سوق السلاح المربح جدا
لم يدم انخفاض الانتاج والتصدير العالميين للأسلحة اللذين تبعا وصول ميخائيل غورباتشوف إلى السلطة في الاتحاد السوفياتي أكثر من 10 سنين. فمنذ عام 1990، يُعايَن بشكل واضح انقلاب في الوضع في اتجاه النمو من جديد. هذا في وقت أضحت فيه صناعة الأسلحة في قمة المركزة الرأسمالية، صفة "العولمة" المميزة، التي هي في هذا القطاع "عابرة للدول".من ضمن النفقات العسكرية الإجمالية، يمكن التمييز من جهة بين النفقات المخصصة للتصميم وللتطوير (المضمنة تحت بند البحوث والتطوير) ولانتاج الأسلحة، وبين نفقات التشغيل (أجور وتقاعد العسكريين، صيانة البنى التحتية، إلخ)</SPAN> من جهة أخرى. وفي مجال البحوث والتطوير العسكريين (انتاج أسلحة معقدة أكثر فأكثر)، سيترسخ تفوق الولايات المتحدة مع الزيادة الضخمة في الموازنة العسكرية التي قررتها إدارة جورج بوش (٩٧٣ مليار دولار عام 2003 مع هدف الوصول إلى 470 مليار دولار عام 2007 ). الميزة الأخرى اللافتة للولايات المتحدة أن نصف البحوث والتطوير الحكوميين يقوم على التمويل العسكري. أما في أوروبا، فالتمويل العسكري يحتل في فرنسا والمملكة المتحدة وحدهما حيزا مهما من نفقات البحوث والتطوير الحكوميين.
الصفقات الجيدة والإفلاسإذا كانت صادرات الأسلحة مربحة بالنسبة الى المجموعات الصناعية لا يمكننا قول ذلك من ناحية دافعي الضرائب. إذ تستفيد هذه الصادرات من دعم مالي الدول في أشكال مختلفة، يبدأ بالقروض بفوائد تفضيلية التي تمنح للزبائن، وينتهي بدفع تكاليف التسويق والتدريب. وتشكل عمليات الأوفسيت ? أي العمليات التي يلتزم البائع بموجبها شراء منتجات من البلد الزبون أو إقامة استثمارات فيه أو تحويل تقنيات إليه ? عاملا حاسما في عمليات الشراء. ويمكن لبعض هذه العمليات أن يكون ذات جدوى اقتصادية، ولكن البعض الآخر وهذه أغلب الحالات كثيرا ما يؤدي إلى كوارث مالية. وهكذا أدى إفلاس بلد زبون (العراق في أواخر الثمانينات)</SPAN> وصفقة بيع خاسرة (صفقة بيع مدرعات بقيمة 22 مليار فرنك فرنسي بين مجموعة جيات الصناعية والإمارات العربية المتحدة عام 1993 والتي أدت إلى خسارة مقدارها 7،7 مليارات فرنك) إلى زيادة في تكلفة الصادرات على دافع الضرائب الفرنسي. أخيرا علينا التذكير بأن شيوع ممارسة "العمولات" (التي تقدر قيمتها بـ 10% من قيمة الصفقات) والفساد الذي يتصل بها، يدلان على تشعب الشبكات المتصلة ببيع الأسلحة في قلب أجهزة الدولة سواء في البلدان الشارية أو في البلدان البائعة. </SPAN>
كما يجب الإشارة أخيرا الى أن الإحصاءات المتوافرة حول تجارة الأسلحة لا تأخذ عموما في الاعتبار التجارة المتعلقة بـ"الأسلحة الخفيفة" والتي تؤدي إلى كوارث ثقيلة النتائج.
وتسيطر الشركات الأميركية على التصنيع العسكري وتلعب دورا محركا في المركزة الصناعية التي تسارعت في خلال التسعينات. فبعد مرحلة التجمع على المستوى الوطني، جاء اليوم وقت عمليات الدمج وشراء الشركات على المستوى العالمي. ولكن بدل نعت هذا الوضع بـ"العولمة"، من الأدق الحديث عن "العبور الدولي" لصناعة الأسلحة. إذ تتوالى التحالفات بين المجموعات الصناعية الأميركية والأوروبية. فتكون بذلك شاهدا على الاندماج المتزايد لمنطقة عبر الأطلسي، إن على المستوى الجغرافي السياسي (حلف الأطلسي)</SPAN> أو على المستوى الاقتصادي (ازدياد الارتباط المالي والصناعي والتقني)</SPAN>. عام 2000 وبحسب تصنيف معهد بحوث السلام الدولي في استوكهولم (</SPAN>SPRI</SPAN>) كانت جنسية 76 من أصل 100 شركة مصنعة للأسلحة أميركية أو أوروبية، و10 يابانية و5 اسرائيلية.</SPAN>
وتحيط بتجارة الأسلحة ضبابية كثيفة مما يجعل قياسها صعبا وعرضة للجدل. ويقدَّر بأن صادرات الأسلحة العالمية تراجعت بشكل كبير منذ عام 1987 ثم استقر حجمها منذ عام 199، وذلك بعد الزيادة التي أتت في العقود الأربعة التي تلت عام 1945. أي أنها شهدت إجمالا تطورا مشابها لتطور التفقات العسكرية. وتسيطر الولايات المتحدة بشكل واسع على التجارة الدولية للأسلحة والتي هي كثيرة المركزية من ناحية المصدرين. ولكن روسيا قد حددت أولويتها منذ 1998 في إعادة انتاجها العسكري. وهكذا توصلت روسيا، بحسب معهد بحوث السلام الدولي في استوكهولم، إلى سباق الولايات المتحدة استثنائيا عام 2001 في حجم المعدات التي تمّ تسليمها من دون أن تسبقها في القيمة التجارية لهذه المعدات. بينما لحقت بها عن قرب الولايات المتحدة، ثم بعيدا في الخلف فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا وأوكرانيا.
</SPAN></SPAN>