحة في أي بلد على التعامل مع المهام الخطرة والحساسة. فهي باختصار أداة الدولة في تنفيذ حرب العصابات ضد أعدائها بأسلوب (اضرب واهرب) في أي موقع تختاره وترى أنه يوجع الخصم ويرغمه على إعادة النظر في حساباته. وإذا كانت حرب العصابات لا تحسم مصير الصراع إلا أنها أشبه بالمرض الذي يستشري في جسد المريض ويؤدي في النهاية إلى الفتك به والقضاء عليه بعد إضعافه تدريجيا.
ومع نمو اتجاه التخصص في تنفيذ العمليات العسكرية جويا وبريا وبحريا، نشأت في الأنظمة العسكرية الحديثة القوات الخاصة المتخصصه أيضا، فأصبح لكل قطاع من قطاعات القوات المسلحة قواته الخاصة، فهناك القوات الخاصة للعمليات الجوية كما هو الحال في قوات (SAS) البريطانية وهي اختصار لمسمى الخدمات الجوية الخاصة (Special Air Services) وقد تأسست خلال الحرب العالمية الثانية. وهناك القوات البحرية الخاصة مثل قوات (Seals) العاملة في القوات البحرية الأمريكية والفرقة الأجنبية الفرنسية التي تتألف من مرتزقة من مختلف الجنسيات.
واليوم يعتبر الجيش الأمريكي أكثر القوات المسلحة في العالم اهتماما بتكوين وتدريب وجاهزية القوات الخاصة، نظرا لإصرار مخططي الحرب الأمريكيين على مفهوم ضرورة نقل الحرب إلى أرض العدو وإنزال خسائر فادحة به لردعه عن التفكير في العدوان، ولترسيخ مفهوم التفوق والمقدرة الأمريكية على الآخرين وجعلهم على يقين بأن الولايات المتحدة قادرة على الوصول إلى أعدائها في أي مكان على سطح الأرض بالأسلحة وكذلك بالقتال المباشر بالرجال. وعليه فإن تعداد القوات الخاصة في مختلف فروع القوات المسلحة الأمريكية (جيش، وطيران، وبحرية) يقدر بما يزيد على ستين ألف رجل، الجزء الأعظم منه في القوات البرية (الجيش) التي أنشأت قيادة مستقلة تحت مسمى قيادة العمليات الخاصة (Special Operation Command) ومقرها (فورت براغ) في ولاية كارولاينا الشمالية.
وتعنى هذه القيادة بشؤون اختيار وتدريب وتسليح جميع وحدات القوات الخاصة التابعة للجيش وتأمين احتياجاتها من الطائرات العمودية وذات الجناح الثابت التي تستعمل في تحركات هذه الوحدات وكذلك وضع مواصفات العربات القتالية والأسلحة وحتى المظلات بما يتلاءم مع مناطق العمل المستهدفة. وتقوم بالتنسيق مع القوات الجوية لتنظيم شبكات الاتصال والتنسيق وكذلك يتم إلحاق ضباطها بكليات الأركان الخاصة بالجيش والطيران والبحرية للبقاء على اطلاع دائم بمستجدات الفكر العملياتي في القطاعات الثلاثة وتحديث إجراءات التنسيق والتعاون. كذلك تشارك المخابرات المركزية الأمريكية في تحديث مناهج دورات القوات الخاصة بتزويد قيادة القوات الخاصة دورياً بما يستجد لديها من معلومات عن الدول والمنظمات المعادية للولايات المتحدة وتسليحها وأساليب عملها. وكذلك جمع المعلومات المتوافرة عن شخصيات قادتها ومزاجياتهم وأسلوب تفكيرهم.
ولذلك فإن العمليات الخاصة في عالم اليوم أصبحت إجراءات معقدة من التخطيط والتحديث المستمر للخطط على ضوء المعلومات الاستخبارية وكذلك تطوير دائم لإمكانيات نظم السلاح ولم تعد التهام ثعابين وقفزاً من الأبراج وإطلاق الصيحات المرعبة عند الاقتحام. بل هي اليوم جهد ذهني استخباري مكثف لا يقل عن الجهد البدني والشجاعة الاستبسالية.
عناصر القوات الخاصة التي استخدمتها الولايات المتحدة في أفغانستان
من الأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام الأمريكية عن مرحلة الحشد العسكري ثم أخبار العمليات، يستطيع المراقب أن يستخلص أن قيادة العمليات الخاصة والوحدات التابعة لها قامت بالدور الرئيسي في العمليات في أفغانستان وأن القوات البحرية الخاصة والجوية الخاصة وفرت الحراسات والدوريات الأمنية للقوات الأمريكية في مواقع تمركزها في الدول المحيطة بأفغانستان. وأن وحدات العمليات الخاصة التي باشرت القتال في أفغانستان هي الوحدات التالية:
@ القبعات الخضراء:
هي قوات صاعقة في تنفيذ العمليات غير التقليدية التي تتطلب جرأة كبيرة وتحفّها المخاطر وتتردد معظم القوات الأخرى في الإقدام عليها. ويتكون كل فريق عمل من القبعات الخضراء من (اثني عشر فرداً) فقط يتدربون باستمرار على عمليات اختراق أراضي الخصم (بلداً، بلداً) من خلال نماذج هيكلية أو مناطق مشابهة في الولايات المتحدة ويتم إرسال أفرادها تحت مسميات تنكرية مختلفة (سياحة، رجال أعمال، خبراء) إلى مناطق العمل المتوقعة لرؤيتها على الطبيعة وتكوين تصور واقعي عن المخاطر المتوقع مواجهتها. وتتخصص القبعات الخضراء في تنفيذ العمليات السرية ولا يسمح للصحافة بنشر أخبار إنجازاتها إلا بعد مرور وقت طويل على حدوثها حتى لا يؤثر ذلك على عملياتها المستقبلية. وعادة ما يبقون لفترات طويلة نسبياً خلف خطوط العدو لتوجيه نيران الطيران والصواريخ إلى أهدافها وتزويد المخططين العسكريين بالمعلومات الاستخبارية الفورية عن التحركات والحشود ونتائج القصف ويمتنعون عن التدخل المباشر في القتال حتى لا ينكشف أمرهم كما حدث خلال حرب تحرير الكويت إذ تحركت مجموعات منهم في المناطق التي تنطلق منها صواريخ سكود وكانوا يوجهون الطائرات إليها بمجرد خروجها من مخابئها وتحركها على الطرق ليتم تدميرها قبل إطلاقها. ويشترط في المتقدمين للالتحاق بالقبعات الخضراء أن يكونوا قد أمضوا ثلاث سنوات من الخدمة في الجيش ثم يخضعون لتدريبات إضافية لمدة عامين آخرين يتفرغون خلالها لتقوية أجسادهم وإجادة أعمال النسف والتدمير والاغتيال والقنص والقتال اليدوي بالسلاح الأبيض وبدونه وكذلك إجادة لغة أجنبية أخرى غير الإنجليزية.
@ جوالة الجيش (رانجرز) Rangers:
هي قوات مشاة خفيفة التسليح تمارس نفس الأعمال التي تقوم بها القبعات الخضراء لكنها أقل كفاءة وخبرة إذا يقبل فيها أي شخص يتطوع للخدمة فيها عند التحاقه بالجيش. وتدريباتها الأساسية تستغرق من عام إلى عام ونصف. ويعود تاريخ هذه الوحدات إلى عام 1942م عندما تم تشكيلها في القوات الأمريكية المرابطة في إيرلندا الشمالية خلال الحرب العالمية الثانية. ومن سجلها التاريخي نرى أنها تعمل كقوة متقدمة تتخصص في أعمال الاستطلاع المسلح وتأمين طرق تقدم الوحدات الرئيسية وكذلك الهبوط بالمظلات على المواقع الحساسة كالمطارات والموانيء والجسور والنقاط الحصينة وتأمينها تمهيداً لتحرك الجسم الرئيسي في القوات التقليدية.
@ القوة دلتا Delta Force:
تعتبر هذه الوحدة قوة النخبة في القوات الخاصة إذ يتم انتقاء ما لا يزيد على خمسين شخصاً من خيرة عناصر القوتين السابقتين وإخضاعهم لتدريبات مكثفة في مجال مكافحة الإرهاب في منطقة نائية ومعزولة من (فورت براغ)، وتحاط برامج تدريبهم بسرية مطلقة ونادراً ما يسمح لضباط من الدول الحليفة للولايات المتحدة بالاطلاع على مناهجهم وتكتيكات عملياتهم.. ويعتقد أن عددهم لا يتجاوز الألف ومائتي فرد. وقد تم تشكيل هذه القوة في عهد الرئيس (جيمي كارتر) بهدف تنفيذ عملية عسكرية في طهران لإنقاذ الرهائن الأمريكيين المحتجزين هناك وقد تمكنت عناصر القوة من الهبوط داخل الأراضي الإيرانية بسرية تامة ولكن عاصفة رملية هبت أثناء إقلاع الطائرات المحملة بالرجال إلى أهدافها أدى إلى اصطدامها ببعضها البعض وتحول العملية إلى كارثة مشهورة عام 1980م. إلا أن هذه القوة عادت فاستعادت هيبتها واحترامها خلال العمليات في حرب الخليج والصومال وكذلك تدخلها إلى جانب القوات المسلحة الكولومبية في حربها ضد عصابات وتجار المخدرات المسلحة. وأفراد هذه القوة هم المرشحون الآن من قبل الحكومة الأمريكية للقيام بمهام الحراسة الأمنية على متن الرحلات الجوية المدنية الأمريكية أو ما يسمى (بالحراس الجويين) Air Marshalls.
هذا ما يتعلق بالقوات الخاصة، أما قوات الجيش الأمريكي الأخرى التي يمكن اعتبارها رديفاً للقوات الخاصة فتأتي في مقدمتها الفرقة (A C) المحمولة جواً أو كما تعرف اختصاراً في بعض الأدبيات (المجوقلة) ترجمة لاصطلاح (Air Born). وهي فرقة هجومية في تكوينها وتسليحها تمتلك وسائل نقل جوية عضوية في تشكيلها تتألف من طائرات عمودية لنقل الأفراد والعتاد وطائرات عمودية متخصصة في الأعمال الهجومية بالقذائف الصاروخية والرشاشات الثقيلة كمقاتلات (كوبرا) و (آباتشي) العموديتين ولذلك فهي قادرة على تنفيذ المناورات العسكرية التقليدية، كالهجوم بالمواجهة أو الالتفاف والتطويق بسرعة عالية جداً أو بكثافة نيران كبيرة تنطلق من مصادر آمنة إذ يبلغ مدى بعض قذائفها الصاروخية أكثر من عشرة كيلومترات.
وقد عملت هذه الطائرات بكفاءة فعالة جداً خلال حرب الخليج والصومال خلال الغارات الليلية إذ كان قادة هذه الطائرات بشاهدون جميع التحركات بأجهزة الرؤية الليلية ويقومون باقتناص أهدافهم بهدوء واطمئنان وراحة غير مسبوقة في تجارب قتال المروحيات. وهذه الفرقة ذات تاريخ حافل بالإنجازات إذ شُكلت خلال الحرب العالمية الثانية وشاركت في الإنزال الكبير على شواطئ النورماندي عام 1944م وجميع أفرادها حتى الطهاة ومشغلو الكمبيوتر تلقوا تأهيلاً عالياً كمظليين قادرين على العمل في جميع الظروف.
المصدر : مجله الحرس الوطنى

ارجو ان يكون الموضوع حاذ على اعجابكم

رائع جدا اخي بارك الله فيك استفدنا بشكل كبير من الموضوع 

مشكور اخى على المجهود الرائع