Admiral Graf Spee او الادميرال جراف سبي بالعربية بطل قصة غاية في الاثارة والتشويق .
الطراد موضوع حلقة اليوم هو طراد من فئة الطرادات الثقيلة Deutschland-class ، كان الالمان يطلقون عليها Panzerschiff او بالعربية " السفينة المدرعة " ، خدم الطراد جراف سبي في البحرية الالمانية النازية في الحرب العالمية الثانية ، وسميت بذلك الاسم تيمنا ( بالادميرال ماكسيميليان فون سبي ) الذي كان قائدا للاسطول الالماني في شرق اسيا وخاض معارك كورونيل وجزر الفوكلاند البحرية في خلال الحرب العالمية الاولي ، وقتل في خلال خدمته .
الادميرال ماكسيميليان فون سبي
في اكتوبر 1932 بدأ العمل في الطراد جراف سبي في قلعة صناعة وتمركز السفن البحرية الالمانية قبل وخلال الحرب العالمية الثانية Reichsmarinewerft بمدينة Wilhelmshaven الساحلية ، وفي يناير 1936 انضمت الجراف سبي للاسطول الالماني واصبحت الجراف سبي جاهزة للانطلاق لاداء دور سيخلد في تاريخ الحرب العالمية الثانية ، السفينة كانت اسميا ووفقا لدفاتر الالمان المخادعة اقل من 10,000 طن ، احتراما لمعاهدة فرساي والقيود التي وضعتها علي السفن الحربية بينما كانت الجراف سبي تصل الي 16,280 طن ، فكانت متجاوزه وبشكل كبير لكل القيود ، وكانت مسلحة بست مدافع عيار 11 أنش في برجين اثنين ، وبني الجراف سبي وبقية اشقائه في فئته بحيث يستطيع ان يلحق بأي سفينة يقوم بمطاردتها ، فكانت سرعته القصوي تصل الي 28 عقدة وهو مايساوي 52 كم/س ، متفوقه بذلك علي معظم سفن الاسطول البحري الانجليزي والفرنسي معا .
أجري الطراد جراف سبي خمس دوريات " عدم تدخل " - اي لاتدخل في سير القتال " خلال الحرب الاهلية الاسبانية مابين الاعوام 1936 : 1938 وشاركت في الاستعراض الخاص بتتويج الملك " جورج السادس " ملك انجلترا في مايو 1937 ، وقبل اندلاع الحرب العالمية الثانية بقليل نشرتها قيادة القوات البحرية الالمانية في جنوب المحيط الاطلسي لتكون جاهزة للعمل في الممرات البحرية التجارية بمجرد اندلاع الحرب التي يخطط لها الالمان .
الملك جورج السادس ملك انجلترا
وبين سبتمبر وديسمبر من العام 1939 اغرقت الجراف سبي تسعة سفن بأجمالي حمولات 50,089 طن ، قبل ان تواجه ثلاثة طرادات بريطانية دفعة واحدة في معركة " نهر الريفر بلايت " في 13 ديسمبر 1939 ، حيث قامت الجراف سبي بتوجيه ضربات قاسمة للقطع البريطانية الثلاث ، ولكن فجأة انسحبت الجراف سبي من المعركة ، ظن القائد البريطاني ان الامر مجرد خدعة وتتبع الطراد الالماني بحذر حتي وجده قد رسي في ميناء مونتيفيديو ، وهناك في مونتيفيديو لعب دبلوماسي بريطاني دورا هاما بل وحاسما ، حاسما تماما خدع به القبطان الالماني Hans Langsdorff .
القبطان الالماني Hans Langsdorff
التصميم :
صممت الجراف سبي لتكون بطول 186م اي مايعادل 610 قدم ، بعرض 21.65م اي مايعادل 71 قدم ، بازاحة تصل الي 16.020 طن ضاربة بمعاهدة فرساي عرض الحائط كما سبق القول ، محركات الجراف سبي كانت 4 محركات من نوع MAN-9 وهي محركات ديزل بقوة 54 الف حصان ، اي مايعادل 40 الف كيلو وات ، وعند السير بسرعة 20 عقدة في الساعة اي مايساوي 37 كم/س فأن مدي السفينة يصل الي 8,900 ميل بحري ، ويشغلها طاقم مكون من 33 ضابط و 586 رجل ، ولكن بداية من العام 1935 زاد طاقمها بصورة كبيرة حيث وصل الي 30 ضابط ومن 921 : 1040 جندي .
الجراف سبي سلحت بستة مدافع من نوع SK C/28 عيار 11 أنش ، وكانت تمتلك ثمانية بطاريات ثانوية من نفس النوع السابق ولكن عيار 5.9 أنش ، وللدفاع الجوي سلحت بمدافع L/45 استبدلت عام 1935 بست مدافع طراز L/78 ، ثم استبدلت مرة ثالثة بمدافع L/65 ، واربعة مدافع 1.5 أنش ، وعشرة مدافع 0.79 أنش ، كما امتلكت قاذفين للطوربيدات كل قاذف يحوي اربعة انابيب وضعوا علي سطح السفينة ، وبمنجنيق وضع علي سطحها امتلكت طائرة برمائية استخدمتها في عمليات رصد اهدافها من طراز AR 196 ، ودرعت الجراف سبي بدرع يتحمل طلقات من 60 : 80 مم ، ولم يكن ذلك في كامل السفينة فتدريع الطابق العلوي كان فقط يتحمل طلقات 17 مم ، وكانت الجراف سبي أول سفينة في الاسطول الالماني بالكامل تتمتع بالرادار وكان من نو
ع Seetakt .
التاريخ القتالي للجراف سبي :
اختار الالمان الجراف سبي لتحل محل SMS Braunschweig وهي سفينة حربية عملت لديهم منذ عام 1902 وخرجت من الخدمة عام 1932 ، وعندما دخلت الجراف سبي الخدمة ظلت في الثلاثة أشهر الاولي تقوم باجراء تجارب بحرية واسعة النطاق للتأكد من تمام الجاهزية والاستعداد تحت قيادة القبطان الاول للسفينة Conrad Patzig ليحل محله القبطان Walter Warzecha في العام 1937 .
القبطان Conrad Patzig
القبطان Walter Warzecha
الجراف سبي اصبحت درة الاسطول الالماني واحدي اسباب فخر الالمان بأسطولهم وقدراته الخارقة وقتها ، ومع اندلاع الحرب الاهلية الاسبانية تم نشر الجراف سبي في المحيط الاطلسي لتقوم بدوريات مع الحرص علي عدم التدخل في سير القتال وبين أغسطس 1936 : مايو 1937 قامت الجراف سبي بثلاث دوريات ، وفي رحلة العودة توقفت الجراف سبي في انجلترا لتمثيل المانيا في استعراض تتويج الملك الانجليزي جورج السادس واعتلاءه العرش في 20 مايو / ايار .
بعد الانتهاء من الاستعراض ، عادت الجراف سبي من جديد الي اسبانيا لتقوم بأربع دوريات جديدة ، واشتركت ايضا في مناورات اجراها الاسطول الالماني وزيارة قصيرة الي السويد وفي فبراير 1938 اجرت الجراف سبي دورية خامسة واخيرة ، وفي العام نفسه 1938 وصل احد ابطال ملحمتنا الادميرال Hans Langsdorff أحد ابرز واكفء ضباط البحرية الالمانية ليتولي قيادة الجراف سبي ، وفي هذا العام أجري القائد الجديد العديد من الزيارات الي الكثير من المؤاني في مختلف انحاء العالم ، منها ماكان في المحيط الاطلنطي وأسبانيا والمغرب ، ومناورة ضخمة في المياة الالمانية ، واحتفالات ضم ميناء كلايبيدا الي المانيا - يتبع ليتوانيا الان - ، وعموما أمضت الجراف سبي هذا العام وهي تتنقل .
ثم أندلعت الحرب العالمية من جديد ، الحرب العالمية الثانية هذه المرة ، سبتمبر 1939 ، وأدولف هتلر يصدر أوامره الي البحرية الالمانية ببدأ اغارات علي قوافل الحلفاء التجارية ، ومع ذلك ظل الامر غير منفذ حتي أصبح واضحا ان انجلترا لن تقبل معاهدات سلام بعد غزو بولندا ، أبحرت الجراف سبي بقواعد واضحة لا اشتباك الا في اضيق الظروف ، وتغيير مكان التواجد بشكل دوري ومستمر ، وفي الاول من سبتمبر 1939 كان موعد التقاء الجراف سبي مع سفينة الامدادات الخاصة بها Altmark الي الجنوب الغربي من جزر الكناري لتجديد الوقود للجراف سبي والحصول علي المعدات والمون .
في 11 سبتمبر كان العمل لايزال جاريا رصدت الجراف سبي الطراد الانجليزي الثقيل HMS كمبرلاند يقترب من أثنين من السفن الالمانية ، وبسرعة عالية أمر
الادميرال Hans Langsdorff السفينتين بالفرار بأقصي سرعة تسمح بها محركاتها ، وتمت العملية وبدون اطلاق طلقة واحدة نجحت الجراف سبي في انقاذ سفينتين من الغرق ، وفي السادس والعشرين من سبتمبر وصلت اوامر للجراف سبي بالاشتباك الفوري مع قوافل الحلفاء التجارية .
ناقلة الامدادات الخاصة بالجراف سبي Altmark مرت أربعة ايام ، واصبحنا في الثلاثين من سبتمبر حيث نجحت الجراف سبي في اغراق اول اهدافها بالقرب من البرازيل ووقعت الامضاء الاول لها ، وفي الخامس من أكتوبر أدرك الانجليز والفرنسيين انهم امام مشكلة يجب ان يتخلصوا منها مبكرا والا ستتفاقم الاوضاع ، وشكلت البحريتين ثمانية مجموعات لمطاردة واغراق الجراف سبي في جنوب المحيط الاطلسي ، ولكم ان تعرفوا أن من ضمن الوحدات الفرنسية والانجليزية كان هناك حاملة الطائرات الانجليزية HMS Hermes 95 والحاملة HMS Eagle والحاملة ارك رويال ، والحاملة الفرنسية Béarn ، والطراد البريطاني العملاق HMS Renown وقدمت فرنسا السفينتين القتالية " دنكرك ، ستراسبورغ " ، كل ذلك كان يدعمه 16 طراد ، كل ذلك اعد لمطاردة الجراف سبي ، وشكلت القوة G كما سميت بقيادة الادميرال السير هنري هاروود هاروود ، الذي سيكون له دورا كبيرا وحاسما في ملحمة الجراف سبي ، اتجه السير هنري هاروود بقواته للساحل الشرقي لامريكا الجنوبية .
الادميرال السير هنري هاروود انضمت سفينة السير هنري الي الطرادين " كمبرلاند و اكستر " ليشكلوا جماعة بحث مشتركة وعززهم طرادين خفيفين هما " اياكس و أخيل " ، وأصدر السير هنري في رحلة البحث عن الابرة في بحر وليس في كوم قش هذه المرة أوامره الي الطراد " كمبرلاند " بالقيام بدوريات بحث في المنطقة الواقعة قبالة جزر الفوكلاند ، بينما جابت ثلاثة طرادات اخري قبالة الريفر بلايت ، ولاتزال الجراف سبي تعيث في البحر فسادا وتغرق السفن التجارية الانجليزية وتتهرب من المطاردة بفضل رجل خبير وقدير أسمه الادميرال
Hans Langsdorff .
فمن المضحك مثلا أن الجراف سبي وفي نفس يوم بدء عمل الفرق الانجليزية-الفرنسية المشتركة ألقت بتحية عليهم فأسرت الباخرة " نيوتن الزان " ، ومر يومين وظهرت الجراف سبي من جديد في الصورة فأغرقت السفينة التجارية Ashlea ، وفي الثامن من اكتوبر نجحت الجراف سبي في أغراق Newton Beech بعد أن كانت ضمن اسراها وكان الادميرال
Hans Langsdorff يستخدمها كسجن لاسراه ولكن سرعتها كانت بطيئة وعاجزة عن اللحاق بالجراف سبي ، فقام بنقل الاسري الي الطراد وأغرق السفينة .
وفي العاشر من أكتوبر أسرت الجراف سبي الباخرة " هانتسمان " ، قبطان الهانتسمان نجح في اللحظة الاخيرة في ارسال اشارة استغاثة ، حيث كان في بداية الامر يعتقد أن الجراف سبي ماهي الا سفينة حربية فرنسية ، ولكن لم يأتي احد لانقاذه .
في 15 اكتوبر كان موعد الالتقاء الثاني بين الجراف سبي وسفينة امدادها Altmark لتجديد الوقود والحصول علي الامدادات والمون ونقل الاسري الي سفينة الامداد ، وفي الصباح التالي التقت الهانتسمان بالسفينتين حيث كان من غير الممكن استيعاب طاقم الهانتسمان علي متن الجراف سبي فتم تأخير النقل الي هذا الميعاد وفي ليلة السابع عشر من اكتوبر اصدر الادميرال Langsdorff أمر الاعدام فأغرقت الجراف سبي ضحيتها " هانتسمان " ، وتتسارع الاحداث ونصل الي 22 اكتوبر حيث تكون Trevanion هي الضحية الجديدة للجراف سبي ، ومع نهاية شهر أكتوبر ناور Langsdorff بشكل رائع حيث أبتعد عن مركز عملياته وأتجه الي المحيط الهندي جنوب مدغشقر .
اذا كان هناك سفينة لفتت اليها الانظار في مطلع الحرب العالمية الثانية
فمن المؤكد لم يفعل ذلك اكثر من
الجراف سبي
كان Langsdorff يهدف من وراء ذلك الي خلط اوراق الحلفاء وعدم امكانية توقع نواياه ، وبحلول ذلك الوقت ، كانت الجراف سبي قد طافت مايقارب من 30 الف ميلا بحريا اي مايعادل 56 الف كم ، وأصبحت في حاجة ماسة الي اصلاح شامل للمحرك ، وفي 15 نوفمبر وعلي الرغم من عيبها الواضح نجحت في اغراق سفينة الامداد بالوقود " شل أفريقيا " .
يعتقد انه في اليوم التالي مباشرة التقت الجراف سبي بسفينة هولندية غير معروفة ، ويعتقد ايضا ان السفينة الهولندية نجحت في الفرار منها ، ثم عادت الجراف سبي الي الاطلنطي من جديد بعد أن موه Langsdorff ونجح في ابعاد انظار الحلفاء عنه ، وفي الفترة بين 17 : 26 نوفمبر التقت بسفينة امدادها Altmark من جديد ، وبينما كانت الجراف سبي تتلقي الامدادات ، أمعن Langsdorff في خداعه فبني مدفعا وهميا في المقدمة ، وخلف منجنيق الطائرة ، ليثير ارتباك الحلفاء بتغيير صورة سفينته المعروفة لدي الحلفاء ، حقا لقد كان قبطانا رائعا .
بعد ذلك نجحت الطائرة Arado في رصد ضحية جديدة للجراف سبي ، كانت هذه المرة هي السفينة " دوريك ستار" ، وبدأت الجراف سبي في محاولة ايقاف السفينة لاسرها باطلاق طلقات مقوسة حولها ، قبطان الدوريك ستار لم ينجح في الهرب من مصيره ولكنه نجح في شئ مهم اخر كان له دور مهم جدا في بدأ الملحمة وتحديد مكان الجراف سبي ، لقد أرسل اشارة استغاثة قبل أن يغرق ، وصلت الرسالة الي السير هاروود ، فكان رد فعله ان انطلق وبثلاثة طرادات الي مصب نهر الريفير بلايت ، حيث قدر ان خطوة هانس لانجسدروف التالية ستكون هناك .
وفي ليلة الخامس من ديسمبر أغرقت الجراف سبي السفينة البخارية Tairoa ، وفي اليوم التالي التقت بسفينة امدادها Altmark لتنقل اليها 140 اسيرا من الدوريك ستار و Tairoa ، وفي مساء اليوم التالي ايضا 7 ديسمبر أغرقت الجراف سبي سفينة الشحن Streonshalh ، وقبل أن يصدر لانجسدروف أمر الاغراق كان رجاله قد اتوا له بكنز ثمين من علي متنها ، وثائق سرية تشرح بالتفصيل معلومات مسارات الشحن التي تتخذها سفن الحلفاء ، وبناء علي هذه المعلومات ، قرر لانجسدروف التوجة مباشرة الي مونتيفيدو " العاصمة وأكبر مدن ومؤاني الاوروجواي " ، ولكن في 11 ديسمبر تلقي لانجسدروف ضربته الثانية في سفينته ، فطائرة الاستطلاع التي هي عين السفينة الذي يسمح لها برصد السفن قبل أن ترصدها بمراحل قد أصبحت غير صالحة ، فأسطوانات الهبوط العشرة التي كانت معها اصبحت غير صالحة ، كان ذلك نتيجة لهبوط الطائرة وتكون الاسطوانات ساخنة وفجأة تصطدم بمياة المحيط الباردة مما تسبب في تلفها ، ولم يعد من الممكن اصلاح الاسطوانات فتم القاءها في البحر ، وقرر لانجسدروف ايضا التخلص من الهياكل الوهمية التي بناها لانها قد تعيق عمل السفينة في اي معركة تواجهها .
ملحمة الريفر بلايت :او معركة الريفر بلايت البحرية ، كانت هي المعركة البحرية الاولي في الحرب العالمية الاولي ، فكل السفن التي اغرقت قبل تلك المعركة كانت سفن تجارية ولم تحدث اشتباكات قبلها ، وكانت هي المعركة الوحيدة التي حدثت في امريكا الجنوبية ، كانت الجراف سبي شيطانا طليقا في رأس الحلفاء منذ بداية الحرب ، وكانت مجموعات البحرية التابعة للحلفاء تلهث ورائها في كل مكان ، كانت رسالة الدوريك ستار هي الاشارة الاولي للعثور علي الجراف سبي ، فكما قلنا التقط السير هنري هاروود الخيط وامر قواته بالتواجد في مصب الريفر بلايت تحديدا 32 درجة جنوبا ، 47 غربا .
كان السير هاروود يري أن هذا هو انسب مكان سيتوجه اليه الادميرال لانجسدروف قائد الجراف سبي لانه أكثر المسارات الملاحية ازدحاما في جنوب المحيط الاطلسي ، وبالتالي فأنه سيفكر في التواجد فيها لالحاق اكبر الاضرار في سفن الشحن التابعة للحلفاء ، ودعم ذلك الرأي ان فرقاطة نرويجية رأت الجراف سبي تستخدم الكشافات واللاسلكي وتتجه نحو امريكا الجنوبية ، وفي 12 ديسمبر وصلت الطرادات الثلاثة الي نقطة الالتقاء .
بدأ السير هنري في اجراء بعض المناورات ، ووضع هاروود خطته كالتالي ستهاجم الطرادات الثلاثة الجراف سبي في نفس الوقت ، ليلا او نهارا ، واذا حدثت المعركة نهارا يتم الهجوم كوحدتين ، الطراد الثقيل " اكستر " بمفرده كوحده ، بينما الطرادين الخفيفين " اياكس و أخيل " يشكلان الوحدة الثانية ، اما اذا اندلع القتال ليلا ستهاجم الثلاث قطع كوحدة واحدة ولكن في تشكيل مفتوح ويتم الهجوم من جانبين ، كان هاروود يأمل في ان ينجح رجاله في الاستفادة من خفة حجمهم ليتغلبوا علي الميزة الالمانية المتمثلة في المدافع الاكبر عيارا والاطول مدي .
الطراد أخيل في الامام يري بوضوح من علي متن الطراد اياكس خلال
الاشتباك مع الجراف سبي
وعلي الرغم من ان الامكانيات القتالية للجراف سبي كانت افضل من اي قطعة في القطع الثلاث فأن الجراف سبي كانت في وضع غير جيد تكتيكيا ، فمن الناحية الاستراتيجية كان الانجليز في وضع أفضل ، فأي محاولة يقوم بها لانجسدروف للعودة لالمانيا قد يقوده للاصطدام مع التجمع الرئيسي للاسطول الانجليزي في بحر الشمال ، كما انه حتي لو نجح الجراف سبي في أغراق القطع البريطانية الثلاث فأن ذلك لن يؤثر بشكل كبير علي الامكانات البحرية للحلفاء ، بينما الجراف سبي احدي اهم القطع البحرية الالمانية القليلة اصلا ، ويمكن للانجليز ان يقبلوا تحمل المخاطرة بهزيمة تكتيكية اذا جلبت نصرا استراتيجيا كبيرا .
وفي الثالث عشر من ديسمبر وفي تمام 0520 لاحظ طواقم أخيل و اياكس دخانا يصعد الي عنان السماء ، لقد كانت الجراف سبي تسحق الطراد الثقيل " أكستر " ، كان لانجسدروف قد وضع نقاطا للمراقبة والرصد بعد ان فقد طائرة الاستطلاع الخاصة بسفينته ، وقرر الهجوم علي أكستر ، علي الرغم من انه قد وصل اليه تقرير دقيق وشامل من قيادة البحرية الالمانية في الرابع من ديسمبر يشرح النشاط الانجليزي في الريفر بلايت تفصيليا ، ضمن هذا التقرير السفينة " كمبرلاند " التي انضمت الي ثلاثي السير هاروود .
أدرك لانجسدروف بعد أن تورط في المعركة انه في مواجهة ثلاثة طرادات ، أمر بتشغيل محركات الديزل بأقصي طاقة واغلق سرب العدو بسرعة 24 عقدة ، علي أمل ان يتفوق علي السفن البريطانية التي تعمل بالدفع البخاري ، كان ذلك خطأ لايمكن تفسير وقوع لانجسدروف المحنك فيه ، ربما كان لانجسدروف يأمل في أن يتمكن بمدافعه الاكبر 11 انش : 280 مم ، والاطول مدي في تدمير السفن البريطانية وابقاءها في مسافة لاتسمح لها باستخدام مدافعها 6 : 8 انش ، ومن ناحية اخري فأن لانجسدروف يدرك جيدا ان الطرادات البريطانية اسرع من الجراف سبي بما يعادل 4 : 6 عقد اي مايساوي 7.4 : 11 كم/س ، وانه لكي يبقي بعيدا عن متناولها يجب ان يستخدم تكتيكات بمدافعه الاكثر قدرة .
البريطانيين ايضا حاولوا تنفيذ خطة ، أكستر يجب ان تبتعد بعد ان اصيبت بشكل كبير فأتجهت الي الشمال الغربي ، أخيل و اياكس وكان الوقت في الصباح فكانا يعملان في تشكيل واحد كما سبق وشرحنا خطة السير هنري هاروود تحولا الي الشمال الشرقي ليتجنبا نيران الجراف سبي ويلفتوا نظرها بعيدا عن الاكستر ، وبالفعل استقبلتهم الجراف سبي بالنيران وعلي بعد 17 الف متر وبمدافعها العملاقة ظلت الجراف سبي تطلق النيران علي أكستر في تمام 6:18 صباحا ، وردت الاكستر بعد ذلك بدقيقتين في 6:20 وفي 6:23 تلقت اياكس نصيبها من النيران ايضا ويتذكر ( اللفتنانت كومندر ريتشارد جينيغز ) ضابط مدفعية الطراد اكستر هذه اللحظات ويقول : " عندما كنت أقوم بعبور منصة البوصلة الي محطة عملي في برج المراقبة الرئيسي ، اشار لي القبطان بجدية وليس بسخرية كما يفعل دائما وقال بعصبية - العدو في الافق افتح النيران ضده فورا - وظللنا طوال القتال نعتقد اننا نقاتل الاميرال فون شير وهي سفينة من نفس فئة الجراف سبي ولكن بالطبع كان اسم سفينة العدو التي نقاتلها الجراف سبي " .
صورة لافراد من طاقم الاكستر كانت الجراف سبي في هذه اللحظات الادق في الاصابة ، طلقتها الثالثة اصابت الاكستر في تمام 6:23 اصابت الطلقة متوسط السفينة ، شظايا القذيفة قتلت طواقم أنابيب الطوربيد ، كما تضررت وسائل الاتصال علي السفينة بشكل فادح كما دمرت قذائف الجراف سبي كشافات الاكستر والطائرة التي كانت علي وشك ان تقلع لتصحيح نيران المدفعية الانجليزية ، ثلاثة دقائق اخري كانت كافية ليصاب البرج B في الاكستر ويصبح المدفعين علي متنها غير صالحين للعمل ، واجتاحات الشظايا السفينة من كل النواحي ، جرح كل طاقم برج القيادة باستثناء القبطان واثنين اخرين ، بلاشك كانت لحظات ماقبل الموت تواجه الاكستر ، لم يكن امام الكابتن بيل قبطان الاكستر اي وسيلة للاتصالات حتي مواقع الاتصالات الخلفية تم تدميرها تماما .
خلال ذلك " اياكس و أخيل " اقتربوا من الجراف سبي الي 12 الف متر ، وبدأ في اطلاق النيران ، ونجحا بالفعل في اصابة الجراف سبي ، كان موقع الاصابة خطيرا انه موقع التسليح الرئيسي للجراف سبي كان ذلك في تمام السادسة والنصف ، وبخلاف ذلك استخدما مدافعهما المضادة للطائرات عيار 155 مم ضد الجراف سبي في محاولة لايقاع اكبر خسائر ممكنة بها ، وفي 6:32 بدأت الاكستر تحاول ان تكون مفيدة فأطلقت طوربيدين ، ولكن لانجسدروف وطاقمه ناورا بشكل جيد واستطاعا الافلات منها ، وفي 6:37 اطلقت الاياكس طائرتها طراز " سي فوكس " ، وفي 6:38 حاولت الاكستر استخدام الطوربيد مرة اخري فأطلقت طوربيدين جديدين ولكن من جديد افلتت الجراف سبي ، وفي المقابل لاقت عقابها باصابتين مباشرتين من مدافع 11 أنش الخاصة بالجراف سبي اصابت احدها البرج الرئيسي وأخرجته تماما من القتال ، الثانية دخلت بدن السفينة وبدأت الحرائق .
الطراد الاكستر
في هذه اللحظات كانت الاسوء حظا والاسوء موقفا والاسوء في كل شئ هي الاكستر لم يتبقي لديها سوي البرج Y الذي يمكنه استمرار القتال ، وبدأ الطاقم علي السفن في استخدام بوصلة علي قارب صغير ، وفجأة لم تحاول الاكستر ان تكون مفيدة بل سددت للجراف سبي فعليا اقوي ضربة منذ بداية القتال بمدافعها عيار 200 مم ، اخترقت طلقات الاكستر اثنين من طبقات تدريع الجراف سبي وانفجرت ، احدي الطلقات اخترقت تدريع خزانات الوقود ولم يعد للجراف سبي وقود سوي كمية تكفي بالكاد لستة عشر ساعة ابحار ، اي غير كافية للعودة الي المانيا حتي ، وكانت تلك الطلقات هي احدي اسباب نهاية الملحمة ، نهايتها تماما .
بعد ذلك وفي تمام 6:38 لم يكن في مقدور الجراف سبي اصلاح نظام الوقود بها وزاد الامر تعقيدا نيران القطع البريطانية ، اصابت نيران البريطانيين ثلثي مدافعها المضادة للطائرات واصبحت غير صالحة للعمل ، فضلا عن واحد من ابراجها الثانوية ، ولم يكن لدي
لانجسدروف قواعد بحرية صديقة للجوء اليها ولا وجود لاي وحدة المانية تعزز موقف سفينته ، اصبحت الجراف سبي في مأزق وهي لاتستطيع الابحار فقرر لانجسدروف ان يلجأ الي الميناء المحايد " مونتيفيديو " .
قام لانجسدروف باصدار اوامره فقام بالدوران اتجاة الشرق ، واصبح خلف " اياكس و أخيل " ، ثم انحرف من جديد باتجاة الشمال الغربي وسط ستارة دخان لتغطية انسحابه ، واصبح موازيا تقريبا للطراد الثقيل أكستر بهذه الوضعية وربما جعله ذلك يؤخر انسحابه ، وفي تمام 6:50 سدد الجراف سبي ضربة قوية الي البرج المتبقي في الاكستر كطلقة توديع ومحاولة لاغراقها تماما ، ومرت أربعين دقيقة كان امام الجراف سبي فرصة مواتيه خلالها لاغراق الاكستر تماما ولكن " اياكس وأخيل " بذلا فيها جهدا رائعا نجحوا من خلاله في جذب انظار الجراف سبي اليهم .
الساعة الان 6:56 " اياكس وأخيل " علي ميمنة الجراف سبي ويوجهون كل نيرانهم اليها ، مما دفع لانجسدروف الي الابتعاد ووضع ستار من الدخان مرة اخري ، عقارب الساعة تشير الي 7:10 " اياكس واخيل " ينحرفان ويقربون المسافة بينهم وبين الجراف سبي ، كانت مدافعهم الامامية فقط هي التي يمكنها مواصلة اطلاق النيران وقتها ، وفي 7:16 قرر لانجسدروف نهائيا الانسحاب مخلفا ورائه اضرارا وخرابا كارثيا للاكستر ، ولم يتوقف كل من " اياكس وأخيل " عن المطاردة وتوجيه نيرانهم للجراف سبي ، مما اضطر لانجسدروف للاستدارة مرة اخري وتوجية نيران مدافعه الاحد عشر انشا ضدهما ، في 7:24 وجهت الاياكس طوربيدا ضد الجراف سبي علي مسافة 4.5 ميل اي مايعادل 7.2 كم ، أفلتت الجراف سبي مرة اخري من الطوربيد واستعانت بالدخان للمرة الثالثة .
دقيقة اخري كانت كفيلة لتتلقي الاياكس العقاب ، حيث اصابتها الجراف سبي بمدافعها العملاقة ونتج عن ذلك اخراج البرج X من القتال واصيب ببعض الاصابات البرج Y ، وفي 7:40 " اياكس وأرخيل " يقررا تغيير التكتيكات لقد انخفض تسليحهم وذخيرتهم بصورة كبيرة فأتجها شرقا مستخدمين ستارا من الدخان ، لقد قرر السير هنري هاروود الانتظار الي الليل ومهاجمة الجراف سبي بالطوربيدات حيث سيكون من الاسهل اصابتها وتدميرها ، كما سيحقق اكبر استفادة من تفوقه في السرعة والقدرة علي المناورة مع تقليل نقطة ضعفة القتالية ، وفي هذه الاثناء اصيبت الاياكس من جديد بمدافع الجراف سبي العملاقة مما تسبب في تدمير الصاري ووقوع مزيدا من الضحايا ، واستمرت الجراف سبي في سيرها الي الجنوب الغربي .
الطراد أخيل
كتب الكابتن Parry قائد أخيل عن هذه اللحظات قائلا : " حتي يومنا هذا لا اعرف السبب الذي لم يجعل الجراف سبي يتخلص منا جميعا ، أخيل واياكس ، بعد ان انتهي سريعا من تدمير الاكستر " ، في هذه الاثناء انفصلت القطعتين الانجليزية والنيوزيلندية وحافظا علي فارق 13 ميل بحري اي 24 كم بعيدا عن الجراف سبي ، وفي تمام التاسعة والربع استعادت الاياكس طائرتها ، دقيقة واحدة بعد ذلك بعث باشارة الي الطراد " كمبرلاند " ليعزز موقفه ، كما اصدر أوامره الي جميع السفن التي علي مسافة 2600 ميل بحري اي 4800 كم ان يتجهوا الي الريفر بلايت ليحكم الخناق علي لانجسدروف ، وفي العاشرة وخمسة دقائق ، كانت أخيل قد بالغت في سرعتها ودخلت في مدي مدافع الجراف سبي ، فأطلقت الجراف سبي فعلا دفعات من النيران ضدها مما دفعها للتحول بعيدا تحت ستارة من الدخان .
في 11:03 ، شوهدت سفينة تجارية بالقرب من الجراف سبي ، وبعد دقائق قليلة وجهت الجراف سبي خطابا بالاشارات البحرية المتعارفة الي الاياكس : " من فضلكم التقطوا قوارب النجاة التي ستنزل من السفينة البريطانية " ، وقتها تأكد للسير هنري هاروود ان السفينة الالمانية التي يقاتلها ماهي الا الجراف سبي ، لم ترد الاياكس علي رسائل الجراف سبي وحاولت الاقتراب للدفاع عن السفينة البخارية " شكسبير " التي قادها حظها العاثر لهذا المكان ، ظلت شكسبير حتي هذه اللحظة وقوارب النجاة لديها في مكانها ورجالها يعملون كل في مكانه ، أطلقت الجراف سبي طلقة تحذيرية وأمرت قبطان الشكسبير بالتوقف ، القبطان الانجليزي لم يمتثل واستمر في محاولة الفرار ، قرر لانجسدروف استغلال الامر بشكل يحقق له مكاسب اكبر من اغراق سفينة ، لقد تجاهلها واستمر في طريقه وحظيت شكسبير بفرار مدهش ، ولبقية اليوم ظلت الاياكس تتبع الجراف سبي كظلها حتي الساعة 19:15 عندما فتحت الجراف سبي نيرانها ضدها واجبرتها علي الاستدارة في ستار من الدخان .
ولكن لم يكن لدي الانجليز بعد ذلك اي شك في ان الجراف سبي دخلت الي مصب نهر الريفر بلايت ، وبما ان مصبات الريفر بلايت رملية اراد السير هاروود ان لايفلت لانجسدروف من قبضته فأمر أخيل ان تتبع الجراف سبي وتظل اياكس في انتظار اي محاولة للالتفات من ناحية اخري ، غربت شمس ذلك اليوم في تمام 20:48 ، وقتها اجبرت الجراف سبي الطراد أخيل ان يتراجع في ستارة دخانية عندما حاول الاقتراب منها من جديد ، وسقط في هذه المعركة 108 بحار من الجانبين منهم 36 قتلوا علي متن الجراف سبي.
اخيرا وصل لانجسدروف بالجراف سبي الي هدفه ، ميناء مونتيفيديو في الاوروجواي التي هي دولة علي الحياد ، وأسقطت المرساة في تمام 00:10 من صباح الرابع عشر من ديسمبر من العام 1939 ، لم يكن لانجسدروف يعرف أن هذا خطأ سياسيا ، صحيح ان الاوروجواي كانت علي الحياد ، ولكن النفوذ الانجليزي كان كبيرا بها وكان الانجليز يلعبون دورا هاما وقتها في نهضة وبناء الاوروجواي ، فمثلا الجرحي المصابين في هذه المعركة نقلتهم الحكومة هناك الي اكبر وافضل مستشفيات العاصمة ، المؤرخون يعتقدون انه كان من الافضل للادميرال لانجسدروف ان يلجأ لميناء " مار ديل بلاتا " الارجنتيني وهو علي بعد 170 ميل بحري اي 320 كم جنوب مونتيفيديو .
خريطة تشرح امكانية الدخول والخروج من ريفر بلايت من اكثر من طريق
وفي مونتيفيديو بدأ صراع من نوع اخر ، لقد انطلق عيون الانجليز في كل مكان يراقبون كل شاردة وواردة للجراف سبي ، ومن فوق السفارة الانجليزية هناك كان يوجد مكان رائع للرصد ، الدبلوماسيين الانجليز رجعوا الي " معاهدة لاهاي لاعوام 1899 و 1907 " وهي سلسلة من المعاهدات الخاصة بقوانين الحروب وجرائم الحرب والقانون الدولي ، وبموجب المادة 12 من المعاهدة التي كانت تنص علي " لايسمح للسفن الحربية البقاء في المؤاني ، او المراسي المكشوفة ، او المياة الاقليمية اكثر من 24 ساعة " وهناك ايضا المادة 14 : " لايسمح للسفن الحربية المصابة البقاء في مؤاني محايدة بعد الوقت المسموح به - الاربعة وعشرين ساعة - الا علي حسب الاضرار " .
لم يكن من حظ الجراف سبي او الادميرال لانجسدروف وجود " يوجين ميلينجتون-دريك " كدبلوماسي بريطاني في الاوروجواي وقتها ، لقد بدأ هذا الرجل حملة دبلوماسية وضغط كبير علي الحكومة هناك لكي تغادر الجراف سبي الميناء في اسرع وقت ، ميلينجتون دريك لم يكن دبلوماسيا نشطا فقط بل كان ابن عائلة تعد احدي اشهر من عملوا في مهنة البحار في انجلترا ، وضع يوجين خطة تليق بأسم عائلته
.الدبلوماسي الحذق يوجين ميلينجتون دريك
كانت المعاهدة تنص علي المادة 16 ايضا والتي تحمل نصا ذا صله بالوضع الحالي : " لايجوز لسفينة حربية أن تغادر ميناء محايد غادرته سفينة تحمل علما لدولة معادية لها الا بعد مرور 24 ساعة " لقد كان هذا نصا في صالح الالمان لتأخير المغادرة واتمام الاصلاحات ، وفي خلال ذلك افرج الالمان عن 61 بحارا انجليزيا اسيرا لديهم علي متن الجراف سبي ، ثم طلبوا من الحكومة في الاوروجواي ان يحصلوا علي اسبوعين لاجراء الاصلاحات .
في البداية حاول يوجين ميلينجتون-دريك ان يجبر الجراف سبي علي المغادرة بسرعة لكي يواجه قوات بلاده وهو في موقف ضعيف ، ثم فتح الدبلوماسي الذي سجل التاريخ أسمه خطا للتشاور مع لندن ، في لندن كانوا يعلمون جيدا ان قواتهم البحرية في هذا المكان غير ذات شأن ، وبدأ ميلينجتون-دريك يطلب بشكل علني ان يغادر الجراف سبي ميناء مونتيفيديو ، وفجأة غير ميلينجتون-دريك خطته تماما لقد اصبح احرص الناس علي بقاء الجراف سبي في مونتيفيديو بل ويرعي ذلك التواجد ، بني ميلينجتون-دريك خطته علي استغلال المادة 16 عكس صالح الالمان ، فبدأ يوميا في ارسال اشارات الي الحكومة في الاوروجواي بأن هناك سفينة انجليزية او فرنسية تغادر في هذه المنطقة ويجب ان تبقي الجراف سبي في مكانها سواء كان ذلك صحيح او لا ، لقد كان يكسب وقتا لكي ترسل لندن اليه قوات بحرية لاتكون لدي الجراف سبي فرصة امامها للمقاومة حتي ، وبدأ ينشر اعينه في كل مكان لكي يحصلوا له علي اي معلومة عن الجراف سبي ، قطعا كان تفكيرا عبقريا .
وفي الوقت نفسه ، كانت الجهود بتعاون بين المخابرات البريطانية MI6 و ميلينجتون-دريك علي قدم وساق لايصال معلومات استخباراتية خاطئة للالمان بأن القوة الانجليزية التي من المخطط لها ان تضرب الجراف سبي لازال تتجمع وحشدوا لذلك حاملة الطائرات " ارك رويال " والطراد HMS Renown ، بينما كان الطراد كمبرلاند قريبا جدا ، وهو طراد اقل قوة بقليل من الاكستر
بمدافع 200 مم " 8 انش " ، ولكنها كانت مدافع ذات طلقات اثقل وبمدي أطول ، ووصل الكمبرلاند فعليا في تمام العاشرة من مساء 14 ديسمبر ، بعد أن أبحر 36 ساعة بأقصي سرعة من جزر الفوكلاند حيث كان يتمركز .
كان الانجليز يدركون انه لو افلت الجراف سبي بأي صورة فلن تتكرر فرصة مثل هذه من جديد ، فحشدوا قوة أخري مكونة من حاملة الطائرات " ارك رويال " والطراد HMS Renown والطراد الثقيل شروبشاير والطراد الثقيل Dorsetshire والطراد الخفيف " نبتون " ، ولكن لم يكن من الممكن ان يصلوا قبل التاسع عشر من ديسمبر ، الموقف الحالي وقتها ان البريطانيين كانوا يمتلكون قطعة سليمة تماما هي الكمبرلاند مع اياكس وأخيل ال