أسلحة الدمارالشامل تبوح بأسرارها
أمطار الرعب وغازات الإبادة العرقية
وجـــدي ريـــاض
تلوح أمريكا وحلفاؤها بقرب تنفيذ ضربة عسكرية قوية ومحدودة تستهدف بطاريات الصواريخ ومخازن الحرب الكيماوية التي في حوزة بشار الأسد من جراء المذبحة التي راح ضحيتها كما ادعي البعض1300 مواطن سوري نتيجة القذف بأسلحة بيولوجية محرم استخدامها للجنس البشري وتم حظر استخدامها. وكان السؤال المطروح الذي سوف تجيب عليه بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق هل أطلقها جيش بشار الأسد أم الجيش الحر؟. وكيف خرجت تلك الأسلحة المحرم استخدامها ؟ أما السؤال الثاني.. فهو بالضرورة ما هي تلك الأسلحة ؟ وكيف يتم إطلاقها, وما هي المواد السامة والحارقة والمميتة من غاز أعصاب, وغاز الخردل, والنابالم, والتوكسينات السامة, وغازات بلوX, وغازات( سي اس) وسم( تي2) وهي تسبب لمن يتعرض لها تشنجات وحروق بالجلد والتهاب بالعين والأنف والحلق ونزيف دموي داخلي شديد.. حسب كل نوع الغاز.. وهي أسلحة فتاكة تقهر قري ومدن عن بكرة أبيها وتمحو سكان مناطق بأكملها ولا ينقذهم سوي سرعة الفرار من منطقة( المطر الأصفر) أو منطقة أمطار الرعب وهو ما اصطلح عليه بالحرب الكيماوية أسماء عديدة حملتها الحرب الكيماوية منها الحرب البيولوجية ومنها المطر الأصفر.. وبعضها يحمل اسم الأسلحة البيولوجية, وأخيرا أسلحة الدمار الشامل وكلها يندرج اسمها تحت الحرب الكيماوية, لأن أسلحتها عبارة عن غازات سامة تقضي علي الإنسان في دقائق, وهي في واقع الأمر مزيج من غاز الأعصاب, وغاز الخردل, وتوكسينات سامة لم يألفها العالم, ويكفي طرح رقم بسيط يقول إن خمسة أجزاء من تلك الغازات السامة من ألف مليون جزء تكفي لقتل الإنسان.
والأسلحة البيولوجية أو أسلحة الدمار الشامل يعود تاريخها إلي أقل من أربعة عقود مضت عندما تم استخدامها في غابات جنوب شرق آسيا واستخدمتها قوات لاوس وفيتنام ضد كمبوديا.
ورغم أن الحرب الكيماوية التي زرعت بذورها في المعامل بتوسع شديد1978.. فإنها مرت بثلاث مراحل, المرحلة الأولي يطلق عليها غازات الجيل الأول, وكانت تضم كلورين فوسجيني, وهي عناصر خانقة تصيب الرئتين, ومعها غاز الخردل الحارق المقرح, أما الجيل الثاني فيضم غاز الأعصاب السومان- وهو خطير السمية ويكفي قطرة منه علي الجلد أو استنشاق رحيقه يؤدي إلي تقلصات بالرئتين ويلحقها الموت, وأقبل الجيل الثالث من الغازات وقذفت المعامل بغاز الأعصاب الذي يسبب نزيفا دمويا داخليا شديد الغزارة.
سر المطر الأصفر
وبالعودة إلي الحرب الكيماوية.. كان من الصعب علي الغرب معرفة سر المطر الأصفر(1972) وكانت المعلومات مفزعة وتتسم بالمراوغة والأدلة المادية فقيرة وشهادات شهود العيان لا تحمل بيانات موثقة وحتي الاختبارات التي أجريت علي عينات البحث دائما تأتي سلبية.. ولكن بعد6 سنوات من البحث والتقصي, ومع التحدث مع الفلاحين في قري ونجوع همونج في لاوس( جنوب شرق آسيا), ثم التحدث مع اللاجئين من كمبوديا قالوا: إن هناك أشياء غير عادية تحدث في غابات جنوب شرق آسيا البعيدة المنعزلة.. ومر عامان, وعند مطلع عام1979 ظهرت تقارير حديثة في أفغانستان.. تؤكد وجود مواد خطيرة ويرجع السبب إلي مرور هذا الزمن(19791972) دون إعلان تأكيد الحرب البيولوجية القذرة إلا أن المحققين عجزوا عن دخول مناطق الغابات في جنوب شرق آسيا.. وحتي اللاجئين والهاربين من هذه المناطق جاءوا إلي المحققين مصابين وهم علي شفا الموت وكان من الصعب التحقيق معهم. والآن ينتظر العالم تقرير لجنة تقصي الحقائق الدولية وينتظر موافقة الكونجرس الأمريكي ويعيش السكان في سوريا لحظات رعب ويهاجر السكان مع أطفالهم هربا من جحيمي الحرب الأهلية بين جيشين.. وجحيم الضربة الأمريكية المتوقعة.. لك الله يا سوريا.
ويكشف اللواء أركان حرب متقاعد, دكتور محمد الزرقا خبير الأسلحة الكيميائية, عن الأتجاهات المدمرة في المعامل لصناعة السلاح الكيميائي, وهي أسلحة مسكونة بالرعب والموت والدمار, أسلحة صامتة بلا أصوات, ولا يصدر عنها فرقعة الأسلحة التقليدية, ومن أحدث هذه الأسلحة غاز الملل, وهو يغمر ضحاياه بمشاعر مفاجئة من الحزن والأسي, وينهار نفسيا ويقدم علي الإنتحار, وقد يطلق النار علي زميله في السلاح, وإذا تعرض له الإنسان يعطل ذاكرته وتسيطر عليه همسة حزينة مع كآبة, وفي فترة وجيزة للغاية وتأثيرها يشمل كل أعضاء الجسم ولا تحول الأقنعة الواقية دون الإصابة بها, ومدة تأثيره بعد5 دقائق من الاطلاق, ويؤثر في مساحة بين ستة إلي12 كيلومترا, نفس الغاز وبدرجة مخففة استخدم لتفريق المتظاهرين في إسلام أباد وكانت حجة أمريكا في إستخدامه نتيجة للإنتقادات الموجهه إليها أنه مشروع عالميا ولا يسبب أضرارا جسدية..
وأغرب أسلحة الدمار الشامل سلاح أو غاز التركيب العربي للشعوب, وهي غازات ذكية, تنتقي أعراق معينة من الشعوب, وتدمرها دونا عن غيرها من الشعوب الأخري, فقد تم الحصول علي عينات من الدم من بعض الأجناس المستهدفين, وتم إجراء الـDNA, وتم عزل الجينات المسكونة, في هذه الشعوب, وبدأ التعامل مع هذا التركيب الجيني المستهدف في هذه الأجناس, والذين يتمتعون بتركيبه جينية مميزة مثل الأكراد وفيتنام وغيرها. بعد إضافة المواد الكيميائية المدمرة يصبح من غازات الدمار الشامل وإذا ما أطلقت رخات المطر من هذا الغاز فأنه لا يستهدف سوي الذين ينطبق علي مركباتهم هذه الجينات وتنطلق من دانات المدافع, أو المقفوذات وتنفجر وتمطر سموما, وهي مادة رطبة تميل إلي الأصفرار تبلل الملابس بعد5 دقائق من سقوطها, وتحدث آلاما في الصدر, وصعوبة في التنفس, وتنتاب المعرضين لها حالة نعاس, ويفقد القدرة علي السمع, وتبدأ أعراض القئ, ثم الأسهال المدمم..
ويشرح د. الزرقا خبير أسلحة الدمار الذي رشحته أمريكا عام1992 لينضم إلي فريق من العلماء قوامه24 عالما من عدة دول للسفر إلي الأتحاد السوفيتي للمشاركة في إعدام الأسلحة الكيميائيةذ.
الخانقة, والغازات الكاوية, وغازات الأعصاب, والعرقة والحارقة, وقد استخدمت في فتينام وأفغانستان وليبيا والعراق وحرب إيران العراق, وعلي طائفة البوير, وجنوب شرق أسيا, وأخيرا سوريا وتتصف في خواصها بالسمية.. فكل غازات الحرب الكيميائية سامة.. باستثناء الغازات المسيلة للدموع... وكل الغازات تشترك في إصابة الجسم بالقروح والبثور في المناطق العارية من الجسم.
وبالترتيب الزمني للغازات فان ملك الغازات وأخطرها وأقدمها هو غازل الخردل وإستخدم في الحروب العالمية الأولي(1914-1919) وهو غاز لا يقف أمامه أي عائق, يخترق الملابس والأحذية والقفازات ويسبب حروقا بالجلد تجعل المصاب عاجزا عن الحركة قدرت كمية غازل الخردل المستخدمة في الحرب12 ألف طن, وأصابت400 ألف جندي وهو غاز تشبه رائحته نبات الخروب أو رائحة المستردة.
ومن أهم صفات هذا الغاز أنه يخضع لإعتبارات أهمها أنه يستخدم في الهجوم علي العدو لإحتلال المنطقة, التي يسيطر عليها العدو, ويفيد في منع العدو من إحتلال القطاع الذي يهدف إحتلاله بحيث يسبقه بالدمار وعدم الإقتراب.
ولذلك يقول الخبراء إن كل غاز وله الأسلوب التكتيكي لإستخدامه فمثلا الغازات المسببة للقئ لا تسمح للعدو بإرتداء الأقنعة الواقية. وهنا يقع العدو ضحية لإستنشاق غازات سامة أخري, كذلك الغازات الحارقة تشعل النيران فيسهل علي الطائرات إصابة الأهداف بدقة عالية.
الثلاثي المرعب
ولعل من أكثر الغازات سموما هو غاز الأعصاب, ويضم الثلاثي المرعب السارين والسومان ز ز زVX,VE,VM وهي غازات تضيق حدقة العين, ثم تسبب صداع وإفرازات متعددة وضيقا, وغيثان, وتبول لا إرادي, وتقلص في العضلات, وشلل عضلات التنفس, إضطراب في ضربات القلب, ثم الموت.
كل هذه الأعراض تظهر بعد دقيقة واحدة من التعرض ويحوم طائر الموت بعد الدقيقة الثانية.. مباشرة لأن الغاز يتسلل إلي الدم مباشرة عن طريق الشعيرات الدموية بالرئتين.. ولا ينقذ الإنسان من غزو هذه الغازات للجسم سوي الملابس الواقية المخصصة لهذا الغرض والتي تمنع ملامسة أبخرة غازات الأعصاب لها.. وعادة يتم إزالتها بالمحاليل القلوية المخففة.
أما غازات الهلوسة فهي تصيب الإنسان بالضعف العام, والدوار والرعشة, وضعف الابصار, والحاجة الشديدة للنوم, وينافسه في هذه الأعراض غازBZ, ويسبب جفاف الجلد والحلق, والدوار, وفقد الأتزان والرؤية.
وبعيدا عن غازات الحرب.. فان التوكسينات وهي عبارة عن مواد كيميائية شديدة السمية تفرزها الكائنات الحية الدقيقة( في الحيوانات والنباتات) تدخل في قائمة المواد الكيميائية السامة المحرم تخزينها أو استعمالها في الحرب.
كيف يتم تدمير السلاح الكيماوي ؟
مباحثات نزع السلاح لم تترك كبيرة أو صغيرة في هذا الموضوع المرعب المبيد للبشر. ولم تناقشه, وكان تفكيك أو تدمير الأسلحة الكيميائية علي رأس هذه الموضوعات وكانت الصعوبة في هذا الموضوع مجسدة في تعدد هذه الأنواع, وتعدد المركبات الكيميائية من كل نوع, وتعدد المصانع المنتجة لهذه المواد, وبعض هذه المواد تدخل في صميم الصناعات الكيميائية المدنية والتي تتطلب إدخال ذرات الكلور مثلا وقد دمرت القوتين الكبريتين أمريكا وروسيا مخزونهما. وأكتفت كل قوة بـ500 طن فقط.
وقد شهدت جزيرة جونستون ز100 ألف دانة تمتلئ بنحو440 طن من غاز الأعصاب السارين ز23 نقل هذه الأسلحة داخل حاويات مزدوجه من الصلب محكمة القلق وتحت حراسة مشددة( وتبعد هذه الجزيرة1150 كيلو مترا من جزر هاواي) وهناك تم إعدامها بمجارف أنشأتها أمريكا تكلفت500 مليون دولار وعادة كما يوضح د. محمد الزرقا ـ أن التدمير يتم بطريقتين أحدهما بالحرق في محارق خاصة لا يخرج منها أي إنبعاثات, أما الطريقة الثانية فهي بمعالجتها بمعامل كيميائي معادل يحول تلك الكيماويات السامة إلي محلول بلا أخطار.. لأنه تحلل, وفي المحارق فإن درجة الحرارة ينبغي أن تفوق500 درجة وما يتبقي من الاحتراق يتم التخلص منه بالأسلوب العلمي المعروف والغاز الوحيد الذي لا تؤثر فيه هذه الحالة هو غاز الخردل وله معاملة خاصة.
إن أسلحة الدمار الشامل والحرب الكيميائية والبيولوجية هي كلها نتاج شرور المعامل, وكان هدف هذه الغازات بلوغ المناطق العميقة والأدغال. والغابات لإبادة سكان هذه المناطق. وفي صمت وهي مناطق يصعب بلوغ أهدافها بالآليات العسكرية المعروفة وهناك شئ يبقي وهو معاهدة أو إتفاقية منع إستخدام أسلحة الدمار الشامل أو التفكيك أو النزاع وهي عبارة عن تعهدات بعدم إستحداث, أو إستخدام أو إنتاج أو حيازة أو تخزين أو الإحتفاظ أو النقل أو مساعدة أحد أو تشجيعه أو تحريضه أو حتي مزاولة أنشطة إستعدادا لإستعمال الأسلحة الكيمائية أو التي تحت سيطرتها وتتعهد الدولة بتدميرها ويتم التحقق من تدميرها ومن حق أي دولة موقعة علي الإتفاقية أن تشكو من مجرد إحتمال وجود أسلحة كيميائية لدي دولة مجاورة فيتم تشكيل لجنة للتفتيش وتخضع الدولة لكل ما يطلب منها للتأكد من عدم وجود الأسلحة المدمرة.. إنه عالم الكيمياء.. أو بمعني أدق أنه الوجه القبيح لهذا التخصص وقد أدرك العالم خطورته وسارعت الدول للتوقيع علي إتفاقية منع إنتاج هذا السلاح حماية للإنسانية. ووقاية للأجيال القادمة وهي أسلحة حرمها الجنس البشري وحظر إنتاجها أو إستخدامها ضد الشعوب, إنها المعاناة, والرعب, والموت, والخداع التي فطن إليها المجتمع الدولي.. فوضع القيود المكبلة لهذه السموم لوأد ودمار كل ما هو كائن حي من نبات وحيوان وإنسان وحتي لا تدمر البيئة.
http://www.ahram.org.eg/News/948/100/232744/%D8%A3%D9%88%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%AE%D8%A7%D8%B5%D8%A9/%D8%A3%D8%B3%D9%84%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%85%D9%84-%D8%AA%D8%A8%D9%88%D8%AD-%D8%A8%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A3%D9%85%D8%B7%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B9%D8%A8-%D9%88%D8%BA%D8%A7%D8%B2%D8%A7%D8%AA.aspx